< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأصول

44/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: تقسيم المباحث الأصولية

 

الجهة الثالثة من مقدمة علم الأصول

تقسيم المباحث الأصولية

تطرق الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر ـ رضوان الله عليه ـ في مقدمة الجهة الثالثة إلى التقسيم الرباعي لأستاذه أبو القاسم الخوئي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ وقد ذكره السيد الخوئي في تقرير بحثه للمحقق النائيني أجود التقريرات المجلد الأول، كما ذكره الشيخ الكاظمي في تقريره لبحث المحقق النائيني في دورته الأولى فوائد الأصول الجزء الأول، وقد ذكره أيضاً الشيخ محمد إسحاق الفياض في تقريره لبحث السيد أبو القاسم الخوئي محاضرات في أصول الفقه ج1 من صـ 6 إلى صـ 8.

وإذا رجعنا إلى تقريرات الشهيد الصدر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ التقريرات الأربعة سنجد أنها بأجمعها قد تطرقت للتقسيم الرباعي المعروف الذي ذكره السيد الخوئي ثم مناقشة الشهيد الصدر لتقسيم السيد الخوئي بأحد لحاظين، فالتقريرات الأربعة تطرقت إلى مناقشة الشهيد الصدر للسيد الخوئي، وقد خلت التقريرات الثلاثة من مقترح الشهيد الصدر في تقسيم علم الأصول ولم يتطرق إلى مقترح الشهيد الصدر في تقسيم علم الأصول إلا أستاذنا السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في تقرير بحثه بحوث في علم الأصول[1] الجزء الأول صـ 57 فقد ذكر مقترحين لتقسيمات علم الأصول بلحاظين وهذا المقترح من مختصات تقرير السيد محمود الهاشمي الذي هو تقرير للدورة الثاني، وليس لهذين المقترحين عين ولا أثر في التقريرات الثلاثة:

التقرير الأول تقرير أستاذنا السيد كاظم الحائري مباحث الأصول وهو تقرير الدورة الأولى،

التقرير الثاني تقرير الشيخ حسن عبد الساتر بحوث في علم الأصول وهو تقرير الدورة الثانية وهو نصّ كلمات الشهيد الصدر المفرغة من الأشرطة،

التقرير الثالث تقرير الشهيد الثاني السيد محمد محمد صادق الصدر محاضرات في علم أصول الفقه وهو من بداية الجزء الأول تعريف علم الأصول إلى بحث المفاهيم هذا عبارة عن الدورة الثانية ثم من مبحث المفاهيم إلى الخاتمة هذا عبارة عن الدورة الأولى، هذه التقريرات الثلاثة ليس فيها مقترح الشهيد الصدر لمباحث علم الأصول.

نحن اليوم ننهي هذا البحث بشكل موجز لأن ليس فيه بحث علم أو فذلكه علمية، إذا يقع الكلام في مقامين:

المقام الأول في تقسيم السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ والمشهور لمباحث علم الأصول ومناقشة الشهيد الصدر.

المقام الثاني مقترح الشهيد الصدر لتقسيمات علم الأصول.

أما المقام الأول

تقسيم مباحث علم الأصول وفقاً لنظر المشهور والسيد الخوئي.

إن القواعد الأصولية على أربعة أقسام ـ طبعاً كلام السيد محمود موجز ـ الجزء الأول بحوث في علم الأصول[2] صـ 55 .

القسم الأول ما يوصل إلى معرفة الحكم الشرعي بعلم وجداني وهذا هو مباحث الاستلزام العقلي، إذا القسم الأول العلم الوجداني.

القسم الثاني ما يوصل إلى معرفة الحكم الشرعي بعلم تعبدي، إذا القسم الثاني العلم التعبدي وهذا على ضربين:

الأول ما يكون البحث فيه عن الصغرى بعد الفراغ عن الكبرى وهذا مباحث الألفاظ بأجمعها،

الثاني ما يكون البحث فيه عن الكبرى فهذا مباحث الحجج والأمارات الظنية.

القسم الثالث ما يبحث فيه عن الوظيفة العملية الشرعية للمكلفين عند العجز عن معرفة الحكم الواقعي بعلم وجداني أو تعبدي وهذا هو مباحث الأصول العملية الشرعية.

القسم الرابع ما يبحث فيه عن الوظيفة العملية العقلية في مرحلة الامتثال عند فقدان ما يعين الوظيفة الشرعية وهذا هو مباحث الأصول العملية العقلية، إذا القسم الرابع الأصل العملي العقلي.

الخلاصة:

بحث المشهور والسيد الخوئي مباحث علم الأصول في مقدمة وخاتمة وأربعة أقسام، المقدمة في تعريف علم الأصول وموضوعه وأقسامه وأما الأقسام الأربعة:

القسم الأول العلم الوجداني.

القسم الثاني العلم التعبدي الحكم الشرعي.

القسم الثالث الأصل العملي الشرعي.

القسم الرابع الأصل العملي العقلي.

ثم الخاتمة في تعارض الأدلة.

ثم ناقش الشهيد الصدر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ هذا التقسيم الرباعي قائلاً إن كان هذا التقسيم مجرد اختيار تصنيف معي للمسائل الأصولية من دون ملاحظة نكته فنية فلا كلام، وأما إذا كان هذا التقسيم الرباعي علم وجداني شرعي، أصل عملي شرعي، أصل عملي عقلي، مبني على نكته فنية في ترتيب المسائل الأصولية فما هي هذه النكته؟ يحتمل ووجود نكتتين وكلاهما قابل للنقاش.

النكتة الأولى مراعاة الطولية في الاستنباط الفقهي.

النكتة الثانية ملاحظة مناسبات الحكم والموضوع في نفس الأبحاث الأصولية.

أما النكتة الأولى وهي مراعاة الطولية في عملية الاستنباط فهي بملاحظة عمل الفقيه والمستنبط فهو في الدرجة الأولى يبحث عن الدليل فإن فقد هذا الدليل من النوع الأول صارت الرتبة إلى الدليل من النوع الثاني، فإن فقد الدليل من النوع الثاني وصلت النوبة إلى الدليل من الرتبة الثالثة، فالملاك في هذا الترتيب هو مراعاة الطولية في البحث بالنسبة إلى المستنبط فهذه النكته بلحاظ المراتب الطولية في عملية الاستنباط للمستنبط فإن قيل إن الملاك هو النكته الأولى مراعاة الطولية للمستنبط ففيه ثلاث ملاحظات:

الملاحظة الأولى عدم الطولية بين القسمين الأولين، فالقسم الثاني وهو العلم التعبدي والشرعي لا تصل النوبة إليه بعد فقد القسم الأول وهو العلم الوجداني فليس العلم التعبدي في طول العلم الوجداني وهذا ما يبحث في علم الأصول من أن الحجج والأمارات التعبدية ليست كلها في مرتبة واحدة وليست كلها فرع فقدان العلم الوجداني.

الملاحظة الثانية ثبوت الطولية داخل المجموعة الثانية والمجموعة الثالثة، فإن الحجج والأمارات أي العلوم التعبدية وكذلك الأصول العملية الشرعية ليست كلها في مرتبة واحدة بل بعضها مقدم على بعض في عملية الاستنباط فالعلم التعبدي الحاصل من دلالة قطعي السند مقدم على الحاصل من دلالة دليل ظني وهكذا الاستصحاب مقدمة على البراءة.

توضيح الإشكال:

مثلاً الاستصحاب يدرج في الأصول العملية الشرعية فهو مدرج في القسم الثالث بينما من الأصول العملية الشرعية البراءة الشرعية والاستصحاب برزخ بين الأمارات والأصول العملية فالاستصحاب مرتبة وسطا ليس على وزان البراءة، يعني أولاً الأمارات كخبر الثقة وبعد فقدها تصل النوبة إلى الاستصحاب وبعد فقده تصل النوبة إلى البراءة والحال أنك جعلت الاستصحاب والبراءة في نفس المرتبة الثالثة.

إشكاله هكذا أنت تتدعي وجود طولية، هل هذه الطولية موجودة بين الأقسام الأربعة فقط أم هذه الطولية موجودة حتى داخل الأقسام؟ أنت الآن جعلتها أربعة لماذا لا تجعلها خمسة؟ ألست تلحظ الطولية لأنها هي النكتة فالمفروض الأول العلم التعبدي والثاني الحجج الشرعية كالأمارات والثالث الأصول العملية المحرزة من قبيل الاستصحاب والرابع الأصول العملية غير المحرزة من قبيل البراءة والخامس الأصول العملية العقلية، يعني كيف جعلت مبحثين بينهما طولية وقد جعلتهما في مرتبة واحدة فإذا كان الملاك عندك والنكته عندك هو الطولية فإن مقتضى المنهجية أن تفرز ما بينهما طولية في مراتب ومراحل متعددة.

الملاحظة الثالثة تأخر مرتبة المجموعة الرابعة على الثالثة لا يكون صحيحاً على جميع المباني الأصولية في قاعدة الاشتغال العقلية، أي الأصول العملية العقلية مثل منجزية العلم الإجمالي على الأصول العملية الشرعية من قبيل الاستصحاب والبراءة الشرعية، يقول الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ تأخر الأصول العملية العقلية في الرتبة عن الأصول العملية الشرعية لا ينسجم مع جميع المباني فإن من جملة المسالك علية العلم الإجمالي للموافقة القطعية وهو مبنى المحقق العراقي كما سيأتي فهذا يعني أن حكم العقل بالاشتغال تنجيزي وحاكم على إطلاق دليل البراءة الشرعية فمسلك علية منجزية العلم الإجمالي يجعل الاشتغال العقلي مقدماً وحاكماً على البراءة الشرعية.

إذا إذا كانت النكته في ترتيب هذه الأقسام الأربعة هي الطولية هناك هذه الملاحظات الثلاث، هذه إذا كانت النكته هي مراعاة الطولية كما قد يظهر من بعض كلمات المشهور.

أما إذا كانت النكته بحثيه وليست طولية يعني ملاحظة نفس الأبحاث وملاحظة مبادئها التصورية والتصديقية يعني ملاحظة مناسبات الحكم والموضوع فلاحظ مثلاً الظهورات كلها تنسجم في هذه المباحث اللفظية والحجج كلها تشملها الحجج الشرعية.

إذا الملاك النكته الأولى هي مراعاة الطولية، النكته الثانية ملاحظة مراتب الإثبات ودرجاته فتارة يكون الإثبات بالعلم الوجداني وتارة بالعلم التعبدي وتارة يكون بالوظيفة العقلية، هذا التقريب يرد عليه إشكالان:

الإشكال الأول إذا كان الملاك هو مرتبة الإثبات ودرجاته وملاحظة سنخ المجعول ولسان المجعول فهذا يقتضي أن الأصل المحرز كالاستصحاب يكون قسماً برأسه وبرزخاً بين الأمارات والأصول غير المحرزة، فهذا يقتضي أن لا يكون الاستصحاب قسم من القسم الثالث الأصول العملية الشرعية لأن الاستصحاب ليس أصلاً عملياً بحتاً بل أصل عملي كاشف عن الواقع وفيه جنبة إحراز للواقع.

الإشكال الثاني هذا التقسيم ينسجم مع مبنى الطريقية للمحقق النائيني والسيد الخوئي ولا ينجسم مع مسلك الشهيد الصدر في التفرقة بين الأمارات والأصول العملية فالمحقق النائيني وتبعه السيد الخوئي فرقوا بين لسان الدليل والمجعول الاعتباري فإن جعلت له الطريقية فهو أمارة وإن لم يكن بلسان جعل الطريقية والكشف عن الواقع وإنما هو بلسان تحديد الوظيفة العملية فهو أصل عملي.

وأما الشهيد الصدر فله نظرية أخرى نظرية التزاحم الحفظي أي أن هناك ملاكات واقعية تغيب عنها في الظاهر فيحصل تزاحم للحفاظ عن هذه الملاكات الواقعية التي غابت عنا في الظاهر فهنا الشارع عندما يحدد الحكم الشرعي والوظيفة العملية فهل يحدد الوظيفة العملية بلحاظ أهمية الاحتمال أي درجة الكشف عن الواقع فهذه الأمارة أم يحددها بلحاظ أهمية المحتمل أي نوعية الحكم أنه ترخيص أو حظر فهذا أصل عملي، وإما بلحاظ أهمية الاحتمال والمحتمل معاً فهذا أصل عملي محرز كالاستصحاب تفصيل ذلك في الحلقات الثلاث وسيأتي إن شاء الله.

إذا هذا التقسيم الرباعي لا ينسجم مع مدرسة الشهيد الصدر ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ وتفرقته للأمارات والأصول العملية على أساس نظرية التزاحم الحفظي وإنما ينسجم معرفة نظرية المحقق النائيني والسيد الخوئي مسلك الكشف والطريقية.

هذا تمام الكلام في التقريرات الأربعة يعني بيان الشهيد الصدر للتقسيمات الأربعة للسيد الخوئي والميرزا النائيني ومناقشة الشهيد الصدر لهذا التقسيم بإحدى نكتتين: النكته الأولى نكتة الطولية والنكته الثانية نكتة البحثية وهذا كتبه الشيخ حسن عبد الساتر[3] في عشر من صـ 115 إلى صـ 125 ج 1 بحوث في علم الأصول.

في صـ 125 كتب خلاصة تقسيم مباحث علم الأصول، يوجد لحاظان يناسب تقسيم علم الأصول بلحاظها: اللحاظ الأول هو التقسيم باعتبار المراتب الطولية لفحص المجتهد في عملية الاستنباط، اللحاظ الثاني أن تقسم القواعد الأصولية حسب مناسبات الحكم والموضوع البحثية لا حسب رعاية الرتب الطولية في عملية الاستنباط، ثم يقول هذا هو اللحاظ الثاني وبناءً على هذا اللحاظ يناسب أن يقسم علم الأصول إلى قسمين:

القسم الأول بحث ذات الحجة بأصنافه الثلاثة: مباحث الألفاظ، الحكم العقلي البرهاني، الحكم العقلي الاستقرائي.

القسم الثاني بحث الحجية.

ثم يقول هذا تمام الكلام في الجهة الثالثة، وبهذا تم الكلام في الأمر الأول من أمور المقدمة وبه تم الجزء الأول بحوله وقوته تعالى وسيتم إن شاء الله الجزء الثاني من بحوث علم الأصول والحمد لله ربّ العالمين. [4]

إلى هنا التقريرات الثلاثة للسيد كاظم الحائري والشيخ حسن عبد الساتر والشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر نصت على ما أفاده الشهيد الصدر، أما المقترح في تقسيم علم الأصول لم يرد إلا في بحث السيد محمود الهاشمي لأهميته نتطرق إليه في الدرس القادم راجعوا تقرير السيد محمود الجزء الأول صـ 57 يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo