< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: إشكالان على مسلك السيد الخوئي في وضع الجملة

إشكالان على مسلك السيد الخوئي في وضع الجملة

ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى أن الجملة التامة موضوعةٌ لقصد الحكاية والجملة الناقصة موضوعةٌ لتحصيص والتخصيص خلافاً للمشهور الذين ذهبوا إلى أن الجملة التامة موضوعةٌ للنسبة التامة والجملة الناقصة موضوعةٌ للجملة الناقصة.

وقد اعترض السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ على المشهور بأربعة اعتراضات ردّها السيد الشهيد الصدر واتضحت أنها ليست تامة.

ثم أشكل على السيد الخوئي وعلى مبناه بإشكالين:

الإشكال الأول مبنائي وبيانه ماذا يريد السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من قوله (إن جملة زيدٌ عالمٌ) تدل على قصد الحكاية فهل المراد المدلول التصوري لقصد الحكاية أم المراد المدلول التصديقي لقصد الحكاية؟ أمران لا ثالث لهما.

الاحتمال الأول أن يريد السيد الخوئي المدلول التصوري ومن الواضح أن المراد بالمدلول التصوري لقصد الحكاية هو مفهوم قصد الحكاية.

ومن الواضح أن مفهوم قصد الحكاية وتصور قصد الحكاية إنما هو من شؤون نفس كلمة قصد الحكاية لا من شؤون جملة (زيدٌ عالمٌ) إذ من الواضح أن ما نفهم ونتصوره من لفظ قصد الحكاية يغاير ما نفهمه من مفهوم ولفظ (زيدٌ عالمٌ) ولو التزمنا أن المراد بقصد الحكاية هو مفهوم قصد الحكاية أي المدلول التصوري لقصد الحكاية لزم الترادف بين الجملة التامة كـ قولنا (زيدٌ عالمٌ) وبين لفظ قصد الحكاية.

ومن الواضح وجود تغاير في اللفظ والمعنى بين لفظ قصد الحكاية وبين لفظ (زيدٌ عالمٌ).

إذاً الجملة التامة كـ قولنا (زيدٌ عالمٌ) لا يمكن الالتزام أنها موضوعه للمدلول التصوري لقصد الحكاية فجملة (زيدٌ عالمٌ) وهي جملة تامة لا يعقل ولا يتصور أن تكون موضوعةً لمفهوم قصد الحكاية.

إذاً الاحتمال الأول وهو أن يكون مراد السيد الخوئي من أن الجملة التامة قد وضعت لقصد الحكاية أي لمفهوم قصد الحكاية والمدلول التصوري لها هذا الاحتمال يلزم منه الترادف وهو ليس بتام.

الاحتمال الثاني أن يريد المدلول التصديقي وصريح كلام السيد الخوئي هو إرادة الدلالة التصديقية أي أن قوله (زيدٌ قائمٌ) كاشف عن وجود فردٍ جزئي من قصد الحكاية قائم في نفس المتكلم يعني المتكلم حينما نطق وتفوه بكلمة (زيدٌ قائمٌ) كان قد قصد في قرارت نفسه أن يحكي ويخبر عن أن زيد عالم من العلماء.

وهذا واضحٌ بديهيٌ أن المتكلم يقصد تفهيم المعنى فوجود الدلالة التصديقية لا غبار عليه والمشهور يسلم بوجود هكذا دلالة تصديقية إلا أنه لا يسلم أن الجملة التامة موضوعة لهذا المدلول التصديقي بل يرى المشهور إن الجملة التامة موضوعة لمدلول تصوري لا لمدلول تصديقي وإنما المدلول التصديقي يستكشف من القرائن الحالية والسياقية.

إذاً الدلالة الوضعية ليست تصديقية بل تصورية وهذه الدلالة التصديقية قصد الحكاية وإن كانت موجودة إلا أنها ليست وضعية فهي خارجة عن موطن بحثنا إذاً نحن نتكلم عن الدلالة الوضعية لجملة (زيدٌ عالمً) ولا نتكلم عن الدلالة التصديقية لجملة (زيدٌ عالمً).

إذاً ما يحصل من الوضع هو التصور فقط لا التصديق فجميع المسالك في الوضع وجميع المباني تبني على أن الدلالة الوضعية هي دلالة تصورية وليست دلالة تصديقية عدا مسلك التعهد للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ فإنه يبني على أن الدلالة الوضعية دلالة تصديقية فمن هنا قلنا أن الإشكال الأول إشكال مبنائي يعني يخالف مبنى السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

فبناءً على مبناه من مسلك التعهد تكون الدلالة الوضعية دلالة تصديقية لا تصورية ولكن بناءً على مسلك المشهور وغير المشهور كـمسلك القرن الأكيد للسيد الشهيد وبناءً على مسلك المشهور مسلك الاعتبار تكون الدلالة الوضعية دلالة تصورية وأما الدلالة التصديقية فهي تنشأ من قرائن حالية وسياقية.

إذاً خلاصة الإشكال أول سيدنا الخوئي ماذا تقصد بقصد الحكاية؟ إن أردت المدلول التصوري ومفهوم قصد الحكاية فهذا غير صحيح لأن مفهوم قصد الحكاية غير مفهوم زيدٌ عالم ولا يوجد ترادف بينهما وإن أردت الاحتمال الثاني المدلول التصديقي قلنا أن المدلول التصديقي موجود ولكنه يختلف عن المدلول الوضعي ونحن نبحث عن المدلول الوضعي ونرى أن المدلول الوضعي تصوري وأما المدلول التصديقي فهو ينشأ من السياق وقرائن الأحوال هذا تمام الكلام في الإشكال الأول.

الإشكال الثاني إن الوجدان يشهد بأن الجملة التامة كـ قولنا (زيدٌ عالمٌ) لها سنخ معنى واحد في تمام موارد استعمالاتها فلا بدّ أن يكون سنخ معناها الواحد موجوداً ومناسباً لجميع موارد الاستعمال فلو قلنا على مسلك المشهور إن جملة (زيدٌ عالمٌ) موضوعه للنسبة التامة فإن النسبة التامة موجودة في الجملة الخبرية حينما تقول (زيدٌ عالمٌ) فهذه الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر تفيد النسبة التامة.

وهكذا في الاستفهام حينما تقول (هل زيدٌ عالمٌ؟) فإن الجملة توجد فيها النسبة التامة والاستفهام لا ينافي تمامية الجملة التامة.

وهكذا حينما تقول (يا ليت زيد عالم) في التمني أو الترجي تبقى النسبة التامة موجودة في الجملة التامة.

وهكذا حينما تخبر أو تجعله مفعول به (أخبركم بأن زيداً عالمٌ) هنا وقع عليه الإخبار.

ففي جميع موارد الاستعمالات والاستخدامات المختلفة للجملة التامة تبقى النسبة التامة هذا على مبنى المشهور من أن الجملة التامة موضوعة للنسبة التامة فمهما اختلفت موارد استعمال الجملة التامة كـقولنا (زيدٌ عالمٌ) تبقى النسبة التامة في مختلف الموارد مثل الجملة الخبرية (زيدٌ عالمٌ) هذا الأول.

الثاني الاستفهام (هل زيدٌ عالمٌ؟).

الثالث المفعولية (جعلت زيداً عالماً).

التمني أو الترجي (يا ليت زيد عالم) (أرجو أن يكون زيد عالماً) يبقى هذا المعنى الواحد النسبة التامة.

هذا بناءً على الاحتمال الأول مسلك المشهور.

وأما بناءً على المسلك الثاني مسلك السيد الخوئي الذي يرى أن الجملة التامة موضوعة لقصد الحكاية ففي بعض موارد الاستعمال يوجد قصد الحكاية ويوجد المدلول التصديقي كما في الجملة الخبرية حينما تقول (زيدٌ عالمٌ) ولكن في موارد الاستعمال الأخرى لا يبقى المدلول التصديقي كما في موارد الاستفهام أو الترجي تقول (هل زيدٌ عالمٌ؟) هنا يوجد تصور لزيد عالم ولا يوجد اعتقاد وتصديق بأن زيد عالم.

وفي موارد الترجي (أرجو أن يكون زيداً عالماً) هنا لا يوجد تصديق واعتقاد وإذعان أن زيد وإنما تصورت ثبوت العلم لزيد وتتمنى أن يثبت العلم لـزيد.

إذاً بناءً على ما أفاده السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ لا ينحفظ ما ذهب إليه وهو أن الجملة التامة موضوعة لقصد الحكاية لا ينحفظ في جميع موارد الاستعمالات ففي بعض الموارد ينحفظ كالجملة الخبرية وفي موارد أخرى لا ينحفظ قصد الحكاية كما لو كانت الجملة التامة مدخولاً للاستفهام أو مدخولاً للفعل.

ومن الواضح أن الوجدان ولا يحتاج إلى برهان يقضي بأن المعنى الوضعي ينبغي أن يكون محفوظاً في جميع موارد الاستعمالات إذاً لا بدّ أن يكون المعنى الموضوع له الجملة التامة هو المدلول التصوري لا المدلول التصديقي فالصحيح ما ذهب إليه المشهور خلافاً للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

تطبيق ما ذكرناه في الجملة الخبرية الاسمية على الجملة الفعلية..

إلى هنا تطرقنا إلى الجملة الاسمية (زيدٌ عالمٌ) وقلنا إنها موضوعةٌ للنسبة الواقعية وهي النسبة التصادقية أي أنه في الخارج يوجد زيد وفي الذهن يوجد مفهوم زيد ويوجد مفهوم عالم وهما حاكيان عن شيء واحد في الخارج فينتزع الذهن النسبة التصادقية من الخارج يعني زيد الذي في الذهن ينطبق على العالم ويصدق عليه والعالم الذي في الذهن يصدق على زيد إذاً هذه نسبة قائمة في عالم الذهن وإلا في الخارج لا يوجد زيد لوحده وعالم لوحده في الخارج وجود واحد وفي الذهن أيضاً يوجد مفهوم زيد لوحده ومفهوم عالم لوحده وبمعزل عنه.

ولكن الذهن حينما يريد أن يحكي عن الخارج يحضر صورة واحدة لا صورتين:

صورة العالم المندك في زيد وزيد المندرك في العالم.

يعني يحضر النسبة التصادقية بين زيد وبين العالم.

إذاً هناك نسبة واقعية تصادقية في الجملة الخبرية الاسمية.

هذا البيان نفسه يأتي في الجملة الفعلية فحينما نقول (ضربَ زيدٌ) عندنا ثلاثة أمور:

الأمر الأول هيئة الفعل (ضَرَبَ) على وزن (فَعَلَ).

الأمر الثاني مادة الفعل وهي الضاد والراء والباء.

الأمر الثالث هيئة الجملة من إضافة الفعل (ضرب) إلى الفاعل وهو (الضارب).

بعد عندنا إضافة كلمة (زيد).

إذاً عندنا مادة الفعل (ضَرَبَ) وهيئة الفعل على وزن (فَعَلَ) ونسبة الفعل (ضرب) إلى فاعلٍ ما إلى فاعلٍ مبهم وهو الضارب هذا إذا تكلمنا بمعزل عن زيد (ضرب ـ قتل ـ شرب) هناك نسبة للفعل إلى فاعل ما نسبة الضرب إلى الضارب ونسبة القتل إلى القاتل ونسبة الشرب إلى شارب ما أي شارب مبهم.

وأيضاً عندنا نسبة الضرب إلى زيد نسبة القتل إلى زيد ونسبة الشرب إلى زيد.

إذاً عندنا هيئتان ونسبتان مختلفتان ـ لاحظ التدقيق والإبداع:

النسبة الأولى نسبة الفعل إلى فاعل ما وهي نسبة تحليلة ناقصة تقول (ضرب ـ قتل ـ شرب) يوجد نسبة القتل إلى قاتل ما ونسبة الضرب إلى ضارب مبهم.

هذه نسبة تحليلة ناقصة لأن موطنها الأصلي هو الخارج وصورة الضرب وصورة القتل وصورة الشرب ليست صادرة من الذهن وإنما هي موجودة في الخارج والذهن انعكاس لما في الخارج.

إذاً الهيئة الأولى النسبة الأولى نسبة ناقصة بين الحدث وبين ذات ما مبهمة.

إذاً توجد نسبة مبهمة نسبة الضرب إلى الضارب المبهم هذه نسبة ناقصة لا يحسن السكوت عليها.

النسبة الثانية هيئة الجملة التامة الدالة على النسبة التصادقية التي تقول (إن الذات المبهمة هي زيد) فالضارب المبهم هو زيد والقاتل المبهم هو زيد والشارب المبهم هو زيد.

إذاً لاحظ معي جيداً توجد نسبتان:

الأولى نسبة ناقصة تحليلة وهي نسبة الضرب إلى ضارب ما هذه نسبة ناقصة لا يحسن السكوت عليها (ضرب من الذي ضرب؟ قتل من الذي قتل؟) هذه نسبة ناقصة تحليلية.

وعندنا نسبة تامة واقعية وهي نسبة الضرب إلى زيد تقول (ضرب زيدٌ) (قتل زيدٌ) (شرب زيدٌ) هنا نسبة بين الحدث وهي الضرب وبين فاعل معين هذه نسبة تصادقية يعني صدق الضرب على زيد يعني الضرب هو زيد وزيد هو الضارب.

فما أخذناه من النسبة الواقعية التصادقية في الجملة الاسمية حينما قلنا (زيدٌ عالمٌ) هناك تصادق بين زيد والعالمية في الواقع كذلك توجد النسبة الواقعية التصادقية بين الحدث ضرب وبين الفاعل زيد.

إذاً الجملة الاسمية تشترك مع الجملة الفعلية في وجود النسبة الواقعية يعني الجملة الاسمية التامة تشترك مع الجملة الفعلية في وجود النسبة الواقعية التصادقية.

لكن الجملة الاسمية الناقصة ليس فيها نسبة واقعية تصادقية بل فيها نسبة تحليلة كما أن الجملة الفعلية في الهيئة المبهمة يعني نسبة الهيئة إلى فاعل ما مبهم هي نسبةٌ ناقصة وليست نسبة تامة.

هذا تمام الكلام في المعنى الحرفي أولاً في المقام الأول.

وفي المقام الثاني أخذنا ثلاثة أمور:

الأول الجملة التامة الخبرية.

الثاني الجملة التامة الفعلية.

الثالث الجملة الناقصة.

واتضح أن الجملة الناقصة موضوعة للنسبة التحليلية والجملة التامة الاسمية والفعلية موضوعة للنسبة التامة الواقعية يبقى الكلام في الجملة التامة الإنشائية.

إلى هنا قد أخذنا الإخبار الإخبار إما أن تخبر بالاسم وإما أن تخبر بالفعل فتصير الجملة الخبرية تنقسم إلى قسمين: جملة اسمية وجملة خبرية.

يبقى الكلام في الجملة الإنشائية.

إذا تراجعون تقريرات الشهيد الصدر بعضها ذكر حوار ومناقشة بين الشهيد الصدر وبين السيد الخوئي، السيد كاظم الحائري ـ حفظه الله ـ ذكر هذه المناقشة في المتن فيمكن تراجعون مباحث الأصول السيد كاظم الحائري الجزء الأول صفحة مئة وثلاثة وسبعين وما بعده.

ثم بعد ذلك ذكر عدة أمور ذكرها السيد الخوئي وغيره وذكر السيد كاظم الحائري بعض الملاحظات من صفحة مئة وثمانين إلى صفحة تسعة وثمانين في الحاشية تسع صفحات.

وأما الشهيد الصدر الثاني في كتابه محاضرات في علم أصول الفقه الجزء الأول فقد ذكر من صفحة مئتين وستة وثمانين إلى صفحة مئتين وتسعة وثمانين في الحاشية ذكر أمور ذكرها الشهيد الصدر بعد مجلس الدرس هذا الذي بعد مجلس الدرس السيد كاظم الحائري ذكرها في المتن وذكر أيضاً أن بعد مجلس الدرس الشهيد الصدر ناقش السيد الخوئي في أمرٍ والسيد الخوئي ردّ عليه تفاصيل هذه المناقشات إن شاء الله تراجعونها.

لم أجد هذه المناقشات في تقرير الشيخ حسن عبد الساتر.

الجملة التامة الإنشائية يأتي عليها الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo