< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يحتسب العبد والدار ونحوها من المؤونة أم لا؟

 

الفرع الثاني إذا كان عنده عبدٌ أو جارية أو دار أو سيارة أو نحو ذلك من المؤون، فهل يجوز له احتساب قيمتها وأخذ مقدارها من المؤونة أو لا؟

توجد لهذا الفرع أقسام ثلاث:

القسم الأول تارة يكون قد اشترى هذه الأشياء من مال آخر لم يكن معداً لصرف كرأس المال الذي أعده للتجارة.

القسم الثاني أن يكون قد اشترى تلك الأشياء من مال معد للصرف كالمال الزائد عنده.

القسم الثالث أن يحصل على هذه الأشياء بغير شراء، كالإرث والهدية والمهر، إذا قلنا بعدم تعلق الخمس بها.

و يختلف الحكم باختلاف هذه الأقسام الثلاثة كما يلي:

حكم القسم الأول

هو عدم وجود إشكال في جواز احتسابها من الربح كما تقدم في الفرع الأول، ولعله المتعارف عند التجار فإنهم يصرفون من المال المخلوط المكون من رأس المال ومن الأرباح إلى آخر السنة ثم ينقصونها من الربح بعد الحساب.

حكم القسم الثاني

حكمه هو حكم الأول فيجوز احتسابها من المؤونة وهو قول كل من قال بجواز الصرف من الربح مع وجود مال آخر له.

حكم القسم الثالث

يظهر من الجواهر[1] والشيخ الأعظم الأنصاري[2] وأكثر المحققين كالسيد الماتن والمعلقين على العروة الوثقى[3] هو عدم جواز احتساب مقابلها من الربح.

وموطن بحثنا في الفرع الثاني والقسم الثالث كما أن موطن بحثنا في الفرع الأول هو أيضاً الصورة الثالثة، فما هي فزلكة البحث في الفرعين؟

ثمرة البحث:

الفرع الأول

تظهر الثمر في الفرع الأول فيما لو ربح ألف دينار، وكان عنده مال آخر مخمس أو لا خمس فيه كالميراث وكان أيضاً بمقدار ألف دينار، فحينئذ هل يجب عليه أن يحتسب المؤونة من خصوص المال الآخر كما ذهب إليه المحقق الأردبيلي والقمي فلو كانت مؤونته خمسمائة دينار فحينئذ سيستثني المؤونة من المال الآخر ولن يستثنيها من ربحه الألف دينار، وبالتالي سيخمس الألف دينار بالكامل.

بخلاف ما لو قلنا بالقول الأول الذي ذهبنا إليه فإنه يستطيع أن يخرج الخمس من ربح الألف دينار أو من المال الذي لا خمس فيه.

وهذا بخلاف القول الثاني الذي يلتزم بالتقصير بحيث نصف الخمسمائة أي مئتين وخمسين دينار يستثنيها من الربح والنصف الآخر يستثنيها من المال الذي له خمس فيه، فتظهر الثمرة في استثناء المؤونة.

فبناءً على رأي المحقق الأردبيلي في مجمع الفائد والبرهان فإنه لابد من تخميس الربح ولا يصح استثناء المؤونة منه هذا الداعي الذي دعا إلى طرح المسألة.

هذا تمام الكلام في فزلكة البحث بالنسبة إلى فرع الأول.

ثمرة البحث في الفرع الثاني

فزلكة الفرع الثاني وهو أنه لو كانت مؤونته ألف دينار فإنه يستثنيها من أرباح مكاسبه لكن تبرع له متبرع بألف دينار أو كان يحتاج إلى جارية أو عبد أو سيارة بمبلغ ألف دينار لكن حصل عليها هبة أو إرثاً فإنه لم يذهب ويشتري هذه الأشياء بألف دينار وإنما حصل عليها من دون شراء كالهدية أو الإرث، ففي هذه الحالة هل يصح له أن يحتسبها من الربح ويستثنيها، فلو ربح ألف وخمسمائة دينار هل يصح له أن يستثني ألف دينار الذي هو قيمة الجارية أو العبد أو السيارة أو لا يصح له ذلك؟

الجواب: لا يصح له ذلك، لأن ظاهر أدلة استثناء المؤونة هو خصوص المؤونة المصروفة فعلاً لا تقديراً فالمراد ما يحتاج إليه ويصرفه فعلاً لا تقديراً.

إذاً يستفاد من الأدلة خصوص المؤونة الفعلية لا المؤونة التقديرية، وبالتالي هو لم يصرف فعلاً مالاً واشترى به جارية أو عبداً أو سيارة كما أنه لم يدفع مبلغاً في المؤونة وإنما أهداه أحدهم مؤونة سنته وصرف من مؤونة السنة المهداة إليه، فحينئذ لا يقول: أنا على تقدير أنه لم تصلني الهدية وعلى فرض أنني لم أرث ولم أعطى الصداق فإنني احتاج إلى ألف دينار أو الف وخمسمئة دينار واقتطعها من الربح هذا غير صحيح إذ المراد بالمؤونة هي المؤونة الفعلية أي المؤونة التي يحتاج إليها ويصرفها فعلاً لا المؤونة التقديرية.

لذلك لو قتر على نفسه وكان يحتاج لمؤونة سنته ألف دينار وكثر على نفسه وعياله وصرف خمسمئة دينار وبقيت خمسمئة دينار فإنه يجب عليه أن يخمس الخمسمائة دينار الباقية فبحسب الفعلية قد صرف فعلاً نصف الألف ولكن لو احتسبنا المؤونة التقديرية فإن تقدير مؤونته ألف.

ولنقرأ ما ذكره المحقق صاحب الجواهر والمحقق الشيخ الأعظم الأنصاري وفحوى كلامهما خصوصاً الشيخ الأعظم الأنصاري هو النظر إلى المؤونة التي تصرف فعلاً لا تقدير، وبناء على ذلك يتعامل مع العبد والدار الجارية معاملة كما لو لم يكن موجوداً، وهذا ما ورد في كلام السيد محمد كاظم اليزدي في العروة قال ـ رحمه الله ـ ما نصّه:

«ولو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك مما لو لم يكن عنده كان من المؤونة لا يجوز احتساب قيمتها من المؤونة وأخذ مقدارها بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها أصلاً»[4] .

قال صاحب الجواهر ما نصّه:

«نعم، قد يقوى عدم احتساب ما عنده من دار وعبد ونحوه مما هو من المؤونة إن لم يكن عنده من الأرباح لظهور المؤونة في الاحتياج وإرادة الإرفاق، فمع فرض استغنائه عن ذلك ولو بسبب انتقال بإرث ونحوه مما لا خمس فيه، وقد بنى على الاكتفاء به، يتجه عدم تقرير احتساب ذلك من المؤونة، بل قد يتجه مثله في ربح مال من قام غيره بمؤونته لوجوب شرعي كالزوجة أو تبرع قد رضي المتبرع له به، كما أن المتجه الاكتفاء بما بقي من مؤونة السنة الماضية مما كان مبنياً على الدوام كدار والعبد ونحوهما بالنسبة إلى السنة الجديدة، فليس له حينئذ احتساب ذلك وأمثاله من الربح الجديد»[5] .

وقال الشيخ مرتضى الأنصاري رحمه الله ما نصّه:

«ولو تبرع متبرعٌ بمؤونته فالظاهر عدم وضع مقدار المؤونة لما سيجي من أن العبرة بما ينفقه فعلاً بل كذلك لو اختار المؤونة كلاً أو بعضاً من المال الآخر غير المخمس فليس له الإنذار من الربح، وما تقدم من اختيار إخراج المؤونة من الربح فمعناه جواز الإخراج من الربح لا استثناء مقابل المؤونة من الربح، وإن أخرجها من غيره أو أسقطها مسقط تبرعاً أو تركها الشخص تقديراً»[6] .

المستند لعدم الإحتساب وجهان

والمستفاد من كلامهما ـ قدس الله سرهما ـ أن المستند لعدم الاحتساب وجهان:

الأول أن الظاهر في الاستثناء هو ما يحتاج إليه فعلاً ومع وجود الأمور المذكورة يكون مستغنياً غير محتاج.

الثاني أن ظاهر دليل الاستثناء استثناء مقدار الربح الراجع للمؤونة هو خصوص ما يصرف ويبذل لتحصيلها لا استثناء مقدارها مطلقاً سواء صرفه فعلاً أو لم يصرفه.

النتيجة والحاصل:

مع وجود هذه الأعيان وتملكها والاستغناء بها لا يبقى موضوع للمؤونة فتكون سالبة بانتفاء فلا مقتضي للإخراج من الربح.

قد يقال: يخرج المقدار والقيمة، فنقول: لا دليل عليه لأن المستفاد من الأدلة استثناء المؤونة الفعلية لا المؤونة التقديرية.

لا أقل من الشك شككنا هل يجوز له أن يحتسب هذه المؤونة مؤونة العبد والجارية والدار من الربح؟ هل يجوز له أن يستثني هذه المؤونة أو لا؟ فما هو تكليفنا عند الشك؟

الجواب:

أولاً نتمسك بالعام الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير.

ثانياً المخصص المنفصل الذي مفاده الخمس بعد المؤونة يدور أمره عند الشك بين الأقل والأكثر، فنقتصر على القدر المتيقن، ما هو القدر المتيقن؟ خصوص المؤونة المصروفة فعلاً دون المؤونة التقديرية.

فيكون مقتضى الصناعة العلمية هو التمسك بالعام بعد دوران الأمر بين الأقل والأكثر في المخصص المنفصل فنقتصر على الأقل.

وما أفاده السيد الماتن السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ هو القول المشهور وهو الأقوى وهو الموافق للاحتياط.

هذا تمام الكلام في المسألة الرابعة والستين المسألة القادمة بعد يكون جوابها تم من خلال المسألة الرابعة والستين.

«المسألة خمسة وستون: المناط في المؤونة ما يصرف فعلاً لا مقدارها، فلو قتر على نفسه لم يحسب له، كما أنه لو تبرع بها متبرعٌ لا يستثنى له مقدارها على الأحوط بل لا يخلو عن قوة».

هذه المسألة تتطرق إلى المؤونة والمناط هو المؤونة الفعلية لا المؤونة التقديرية فالظاهر من أدلة استثناء هو ما يصرفه المكلف على نفسه وعياله فعلاً لا تقديراً، وهذا شأن كل عنوان أخذ في موضوع الحكم، فإن قوله ـ عليه السلام ـ : «الخمس بعد المؤونة»[7] أو «بعد مؤونة نفسه وعياله»[8] فلفظ المؤونة ظاهرٌ فيما يصرفه المكلف على نفسه وعياله فعلاً، ويتفرع على ذلك ثلاثة فروع:

الفروع الثلاثة في المسألة

الفرع الأول ما تقدم من أنه إذا كان عنده أشياء لا يحتاج إليها، وكان بحيث لو لم تكن عنده لصرف ما عنده فيها، كما لو كان عنده سيارة أو بيت أو جارية أو عبد من إرث أو هدية بحيث لو لم يرث ولم يهدى إليه هذه الأمور لاشتراها نظراً لحاجته إليها لكنه الآن لا يحتاج أن يشتريها ويدفع الثمن لأنه قد حصل عليها بالإرث أو الهدية.

ومن الواضح أن قيمتها لا تستثنى من الربح ولا تعد من المؤونة المستثناة لأن ظاهر المؤونة المستثناة هي خصوص المؤونة التي تصرف فعلاً ويبذل فيها المال فعلاً لا المؤونة التقديرية والفرضية.

الفرع الثاني إذا قتر على نفسه ولم يصرف مقدار مؤونته المقدرة على نفسه بحيث لو لم يقتر على نفسه وصرف المبلغ لكان من المؤونة فالمقدار الزائد من المؤونة الذي فضل بسبب التقتير على نفسه لا ينقص من الربح لأن الظاهر من المؤونة المستثناة هي المؤونة المصروفة فعلاً لا المؤونة التي لم تصرف وإن كانت قد قدرت ضمن المؤونة.

الفرع الثالث إذا تبرع له متبرع بالمؤونة ورضي بذلك، كم تصرف في السنة قال: ألفين دينار، قال: تفضل هذه ألفين دينار ولم يصرف الألفين من ماله وربحه بل صرف من المؤونة مهداة له بحيث لو لم يكن متبرع قد تبرع له لصرف الألفين دينار من ربحه.

سؤال: فهل يجوز له أن يستثني ألفين دينار من أرباح مكاسبه عند التخميس أو لا؟

الجواب: لا ينقص من الربح لأنه لم يصرف فعلاً مؤونته من الربح وإنما صرفها من المال الذي قد أهدي له، فالميزان هو فعلية الصرف المتحقق خارجاً من المكلف.

وبالتالي لا فرق في التقدير وعدم الفعلية بين الفروع الثلاثة فلا يخرج معادل هذه الأمور والموارد من الربح وإن نسب الخلاف في الفرع الثاني وهو التقدير إلى العلامة الحلي والشهيدين والمحقق الثاني بل استظهر السيد المجاهد في المناهل عدم الخلاف في أنه لو قدر على نفسه حسب له[9] .

وإن كان المشهور بين المتأخرين خصوصاً السيد محمد كاظم في العروة وأكثر المحشين على متن العروة الوثقى هو عدم احتساب ذلك من الربح لأن المدار على المؤونة المصروفة فعلاً لا تقديراً[10] .

هذا تمام الكلام في المسألة خمسة وستين.

المسألة السادسة والستون يأتي عليها الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo