« فهرست دروس
الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق
بحث التفسیر

40/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

حجية القرآءات القرآنية وجواز قراءتها في الصلاة

موضوع: حجية القرآءات القرآنية وجواز قراءتها في الصلاة

 

حجية القراءات

ذهب جماعة من أهل السنة إلى حجية القراءات السبع أو العشر واستدلوا بالقراءات على الأحكام الشرعية

فهل ثبتت الحجية للقراءات القرآنية حتى يستدل بها على الأحكام الشرعية أم لا؟

الجواب الصحيح عدم حجية هذه القراءات القرآنية فلا يصح الاستدلال بها على الأحكام الشرعية لأن كل واحد من القراء السبعة أو العشرة أو الثلاثة عشر أو غيرهم يحتمل فيه الخطأ والغلط والاشتباه لأن هذه القراءات إنما هي اجتهادات من القراء أو وصلت إليه بأخبار الآحاد ولم يرد دليل من العقل أو الشرع يدل على وجوب إتباع أي قارئ من هؤلاء القراء خصوصا إن الكثير منهم قد جاءوا متأخرين عن عصر النص فالكثير منهم لم يدرك النبي "صلى الله عليه وآله" وقد استقل العقل وأيده الشرع بأن الحجة إنما تثبت للعلم واليقين وأما غير العلم كالظن فهو لا يغني من الحق شيئا إلا إذا دل الدليل على حجية ذلك الظن.

وهناك محاولة لإثبات الحجية للقراءات القرآنية

بأن يقال قد ثبتت حرمة العمل بمطلق الظن لكننا نستثني من حرمة العمل بالظن المطلق العمل بخصوص الظن الحاصل من خبر الثقة لأن الأدلة القطعية واليقينية قد دلت على حجية خبر الواحد الثقة فلا نشترط في القراءات أن تكون متواترة لكي تثبت لها الحجية بل حتى لو وصلت إلينا القراءات القرآنية بأخبار الآحاد والثقات فإن الحجية تثبت لها لأن الدليل وإن دل على حرمة العمل بمطلق الظن لكننا نستثني من الظن العام خصوص الظن الخاص الحاصل من خبر الثقة وقد دل خبر الثقة على حجية القراءات القرآنية فتكون القراءات القرآنية الواصلة إلينا بأخبار الآحاد والثقات إما واردة وإما حاكمة وإما مخصصة للدليل العام الدال على حرمة العمل بمطلق الظن.

والخلاصة إن الأدلة القطعية الدالة على حجية العمل بخبر الثقة تكون مقدمة على الأدلة العامة الدالة على حرمة العمل بمطلق الظن

وأما وجه التقديم:

فملاكه قد يختلف باختلاف المباني والوجوه فقد يكون ملاك التقديم هو الورود وقد يكون ملاك التقديم هو الحكومة وقد يكون ملاك التقديم هو التخصيص وقد وضحنا في الدرس السابق معنى الورود والحكومة والتخصيص فلا نعيد.

وقد أجاب السيد الخوئي "رحمه الله" على هذا الوجه بأجوبة ثلاثة ولكن قبل أن نشرع في الإجابة لا بأس أن نقدم مقدمتين أصوليتين نحتاجهما في فهم جواب السيد الخوئي "رحمه الله".

المقدمة الأولى في منجزية العلم الإجمالي فإذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد الإناءين إما الأول وإما الثاني فحينئذ يقال إن جريان البراءة الشرعية في كلا الإناءين مخالفة قطعية للعلم الإجمالي فإننا نعلم إجمالا بأن أحد الإناءين نجس فإذا أجرينا البراءة وأصالة الطهارة في كلا الطرفين الطرف الأول هل هو طاهر أو نجس نقول (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) [1] إذا أجرينا البراءة أو نقول كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس إذا أجرينا أصالة الطهارة فإن إجراء أصالة البراءة أو الطهارة في كلا الطرفين الأول والثاني مخالفة قطعية للواقع المعلوم بالإجمال فكيف نحكم بطهارة كلا الإناءين مع علمنا إجمالا بنجاسة أحدهما وأما إجراء أصالة الطهارة أو البراءة في احد الطرفين دون الآخر يعني إجراءها في الأول دون الثاني أو إجراءها في الثاني دون الأول فهذا ترجيح بلا مرجح فإذن بسبب تعارض الأصول في أطراف العلم الإجمالي يتنجز العلم الإجمالي ونحكم بالاحتياط فيقال يجب اجتناب كلا الإناءين لأن أصالة الطهارة لا تجري في كلا الطرفين لأنها تؤدي إلى المخالفة القطعية ولا تجري في طرف دون الآخر لأنه ترجيح بلا مرجح فيتعين الاحتياط هذا تمام الكلام في المقدمة الأولى.

المقدمة الثانية في تعارض الأدلة يقال في علم الأصول إن التعارض إما مستقر وإما غير مستقر

التعارض غير المستقر هو التعارض البدوي ولكن بالتأمل يمكن رفع التعارض بأعمال قواعد الجمع العرفي بحمل الخاص على العام أو المطلق على المقيد أو تقديم الدليل الوارد على المورود أو تقديم الدليل الحاكم على المحكوم فقد يترآئى في البداية وجود تعارض بين أكرم العلماء وبين لا تكرم الفساق فيحصل التعارض في العالم الفاسق فنعمل القواعد الجمع العرفي ويحصل التخصيص ونقول أكرم العلماء إلا الفساق منهم هذا بالنسبة إلى التعارض غير المستقل الذي هو تعارض ابتدائي ولكن بالتأمل ينتفي هذا التعارض بأعمال قواعد الجمع العرفي.

وأما التعارض المستقر فهو التعارض المستحكم بحيث لا يمكن أن تجمع بين الدليلين المتعارضين ففي هذه الحالة نعمل المرجحات وهي ثلاثة:

الأول الأخذ بما وافق كتاب الله.

الثاني الأخذ بما خالف العامة.

الثالث الأخذ بالحديث المشهور.

وهنا يختلف الفقهاء والأصوليين فبعضهم يرى أن المرجح الأول هو الأخذ بالشهرة فقد ورد في مقبولة عمر بن حنظلة (يأتي عنكما الخبران المتعارضان فبأيهما نعمل قال "عليه السلام" خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر قلت فإن كان كل منهما مشهوران قال خذ بما وافق كتاب الله قلت فإن كان على كل منهما شاهد من كتاب الله قال "عليه السلام" خذ بما خالف العامة فإن الرشد في خلافهم)[2] ولو أنتفت جميع المرجحات كما لو كان كلا الخبرين المتعارضين ادعي عليه الشهرة وموافق للكتاب ومخالف للعامة أيضا فما هو العمل حينئذ؟

هنا يوجد مسلكان:

مسلك مشهور القدماء هو التخيير وعليه ثقة الإسلام الكليني

ومسلك مشهور المعاصرين هو التساقط، التخيير يعني أن تختار أحد الخبرين وتعمل به فيكون حجة في حقك فقد جاء في الرواية فبأيهما أخذت من باب التسليم وسعك[3] أي أن الله "عز وجل" وسع عليك فإذا عملت بأحد الخبرين من باب التسليم بأمر الله "عز وجل" فهذا موسع عليك فهذه أخبار التخيير

وأما المعاصرون فيرون التساقط يقولون الخبر الأول حجة والخبر الثاني حجة فعند تعارض كلتا الحجتين تسقط كلتاهما لأن كل منهما له مدلول مطابقي وهو حجيته وله مدلول التزامي وهو تكذيب الخبر الآخر المعارض له فيحصل التساقط .

الخلاصة النهائية بشكل مبسط وسريع التعارض إما مستقر وإما غير مستقر في التعارض غير المستقر نعمل قواعد الجمع العرفي في التعارض المستقر نأخذ بالمرجحات إن لم يمكن العمل بالمرجحات إما أن نقول بالتساقط وإما أن نقول بالتخيير

ولكن لابد من ختم هذه المقدمة بأمر مفاده إن هذه الطريقة العلاجية بأعمال المرجحات وغير ذلك إنما تكون بالأدلة المتعارضة الظنية لا الأدلة المتعارضة القطعية فلو تعارض خبران متواتران أي أن كلا منهما قطعي من ناحية السند ففي هذه الحالة تسقط دلالتهما معا فإذا سقطت دلالتهما معا نرجع إلى العمومات اللفظية أو الأصول العملية لأن عندنا عمومات قبل أن تأتي هذه الأدلة هناك عمومات لفظية مثل أحل [خلق] لكم ما في الأرض جميعا[4] المستفاد من الآيات الكريمة هذا عام فوقاني لفظي ﴿وأحل لكم ما وراء ذلك﴾[5] يعني هناك أمور نص الله عليها بأنها محرمة في القرآن الكريم ﴿وأحل لكم ما وراء ذلك﴾ يعني ما دون ذلك هو حلال وإن لم توجد العمومات والأدلة اللفظية يرجع إلى الأصول العملية مثل كل شيء لك حلال حتى تعمل أنه حرام[6] كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس بعينه فتدعه[7] أو الاستصحاب بحيث أنه تبني على الحالة السابقة إذا كان لديك يقين سابق وشك لاحق فإنك تستصحب الحالة السابقة اليقين السابق.

هذا تمام الكلام في مقدمتين الأولى في منجزية العلم الإجمالي الثانية في تعارض الأدلة.

إذا تمت هاتان المقدمتان اللتان نحتاجهما في خصوص الجواب الثالث نأتي إلى أجوبة السيد الخوئي المرتبة ترتيبا منطقيا.

وقد أجاب السيد الخوئي "رحمه الله" على محاولة لإثبات الحجية للقراءات بأجوبة ثلاثة

الجواب الأول هذه القراءات ليست روايات نرجع الأصل المدعى أصل المدعى إن القراءات القرآنية جاءت بخبر الواحد الثقة وهي تخصص عموم حرمة العمل بالظن الإشكال الأول الجواب الأول الذي يخصص العموم إنما هو الرواية والخبر والقراءات القرآنية إنما هي اجتهادات من القراء ولا دليل على أنها روايات مروية عن النبي "صلى الله عليه وآله" والشاهد على ذلك مراجعة نفس القراءات القرآنية وكلمات أئمة الفن فإنهم قد ذكروا إن من أسباب نشأت القراءات القرآنية هو اختلاف مصاحف الأمصار فقد بعث عثمان بن عفان خمسة مصاحف مصحف جعله في المدينة ومصحف إلى مكة ومصحف إلى الشام ومصحف إلى البصرة ومصحف إلى الكوفة وقيل إنها سبعة بإضافة مصحف مصر ومصحف اليمن ولكن هذه المصاحف البعض يقول إنها مختلفة ولو سلمنا أنها ليست مختلفة كانت مكتوبة بالخط الكوفي والخط الكوفي كان خال من النقط والتشكيل فحصل اختلاف في القراءات مما يعني إن هذه القراءات إنما هي اجتهادية وحدس من القراء وليست هي روايات مروية عن النبي "صلى الله عليه وآله" إذن الجواب الأول لكي يثبت التخصيص أو الحكومة أو الورود يشترط أن يكون المخصص أو الحاكم أو الوارد خبرا من الأخبار والقراءات القرآنية إنما هي اجتهادات وليست أخبار.

المناقشة الثانية سلمنا جدلا وتنزلنا وقلنا إن هذه القراءات روايات ولكن أكثر هذه الروايات لم تردنا عن طريق الثقات وقد تناولنا ذلك عندما تعرضنا إلى القراءات العشر ومن يرويها فإن الكثير من رواة القراءات السبعة لم يثبت توثيقهم فمن قال إن جميع الرواة الذين رووا القراءات العشر هم من الثقات بل إن الكثير منهم لم تثبت وثاقته وبعضهم قد اختلف في وثاقته فإذا لم تثبت الوثاقة لم يثبت التخصيص أو تقديم الوارد على المورود أو تقديم الحاكم على المحكوم فللتقديم يشترط أن يكون المقدم حجة وقد رواه ثقة.

هنا في قوله ثانيا السيد الخوئي ثانيا إن رواة كل قراءة من هذه القراءات لم يثبت وثاقتهم اجمع لا يفهم من هذه العبارة أنهم باجمعهم ليسوا ثقات وإنما يريد السيد الخوئي أن يقول من قال إن جمعيهم ثقات فيهم الثقات وفيهم غير الثقات.

المناقشة الثالثة لو سلمنا وتنزلنا جدلا عن المناقشتين الأولتين فقلنا أولا هذه القراءات روايات وتنازلنا على المناقشة الأولى وثانيا قلنا هذه الروايات عن الثقات وتنازلنا عن المناقشة الثانية فقلنا إننا نسلم أن القراءات كلها روايات وأن هذه الروايات جميع رواتها من الثقات هنا تأتي المناقشة وهو إننا نعلم علما إجماليا أن بعض هذه القراءات لم تصدر عن النبي "صلى الله عليه وآله" لما سيأتي أن بعض هذه القراءات قطعا موضوع كما لو قرأت هكذا إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ فصار الذي يخشى هو الله ويخشى من علمائه استغفر الله وهذه قراءة الخزاعي عن أبي حنيفة فبعض القراءات قطعا لم يقلها النبي "صلى الله عليه وآله" فإذا نظرنا إلى القراءات القرآنية نظرة إجمالية نعلم علما إجماليا أن بعض القراءات لم يصدر عن النبي قطعا ومن الواضح أن العلم الإجمالي يوجب التعارض بين الروايات التي يدعى أنها تدل على القراءات القرآنية فتكون كل رواية مكذبة للأخرى لأنها بالمدلول المطابقي تقول قراءتي هي الحجة وبالمدلول الالتزامي تقول إن قراءة غيري ليست حجة فهنا هل نجري البراءة عن جميع هذه القراءات هذا تخليص في المخالفة القطعية هل نجري البراءة في بعض الأطراف دون الأطراف الأخرى فنقدم قراءات على قراءات أخر هذا ترجيح بلا مرجح كلها قراءات فلا توجد مزية لهذه القراءات على تلك حتى تقدم هذه على تلك فيتنجز العلم الإجمالي.

النتيجة تسقط جميع هذه القراءات عن الحجية لأننا نعلم علما إجماليا أن بينها قراءات عاطلة باطلة فاسدة قطعا لم يقلها النبي فإذا تسقط كلها بالتعارض المستقر في هذه الحالة نعمل المرجحات خذ بما اشتهر بين أصحابك خذ بما خالف العامة[8] وبدون إعمال هذه المرجحات لا يمكن الاحتجاج بالقراءات القرآنية على هذه القراءات

هذه النتيجة وهي سقوط جميع القراءات عن الحجية تثبت أيضا إذا قلنا بتواتر القراءات يعني لو تنزلنا جدلا وقلنا جميع القراءات متواترة فإن تواتر القراءتين المختلفتين عن النبي "صلى الله عليه وآله" يورث القطع بان كلا من القراءتين منزل من قبل الله "عز وجل" فإذا علمنا أن أحد الظاهرين من القراءتين غير مراد في الواقع لأننا نعلم إجمالا ببطلان إحدى القراءتين ففي هذه الحالة يحصل التساقط فإذا حصل التساقط نظرا لثبوت العلم الإجمالي في هذه الحالة لا نقول نعمل المرجحات الأخذ بالشهرة أو بما وافق الكتاب أو خالف العامة فإن المرجحات تختص بتعارض خصوص الأدلة الظنية كأخبار الثقات ولا تشمل تعارض الأخبار القطعية كالأخبار المتواترة فإذا حصل التعارض يتم التساقط إذا سقط كلا الدليل المتواترين عن الحُجية لا الحَجية نرجع إلى العمومات الفوقانية الأدلة اللفظية إن لم توجد الأدلة اللفظية نرجع إلى الأصول العملية كأصالة البراءة أو أصالة الاحتياط أو أصالة التخيير أو الاستصحاب هذه الأصول العملية الأربعة براءة احتياط تخيير استصحاب لأن أدلة الترجيح أو أدلة التخيير تختص بخصوص الأدلة الظنية ولا تشمل الأدلة القطعية المتواترة وتفصيل هذه المباحث في بحث التعادل والتراجيح الذي يذكر في خاتمة علم الأصول.

هذا تمام الكلام في الأمر الأول حجية القراءات

واتضح أن النتيجة النهائية هي أن القراءات السبع ليست حجة فضلا عما عداه فلا يصح الاستدلال بها على الحكم الشرعي إلا إذا توفر فيها المرجحات المذكورة في باب تعارض الأدلة.

النقطة الثانية

جواز القراءة بالقراءات في الصلاة سواء قلنا بحجية هذه القراءات أو عدم حجيتها

سؤال هل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟

الجواب نعم اثبت كلا الفريقين السنة والشيعة جواز العمل بالقراءات القرآنية مع أن المشهور عند العامة وأهل السنة حجية القراءات السبع أو العشر أو القراءات القرآنية

والمشهور عند الشيعة هو عدم حجية هذه القراءات القرآنية

وذهب بعض العامة إلى أن أي قراءة توفرت فيها شروط ثلاثة فهي حجة :

الشرط الأول موافقة اللغة العربية ولو بوجه من الوجوه

الشرط الثاني موافقة الرسم القرآني ولو بنحو الاحتمال

الشرط الثالث صحة السند

فأي قراءة توفرت فيها هذه الشروط الثلاثة فهي حجة ولو لم تكن من القراءات السبع أو العشر أو الثلاثة عشر.

دليل جواز القراءات في الصلاة

وبعد أن ذكرنا النتيجة والفتوى وهي جواز القراءة بالقراءات القرآنية في الصلاة نتكلم عن مدرك الفتوى ودليل هذه الفتوى والكلام عن الدليل يقع في مقامين:

المقام الأول النتيجة بالنظر إلى مقتضى القاعدة.

المقام الثاني النتيجة بالنظر إلى الأدلة الخاصة.

أما المقام الأول

وهو النتيجة بالنظر إلى مقتضى القاعدة الأولية والصناعة العلمية

عندنا قاعدة في علم الأصول الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني فإذا اشتغلت ذمتك بصلاة فلابد أن تحرز أن هذه الصلاة قد فرغت ذمتك منها بالإتيان بها كاملة الأجزاء والشرائط فما لم تحرز أن ذمتك قد فرغت فإن الاشتغال اليقيني يعني اشتغال ذمتك يقينا بالصلاة يستدعي الفراغ اليقيني لابد أن تحرز أن ذمتك قد فرغت من وجوب الصلاة عليك حينئذ مقتضى هذه القاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني مقتضى هذه القاعدة عدم جواز القراءة في الصلاة بكل صلاة بكل قراءة لا نحرز أن النبي "صلى الله عليه وآله" أو أحد المعصومين "عليهم السلام" قرأها أو أجازها هذا هو مقتضى القاعدة الأولية

مقتضى القاعدة الأولية عدم جواز القراءة في الصلاة بكل قراءة لم تثبت عن النبي أو الأئمة "عليهم السلام" لأن الواجب في الصلاة إنما هو قراءة القرآن أي ما أحرزنا أنه قرآن فلا يكفي أن تقرأ أي شيء لم تحرز ولم تجزم أنه قرآن وقد استقل العقل بأن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

فتكون النتيجة إما أن يكرر الصلاة بعدد القراءات إذا اختلفت يعني لو كان في كلمة واحدة خمس قراءات يصلي خمس مرات كل صلاة بقراءة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني اشتغال ذمته بالصلاة لابد أن يفرغ ذمته من الصلاة فإذا عندنا خمس قراءات أو عشر قراءات في كلمة واحدة يكرر الصلاة بعددها يصلي عشر مرات أو يصلي مرة واحدة ويكرر الكلمة بعدد القراءات المتعددة فيكرر مورد الاختلاف في الصلاة الواحدة لإحراز الامتثال القطعي ففي صورة الفاتحة يجب أن يجمع بين مالك وملك يقراها مرة مالك يوم الدين ملك يوم الدين وأما السورة التي بعد الحمد فمختلف في وجوبها المشهور بين المعاصرين وجوب الإتيان بالسورة بعد سورة الحمد والسيد الخوئي يقول الأظهر هو وجوب السورة بناء على فتواه وأما بعض القدماء فيرى أنها مستحبة وليست واجبة كالشيخ حسين العصفور العلامة "رحمة الله عليه" فبناء على رأي السيد الخوئي من أن الأظهر وجوب السورة إما أن يختار سورة لم تختلف فيها القراءات وإذا اختار سورة فيها قراءات مختلفة فلابد من التكرار المتقدم بأن يعدد الصلوات بعدد القراءات أو يصلي صلاة واحدة ويذكر فيها جميع الوجوه المتعددة.

هذا تمام الكلام في المقام الأول الجواب وفقا لمقتضى القاعدة والسيد الخوئي يمتاز بالفقه التعليمي يعلم الطالب كيف يقرر القواعد وكيف يستنبط يطرح الأسئلة سؤال الأول الثاني الثالث ثم يجيب بالترتيب فهنا سؤالنا هل يجوز القراءة بالقراءات القرآنية في الصلاة أو لا؟

الجواب المقام الأول وفقا لمقتضى القاعدة فإن الأصل الأولي يقتضي عدم جواز ما لم نحرز أنه قد ورد عن النبي والأئمة "عليهم السلام" فإذا لم نحرز مقتضى الاحتياط ومقتضى الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني تكرار الصلاة أو تكرار الكلمة مورد الاختلاف هذا تمام الكلام وفقا لمقتضى القاعدة.

المقام الثاني

الجواب وفقا للأدلة الخاصة الواردة بالنسبة إلى القراءات القرآنية

فقد ثبت بشكل قطعي أن الأئمة "عليهم السلام" امضوا شيعتهم على القراءات المتداولة في زمن الأئمة "عليهم السلام" وتقرير الأئمة حجة ولم يثبت أن الأئمة "عليهم السلام" نهوا شيعتهم عن قراءة القراءات التي كانت متداولة في ذلك الزمان وبالتالي يكفي أن تأتي بقراءة من القراءات التي كانت مشهورة ومتداولة في زمن الأئمة "عليهم السلام" ولو ردع الأئمة لوصل إلينا هذا الردع ولو كان لبان ولو ردعوا لوصل إلينا بالتواتر ولا أقل نقلته أخبار الآحاد وأخبار الثقات إلا أن الأمر على الخلاف فقد ورد عن الأئمة "عليهم السلام" إمضاء هذه القراءات بقولهم (اقرأ كما يقرأ الناس)[9] (أقروا كما علمتم)[10] وبناء على هذا المبنى لا معنى لتخصيص القراءات بخصوص القراءات السبع أو العشر أو الثلاثة عشر أو السبعين بل لابد من توفر ثلاثة شروط لجواز القراءة بالصلاة، الشرط الأول أن تكون القراءة معروفة في زمن النبي والأئمة "عليهم السلام" هذا الشرط الأول معروفية وشهرة القراءة القرآنية.

الشرط الثاني أن لا تكون هذه القراءة شاذة مثل قراءة مَلَكَ يوم الدين بصيغة الماضي ونصب يوم هذا ثلاث قراءات القراءة الأولى مالك يوم الدين القراءة الثانية ملك يوم الدين القراءة الثالثة فعل مَلَكَ يوم الدين الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مَلَكَ يوم الدين هذه قراءة شاذة بخلاف مالك وملك قد ثبتت لهما الشهرة وإن كان في مصحف عاصم مالك.

الشرط الثالث أن لا تكون القراءة موضوعة قد ثبت وضعها ودسها كقراءة الخزاعي عن أبي حنيفة إنما يخشى اللهُ من عبادهِ العلماءَ فاثبت أن الله "عز وجل" يخشى من العلماء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والصحيح (إنما يخشى اللهَ ـ بالنصب ـ من عباده العلماءُ)

إذن النتيجة النهائية هل يجوز القراءة بالقراءات القرآنية في الصلاة؟

الجواب:

أولا بمقتضى القاعدة لا تجوز القراءة ولابد من التكرار هذا مقتضى القاعدة الأولية.

المقام الثاني مقتضى الأدلة الخاصة تجوز القراءة بالقراءات السبع أو العشر وغيرها ولا معنى لحصرها في عدد معين إذا توفرت فيها شروط ثلاثة:

أولا أن تكون معروفة في زمن الأئمة "عليهم السلام" وليس المدار على مشهوريتها ومعروفيتها في زماننا

ثانيا أن لا تكون القراءة شاذة

ثالثا أن لا تكون القراءة موضوعة ومختلقة

هذا تمام الكلام في بحث القراءات القرآنية من ناحية الحجية وجواز العمل بها بحث هام عند أهل السنة هل نزل القرآن على سبعة أحرف يأتي عليه الكلام.

 


logo