< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

42/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: المكاسب /البيع /الدرس السبعون: تقديم القبول على الإيجاب في غير عقد البيع.

 

قال الشيخ الانصاري رحمه الله ثم إنما ذكرنا جار في كل قبول يؤدى بإنشاء مستقل كالاجارة[1] .

خلاصة الدرس

كان الكلام في القسم الثالث من أقسام القبول في البيع وهو القبول بلفظ اشتريت قلنا ذهب الشيخ الانصاري رحمه الله إلى جواز تقديم لفظ اشتريت على الايجاب فعند الشيخ الانصاري لا يجوز تقديم للقبول بالنسبة إلى القسم الاول والثاني ولكن يجوز تقديم القبول على الايجاب بالنسبة إلى القسم الثالث وهو التعبير بلفظ اشتريت والسر في ذلك أن لفظة اشتريت تدل أولا على الرضا بالقبول وثانيا تدل على نقل المال وثالثا لا يشترط فيها المطاوعة والانفعال وبالتالي يجوز تقديم لفظ اشتريت على لفظ بعت.

الشيخ الانصاري يقول وفقا لهذه الضابطة وإن كان الشيخ الانصاري توقف واحتاط إذ قال إن العمومات مثل ﴿اوفوا بالعقود﴾[2] و﴿احل الله البيع﴾[3] و﴿تجارة عن تراض﴾[4] ناظرة إلى المتعارف والمتداول من العقود والمتعارف والمتداول هو تقديم الإيجاب على القبول وبالتالي يتوقف الشيخ الانصاري في صدق العمومات على المعاملة والمعاوضة التي يتقدم فيها لفظ اشتريت على لفظ بعت ولكن وفق الضابطة الصناعية يقول هذا الكلام لا يختص بالبيع بل يشمل القبول في سائر المعاوضات.

فإذا بحثنا في المعاوضات نجد أن القبول على انحاء واحد من هذه الانحاء نجد أن القبول يعبر عن انشاء أمر مثلا زوجتك هذا ايجاب قبلت هذا قبول هنا إما يعبر بلفظ قبلت وإما ان يعبر بلفظ تزوجتك هو في مقام انشاء امر انشاء الزوجية تمتعتك تزوجتك انكحتك أريد أن انكحكي هذا انشاء عامر بقطع النظر عن انشاء عقد النكاح أو عدم انشاءه.

إذن بعض الفاظ القبول في سائر المعاوضات من نكاح وايجار يدل على انشاء امر مثلا في الاجارة المتعارف هو آجرتك قبلت احيانا من يقبل الاجارة لا يقول قبلت وإنما يقول تملكت منك منفعة سكنى الدار بمئة دينار شهريا فهو أنشأ أمرا ما هو الامر الذي أنشأة منفعة السكنى وهكذا في النكاح لو قال القابل أنكحت تزوجت فهو قد قصد انشاء امر انشاء الزوجية انشاء ملكية السكنى في الايجار.

يقول الشيخ الأنصاري الفاظ القبول في سائر المعاملات التي يفهم منها انشاء امري كما أن لفظ اشتريت في البيع دلت على انشاء النقل هنا لفظ تزوجت دلت على انشاء الزوجية هنا لفظ ملكت منفعة السكنى دلت على انشاء الايجار فإذا دلت على الانشاء فإن دلالتها على الانشاء لا يفرق فيها أن تتقدم على الايجاب أو تتأخر عن الايجاب.

النتيجة النهائية الفاظ القبول في سائر المعاملات التي تدل على انشاء امر مستقل هذه يجوز فيها أن يتقدم القبول على الايجاب ولا يشترط تقدم الايجاب على القبول لأنه يكفي فيها دلالة اللفظ على انشاء هذا الامر ففي البيع لفظ اشتريت تدل على انشاء الشراء وفي النكاح لفظ تزوجت تدل على انشاء النكاح والزواج وفي الاجارة لفظ ملكت منفعة الدار يدل على ملكية المنفعة وهي الايجار.

يبقى الكلام في القسم الثاني وهو لفظ قبلت آجرتك قبلت زوجتك قبلت في سائر العقود فهل لفظ قبلت يدل على جواز تقديم القبول على الايجاب أو لا فيشترط تقديم الايجاب على القبول.

الشيخ الانصاري قد يقول قد يقال بجواز تقديم القبول أيضا لأن القبول فيه التزام مثل من قال آجرتك التزم بالتأجير ومن قال قبلت التزم بقبول الاجارة، من قال زوجتك المرأة إذا قالت زوجتك نفسي التزمت بتزويج نفسها كذلك الزوج إذا قال قبلت يعني التزم بالقبول فلو نظرنا إلى حيثية الالتزام قد يقال بأنه لا يشترط تقدم الايجاب على القبول بل يكفي تقدم القبول على الايجاب.

الشيخ الانصاري يقول والتحقيق إن لفظة قبلت تدل على المطاوعة والانفعال يعني عندنا فعل وانفعال عندنا لفظ وعندنا مطاوعة لللفظ فالزوجة تقول زوجتك والزوج يطاوعها ويقول قبلت فقول الزوجة زوجتك هذا فعل وقول الزوج قبلت هذا انفعال قول المؤجر آجرتك هذا فعل وقول المستأجر قبلت هذا انفعال ومطاوعة

النتيجة النهائية الشيخ الانصاري يفرق بين صيغتين الصيغة الأولى اشتريت تزوجت ملكت المنفعة هذه ليس فيها دلالة على المطاوعة ليس فيها دلالة على الانفعال المهم فيها انشاء أمر جديد وانشاء الامر الجديد يحصل تقدم أو تأخرت على الايجاب بخلاف لفظ قبلت فإن لفظ قبلت وإن كان فيها التزام التزام بالنقل في البيع أو التزام بنقل المنفعة في الايجاب أو التزام بالزوجية في عقد النكاح ولكن بالاضافة إلى الالتزام بالنقل يوجد عنصر آخر وهو المطاوعة والانفعال فبسبب دلالة لفظ قبلت على المطاوعة والانفعال نقول لا يصح التقديم.

ليس فقط هذا الكلام حتى في الهبة والقرض، اقرضتك قبلت وهبتك قبلت صالحتك قبلت فهنا يوجد عنصران العنصر الاول الالتزام أن التزم باقراضك وأن تلتزم بقبول القرض وتسديده أن تلتزم بالهبة وأن التزم بقبول الهبة المجانية أن تلتزم بالمصالحة وأن التزم بقبول المصالحة ولكن لا تلتفت فقط إلى عنصر الالتزام يوجد عنصر آخر وهو دلالة لفظ قبلت على الانفعال والمطاوعة فحينما يقول اقرضتك هذا فعل قبلت هذا انفعال ومطاوعة وهبتك هذا فعل قبلت هذا انفعال ومطاوعة صالحتك هذا قبل قبلت المصالحة هذا انفعال ولكن في المصالحة المشتملة على معاوضة تقول صالحتك على هذا الكتاب بدينار يمكن للقابل أن لا يقول قبلت ويقول صالحتك على هذا الدينار بالكتاب ففي المصالحة المشتملة على المعاوضة يمكن أن يكون كلا المتصالحين قد تلفظا بلفظ الصلح والمصالحة من دون إيراد لفظ القبول وإذا لم يورد لفظ القبول إذن لا دلالة على المطاوعة ولا دلالة على لزوم الانفعال والصلح والمصالحة فيه دلالة على الالتزام وليس فيه دلالة على المطاوعة وبالتالي إذا كليهما جاءوا بلفظ المصالحة لا نشترط تقديم الايجاب على القبول وفيه إن العمومات ناظرة إلى المعاملات المتعارفة والمعاملات المتعارفة الايجاب والقبول يعني صلح وقبول لا توجد عندنا معاوضة تشتمل على مصالحتي صلح وصلح بل معاوضة صلح وقبول لذلك الصلح هذه القرينة تمنعنا من الاخذ بلفظ المصالحة مرتين من المصالح والمصالح بل المصالح يقول صالحتك والمصالح يقول قبلت وما دام يقول قبلت دلت على الانفعال والمطاوعة النتيجة في سائر المعاوضات الفاظ القبول على نحوين نحو دال على اشتراط المطاوعة والانفعال مثل لفظ قبلت ففي مثل هذه الالفاظ يشترط تقدم الايجاب على القبول والفاظ ليس فيها دلالة على المطاوعة والانفعال بل يكفي فيها انشاء شيء جديد وأمر جديد انشاء الزوجية أو انشاء الايجاب وهذا الانشاء لا يشترط فيه التقدم والتأخر كما أن الرضا بالايجاب لا يشترط فيه التقدم أو التأخر.

 

تطبيق المتن

ثم إنما ذكرنا يعني من جواز تقديم القبول بلفظ اشتريت على الايجاب جار يجري جواز تقديم القبول في كل قبول يؤدى هذا القبول بانشاء مستقل يعني بإنشاء امر مستقل مثل انشاء الاجارة انشاء النكاح كالاجارة التي يؤدا قبولها يعني يؤدا قبول الاجارة بماذا تقبل؟ ليس بلفظ قبلت بل بلفظ، بلفظ تملكت منك منفعة كذا هنا تملكت منك منفعة كذا انشاء التمليك انشاء تملك المنفعة هذا انشاء امر مستقل أو ملكت يعني أو ملكت منك منفعة كذا هذا انشاء للملكية والنكاح يعني وكالنكاح كالإجارة وكالنكاح عطف عليها، وكالنكاح الذي يؤدى قبوله ـ قبول النكاح ـ بلفظ انكحت وتزوجت هذه فيها انشاء إلى الزوجية وانشاء للنكاح وليس فيها اشتراط للمطاوعة والانفعال بالتالي في مثل هذه الالفاظ يجوز تقديم القبول على الايجاب.

القسم الثاني وأما ما لا إنشاء في قبوله إلا قبلت وأما ما لا انشاء في قبوله يعني لا يوجد انشاء امر مستقل في قبوله، هذه ما لا انشاء عطف على قوله يؤدى بانشاء مستقل إما يؤدى بإنشاء مستقل أو لا يؤدى بإنشاء مستقل في قبوله إلا الاتيان بلفظ قبلت.

احيانا المتكلم يريد ينشأ شيء واحيانا المتكلم لا يريد ينشأ شيء وإنما يريد أن يطاوع الكلام الموجود وأن ينفعل بالكلام الموجود تارة يقول زوجتك قبلت بعتك قبلت آجرتك قبلت يعني يريد أن يطاوع وأن ينفعل باللفظ الذي قيل له وأحيانا بالاضافة إلى المطاوعة والقبول يريد ينشأ قبلت يعني يريد يزوج روحه قبلت يعني يريد يقبل الاجارة الالفاظ الأولى فيها فقط دلالة على الانشاء اللفظ الثاني قبلت قد يكون دالا على المطاوعة والانفعال فقط من دون انشاء امر مستقل.

وأما ما لا، ما هذه اسم موصول الذي، وأما ما لا يعني وأما القبول الذي لا إنشاء في قبوله يعني لا انشاء مستقل في قبوله إلا قبلت يعني إلا لفظ قبلت، يعني إلا مطاوعة الايجاب إلا الانفعال بالايجاب أو ما يتضمنه يعني أو ما يتضمنه قبلت أحيانا لا يأتي بلفظ قبلت ولكن معنى قبلت يعني المطاوعة موجود مثل في الرهن يقول الموجب رهنت فيقول المرتهن ارتهنت هنا حينما قال ارتهنت لا يريد أن ينشأ الرهن وإنما انفعل بقول الموجب رهنت وإنما طاوع الراهن حينما قال رهنت فهنا قول الموجب ارتهنت هذا ليس فيه إلا المطاوعة ليس فيه انشاء للرهن.

وأما ما لا انشاء في قبوله يعني وأما الانشاء الذي لا انشاء مستقل في قبوله إلا قبلت أو ما يتضمنه يعني ما يتضمنه قبلت يعني يريد أن يقول إلا المطاوعة والانفعال كارتهنت فقد يقال بجواز تقديم القبول فيه يعني فيما لا إنشاء في قبوله إلا قبلت إذ لا التزام في قبوله بشيء يعني لا التزام في قبوله بإنشاء شيء مستقل كما كان في قبول البيع التزام بنقل ماله إلى البائع في البيع حينما يقول بعت قبلت المشتري حينما يقول قبلت يلتزم بنقل المشتري ماله إلى البائع كما كان في قبول البيع التزام بنقل ماله ـ مال المشتري إلى البائع ـ بل لا ينشئ به بلفظ قبلت أو ما يتضمنه كارتهنت لا ينشأ به معنى غير الرضا بفعل الموجب يعني يرضى بفعل الموجب يعني مطاوعة الموجب الانفعال بالموجب وقد تقدم أن الرضا بالايجاب يجوز تعلقه بأمر مترقب يعني بأمر مستقبل كما يجوز تعلقه بأمر محقق يعني بامر واقع فيجوز أن يقول رضيت برهنك هذا عندي فيقول رهنت.

شيخنا الانصاري هل تجيز تقديم لفظ ارتهنت وقبلت يقول لا يجوز لأن قبلت وارتهنت فيه دلالة على الانفعال والمطاوعة والانفعال والمطاوعة لا يتحققان فيما لو تقدم لفظ قبلت وارتهنت على لفظ الايجاب

قال والتحقيق عدم الجواز عدم جواز تقديم القبول على الايجاب في قبلت وارتهنت لأن اعتبار القبول فيه ـ في قبلت وارتهنت ـ من جهة تحقق عنوان المرتهن ولا يخفى أنه ـ أن الشأن ـ لا يصدق الارتهان على قبول الشخص إلا بعد تحقق الرهن يعني أولا يتحقق الفعل الرهن ثم يتحقق الارتهان وهو الانفعال بالرهن لأن الايجاب رهنت انشاء للفعل انشاء للرهن والقبول ارتهنت انشاء للانفعال، إذن في الرهن لا يجوز تقدم القبول على الايجاب

وكذا القول في الهبة والقرض وكذا القرض يعني وكذا لا يجوز تقديم القبول على الايجاب في الهبة والقرض فإنه لا يحصل من انشاء القبول فيهما في الهبة والقرض التزام بشيء الهبة مجانية إذا قال وهبتك قبلت لا يوجد التزام بشيء اقرضتك قبلت لا يوجد التزام بشيء وإنما يحصل به بإنشاء القبول فيهما ـ الهبة والقرض ـ يحصل الرضا بفعل الموجب وبالتالي قد يقال إنه يجوز التقديم لكن نقول لا يجوز التقديم لوجود عنصر الانفعال والمطاوعة ونحوها يعني ونحو الهبة والقرض والرهن هذه الامور الثلاثة الآن قلنا لا يجوز فيها تقديم القبول على الايجاب ونحوها قبول المصالحة المتضمنة للاسقاط مثل صالحتك على سيارتي هذه بشرط أن تسقط من ذمتي الدين الذي عليك لك هذا مصالحة تتضمن اسقاط صالحتك على داري على أن تسقط من ذمة فلان المبلغ الفلاني، أو التمليك قبول المصالحة المتضمنة للتمليك بغير عوض صالحتك على داري من دون مقابل لوجه الله، صالحتك على سيارتي من دون شيء أنا أحبك اصالحك عليها هنا قال قبلت قبلت المصالحة هنا قبول المصالحة من دون عوض ما في انشاء شيء هذا القبول ما فيه انشاء شيء هنا أيضا قد يقال أنه ما دام المهم فقط دلالة الرضا قبلت المصالحة يعني أنا ارضى بما صالحتني والرضا كما يتقدم أيضا يتأخر لكن فيه إن القبول هنا عبارة عن انفعال إما تنفعل بالمصالحة المجانية أو تنفعل بالمصالحة التي فيها ابراء ذمة واسقاط ما في الذمة وهذا الانفعال وهذه المطاوعة لا تحصل إلا إذا تقدم لفظ الصلح على القبول، النتيجة في هذه المصالحة يشترط تقدم الايجاب على القبول.

الآن يأتي إلى المصالحة بعوض السر في افرادها إن قد واحد يتوهم إن الاثنين يقولون صالحتك المصالح هو المصالح يقولون صالحتك ولفظ صالح ليس فيه دلالة على الانفعال والمطاوعة نقول نحن محكومين بأن العقود فيها ايجاب وقبول وبالتالي لا يصح للمصالح أن يقول صالحت بل لابد أن يأتي بلفظ القبول.

قال وأما المصالحة المشتملة على المعاوضة تقول صالحتك على هذا الكتاب بدينار هذا المصالح المصالح يقول صالحتك بهذا الدينار على هذا الكتاب كليهما استخدموا لفظ المصالحة.

قال وأما المصالحة المشتملة على المعاوضة فلما كان ابتداء الالتزام بها جائزا من الطرفين يمكن صاحب الكتاب يبدأ بالمصالحة ويقول صالحتك على هذا الكتاب بدينار ويجوز لصاحب الدينار أن يبدأ يقول صالحتك على هذا الدينار بهذا الكتاب يقول فلما كان ابتداء الالتزام بها جائزا من الطرفين وكان نسبتها يعني المصالحة إليهما إلى المتصالحين على وجه سوى لا يوجد تقديم لأحدهما على الآخر حتى تقول هذا هو الموجب وذاك هو القابل صاحب الكتاب الموجب أو صاحب الدينار هو الموجب كلاهما سواء وليس الالتزام الحاصل من أحدهما الآن يقول في البيع الالتزام مختلف في البيع البائع يلتزم بتقديم المثمن المبيع والمشتري يلتزم بتقديم الثمن لكن في المصالحة ما في ثمن ومثمن الكتاب مصالح عليه والدينار مصالح عليه فهما سواء.

وليس الالتزام الحاصل من أحدهما ـ أحد المتصالحين ـ هذا الالتزام، ليس أمرا مغايرا للالتزام الحاصل من الآخر يعني من المتصالح الآخر، بالتالي الذي يبدأ هو الموجب والذي يتأخر هو القابل صالحتك صالحتك الذي يبدأ هو الموجب، يقول كان البادئ منهما ـ من المتصالحين ـ موجبا لصدق الموجب عليه على البادئ لغة وعرفا وكان المتأخر هو القابل

ثم لما انعقد الآن يقول نحن نصطدم بالاجماع المعاملة لابد فيها من ايجاب وقبول ثم لما انعقد الاجماع على توقف العقد على القبول يعني لا يوجد عقد بدون قبول لزم أن يكون الالتزام الحاصل من الآخر يعني من المتصالح الآخر بلفظ القبول لا بلفظ المصالحة إذ لو قال يعني المتصالح الآخر، لو قال أيضا يعني كما قال المتصالح الأول كما قال المتصالح الموجب، إذ لو قال المتصالح الثاني أيضا كما قال المتصالح الأول قال صالحتك كان ايجابا آخر صار إيجابين الأول ايجاب والثاني ايجاب فيلزم تركيب العقد من إيجابين، تركيب عقد المصالحة من ايجابه هذا مخالف للاجماع وتحقق من جميع ذلك أن تقديم القبول في الصلح أيضا يعني بكل صوره يعني الصلح المتضمن للاسقاط والصلح المتضمن للتمليك بغير عوض والصلح المتضمن للتمليك مع العوض كله ما يجوز فيه تقديم القبول على الايجاب وتحقق من جميع ذلك أن تقديم القبول في الصلح أيضا غير جائز إذ لا قبول فيه ـ في الصلح ـ بغير لفظ قبلت ورضيت وقد عرفت أن لفظ قبلت ورضيت مع التقديم لا يدل على انشاء لنقل العوض في الحال وهذا شرط دلالة على نقل العوض في الحال شرط.

الآن يلخص الشيخ الانصاري يقول ذكرنا لكم اربعة اقسام في القسم الاول والثالث لا يجوز تقديم القبول على الايجاب وفي القسم الثاني والرابع يجوز تقديم القبول على الايجاب، القسم الثاني هو نحن اولا المقام الاول تكلمنا في البيع المقام الثالث تكلمنا في سائر المعاملات في البيع القسم الاول قبلت القسم الثاني اشتريت في لفظ قبلت ما يجوز التقديم في لفظ اشتريت يجوز التقديم ثم انتقلنا إلى سائر المعاوضات، سائر المعاوضات لفظ قبلت ما يجوز التقديم الفاظ أخرى غير قبلت تدل على انشاء امر مستقل مثل ملكت المنفعة تزوجت مثل العارية في هذه الحالة يجوز تقديم القبول على الايجاب.

خلاصة الكلام القبول فيه ثلاثة اشياء اولا الرضا بالايجاب ثانيا انشاء امرا كالنقل أو الايجاد أو الزواج الثالث المطاوعة هذه الفاظ العقود إذا دلت على الثلاثة باجمعها بما فيها الثالث المطاوعة والانفعال لا يجوز التقديم وإن دلت على الأول والثاني فقط يعني الرضا بالايجاب وانشاء الاثر من نقل أو زواج او ايجار من دون اشتراط الثالث وهو المطاوعة والانفعال ففي هذه الحالة يجوز تقديم القبول على الايجاب.

قال فتلخص مما ذكرنا أن القبول في العقود على اقسام ـ أقسام اربعة ـ لأنه القبول في العقود إما أن يكون التزاما بشيء من القابل هذا القسم الاول كنقل مال عنه أو زوجية يعني وإما أن يكون التزاما بشيء من القابل كنقل مال أو كزوجية هذا زوجية عطف على كنقل مال لأنه ـ القبول في العقود ـ إما أن يكون التزاما بشيء من القابل هذا الشيء الذي يلتزم به القابل إما نقل مال عنه كما في البيع المشتري يلتزم بنقل مال عنه أو زوجية مثل القبول في النكاح فإن القابل يلتزم بالزوجية يعني يلتزم بانشاء الزوجية هذا الشيء إما نقل مال عنه أو زوجية هذا الذي يلتزم به إما يلتزم بنقل المال أو يلتزم بالزوجية، هذا الشق الأول، في الشق الاول ما يجوز التقديم وإما أن لا يكون فيه سوى الرضا بالايجاب هذا الرضا بالايجاب يجوز فيه التقديم مثل لفظ اشتريت والاول على قسمين أن يكون التزاما بشيء من القابل لأن الالتزام الحاصل من القابل إما أن يكون نظير الالتزام الحاصل من الموجب كالمصالحة هنا لا يجوز تقديم القبول على الايجاب أو متغايرا كالاشتراء في الاشتراء يجوز التقديم، كيف التغاير؟ قلنا في الاشتراء يوجد تغاير، المشتري ينقل المال إلى البائع والبائع ينقل المبيع إلى المشتري يوجد تغاير لكن في المصالحة لا يوجد تغاير كل منهما يصالح والثاني أيضا على قسمين وإما أن لا يكون فيه سوى الرضا بالايجاب.

يقول فتقديم القبول على الايجاب لا يكون إلا في القسم الثاني من كل من القسمين، ما هو القسم الثاني من الأول؟ قوله أو متغايرا كالاشتراط.

القسم الثاني من الثاني قوله وإما أن لا ثبت فيه اعتبار أزيد من الرضا بالايجاب كالوكالة والعارية وشبههما يعني لا يجوز تقديم القبول على الايجاب في الاول والثالث ويجوز تقديم القبول على الايجاب في الثاني والرابع، قال فتقديم القبول على الايجاب لا يكون إلا في القسم الثاني من كل من القسمين الآن في النهاية يشير إلى شيء، البائع ملتزم والمشتري ملتزم البائع يلتزم بنقل المبيع إلى المشتري والمشتري يلتزم بنقل الثمن إلى البائع فحقيقة الالتزام واحدة في البائع والمشتري في الموجب والقابل فكيف تجعل لنا البائع موجب والمشتري قابل مع أن حقيقة الالتزام واحدة فيهما.

الشيخ الانصاري يقول كلامك دقيق البائع ملتزم والمشتري ملتزم لكن العرف يفرقون العرف يقولون الذي يلتزم بالمبيع ونقل المبيع هذا بائع والذي يلتزم بنقل الثمن هذا مشتري إذن اتحاد البائع والمشتري اتحاد الموجب والقابل في النقل هذا صحيح ولكن التفرقة بينهما بلحاظ النظر العرفي والشارع يخاطب العرف ولا يخاطب الدقة العقلية.

قال ثم إن مغايرة الالتزام في قبول البيع لالتزام إيجابه يعني ايجاب البيع اعتبار عرفي إن مغايرة الالتزام في القبول يعني إن الالتزام في القبول مغاير للالتزام في الايجاب هذه المغايرة بنظر العرف لا بحسب الدقة العقلية.

ثم إن مغايرة الالتزام في قبول البيع يعني قبول البيع فيه التزام هذا الالتزام الموجود في قبول البيع مغاير لالتزام الموجود في ايجاب البيع هذه المغايرة بسبب اعتبار العرف يعني نظر العرف فكل من التزم بنقل ماله على وجه العوضية لمال آخر يسمى مشتريا المال الآخر هو المبيع، وكل من نقل ماله على أن يكون عوضه مالا من آخر يسمى بائعا، عوضه مال الآخر الذي هو الثمن يسمى بائعا يعني يسمى عند العرف بائعا، وبعبارة اخرى كل من ملك ماله غيره بعوض يعني بثمن فهو البائع وكل من ملك مال غيره يعني المبيع بعوض يعني بثمن بعوض ماله يعني بثمن من ماله فهو المشتري وإلا فكل منهما ـ من البائع والمشتري ـ في الحقيقة يملك ماله غيره بإزاء مال غيره كل واحد منهم يملك ماله مقابل مال آخر ويملك مال غيره بإزاء ماله يعني حقيقة النقل والانتقال واحدة فيهما لكن النظر العرفي يقول إن من ماله هو المبيع هذا بائع ومن ماله هو الثمن هذا مشتري هذا تمام الكلام في مسألة اشتراط تقدم الايجاب على القبول وعدم جواز تقدم القبول على الايجاب.

المسألة الجديدة المولاة بين إيجابه وقبوله يأتي عليها الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo