< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة الالتزام بسنة خمسية مستقلة لكل ربح

 

محل البحث: تم الكلام في جعل السنة الخمسية للربح من أنواع متعددة وفي أزمنة متفاوتة وفيه قولان- ايضا تم الكلام في الثمرة بين القولين وأدلة القول الأول- اليوم نتكلم في أدلة القول الثاني(السنة الخمسية لكل ربح مستقلا)

ويمكن أن يستدل على هذا القول الثاني بوجوه:

الوجه الأول التمسك بظاهر الآية الكريمة ﴿واعلموا إنما غنمت من شيء﴾[1] وكذلك الروايات الدالة على أن الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير.

والظاهر أن الحكم انحلالي فكل فرد من أفراد الربح والفائدة موضوع مستقلٌ لوجوب الخمس فكل فرد من أفراد الغنيمة يصدق عليه أنه غنيمة كما هو الشأن في الكنوز والمعادن فكل فرد منها يصدق عليه أنه كنز ومعدن، فلو كنا نحن وهذه الأدلة ولم يقم دليل على استثناء المؤونة لا التزمنا بوجوب الخمس فوراً في كل فرد فرد من أفراد الغنيمة والفائدة فبمجرد ظهور الربح يجب الخمس ولكن دليل استثناء المؤونة أوجب ارتكاب التقييد في الوجوب التكليفي إرفاقا بالمكلف، فالحق وهو الأثر الوضعي ثابت من الأول، فمن أول ظهور الربح يثبت الخمس في أي فرد من أفراد الفائدة.

ويجب عليه المبادرة إلى إخراج الخمس لكن دليل استثناء المؤونة رفقاً بالمكلفين أجاز له التأخير في إخراج الخمس وأجاز له أن يصرف الفائدة أو الربح في مؤونة نفسه وعياله لسنةٍ فيتقيد وجوب الخمس بعدم الصرف في مؤونة السنة.

إلى هنا اتضح أن أدلة وجوب الخمس كالآية الكريمة أو الروايات قد قيدت بمقيد واحد وهو جواز المؤونة وجواز تأخير الخمس إلى سنة، وأما التقييد بمقيد آخر ولزوم ضم بعض الأرباح إلى البعض الآخر بحيث يستثنى حتى المؤون الحاصلة قبل الربح المتجدد يعني المؤون التي تتخلل بين الربحين أو الثلاثة أو مجموعة الأرباح بحيث إن المؤونة التي تصرف بعد الربح الأول وقبل الربح الثاني أو الثالث أو العاشر تستثنى أيضاً من الأرباح اللاحقة لأنها ضمن مجموع السنة فهذا لا دليل عليه، فضم الأرباح بعضها إلى يحتاج إلى دليل ولا دليل في البين.

هذا تمام الكلام في الوجه الأول.

الإشكال على وجه الأول

وفيه إن هذا الكلام يبتني على أن يكون متعلق الكل هو على الفائدة نحو العموم الاستغراقي فإن متعلق التكليف يكون على أنحاء:

متعلق التكليف على أنحاء

النحو الأول العموم الاستغراقي، فيجب الخمس في كل فائدة أو ربح.

النحو الثاني العموم المجموعي، أي يجب الخمس في مجموع الفوائد الحاصلة في سنة واحدة.

النحو الثالث العموم السريان، فيجب الخمس المتعلق بالطبيعة وهي مطلق الربح والفائدة، وما ذكر من الانحلال وجع الكل فائدة موضوعاً مستقلاً إنما يتم إذا كان المتعلق على النحو الأول أي العموم الاستغراقي، فلو التزمنا أن الخمس قد تعلق بكل فائدة أو ربح على نحو العموم الاستغراق فحينئذ ينحل الحكم إلى عدة وجوبات للخمس بعدد أفراد الفائدة والربح المتحقق.

وأما إذا كان المتعلق على النحو الثاني أي العموم المجموعي فلا بد من ملاحظة مجموع الفوائد والأرباح كفائدة واحدة أو ربح واحد واستثناء المؤونة منها ثم إخراج الخمس بعد ذلك.

ولا يظهر من الأدلة أنها بنحو العموم الاستغراقي كما عليه الأول أو بنحو العموم المجموعي كما عليه الثاني بل قد يظهر من الأدلة أنها على النحو الثالث أي العموم السرياني المتعلق بطبيعة الربح والفائدة فيجب إخراج الخمس من طبيعة الفائدة بعد استثناء المؤونة فكل ما عليه عنوان الفائدة يجب فيه الخمس بعد استثناء المؤونة بلا فرق بين الفائدة الحاصلة في أول السنة أو أثناء السنة أو آخر السنة فلا يتوقف على ضم بعض الأرباح والفوائد إلى بعض ولحاظ المجموع حتى يلزم تقييد آخر هذا هو مقتضى كون المتعلق هو الطبيعة.

إذا هذا الجواب يتم بناءً على استظهار أن المتعلق هو الطبيعة أي العموم السرياني لا العموم الاستغراقي الظاهر في الانحلال كما عليه النحو الأول ولا العموم المجموعي الموافق لقول المشهور كما عليه القول الثاني.

لكن هذا الاستظهار قد يصطدم بما ورد في بعض الروايات من عنوان كل ما أفاد الناس، فلفظ كل قد يظهر منه الانحلال بلحاظ كل فرد فرد، وسيأتي إن شاء الله تعالى أن بعض الروايات ظاهرة في العموم المجموع وبعض الروايات ظاهرة في الانحلال، ولا معين لأحدهما، فيكفي ويجزئ العمل بكلتا الكيفيتين، والله العالم.

النحو الثالث ينسجم الأول والثاني لأن الخمسة قد تعلق بطبيعة الربح وطبيعة الربح كما تصدق على كل ربح ربح في الانحلال تصدق أيضاً على مجموع الأرباح فإذا استظهرنا النحو الثالث وهو العموم السرياني لا السيبراني فحينئذٍ يمكن العمل بكلتا الطريقتين وهو ما نستظهره فيما يأتي، والله العالم.

هذا تمام الكلام في مناقشة الوجه الأول.

ويمكن أن يستدل على هذا القول الثاني بوجوه:

الوجه الثاني

إن ظاهر أدلة استثناء المؤونة من الربح هو فعلية الاستثناء والترتب على الربح فلا بد من فعلية الربح أولاً ثم استثناء المؤونة ثانياً، فاستثناء المؤونة لا يكون فعلياً إلا إذا تقدم عليه الربح أو الفائدة أولاً، ففعلية الاستثناء لا تشمل المؤونة الواقعة قبل حصول الربح أو الفائدة، وحينئذ لا يكون الاستثناء فعلياً وإنما هو جبران وتعويض لما صرف في المؤونة من الربح الحاصل فيما بعد لا استثناء المؤونة من الربح فعلاً لأن الربح لم يتحقق فعلاً وإنما سيتحقق بعد المؤونة فلا تكون مشمولة لأدلة الاستثناء.

هكذا أفاد وأجاد سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ في المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة مئتين وثلاثة وأربعين[2] ، وشيخنا الأستاذ الداوري نقل نصّ كلامه من دون أن يشير إلى المصدر كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الثاني صفحة مئة وثمانية وأربعين.

الإشكال على الوجه الثاني

سنجيب على الثاني والثالث معاً.

ويمكن أن يستدل على هذا القول الثاني بوجوه:

الوجه الثالث

التمسك بصحيحة ابن أبي ناصر البزنطي قال: «كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب بعد المؤونة»[3] .

فهذه الرواية ظاهرة في لزوم تحقق الربح أولاً الذي تعلق به الخمس ثم استثناء المؤونة منه لاحقاً وإخراج خمس الباقي، وقد يجاب عن الوجه الثاني والثالث بأن ظهور فعلية الاستثناء مما لا ينكر كما أن ظهور صحيحة ابن أبي نصر في الفعلية مما لا ينكر أيضاً.

ولكن هذا يتم إذا لم نقل بظهور بعض الروايات الأخرى الدالة على استثناء مطلق المؤونة سواء كانت هذه المؤونة سابقة على الربح أو لاحقة للربح، فإذا قلنا بتلك الروايات التي دلت على استثناء المؤونة مطلقاً سواء كانت سابقة أو لاحقة للربح فإنها ستكون حاكمة على روايات الروايات الظاهرة في الفعلية، إذ أن مفادها هو أن المؤون السابقة كالمؤون اللاحقة وحكمهما واحد فيستثنيان معاً بلا فرق، وهذا معنى كونها حاكمة ومقدمة على الروايات الظاهرة في فعلية الاستثناء.

وقد استظهر شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ أن هذه الدعوة تامة قال حفظه الله في كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الثاني صفحة مئة وتسعة وأربعين ما نصّه: «والظاهر هو تمامية هذه الدعوة لظهور بعض الروايات في ذلك» وذكر ثلاث روايات منها صحيحة الريان بن السلط، قال: «كتبت إلى أبي محمد ـ عليه السلام ـ ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلة رحى أرض في قطيعة لي، وفي ثمن سمك وبردي وقصب ابيعه من أجمت هذه القطيعة؟ فكتب عليه السلام يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى»[4] [5] .

تقريب الاستدلال: إن اجتماع هذه الأمور الغلة والسمك والبردي والقصب واستثناء المؤونة منها مع أن بدو الربح في كل منها يختلف عن الآخر، وإخراج الخمس من الزائد ظاهر في مؤونة السنة الجارية، هكذا استظهر شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ .

الأشكال على الإستدلال بالرواية

وفيه: إن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان أصل ثبوت وجوب الخمس فيها وليس في مقام بيان كيفية إخراج الخمس إذا لم يذكر السنة الجارية ولم يذكر استثناء المؤونة وإنما اقتصر على قوله ـ عليه السلام ـ يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى، وأما كيفية إخراج الخمس فإنه ينسجم مع كلتا الكيفيتين: يمكن أن يخرجه بنحو المجموع بجعل سنة واحدة لجميع هذه الأرباح ويمكن أن يخرجه بنحو الانحلال بجعل سنة مستقلة لكل ربح منها والرواية لم تتطرق لا إلى الكيفية الأولى ولا إلى الكيفية الثانية.

الرواية الثانية صحيحة علي بن مهزيار قال: «كتبت إليه إبراهيم بن محمد الهمداني اقرأني علي كتاب أبيك في ما أوجبه» الذي هو كتاب الإمام الجواد أي الرواية عن الإمام الهادي «فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة وأنه ليس على لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله، فكتب وقرأه علي بن مهزيار: عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطة»[6] [7] [8] .

تقريب الاستدلال: إن مؤونة الضيعة تكون متقدمة لا محالة وخراج السلطان قد يكون متقدماً وقد يكون متأخراً، وكذا مؤونة الرجل قد تتقدم وقد تتأخر إلا أن الإمام ـ عليه السلام ـ قد جمع هذه الأمور في الحكم بشمول المؤونة لمؤونة الرجل ومؤنة عياله وخراج السلطان بعد ذهاب الأصحاب إلى عدم شمولها لمؤونة الرجل وعياله، فيعلم من ذلك أن المؤونة المستثناة هي الأعم من السابقة واللاحقة.

الإشكال على الإستدلال بالرواية

وفيه إن الإمام عليه السلام استثنى مؤونة الضيعة ومؤونة العيال وخراج السلطان لكن لم يذكر في الرواية كيفية الحساب وأن هذا الاستثناء هل يستثنى لكل شيء بمفرده أو يتم الاستثناء بعد جعل سنة خمسية واحدة لمجموعها، الرواية غير ظاهرة في هذا وإن كان قد يستشرف منها المجموع لكنها ليست صريحة في المجموع.

الرواية الثالثة ما رواه أبو علي ابن راشد[9] ، وقد جاء فيها قوله عليه السلام: «في أمتعتهم وضياعهم وأن الخمس يجب بعد مؤونتهم» وهذا حكم واحد انصب على الأمتعة والضياع بعد استثناء المؤونة مع أن الأمتعة مختلفة عادة وبعضها يكون متأخراً وبعضها متقدماً وكذا الحال في الصنائع فيستفاد من ذلك أن المؤونة واحدة بالنسبة للجميع لا أنها مؤون متعددة.

الإشكال على الإستدلال بالرواية الثالثة

وفيه نفس مناقشة شيخنا الأستاذ الداوري فهنا صفحة مئة وواحد وخمسين قوى الظهور في المجموع وفي وحينما تطرق إلى هذه الرواية صفحة مئة وأربعة وأربعين ناقش في هذا الظهور تحت عنوان الرابع ما ورد في صحيحة ابن راشد حيث ذكر أن الخمس واجب على الصانع والتاجر في الأمتعة والصنائع إذا أمكنهم بعد مؤونتهم الظاهرة في مؤونة السنة لا مؤونة كل يوم يوم.

مناقشة الشيخ الداوري على هذا الوجه

ناقش هذا الوجه الرابع صفحة مئة وسبعة وأربعين، وقال: فقد يقال بعدم ظهور الرواية فيما ذكر فإن المذكور فيها هو استثناء المؤونة من الأمتعة والصنائع فكما يمكن أن يكون على نحو المجموع يمكن أن يكون على نحو التعدد كما هو مقتضى الطريق الثاني فلا ظهور للجملة في الطريق الأول بل كلا الاحتمالين واردان.

هذا كلامه المتقدم صفحة مئة وسبعة وأربعين لكن في كلامه المتأخر صفحة مئة وواحد وخمسين قال فالظاهر أن الأقوى هو قول المشهور وإن كان الاحتياط في الأخذ بالقدر المتيقن من الاستثناء.

أقول الصحيح ومقتضى التحقيق هو جواز العمل بكلتا الطريقتين بشرط التلفيق عدم بينهما لأن المستند في تعيين الطريقة إما هو سيرة المتشرعة فنقتصر على القدر المتيقن إذ أن سيرة المتشرعة طريق لبي فنقتصر على القدر المتيقن، والقدر المتيقن هو حساب لا الانحلال، لكننا لا نلتزم بحجية سيرة المتشرعة هنا إذ أنها سيرة متأخرة وهذه المسألة انتشرت بين المعاصرين ولا عين لها ولا أثر عند المتقدمين فإذا ليس المدرك هو سيرة المتشرعة.

وإن كان هو الأدلة اللفظية فظاهر بعض الأدلة اللفظية في المجموع وظاهر البعض الآخر من الأدلة اللفظية في الانحلال.

وهناك قدر متيقن فيهما وهو عدم جواز التلفيق فالروايات الظاهرة في حساب المجموع لا تشمل التلفيق بين المجموع وبين الانحلال، والروايات الظاهرة في الانحلال لا تشمل التلفيق بين الانحلال وبين المجموع، وكيفية التلفيق أنه لو حصل على ربح مثلاً حصل على جائزة مليون دينار يقول نص مليون دينار أخمسه عند حلول سنتي الخمسية الجارية والنص المليون الآخر اجعل له سنة مستقلة بهذه الكيفية لا تشمله الطائفتان من الروايات.

ولكن له أن يجعل لهذا المليون سنة ربحية مستقلة وله أن يخمسه ضمن سنته الجارية، فالصحيح ما ذهب سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي رحمه الله يراجع كتاب الخمس الجزء الثاني صفحة مئتين وإحدى عشر وما بعدها، وقد أجاد وأفاد وصال وجال من صفى مئتين وثلاثة إلى صفحة مئتين وستة عشر.

وهذا الكلام أيضاً موافق للكلام سيد أساتذتنا السيد الخوئي يراجع المستند في الشرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة مئتين وثلاثة وأربعين ومئتين وأربعة وأربعين.

كلمات الأستاذ الهاشمي الشاهرودي

ولنقرأ لكم بعض المقاطع من كلمات سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي بيان المطلب لدقتها وعمقها قال ـ رحمه الله ـ صفحة مئتين وإحدى عشر[10] :

«والتحقيق هو الحكم بصحة بكلاتا الطريقتين ولكن شريطة أن لا يلفق المكلف بينهما بل يختار إحداهما في مقام العمل بمعنى أن لا يستفيد من كلا التخفيفين في الطريقتين معاً بل من أحدهما.

والوجه في ذلك أما إذا كان المدرك على صحة الطريقة المجموعية هو السيرة العملية المتشرعية فلوضوح أنها دليل لبي لا بد من الاقتصار فيه على القدر المتيقن وهو اختيار الطريقة المجموعية بلحاظ تمام الأرباح الواقعة في تلك السنة المجموعية حتى الأرباح المتأخرة ولا سيرة عمله على صحة التلفيق بين الطريقين واحتساب سنة واقعية للأرباح المتأخر كما هو واضح.

وأما إذا كان النظر إلى الأدلة اللفظية فالظاهر أن روايات استثناء المؤونة بعضها ظاهر في صحة الطريقة الأولى وبعضها ظاهر في صحة الطريق الثانية، ولا محذور في ثبوت كلتا الطريقتين وصحتهما معاً إذ لا تنافي بينهما ذاتاً ولا محذور في ثبوتهما معاً واقعاً بأن يكون اللازم هو الجامع بينهما.

أما ما يكون ظاهراً في صحة الطريق الأولى أي المجموعية فهي الروايات الواردة في استثناء المؤونتين مع مؤونة الضيعة ومؤونة الرجل وعياله كما في مكاتبة الهمداني التي ينقلها ابن مهزيار بطريق معتبر فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله، فكتب وقرأه علي بن مهزياز: عليه الخمس بعد مؤنته ومؤونة عياله وبعد خراج السلطة.

فإن عطف مؤونة الرجل وعياله على مؤونة الضيعة وخراج السلطان بنفسه ظاهر في ملاحظة مجموع المؤونتين معاً وبلحاظ سنة واحدة».

إلى أن يقول صفحة مئتين وأربعة عشر:

«وأما ما يكون ظاهراً في صحة الطريقة الثانية من روايات الاستثناء فمثل صحيحة البزنطي الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة فكتب بعد المؤونة، ومثلها التوقيع المروي عن الرضا ـ عليه السلام ـ إن الخمس بعد المؤونة.

فإن مثل هذه الروايات المطلقة حيث لم ترد في خصوص التجارات والمكاسب ونحوها يمكن دعوى ظهورها باستثناء خصوص المؤونة المعاصرة من الربح لكي يكون استثناؤها منه فعلياً لأن ظاهرها فرض الربح ثم استثناء المؤونة منه، وهكذا ثبت صحة كلتا الطريقتين، ولكن لا يجوز التلفيق بينهما بأن يلحظ المكلف قسماً من الأرباح مجموعياً فيستثني منها جميع المؤون في تلك السنة حتى الواقعة بين الربحين ويلحظ لخصوص الربح الأخير سنة مستقلة فيستثني منه حتى المؤون الواقعة بعد السنة المجموعية فإن مثل هذه الحالة لا تكون مشمولة لكلا صنفي أدلة الاستثناء».

أقول إن تم الاستظهار في كلتا الطائفتين فهو، وإن لم يتم الاستظهار كما ذكرنا من أنها كما تشمل كلتا الطائفتين كما تشمل العموم المجموعي تشمل أيضاً العموم الاستغراقي والانحلال فإن المدار كل المدار على الاستظهار في ظهور المتعلق والمتعلق ظاهر في العموم السرياني أي طبيعة الربح، وطبيعة الربح كما تصدق على العموم المجموع ومجموع الربح تصدق أيضاً على الانحلال وعلى كل فرد.

وبناءً على ذلك يجوز للمكلف اختيار أي طريقة يعني يمكن أن يجعل له سنة خمسية واحدة لجميع أرباح مكاسبه وفوائده، كما يمكنه أن يجعل لكل ربح ولكل فائدة سنة مستقلة، والله العالم.

ولكن بلحظ فتاوى الأعلام وأكثر المحشين على العروة هؤلاء أكثرهم وافقوا صاحب العروة وذهبوا إلى القول الأول سنة جعلية واحدة عموم مجموعي، كما أن هذا القول هو موافقٌ للاحتياط، وأما القول الثاني أنه لكل سنة ربح أكثر الناس ما راح تخمس لأنه كل فائدة فائدة حتى سنة ما يستخدمها وما يستعملها، وبالتالي بحسب ما ظهر لنا من الدليل يجوز العمل بكلتا الطريقتين، وإن كان العمل بالطريقة الأولى وهو اخذ سنة واحدة لجميع الفوائد والأرباح أحوط، والله العالم.

هذا تمام الكلام في الجهة الأولى الجهة الثانية والثالثة والرابعة ستأتي في المسائل التالية.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo