< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: مختار الإمام الخميني - ره- في المعنى الحرفي

مختار الإمام الخميني ـ رحمه الله ـ في المعنى الحرفي

وهو خلاصة ما ذهب إليه السيد الإمام روح الله الموسوي الخميني في المعنى الحرفي حسب ما فهمته من تقريرات بحثه المختلفة أن المعنى الحرفي مباينٌ ذاتاً للمعنى الاسمي فالإمام الخميني من أنصار المسلك الثالث المشهور فهو يرى المباينة الذاتية بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي هذا أولاً.

وثانياً المعنى الحرفي سنخ معنى آلي بخلاف المعنى الاسمي الذي هو سنخ معنى استقلالي فملاك المعنى الحرفي هو الآلية في مقابل الاستقلاليه التي هي ملاك المعنى الاسمي.

وثالثاً المعنى الحرفي الآلي قد تكون له معاني مختلفة فقد يفيد الإخطار وقد يفيد الإيجاد وقد لا يفيد لا الإخطار ولا الإيجاد وإنما يكون الحرف زائداً لا معنى له وجميع هذه المعاني تفهم من العرف والمحاورات العرفية فبحثنا في الألفاظ وليس في المفاهيم الذهنية والمنطقية والفلسفية.

فإذا رجعنا إلى العرف وجدنا أن العرف يستخدم الحرف كمعنى آلي ولكن نحو هذا الاستعمال ونحو هذا المعنى يختلف من لحاظ إلى آخر فبعض الحروف تقوم بالربط وبعض الحروف تقوم بالإخطار وبعض الحروف تقوم بالإيجاب فلا نسلم بأن جميع الأسماء معانيها إخطاري وجميع الحروف معانيها إيجادية كما ذهب إليه الميرزا النائيني ـ رحمه الله ـ ولا نسلم أن جميع الحروف إخطارية وليست إيجادية كما ذهب إلى ذلك الشيخ آقا ضياء الدين العراقي في مقابل المحقق النائيني.

فدعوى الإطلاق والدوام غير صحيحة فمن قال أن الحرف دائماً معناه إخطاري كما قال المحقق العراقي ومن قال أن الحرف دائماً مفاده إيجادي كما قال قال الميرزا النائيني بل الحرف في بعض الموارد يكون إيجادياً وفي بعض الموارد يكون إخطارياً وفي بعض الموارد لا إخطاري ولا إيجادي كما لو كان الحرف زائداً أو كاف الخطاب إياك أعني واسمعي يا جارة.

والجامع بين جميع أنحاء هذه المعاني هو أن الحرف بمعنى آلي وليس معنى استقلالي هذه خلاصة ما فهمته من كلمات إمام أساتذتنا السيد روح الله الموسوي الخميني.

فيمكن مراجعة تهذيب الأصول تقرير الشيخ جعفر السبحاني لأبحاث الإمام الخميني التلفيق بين الدورة الأولى والثانية الجزء الأول صفحة اثنين وثلاثين ويمكن مراجعة التقرير الثاني تنقيح الأصول تقرير الشيخ الاشتهاردي لبحث الإمام الخميني الجزء الأول صفحة ثمانية وثلاثين.

ويمكن مراجعة التقرير الثالث تحرير الأصول تقرير الشيخ عبد الله جوادي آملي لبحث السيد الإمام الخميني الجزء الأول صفحة مئة وثلاثة وثلاثين ويمكن مراجعة التقرير الرابع وهو أفضلها وأكثرها إسهاباً ووضوحاً تقرير جواهر الأصول للسيد محمد حسن المرتضوي اللنگرودي الجزء الأول صفحة مئة وأربعة عشر تحت عنوان الجهة الثالثة في كيفية وضع الحروف.

وبعد ملاحظة كلمات الأعلام اتضح لنا أن الصحيح ما ذهب إليه الإمام الخميني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ فإن الجزم بأن الواضع اللغوي قد وضع الحرف لخصوص الإخطار أو لخصوص الإيجاد أو لخصوص النسبة التحليلة أو لخصوص النسبة الحقيقة أو لخصوص النسبة الحقيقة الخارجية الجزم بأن الواضع قد وضع الحرف لخصوص هذه الحيثية يحتاج إلى ضرس قاطع.

فإذا رجعنا إلى وجداننا اللغوي والعرفي نجد أن المتكلم العرفي يأتي بكلمات بعض هذه الكلمات تتصور بالاستقلال وهي المعنى الاسمي وبعض هذه الكلمات لا تتصور بالاستقلال وإنما تقوم بغيرها فمعناها آلي وهو الحرف وهذا المعنى الآلي يستخدم في عدة معاني كمعنى الإخطار أو معنى الإيجاد وقد لا يكون له معنى وإنما جيء به كآلة.

هذا خلاصة ما ذهب إليه الإمام الخميني.

وأما تفصيل ذلك وفقاً لما أفادة السيد اللنگرودي في جواهر الأصول من صفحة مئة وأربعة عشر إلى صفحة مئة وواحد وأربعين.

السيد الإمام ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في البداية يقدم مقدمة تمهيدية يقول صفحة مئة وأربعة عشر:

وليعلم أنه لا بدّ لكل باحث في مسألة أن لا ينسى وجدانياته ولا يحرف المسألة عن مسيرها الوجداني إلى اصطلاحات ومطالب غير وجدانية فإنه ربما كثيراً وقع أو يقع في خلاف الواقع فنقول وبالله الاستعانة:

اختلفت الآراء في المعنى الحرفي فأفرط بعضهم وقال بأنه لا فرق بين الحروف والأسماء في الماهية والحقيقة بل يكون كل من لفظتي من والابتداء متحدتين بالهوية والحقيقة والاستقلالية المأخوذة في الأسماء وعدمها في الحروف ليستا من مقومات المعنى الاسمي والمعنى الحرفي بل مأخوذة في مقام الاستعمال هذا رأي صاحب الكفاية تراجع كفاية الأصول صفحة ستة وعشرين وسبعة وعشرين هذا القول الأول.

والقول الثاني وفرط آخرون وقالوا بأنه ليس للحروف معنى أصلاً بل هي علامات صرفة فكما أن الضمة أو الفتحة في (ضرب زيد عمراً) علامة كون زيد فاعلاً وعمر مفعولاً فكذلك لفظة من وإلى لمجرد العلامة لما أريد من مدخولهما.

وهذا رأي صاحب الكافية في النحو الجزء الأول صفحة عشرة صفحة خمسة عشر من النسخة الحجرية.

ثم السيد الإمام ـ رضوان الله عليه ـ يقدم مقدمة قبل أن يتطرق إلى الألفاظ يتكلم عن المفاهيم الذهنية وقبل أن يتكلم عن المفاهيم الذهنية يتكلم عن الموجودات الخارجية يقول:

الموجودات الخارجية على أصناف ثلاثة:

الأول ما هو مستقلٌ ماهيةً ووجوداً كالجوهر مثل الإنسان والشجر والحجر.

الثاني ما يكون تاماً ماهية فقط كالعرض فالمشترك بين الجواهر والأعراض هو استقلالهما بالمفهومية والفارق بينهما أن الجوهر موجود لا في موضوع والعرض موجود في موضوع.

الثالث ما يكون قاصراً في كلتا النشأتين يعني لا يوجد في الذهن ولا في الخارج إلا تبعاً ومندكاً في الغير كالنسب والوجودات الرابطة.

إذاً ظهر أن لدينا في الخارج أمور ثلاثة فحينما نقول (زيدٌ قائمٌ):

الأمر الأول زيد وهو جوهر.

الامر الثاني القيام وهو عرض يعرض على زيد.

الأمر الثالث حصول القيام لزيد ونسبة القيام لزيد.

هذا بلحاظ الخارج.

يبقى الكلام بلحاظ الذهن فهل الموجود في الذهن نفس هذه الأمور الثلاثة الجوهر والعرض والنسب فقد ظهر أن الموجودات الخارجية على طوائف ثلاث وأنها لا تخلو من واحدة منها إما أن تكون من الجواهر أو من الأعراض أو من النسب والإضافات.

أما البحث في حقيقة هذه الأمور الثلاثة فهو موكول إلى محله في الحكمة المتعالية صدر المتألهين الأسفار الجزء الأول صفحة تسعة وسبعين إلى اثنين وثمانين والجزء الرابع من صفحة مئتين وخمسة وثلاثين إلى مئتين وستة وأربعين.

أما ما يدل على الجواهر والأعراض الخارجية من الألفاظ فواضحٌ أنه يفهم بالاستقلال فمن لفظة زيد ومن لفظة القيام تدرك جوهر زيد وعرض القيام فالألفاظ بالنسبة إلى الجواهر والأعراض تدل على المعاني بالاستقلال.

إنما الكلام والإشكال والخلاف في الحروف فلو قلنا إن الحرف يدل على النسب والإضافات الجزئية فبأي نحو يدل؟ هل يدل بنحو العلامة الصرفة أم غير ذلك؟

أقوال عديدة ذكرها المحقق السيد حسين البروجردي في تقرير الشيخ المنتظري لبحث السيد البروجردي نهاية الأصول الجزء الأول صفحة ثمانية عشر إلى عشرين.

وأيضاً السيد الإمام الخميني ذكرها أيضاً في تقرير بحثه للسيد البروجردي لمحات الأصول صفحة خمسة وعشرين إلى تسعة وعشرين.

السيد الإمام ـ رضوان الله عليه ـ يقول الحق إن المعنى الحرفي معنى آلي لكن نحو دلالة هذا المعنى الآلي تختلف من حرف إلى حرف، قال ـ قدس سره ـ صفحة وسبعة عشر من جواهر الأصول:

الحق أن يقال إن مفاد بعض الحروف حكائي كـ لفظ من وإلى في قولنا (سرّ من البصرة إلى الكوفة) وبعضها إيجادية مثل ياء النداء وواو القسم وأداة التمني والترجي والاستفهام والتشبيه والتنبيه ونحوها، وبعضها علامة صرفة لا تدل على معنى أصلاً كـ كاف الخطاب فإنها لا تدل على معنى وإنما هي علامة لكون المخاطب مذكراً إلى غير ذلك.

إلى أن يقول صفحة مئة وتسعة عشر:

فظهر مما ذكرنا أن الحروف على طوائف مختلفة ولم يدل دليل من العقل أو من الشرع أو غيرهما على أن جميعها إيجادي كما يراه المحقق النائيني ـ قدس سره ـ .

فوائد الأصول الجزء الأول صفحة سبعة وثلاثين.

أو حكائي وإخطاري كما ذهب إليه المحقق العراقي ـ قدس سره

بدائع الأفكار الجزء الأول صفحة اثنين وأربعين وثلاثة وأربعين.

فالذي ندعيه غير ما إدعاه العلمان فلا بدّ لنا من بيان الخلل الواقع في كلامهما ليتضح فنقول.. ثم يبدأ بمناقشة كلام الميرزا النائيني ثم مناقشة كلام المحقق العراقي ـ قدس الله أنفسهم الزكيةـ

إلى أن يقول صفحة مئة وتسعة وثلاثين تحت عنوان حصيلة البحث:

إذا أحط خبراً بما ذكرنا تعرف أنه لا طريق لنا إلى إحراز كيفية وضع الحروف والذي يمكن إثباته وقامت الأمارة عليه هو أن الموضوع له خاص ولا يكاد أن يكون عاماً لأن المعنى الحرفي جزئي وهو الربط الخاص بين هذا وذاك وهو غير قابل للصدق على كثيرين.

ثم يشير في الأخير إلى أن ما يذكر بالنسبة للمعنى الحرفي ليس جامعاً ذاتياً حقيقياً وإنما هو جامع انتزاعي، قال صفحة مئة وأربعين:

فظهر لك جلياً أن تصوير الوضع العام والموضوع له الخاص في الحروف هو تصوير عنوان انتزاعي غير ذاتي نظير العرض بالنسبة إلى المقولات التسع العرضية.

هذه مختارات من كلامه زيد في علو مقامه.

وخلاصة ما بحثناه في المعنى الحرفي أنه توجد في المعنى الحرفي ثلاث مسالك وفي المسلك الثالث ذكرنا ستة وجوه فيمكن مراجعة ما أفادة السيد محمود الهاشمي الشاهرودي أستاذنا ـ قدس الله نفسه الزكية ـ في كتاب مباحث الدليل اللفظي الجزء الأول من صفحة مئتين وواحد وثلاثين إلى صفحة مئتين وثمانية وخمسين.

خلاصة هذه المسالك التي أخذناها كفهرسة عامة ونبين ما توصلنا إليه ونختم:

المسلك الأول علامية الحروف وأن الحرف علامة وهو مختار صاحب الكافية.

المسلك الثاني آلية المعنى الحرفي وهو مختار صاحب الكفاية ـ رحمه الله ـ فقال إن الحرف والاسم واحدٌ ذاتاً لكنهما يختلفان في اللحاظ الآلي في الحرف واللحاظ الاستقلالي في الاسم.

وهذا خلاف مبنى الإمام الخميني فإنه يرى التغاير الذاتي لا الاتحاد الذاتي بين الاسم والحرف، الآلية عند صاحب الكفاية هي في اللحاظ لا في ذات المعنى الحرفي بينما الآلية عند الإمام الخميني هي في ذات المعنى الحرفي.

المسلك الثالث هو مسلك المشهور نسبية المعنى الحرفي يعني الحرف موضوعٌ للنسبة والربط هذا المسلك الثالث نسبية المعنى الحرفي فيه اتجاهات ستة أو وجوه ستة:

الوجه الأول إيجادية المعنى الحرفي وهو مسلك الميرزا النائيني.

الوجه الثاني وضع الحروف للوجود الرابط وهو مسلك المحقق الأصفهاني.

الوجه الثالث وضع الحروف للتحصيص وهو مسلك السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ .

الوجه الرابع وضع الحروف للأعراض النسبية وهو مسلك المحقق العراقي.

اشرحه بشكل موجز المقولات العرضية عددها تسعة منها الكيف والكم والكيف والكم لا يتقوم بطرفين بخلاف المقولات العرضية السبعة الباقية كمقولة الإضافة ومقولة الأين فإنها تتقوم بطرفين فهي نسبة بين طرفين.

وبالتالي نقسم المقولات العرضية التسعة في الفلسفة إلى قسمين:

أعراض نسبية وهي المقولات السبعة غير الكم والكيف.

وأعراض غير نسبية وهي مقولة الكم والكيف.

فيقول المحقق العراقي ـ رحمه الله:

إن الحرف موضوعٌ للأعراض النسبية يعني للمقولات العرضية السبعة غير الكم والكيف ووظيفتها إخطار المعنى دائماً لا إيجاده دائماً كما يرى المحقق النائيني.

صار واضح وإلا البحث في طويل ما يحتاج نطول.

الوجه الخامس للشهيد الصدر ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ إذ يرى إن الحرف موضوعٌ للنسبة التحليلة في النسب الأولية والحرف موضوعٌ للنسبة الواقعية الذهنية في النسب الثانوية.

الوجه السادس ما ذهب إليه إمام أساتذتنا الإمام الخميني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ من أن المعنى الحرفي سنخ معنى آلي وهو مغايرٌ ذاتاً للمعنى الاسمي الذي هو سنخ معنى استقلالي لكن نحو المعنى الحرفي يختلف بحسب الاستعمالات العرفية المتعددة فقد يكون المعنى الحرفي الآلي إخطارياً وقد يكون إيجادياً وقد يكون زائداً لا معنى له.

لذلك الإمام الخميني ناقش الميرزا النائيني في إطلاق الإيجادية وناقش المحقق العراقي في إطلاق الإخطارية وأثبت البعضية يعني بعض الحروف إيجادي وبعض الحروف إخطاري.

هذا تمام الكلام في المعنى الحرفي المقام الأول.

نعم لأنه يرى المغايرة الذاتية.

المسلك الثالث هو أن معنى الحرف مغاير ذاتاً لمعنى الاسم وإن كان السيد الإمام لم يركز كثيراً على أن مفاد الحرف هو النسبة في بعض التقريرات أشار أنه هو النسبة أو الربط كما في تقرير بحثه للسيد البروجردي وهذا كلام السيد البروجردي في لمحات الأصول صفحة تسعة وعشرين.

ولكن في بعض التقريرات يقول الحرف قد يفيد الربط وقد لا يفيد الربط مثل كاف الخطاب قد لا تفيد الربط.

هذا تمام الكلام في المعنى الحرفي انتهينا من المقام الأول ويقع الكلام في المقام الثاني مفاد الجمل يأتي عليه الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo