« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

إتمام بحث وجوه الأحرف السبعة

موضوع: إتمام بحث وجوه الأحرف السبعة

 

السادس الاختلاف في القراءات[1]

كان الكلام في وجوه الأحرف السبعة ذكر السيد الخوئي “رحمه الله” عشرة وجوه أخذنا الوجوه الخمسة الأول في الدرسين السابقين اليوم إن شاء الله نكمل بقية الوجوه بفضل الله "عز وجل".

الوجه السادس الاختلاف في القراءة

فالمراد بالأحرف السبعة هي الوجوه الاختلاف في القراءات وذكر بعضهم إني تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعا ولم يذكر مدركه لا آية ولا رواية وإنما ذكر وجوها من خلال تدبره وإذا تأملنا فيما ذكره السيد الخوئي “رحمه الله” نجد أن الوجوه التي ذكرها هنا في تفسير البيان صفحة 187 إنما هي ستة وجوه فقط وليست سبعة ونقرأها على وجه السرعة لكي نناقشها.

الوجه الأول ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته يعني ولا هيئته كقوله "عز وجل" ﴿هن اطهرُ لكم﴾ بضم الراء وفي قراءة ﴿هن اطهرَ لكم﴾[2] فهنا لفظ اطهر من ناحية المعنى لم يتغير بناء على الضم أو الفتح وأيضا هيئته افعل لم تتغير أيضا نعم تغيرت الحركة وهي الضمة أو الفتحة.

الوجه الثاني ما تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل قوله "عز وجل" ﴿ربنا باعد بين أسفارنا﴾[3] بلفظ الأمر وفي قراءة ﴿ربنا باعد بين أسفارنا﴾ بصيغة الفعل الماضي إخبار فهنا الصورة والهيئة قد تغيرت صيغة باعد فاعل تختلف عن صيغة باعد افعل فهنا قد تغيرت الصورة الهيئة وأيضا تغير المعنى، المعنى إما أن يكون طلب بصيغة الأمر ﴿باعد بين أسفارنا﴾ وإما أن يكون إخبار عن حصول البعد بين الأسفار فالمعنى متغير ومختلف.

الوجه الثالث ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل كالعهن المنفوش وكالصوف المنفوش.

الرابع ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل وطلح منضود وطلع منضود، يبدو والله العالم أنه في التمثيل حصل العكس بين الثالث والرابع فمثال الثالث ما ذكر كمثال في الرابع ومثال الرابع ما ذكر في الثالث يعني هكذا ومنها ما تبقى صورته يعني هيئته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل ليس مثاله كالعهن المنفوش لأن العهن والصوف حصل الهيئة مختلفة مثل ما ذكر في الرابع وطلح منضود وطلع منضود فإن الصورة باقية طلح وطلع على وزن فعل فالصورة والهيئة واحدة ولكن معناه يتغير باختلاف الحروف فالطلح قد يختلف عن الطلع لأن الطلح هو شجر الموز كما في أكثر الأقوال وأما الطلع فقد يكون هو شجر الموز وقد يكون طلع النخل إذا أريد به طلع النخل فيكون المعنى مختلفا ومتغيرا وطلح منضود يعني وموز والمراد بالمنظود منتظم يعني تجد فاكهة الموز منظمة مرتبة متجمعة بنظم.

الرابع ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل كالعهن المنفوش وكالصوف المنفوش، الصوف المنفوش الصوف واضح المنفوش يعني المتفرق يعني رب العالمين يفرق الجبال يوم القيامة كما تفرق الصوف كيف تفرق الصوف بعضها عن بعض بسهولة رب العالمين أيضا يفرق الجبال عن بعضها البعض بسهولة وأما العهن فقال بعضهم أنه الصوف وقال بعضهم إنه المصبوغ من الصوف بألوان فالألوان الصوف المسبوغ يقال لها عهن وبالتالي يكون الصوف مغايرا للعهن الصوف يشمل مطلق الصوف بينما العهن يراد به خصوص المصبوغ من الصوف بألوان مختلفة فرب العالمين يفرق هذه الجبال كما تفرق الصوف بألوانه المختلفة والزاهية كيف تفرق هذا الصوف بسهولة رب العالمين يفرق الجبال المختلفة بسهولة.

الخامس ومنها بالتقديم والتأخير مثل ﴿وجاءت سكرة الموت بالحق﴾[4] وجاءت سكرة الحق بالموت قدم وأخر السكرة يعني الموت والحق إما سكرة الموت بالحق أو سكرة الحق بالموت حصل تقديم وتأخير للحق والموت.

السادس ومنها بالزيادة والنقصان مثل ﴿تسع وتسعون نعجة أنثى﴾[5] في القرآن المطبوع لم توجد لفظ أنثى وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين في القرآن ﴿وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين﴾[6] ما موجود وكافر ما موجود كافر مثل فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم لهن غير موجودة في القرآن المتداول ﴿فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم﴾[7] ، إذن هذه وجوه ستة قد ذكرت وليس عليها دليل لا آية ولا رواية ولا مدرك وإنما هذا تأمل أحد المتخصصين ولم يذكر اسمه السيد الخوئي “رحمه الله”.

ويرده السيد الخوئي يذكر ستة وجوه لرده:

الوجه الأول وفيه أمران

الأمرالأول الرد الأول هذا قول بلا دليل.

الأمر الثاني إن المخاطبين في روايات الأحرف السبعة لم يكونوا يعرفوا شيئا من هذه الوجوه الستة التي ذكرت أو الوجوه السبعة فإن النحو والإعراب والتفاصيل حصلت فيما بعد وواضع علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "صلوات الله وسلامه عليه".

المناقشة الثانية ذكر في وجوه الاختلاف أنه بعض القراءات يتغير بها المعنى وبعض القراءات لا يتغير بها المعنى ففي الوجه الأول لا يتغير المعنى وفي الوجه الثاني والثالث والرابع يتغير المعنى ومن الواضح أن تغير المعنى وعدم تغيره لا يوجب الانقسام فيما نحن فيه إذ أننا ندرس القراءة والقراءة تدرس حال اللفظ بقطع النظر عن معناه وبالتالي القراءة إذا كانت واحدة فلا يقال إن هذه القراءة تنقسم إلى قسمين بلحاظ كون معنى هذه القراءة واحدا أو متعددا إذن نسبة الاختلاف إلى المعنى ونسبة هذا الانقسام بلحاظ وحدة المعنى وتعدد المعنى إلى اللفظ هي من قبيل وصف الشيء بلحاظ متعلقه لا بحال نفسه نحن الآن ندرس اللفظ القرآني ندرس القراءة القرآنية إذا قسمنا القراءة القرآنية بلحاظ وحدة معناها وتعدد معناها فهذا تقسيم للفظ لا بلحاظ نفس اللفظ بل بلحاظ معنى اللفظ فهذا التقسيم ليس بلحاظ نفس اللفظ وإنما بلحاظ متعلق اللفظ وهو المعنى وهذا خارج عن بحثنا وبالتالي يكون الاختلاف في طلح منضود وهو المورد الوجه الرابع وكالعهن المنفوش وهو الوجه الثالث يكون قسما واحدا وليس قسمين متعددين بحيث يكون العهن المنفوش هو الوجه الثالث والطلح المنضود هو الوجه الرابع لأنه ذكر بالنسبة إلى هذين الموردين الثالث والرابع يتغير معناه لا يتغير معناه هذا تمام الكلام في المناقشة الثانية.

الإيراد الثالث إن من وجوه الاختلاف المذكور بقاء الصورة للفظ يعني بقاء هيئة اللفظ وعدم بقائها ومن الواضح أن هذا لا يكون سببا للانقسام لأننا ندرس اللفظ المقروء ولا ندرس اللفظ المكتوب، اللفظ المكتوب يدرس في بحث الرسم القرآني ونحن ندرس اللفظ المقروء فبقاء الصورة إنما يكون في المكتوب لا المقروء والقرآن الكريم اسم للمقروء لا المكتوب والمنزل من السماء إنما هو اللفظ والكتابة المنزل من السماء إنما كان لفظا لا كتابة وبالتالي يكون الاختلاف في قوله "عز وجل" وطلح منضود وطلع منضود ننشزها ننشرها يكون هذا الاختلاف وجها واحدا وليس وجهين.

بالنسبة إلى الثالث والرابع في المثال كالعهن المنفوش وكالصوف المنفوش كقرينة على الاشتباه والاستبدال يمكن مراجعة صفحة 190 لاحظ هنا صفحة 187 قال ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل كالعهن المنفوش وكالصوف المنفوش إذا نراجع صفحة 190 الثالث يقول الاختلاف في المادة والهيئة كالاختلاف في العهن والصوف ففي صفحة 190 ينص السيد الخوئي “رحمه الله” على أن العهن والصوف فيها اختلاف في الهيئة والمادة بينما في الثالث هنا أيضا صفحة 187 نص على بقاء الصورة والهيئة ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل كالعهن المنفوش وكالصوف المنفوش مما يدل على أن المراد ما تبقى صورته ويبقى معناه باختلاف الحروف وطلحن منضود وطلعن منضود المذكور في الرابع.

المناقشة الرابعة إذا رجعنا إلى الروايات المتقدمة الأحد عشر فإنها صريحة بأن القرآن نزل في أول الأمر على حرف واحد ومن الواضح أن المراد بهذا الحرف الواحد ليس هو الاختلافات المذكورة على هذه الوجوه الستة فكيف يمكن أن يراد بالسبعة مجموع هذه الوجوه يعني بعبارة أخرى إذا كانت هذه الوجوه الستة أو السبعة هي المراد بالأحرف السبعة فما المراد بالحرف الواحد أنت الآن جئت إلى روايات الأحرف السبعة وفسرتها بالاختلاف بهذه الوجوه الستة أو السبعة نسأل منك ما المراد بالحرف الواحد حينما نزل القرآن في البداية.

المناقشة الخامسة كثير من الكلمات القرآنية والآيات القرآنية هي موضع اتفاق بين القراء وليس فيها اختلاف فإذا أضفنا موضع الاتفاق إلى موضع الافتراق تكون الوجوه ثمانية لأنهم يدعون أن الوجوه سبعة فإذا أضفنا إليها لأنه الأحرف السبعة والوجوه السبعة في اختلاف القراءات فيكون الاتفاق هو الحرف الثامن فتكون الحروف ثمانية وليست سبعة مع أن من جاء بهذا الكلام الوجه السادس ذكر وجوه ستة فيكون السابع هو وحدة القراءة فتكون الأحرف سبعة.

الإيراد السادس والأخير إن مورد الروايات المتقدمة هو اختلاف القراء في الكلمات كما ذكر في قصة عمر بن الخطاب وغيرها فهذا الاختلاف حرف واحد من السبعة اختلاف عمر حرف واحد من الأحرف السبعة ولا يحتاج الرسول “صلى الله عليه وآله” لرفع خصومة المتخاصمين كما تخاصم عمر مع غيره في أن يعتذر إليهم بأن القرآن نزل على الأحرف السبعة يكفي أن يقول قراءتك صحيحة وقراءة هذا أيضا صحيحة.

الختام هو كلام منصف للجزائري قال والأقوال في هذه المسألة كثيرة معنى الأحرف السبعة وغالبها بعيد عن الصواب وكأن القائلين بذلك ذهلوا عن مورد حديث انزل القرآن على سبعة أحرف فقالوا ما قالوا يعني لم يفهموا هذا يذكرنا بحديث (الأئمة أثنى عشر وكلهم من قريش)[8] الآن كيف تجعل الخلفاء الأربعة هم أربعة خلفاء بني أمية أكثر من أثنى عشر خلفاء بني العباس أكثر من أثنى عشر ولكن حديث الأئمة أثنى عشر وكلهم من قريش صحيح السند والمتن وأما حديث الأحرف السبعة موضوع هذا تمام الكلام في الوجه السادس.

الوجه السابع اختلاف في القراءات لكن بمعنى آخر إن المراد بالأحرف السبعة هي وجوه الاختلاف في القراءة وهذا القول اختاره الزرقاني وحكاه عن أبي الفضل الرازي في اللوائح فقال الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف الأول اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث الثاني اختلاف تصريف الأفعال من ماضي ومضارع وأمر الثالث اختلاف الوجوه في الإعراب يعني مرفوع منصوب مجرور الرابع الاختلاف بالنقص والزيارة الخامس الاختلاف بالتقديم والتأخير السادس الاختلاف بالإبدال إبدال حرف مكان حرف السابع اختلاف اللهجات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والإظهار والإدغام ونحو ذلك الاقلاب هذا كله يدرس في التجويد.

ويرد عليه الإشكالات المتقدمة في الوجه السادس الإشكال الأول والرابع والخامس يردان هنا الإشكال الأول لا دليل عليه والمخاطبين لا يفقهون هذه الوجوه الإشكال الرابع صريح الروايات المتقدمة إن القرآن نزل على حرف واحد فما هو هذا الحرف الواحد إذا كانت هذه الحروف السبعة هذا معناها الإشكال الخامس أنه هناك مواضع اتفق عليها القراء فيكون الموضع المتفق عليه هو الوجه أو الحرف الثامن بالإضافة إلى هذه الوجوه السبعة وأورد السيد الخوئي “رحمه الله” ثلاثة إيرادات أخر بالإضافة إلى هذا فيكون مجموع الإيرادات ستة:

الإيراد الأول حلي وهو إن الاختلاف في الأسماء يشترك مع الاختلاف في الأفعال في كونهما اختلاف في هيئة الكلمة وصيغة الكلمة وصورتها فلا معنى لجعل الاختلاف في الأسماء مغايرا للاختلاف في تصريف الأفعال فكيف جعل الأول الاختلاف في بنية الأسماء والثاني الاختلاف في تصريف الأفعال مع أن مرجعهما شيء واحد وهو الاختلاف في صيغة وهيئة الكلمة صيغة الكلمة إما أن تكون اسما وإما أن تكون فعلا وإما أن تكون حرفا أيضا هذا يصير قسم إضافي.

الإشكال الثاني نقضي يقول السيد الخوئي لو راعينا هذه الخصوصيات في التقسيم لوجب علينا أن نجعل لكل خصوصية قسم فهناك قسم للإفراد وقسم للتثنية وقسم للجمع وقسم للتذكير وقسم للتأنيث وقسم للماضي وقسم للمضارع وقسم للأمر كل قسم مستقل فتكون الوجوب أكثر من سبعة.

المناقشة الثالثة والإيراد الثالث الاختلاف فيما ذكر في التجويد من إدغام واقلاب وإخفاء وإظهار وروم وإشمام وتخفيف وتسهيل في اللفظ الواحد هذا لا يخرجه عن كونه لفظا واحدا تبقى أن تكون الكلمة هي لفظا واحدا اللفظ لا يتغير وإنما النطق باللفظ يتغير ولكن يبقى هذا اللفظ لفظا واحدا وقد صرح بهذا ابن قتيبة على ما حكاه الزرقاني عنه.

السيد الخوئي “رحمه الله” يقول الصحيح إن وجوه الاختلاف في القراءة ترجع إلى ستة أقسام:

القسم الأول الاختلاف في هيئة الكلمة دون مادة الكلمة كالاختلاف في لفظ باعد وباعد باعد بصيغة الماضي وباعد بصيغة الأمر والاختلاف في كلمة أمانتهم بين الجمع والإفراد هذا بناء على الرسم القرآني تكتب أماناتهم وأمانتهم بشكل واحد لكن أماناتهم يخلون عليها خط صغير يعني أما ناتهم يعني يوجد همزة محذوفة فهنا هيئة الكلمة واحدة أمانتهم إما أن تلفظ بالإفراد أمانتهم أو بالجمع أماناتهم إما أمانة أو أمانات.

الثاني الاختلاف في مادة الكلمة دون هيئتها كالاختلاف في لفظة ننشرها بالراء وننشزها بالزاي.

الثالث الاختلاف في المادة والهيئة كالاختلاف في العهن والصوف.

الرابع الاختلاف في هيئة الجملة بالإعراب كالاختلاف في وأرجلكم بالجر وأرجلكم بالنصب طبعا القرآن بالنصب وأرجلكم خفض المحل.

الخامس الاختلاف بالتقديم والتأخير وقد تقدم مثال ذلك رقم 5 صفحة 187 وجاء سكرة الموت بالحق وجاءت سكرة الحق بالموت.

السادس الاختلاف في الزيادة والنقيصة وقد تقدم مثاله أيضا الوجه السادس صفحة 187 تسع وتسعون نعجة وفي قراءة تسعة وتسعون نعجة أنثى إلى آخره، إذن الوجه السابع لا يمكن المساعدة عليه.

الوجه الثامن الكثرة في الآحاد لفظ سبعة كثرة في الآحاد لفظ سبعين كثرة في العشرات لفظ سبعمائة كثرة في المئات لفظ سبعة آلاف كثرة في الآلاف إلى آخره فالمراد بأن القرآن نزل على سبعة أحرف يعني كثرة في الآحاد نسب هذا القول إلى القاضي عياذ ومن تبعه وفيه يذكر السيد الخوئي إيرادين:

الإيراد الأول هذا خلاف ظاهر الروايات بل خلاف صريح الروايات لم تشر إلى الكثرة في الآحاد وإنما نصت على خصوص سبعة وليس كناية عن الكثرة.

الإيراد الثاني هذا لا يعد قولا مستقلا عن البقية هو يقول هذا كناية عن الكثرة كناية سبعة في الآحاد ما هي هذه السبعة؟ لم يذكرها يعني ما زادنا بيتا من الشعر، إذن أولا لا يحدد عددها كثرة الآحاد السبعة يصدق عليها كثرة في الآحاد الحد الأكثر في الآحاد هو التسعة وهذا قال الكثرة في الآحاد لم يذكر عددا ولم يذكر هذه الوجوه فهو لم يعين معنى الحروف ويرد على هذا الوجه جميع الإيرادات المتقدمة هذا تمام الكلام في الوجه الثامن.

الوجه التاسع سبع قراءات إن الأحرف السبعة هي عبارة عن سبع قراءات وفيه ما هو المراد بسبع قراءات هل المراد سبع قراءات معينة أو سبع قراءات مطلقة إن كان المراد سبع قراءات معينة فما هي هل المراد بها خصوص السبع المشهورة وقد اتضح بطلان تعينها في خصوص السبعة المشهورة في باب نظرة في القراءات

إذن إن أريد سبع قراءات معينة وهي خصوص المشهورة فقد اتضح بطلان ذلك فيما سبق وإن أريد بالسبع قراءات سبع قراءات مطلقة المهم سبع قراءات فمن الواضح إن عدد القراءات أكثر بكثير من القراءات السبع وما ذكر من اختلاف في القراءات يفوق السبعين فضلا عن هذه السبعة لكن يمكن أن يوجه ذلك بأن غاية ما ينتهي إليه اختلاف القراءات هو قراءات سبعة يعني لو نجمع القراءات كلها ونوجهها لا تزيد على السبع قراءات.

وفيه ماذا تريد برجوعها إلى سبع قراءات إن أنقصت الوجه الأول إن الغالب في قراءة كلمات القرآن الكريم أنها تقرأ على سبعة وجوه يعني غالبا هي ترجع إلى سبعة وجوه فهذا باطل لأن الكلمات التي تقرأ على سبعة وجوه قليلة من قال إن أغلب القرآن يقرأ على سبعة وجوه أو كل القرآن يقرأ على سبع وجوه هذا كلام باطل عاطل وإن أريد الوجه الثاني ليس المراد أن القرآن في الغالب يقرأ على سبعة وجوه وإنما القرآن يقرأ على سبعة وجوه على نحو الموجبة الجزئية يعني بعض القرآن ولو في مورد واحد يقرأ على سبعة وجوه هذا المراد بالموجبة الجزئية يعني يكفي إن عندنا كلمة وحدة من القرآن كله تقرأ على سبعة وجوه فنقول نزل القرآن على سبعة وجوه على نحو الموجبة الجزئية لا على نحو الموجبة الكلية نحو الموجبة الكلية يعني كل القرآن نزل على سبع وجوه نحو الموجبة الجزئية يكفي إن كلمة واحدة من القرآن قرأت على سبع وجوه إن قيل هذا فمن الواضح أن هذا غير تام فهناك الكثير من الكلمات والآيات في القرآن الكريم تقرأ على أكثر من سبعة وجوه أيضا فقد قرأت كلمة وعبد الطاغوت باثنين وعشرين وجها وقرأت كلمة أف أكثر من ثلاثين وجها.

والمناقشة الثالثة والأخيرة يضاف إلى هذا القول ما تقدم من أنه لا ينطبق على مورد الروايات ومثل أكثر الأقوال هذه كلها وجوه لا دليل عليها.

الوجه العاشر والأخير اللهجات المختلفة إن الأحرف السبعة يراد بها اللهجات المختلفة في لفظ واحد اختاره الرافعي في كتابه لتوضيح هذا القول السيد الخوئي يذكر القاف يقول أو قال العراقي يقول كال يكول واليمن أيضا السيد الخوئي يقول العراقي يبدل القاف بالكاف الفارسية كالة وأيضا التركي كبلا وأما الشامي يبدل القاف همزة آل يؤل طبعا أكثر حرف فيه اختلاف في اللغة العربية في اللهجات الثاء، الثاء البحراني يقلب الثاء إلى فاء ثلاثة يقول فلافة هذه لهجة البحارنة أهل الشام يقلبون الثاء إلى تاء تلاتة وتلاتين مصر يقلبون الثاء إلى سين سلاسة فهذا مثال للهجات وقد انزل القرآن على هذه اللهجات توسعة للأمة لأن الالتزام بلهجة خاصة فيه تضييق على القبائل التي لم تألف هذه اللهجة والتعبير بالسبع أحرف سبع لهجات هذا رمز إلى ما ألفوه من معنى الكمال في هذه اللفظة فلا ينافي كثرة اللهجات العربية فالمراد سبعة أحرف يعني سبع لهجات والمراد بسبع لهجات ليس لهجات سبع بالخصوص وعادة السبعة يشار بها إلى الكمال يعني سبع لهجات كاملة وهذا لعله من أحسن الوجوه لكنه ليس بتام.

الإيراد الأول ينافي عن ما ورد عن عثمان من أن القرآن نزل بلغة قريش وأن عمر بن الخطاب منع عبد الله بن المسعود من قراءة عتا عين قال أقرأها حتى حين بلغة قريش.

الإيراد الثاني ينافي مخاصمة عمر مع هشام بن حكيم في القراءة مع أن كليهما من قريش وتخاصموا فلو كان المراد بالأحرف السبعة اللهجات لما حصل الخصام والاعتراض.

الإيراد الثالث ينافي مورد الروايات وصراحة بعض الروايات السابقة في أن الاختلاف كان في جوهر اللفظ وحلق اللفظ لا في كيفية أداء اللفظ والتهجي به ولهجة هذا اللفظ وأن المراد بالأحرف السبعة فيما إذا رجع الاختلاف إلى جوهر اللفظ لا التهجي به والاختلاف في اللهجات.

الإيراد الرابع حمل لفظ السبع على ما ذكر من أن المراد به الكمال خلاف ظاهر الروايات خلاف صريح بعضها من أن المراد خصوص السبعة.

الإيراد الخامس لازم هذا القول جواز القراءة فعلا باللهجات المتعددة وهذا خلاف السيرة القطعية من جميع المسلمين قد يقال هناك نسخ لجواز القراءة بغير اللهجة المتعارفة يعني كان هناك حكم أنه لا يجوز القراءة بغير اللهجة المتعارفة وتم نسخ هذا الحكم هذا قول بلا دليل ولا يوجد دليل عليه قد يدعي البعض قيام الإجماع القطعي على نسخ هذا الحكم يعني كان هناك حكم بعدم جواز القراءة بلهجات أخر ثم قام الإجماع القطعي على أنه يجوز وفيه إن مدرك الإجماع إنما هو عدم ثبوت نزول القرآن على اللهجات المختلفة فإذا فرضنا ثبوت نزول القرآن على اللهجات المختلفة كما يقول صاحب هذا القول فكيف يمكن تحصيل الإجماع على ذلك والخلاصة في زمن النبي “صلى الله عليه وآله” وإلا كان يفترض أن تكون هناك توسعة حصل المنع عن اللهجات المختلفة حصل المنع عن هذه اللهجات المختلفة والنبي “صلى الله عليه وآله” كان يصر على التوسعة على الأمة ولذلك بعد ذلك عثمان وحد القراءات في قراءة واحدة وفي قرآن واحد فكيف يقال إن التوسعة مختصة بزمن عثمان أو زمن القريب من النبي وفي زمننا هذه التوسعة ممنوعة مع أنه مقتضى التوسع والفتوحات الإسلامية واتساع رقعة الدولة الإسلامية وانتشار المسلمين في مختلف العالم هذا يقتضي أن تكون التوسعة ثابتة إلى يومنا هذا.

الخلاصة إن نزول القرآن على سبعة أحرف لا يرجع إلى معنى صحيح فلابد من طرح الروايات الدالة عليه خصوصا أن روايات الإمام الباقر والصادق "عليهما السلام" رواية الباقرين أو الصادقين قد كذبت هذه الروايات أن القرآن نزل على سبعة أحرف بل القرآن نزل على حرف واحد وإن الاختلاف قد جاء من قبل الرواة كما دلت عليه الرواية عن الإمام الصادق "عليه السلام" حينما قال (كذبوا والله إنما نزل على حرف واحد من واحد ولكن الاختلاف يأتي من الرواة)[9]

هذا تمام الكلام في بحث الأحرف السبعة، بحث جديد ومهم بل من أهم المباحث في علوم القرآن والتفسير صيانة القرآن من التحريف يأتي عليه الكلام.

 


logo