< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لو علم المشتري أن البائع لم يؤدي خمس المبيع

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي رحمه الله في العروة الوثقى المسألة الثانية والخمسون:

«إذا اشترى شيئاً ثم علم أن البائع لم يؤدي خمسة كان البيع بالنسبة إلى مقدار الخمس فضولياً فإن أمضاه الحاكم يرجع عليه بالثمن، ويرجع هو على البائع إذا أداه، وإن لم يمضي فله أن يأخذ مقدار الخمس من المبيع.

وكذا إذا انتقل إليه بغير البيع من المعاوضة، وإن انتقل إليه بلا عوضٍ يبقى مقدار خمسه على ملك أهله».

ثلاثة صور في المسألة الثانية والخمسين

تطرق السيد اليزدي رحمه الله في المسألة الثانية والخمسين إلى ثلاث صور وحكمها واحدٌ عنده:

الصورة الأولى إذا اشترى شيءً ثم علم أن البائع لم يؤد خمسه الصورة.

الصورة الثانية إذا انتقل إليه المبيع بغير البيع من المعاوضات يعني إذا انتقل إليه الشيء بغير البيع من المعاوضات فحكمها حكم البيع.

الصورة الثالثة إذا انتقل إليه الشيء بلا عوضٍ كأن يكون إرثاً مثلاً.

أما الكلام في الصورة الأولى

والكلام فعلاً في الصورة الأولى وهي إذا اشترى شيء ثم علم أن البائع لم يؤدي خمسه، وهنا سنذكر عدة فروع وشقوق، ولكن حكمها معلوم إن شاء الله،

شقوق صورة الأولي

الشق الأول فتارة يكون متعلق الخمس هو الثمن

الشق الثاني وأخرى يكون المثمن،

وعلى كلا التقديرين:

الشق الثالث تارةً يكون البيع شخصياً

الشق الرابع وتارةً يكون البيع كلياً،

وعلى جميع التقادير:

الشق الخامس تارةً يعلم المنتقل إليه أن الناقل لم يؤدي الخمس،

الشق السادس وتارةً لا يعلم بأن شكّ أن الناقل لم يؤدي خمسه.

الكلام في الشق الخامس

والكلام فعلاً في صورة العلم فإذا علم المنتقل إليه بأن البائع لم يؤدي الخمس وكان البيع شخصياً أو كلياً فهنا توجد صور:

الصورة الأولى أن يكون الناقل منكراً للخمس كما لو كافراً أو مخالفاً لا يعتقد بوجوب الخمس، ففي هذه الحالة لا يجب على المنتقل إليه إخراج الخمس من البيع فهذا هو القدر المتيقن من أخبار التحليل الأئمة ـ عليهم السلام ـ حللوا هذا الخمس الذي انتقل من المنكر له إلى الشيعي الإمامي.

الصورة الثانية إذا كان الناقل عاصياً كأن يكون شيعياً معتقداً بوجوب الخمس لكنه فاسق يتساهل في أداء الخمس ففي هذه الحالة يقع الخمس على ذمة المنتقل إليه، ويجب عليه أداء الخمس من نفس المال وليس له حقّ الرجوع على الناقل إذا علم أن الناقل فاسقٌ لا يؤدي الخمس عمداً لعلمه بأن الناقل لا يخرج الخمس وحينما أقدم على هذه المعاملة كان راضياً بذلك.

لكن هذا الكلام يتم بناء على عدم شمول أخبار التحليل للعاصي كما عليه المشهور، وأما إذا التزمنا بأن أخبار التحليل مطلقة وتشمل العاصي كما تشمل المنكر كما هو رأي سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي[1] ـ رحمه الله ـ .

فبناءً على العموم والشمول في أخبار التحليل لا يجب شيءٌ على المنتقل إليه فيصير حكم الصورة الثانية كحكم الصورة الأولى إذ أن أخبار التحليل تشملهما.

هذا تمام الكلام فيما إذا علم الناقل بأن.. إذا علم المنتقل إليه بأن الناقل لم يؤدي الخمس.

الكلام في الشق السادس

وأما إذا لم يعلم بل شكّ في أن الناقل أدى الخمس أو لا؟ فإن كان الناقل منكراً أو عاصياً، وقلنا بأن العاصي كالمنكر في شمول أخبار التحليل له، ففي هذه الحالة ليس على المنتقل إليه شيءٌ يعني لا يجب عليه إخراج الخمس فحاله حال صورة ماذا؟ صورة ما علم من دون فرق بين كون البيع شخصياً أو كلياً.

وأما إذا قلنا بمقالة المشهور وأن أخبار التحليل لا تشمل العاصي فهنا إن كان البيع شخصياً فالبيع فضولي بالنسبة إلى مقدار الخمس لأن البائع قد باع ما لا يملك فللحاكم الشرعي الإمضاء إن رأى فيه مصلحة، وإن لم يجد مصلحة فله أن لا يمضي فتبطل المعاملة.

إذاً توجد صورتان:

صورة الإجازة من الحاكم وصورة عدم الإجازة.

الشق السادس-الصورة الأولى إذا أجاز الحاكم الشرعي وهو الفقيه الجامع للشرائط هذه المعاملة فالمعاملة صحيحة، ويجب الخمس في العوض، وللحاكم حينئذ أن يرجع إلى البائع فيأخذ خمس الثمن، وللحاكم أيضاً أن يرجع إلى المشتري فيأخذ الخمس منه بمقتضى تعاقب الأيدي على الخمس كما في سائر المعاملات الفضولية، وإذا رجع الحاكم الشرعي إلى المشتري وأخذ منه الخمس جاز للمشتري أن يرجع على البائع لكي يأخذ منه الخمس الذي مقدار الخمس الذي أخذه الحاكم الشرعي.

هذا تمام الكلام في صورة إمضاء الحاكم الشرعي للمعاملة.

الشق السادس-الصورة الثانية إذا لم يمضي الحاكم الشرعي المعاملة فهنا قد يكون المبيع باقياً وقد يكون تالفاً،

الشق الأول في الصورة الثانية: إذا كان المبيع باقياً أخذ الحاكم الشرعي الخمس منه وللمشتري الخيار في أخذ مقابل الخمس من الثمن من المال، ويكون له أيضاً خيار تبعض الصفقة أو الفسخ.

الشق الثاني في الصورة الثانية: إذا كان المبيع تالفاً فحينئذ يرجع الحاكم الشرعي إلى المشتري، هذا في حالة وصورة ما إذا كان المبيع شخصياً، وأما إذا كان المبيع كلياً ودفع إلى المشتري مما فيه الخمس فالمعاملة صحيحة لأنها وقعت على الثمن والمثمن الكلي، غاية ما في الأمر أن مصداق الثمن أو المثمن وقع فيه ماذا؟ الخمس.

في هذه الحالة إذا أجاز الحاكم الشرعي الدفع وهو المبيع في مثالنا فله أن يرجع في خمس الثمن إلى البائع أو إلى المشتري ويرجع المشتري على البائع كما تقدم هذا إذا أجاز الحاكم الشرعي، وإذا لم يجز الحاكم الشرعي رجع إلى نفس المبيع إن كان باقياً ويرجع المشتري إلى البائع.

وإذا لم يكن المبيع باقياً كأن تلف ففي هذه الحالة كان الضمان على البائع فيرجع الحاكم الشرعي إلى البائع ولا شيء على المنقول إليه.

هذا تمام الكلام فيما إذا حصل النقل بخصوص معاوضة.. والكلام هو الكلام في مختلف المعاوضات كالصلح وغيره فإذا انتقل الشيء إلى المنتقل إليه بغير البيع من العقود في هذه الحالة ينتقل الخمس إلى البدل إن كان لذلك العقد بدلٌ، وإن لم يكن له بدلٌ انتقل إلى الذمة.

وهكذا الكلام بالنسبة إلى المورد الثالث إذا انتقل إليه بلا عوض كالإرث وغيره.

هذا تمام الكلام في المسألة اثنين وخمسين.

 

المسألة ثلاثة وخمسون

هذه المسألة تتكلم عن أحكام النماء والزيادة، والزيادة إما عينية وإما حكمية، والزيادة العينية إما متصلة وإما منفصلة.

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في المسألة ثلاثة وخمسين:

«إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها لكنه أداه فنمت وزادت زيادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس في ذلك النماء، وأما لو ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينية لم يجب خمس تلك الزيادة لعدم صدق التكسب ولا صدق حصول الفائدة.

نعم، لو باعها لم يبعد ووجوب خمس تلك الزيادة من الثمن، هذا إذا لم تكن تلك العين من مال التجارة ورأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها أو إبقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو أجرتها أو نحو ذلك من منافعها.

وأما إذا كان المقصود الإتجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها وأخذ قيمتها» انتهى كلامه زيده في علوه مقامه.

النماء الحقيقي المتصل والمنفصل

هذه المسألة مهمة وعملية وفيها عدة شقوق مهمة فالنماء إما حقيقي أو حكمي والنماء الحقيقي إما متصل كسم الشاة والناقة، والمراد بالنماء المتصل أن يكون الزائد والمزيد عليه موجوداً واحداً في الخارج لا تعدد فيه، كفروي الحيوان أو وبر الجمل أو صوف الغنم أو ثمار الشجر، نمو الشجر، وليس الثمار، الثمار نماء منفصل، نمو الشجر، كما لو كانت فسيلاً ثم أصبحت نخلة فهذا يعد شيء واحد عرفاً لا شيئين فهذا نماء متصل.

وأما النماء المنفصل كما لو ولدت الغنمة أو سقطت ثمار الشجرة والضابط في النماء المنفصل كون الزائد معدوداً موجوداً آخر غير المزيد عليه كنتاج الحيوان من الأولاد والثمار والأشجار.

هذا تمام الكلام في بيان النماء الحقيقي من متصل أو منفصل.

النماء الحكمي

وأما النماء الحكمي وهو زيادة القيمة السوقية، فتارة تفرض في ملك العين بغير معاوضة كما لو ملك العين بالحيازة أو الإرث أو الهبة وأمثال ذلك فإنه قد ملك العين وزادت قيمتها السوقية من دون أن يدفع في مقابلها عوضاً..

وتارة أخرى يملك العين بالمعاوضة كالشراء أو الصلح أو الهبة المعوضة وغير ذلك، والمقصود منه تارةً التحفظ عليه والانتفاع بنماءه كالبستان والأغنام فيأخذ البستان لكي ينتفع بنماءه وثماره كالفواكه أو يأخذ الأغنام لكي ينتفع بنتاجها إذ أن الغنم يحمل في السنة مرتين وفيه خير كثير فلوس فيه.

الآن في الإعلام يوجد مصطلح يقال له بالفارسية توليد گوسفندى يعني إنتاج الغنم، فالغنمة إذا ذبحت الكل يستفيد منها، صاحب الباتشا يأخذ الرأس والأرجل يعمل قراعي، وصاحب الملابس يأخذ الصوف، وصاحب الكباب والطباخ يأخذ اللحم، وصاحب الدهن يأخذ الشحم، و صاحب التكة يأخذ القلب والكبدة.

لذلك يقولون في الإعلام هذه جملة معترضة، هذه فائدة إعلامية إذا أردت أن تنتج إنتاجاً إعلامياً كمسلسل أو كليب فإنه اعمل إنتاجاً الكل يستفيد منه الطفل يستفيد والشيخ الكبير يستفيد منه والنساء يستفيدون منه وربات البيوت يستفيدون منه يصير إنتاجك كإنتاج الغنم.

وهكذا قيل في بعض أفكار الحركات الإسلامية كونوا كالنخلة كل ما فيها ينفع، فإن النخلة كل ما فيها ينفع فتأكل الرطب ومن الخوص والسعف يستفاد منه في صناعة السفرة والصناعات اليدوية بل حتى إذا قطعت النخلة تأكل من جذبها وتستفيد من ليفها وكرمها، هكذا أيضاً المؤمن قال تعالى على لسان عيسى بن مريم وعلى لسان مريم ـ عليها السلام ـ «فأشارت إليه، قالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبياً» ثم انطق الله عيسى المسيح، إذ قال: «إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً» إلى يقول: «وجعلني مباركاً أينما كنت» هكذا المؤمن يكون مباركاً أينما كان وأينما حل وارتحل كما أن النخلة مباركة وأيضاً الشاة مباركة وهي مخلوقات ليس لها عقل، فكذلك الإنسان الذي هو أشرف المخلوقات ينبغي أن يكون مباركاً.

ولا أدري لماذا خرجنا عنه محلل الكلام لنكتة إعلامية حيوانية نباتية؟!!

إذاً تارة يكون المقصود التحفظ عليه الانتفاء بنماءه كالبستان والأغنام، وتارة لا يكون المقصود منه التحفظ عليه والاستفادة بنماءه بل المقصود التحفظ على ماليته والإتجار به كما لو اشترى دكاناً سجله تجاري وليس مسكوني فإنه مع مرور الزمن ترتفع قيمته المالية، وهو يريد ماذا؟ الإتجار به أو اشترى بضاعة فهذه البضاعة ترتفع قيمتها المالية، وأيضاً يريد الإتجار بها.

جيد والزيادة إن تحققت في العين التي تعلق بها الخمس ولم يؤده لا إشكال في لزوم الخمس في هذه الزيادة سواء كانت حقيقية أو كانت حكمية لأن خمس العين كلها ملك لأرباب الخمس فلابد من أدائه إما من نفس العين أو من قيمتها الفعلية وهذا ليس محلاً للخلاف وليس هذا هو موطن بحثنا.

موطن بحثنا إذا تحققت الزيادة في العين التي لم تكن متعلقة للخمس أصلاً كالإرث المحتسب الذي لا خمس فيه أو قد أدى خمس العين لكنها نمت، فإذا أدى خمس العين وأصبحت حلاً له بالكامل وطلقاً له فزادت ونمت بزيادة منفصلة كنتاج الحيوان أو ثمرة الشجرة فلا إشكال في وجوب الخمس في الزيادة المنفصلة بناءً على أن موضوع الخمس هو مطلق الفائدة لصدق الفائدة من أولاد الحيوان وثمار الأشجار.

وكذلك على القول بأن موضوع الخمس هو الفائدة المكتسبة فيما إذا كان المقصود من إبقاء العين هو الاسترباح والتكسب كما قيده بذلك جماعة منهم المحقق الهمداني[2] ـ رحمه الله ـ لصدق الفائدة المكتسبة حينئذ.

يعني تارة يشتري غنم هوايته يربي غنم هذا خارج عن مسألتنا، وتارة يشتري غنم لكي يتاجر بتكاثر الغنم ونتاج الغنم هذا إذا كانت الزيادة منفصلة.

وأما إذا كانت الزيادة في العين متصلة كما لو سمنت الغنم والشياه أو نمت الأشجار فيأتي فيه الزيادة المتصلة ما يأتي في الزيادة المنفصلة. نعم، يظهر من السيد محسن الحكيم[3] الإشكال في صدق الفائدة على الزيادة المتصلة.

لكن هذا الإشكال ليس بتام فالملاك هو نظر العرف، والعرف يرى صدق الفائدة على الشاة إذا سمنت والشجرة إذا كبرت، ويرى فارقاً بين العين الفاقدة للزيادة المتصلة والعين الواجدة للزيادة المتصلة، فإذا كان عنده فسيل نخلٍ ثم أصبحت نخلة كبيرة، يقال له: ما شاء الله لقد أصبحت الفسيل نخلاً فالفائدة تصدق واقعاً وعرفاً وإن كان الزائد والمزيد عليه واحداً في الخارج.

هذا تمام الكلام في حكم الزيادة الحقيقية من متصلة أو منفصلة يبقى الكلام والكلام كل الكلام في الزيادة الحكمية والزيادة السوقية التي هي محل ابتلاء الناس، وفيها صور ثلاث يأتي عليها الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo