< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:المورد الرابع تخميس حاصل الوقف الخاص

 

محل البحث: عدة موارد ينبغي بحثها في خمس أرباح المكاسب- تم البحث عن المورد الأول (الهبة والهدية والجائزة) والثاني (المال الموصى به) والثالث (الميراث)-اليوم نتكلم عن المورد الرابع(الوقف الخاص) والخامس (النذور) والسادس (حكم عوض الخلع والمهر)

قال السيد محمد كاظم ـ رحمه الله ـ في العروة الوثقى:

«وكذا لا يترك الاحتياط في حاصل الوقف الخاص»[1] .

الوقف إما خاص وإما عام.

الوقف على قسمين

الوقف الخاص كما لو وقف أرضاً أو مزرعة على ذريته وأولاده.

الوقف العام كما لو وقف أوضاً أو على عموم المارة أو عموم زوار الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

الوقف الخاص على نحوين

نتكلم أولاً في الوقف الخاص وهو على نحوين:

النحو الأول لا يحتاج إلى قبول كما إذا وقف الملك على أن يكون نماء الملك لأولاد، فلو وقف البستان على أن يكون نتاج البستان لأولاده وذريته فهذا لا يحتاج إلى قبول أولاده وذريته، فيكون حكمه حكم الوصية التمليكية بناءً على عدم احتياجها إلى القبول، وهو ما ذهب إليه السيد الخوئي رحمه الله من أن هذا لا يحتاج إلى قبول غاية ما في الأمر قام الإجماع في الوصية التمليكية على أن الموصى إليهم لهم حقّ الردّ.

النحو الثاني الوقف الخاص الذي يحتاج إلى قبول كما إذا وقف الملك على أن يعطى نماؤه لأولاده وذريته، فلم يوقف الملك على أن يكون نماؤه لأولاده فليس النماء للأولاد، وإنما يعطى هذا النماء للأولاد، فهذا حكمه حكم الهبة حكم الجائزة.

الثمرة على حسب كل واحد من نحوين

ففي النحو الأول يكون النماء ملكاً للأولاد، وفي النحو الثاني لا يكون النماء ملكاً للأولاد وإنما يوهب ويعطى للأولاد والذرية فيكون حكمه حكم الهبة والجائزة.

وعلى كلا سواءً ملك الأولاد هذا النماء كما في النحو الأول أو أهدي النماء للأولاد كما في النحو يصدق عنوان الغنيمة والفائدة على كلا النحوين فيدخل في الإطلاقات الدالة على وجوب الخمس في مطلق الفائدة.

نعم لو التزمنا أن الخمس لا يثبت لمطلق الفائدة بل يثبت لخصوص التكسب وأرباح المكاسب فإن كلا النحوين لا يثبت إذ لا يصدق عنوان التكسب على النحو الأول والثاني من هذا الوقف الخاص.

وكذلك أيضاً بناءً على القول بأن هو خصوص الفائدة التي تحتاج إلى قبول فإن النحو الأول يخرج بلا إشكال لأن الوصية بناء على النحو الوقف الخاص بناء على النحو الأول حكمه حكم الوصية التمليكية التي لا تحتاج إلى قبول، والقبول نحو من التكسب فإذا لم نشترط إذا هنا لا يوجد تكسب ولا يثبت الخمس.

والخلاصة يثبت وجوب الخمس في الوقف الخاص حاصل الوقف الخاص بكلا نحويه نظراً لصدق عنوان الفائدة.

هذا تمام الكلام في الأمر الأول الوقف الخاص.

أما الوقف العام

ثانياً الوقف العام ومن الواضح أن المكلف لا يجب عليه الخمس إلا في ملكه الشخصي والموقوف عليه في الملك العام هو العنوان الكلي كعنوان المارة أو عنوان زوار الحسين ـ عليه السلام ـ أو عنوان حجاج بيت الله الحرام.

وبالتالي يكون وجوب الخمس منوطاً بقبض الموقوف عليه فشخص الموقوف عليه كالحاج أو المعتمر أو زائر الحسين أو المار إذا قبض ما أعطي من الملك العام في هذه الحالة يجب عليه أن يخمسه إذا زاد عن مؤونته ويكون حاله حال الهبة إذ أنه قد تكسب بقبضه وقبوله.

والخلاصة لا يثبت الخمس في نفس الوقف العام ولكن يثبت في خصوص ما يقبضه الشخص من الوقف العام ويتملكه إذا زاد عن مؤونة سنته.

هذا تمام الكلام في المورد الرابع حكم حاصل الوقف الخاص.

 

المورد الخامس: حكم النذور

قال صاحب العروة:

«بل وكذا في النذور»[2] .

النذر على نحوين

النذور جمع نذر والنذر على نحوين:

النحو الأول نذر النتيجة بأن ينذر أن المال لفلان.

النحو الثاني نذر الفعل بأن ينذر، ويقول: لله علي لئن جاء أخي من السفر لأذبحن شاة أو لأعطين فلانا الفقير ألف دينار وهذا نذر فعلي.

وحكم كلا النحوين كما يلي:

حكم النحو الأول فلو التزمنا بصحته على أن أكثر الفقهاء يستشكلون في صحة نذر النتيجة، فلو بنينا على صحته فيكون حكم نذر النتيجة حكم الميراث غير المحتسب وغير المتوقع لأنه لا يحتاج إلى قبول، فكما أن الميراث غير توقع لا يحتاج إلى قبول كذلك نذر النتيجة لا يحتاج إلى قبول.

ومن هنا نقول إذا التزمنا بأن موضوع الخمس هو مطلق الفائدة وجب فيه الخمس، بخلاف ما إذا التزمنا بأن موضوع الخمس هو خصوص الفائدة المكتسبة التي تحصل عن تكسب أو مطلق الفائدة لكن التي تحتاج إلى قبول، وهنا لا يشترط القبول، فلا يثبت الخمس حينئذ.

هذا تمام الكلام في النحو الأول.

حكم النحو الثاني نذر الفعل، ومن الواضح أنه يحتاج إلى قبول فيكون حكمه حكم الهبة والجائزة.

فعلى القول بأن موضوع الخمس هو مطلق الفائدة أو خصوص الفائدة التي تحتاج إلى قبول في هذه الحالة يجب فيها الخمس دون ما إذا قيل بأن الموضوع خصوص الفائدة المكتسبة وأن قبول الهبة ليس اكتساباً فلا يجب حينئذ.

والخلاصة في كلا النحوين من النذر والنذور أنه على مبنانا من أن الخمس يثبت في مطلق الفائدة بالإضافة إلى عنوان التكسب واربح فإنه يصدق على النذر أنه فائدة وإن لم يصدق على أنه تكسب. نعم، في موارد القبول يصدق عليه أنه تكسب.

وبالتالي يثبت وجوب الخمس فيما يحصل عليه المكلف من النذدر إذا زاد عن مؤونة سنته كما أنه يثبت وجوب الخمس على المكلف ما يحصل عليه من حاصل الوقف الخاص أو الوقف العام إذا قبضه وتملكه وزاد عن مؤونة سنته.

هذا تمام الكلام في المورد الخامس

المورد السادس: حكم عوض الخلع والمهر

قال صاحب العروة رحمه الله:

«والأحوط استحباباً ثبوته في عوض الخلع والمهر ومطلق الميراث حتى المحتسب منه ونحو ذلك»[3]

الكلام في حكم المهر وعوض الخلع في الطلاق الخلعي، فالمرأة إذا كرهت الزوج وطلبت منه الطلاق وهو لا يريد فلم يكن الطلاق من جهة الزوج بل كان من جهة الزوجة فإنها تبذل بذلاً مالياً لكي يطلقها، فهل المهر الذي تحصل عليه المرأة عند الزواج أو عوض الخلع الذي يحصل عليه الزوج عند الطلاق يجب فيه الخمس أو لا؟

الأقوال في المسألة ثلاثة

القول الأول وهو قول المشهور وهو عدم وجوب الخمس فيهما، فلا يجب الخمس فيما تحصل عليه المرأة من مهر ولا يجب الخمس فيما يحصل عليه الزوج المطلق من عوض الخلع، وقد ذهب السيد الماتن إلى ما ذهب إليه المشهور.

القول الثاني بالعكس وجوب الخمس في المهر وعوض الخلع، وقد ذهب إلى ذلك الشيخ الأعظم الأنصاري في رسالته نجاة العباد وتبعه السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى وذهبا إلى إلحاق المهر وعوض الخلع بالهبة والجائزة[4] .

القول الثالث التفصيل بين عوض الخلع والمهر وهو ما ذهب الشيخ يوسف البحراني[5] رحمه الله فقال: بوجوب الخمس في خصوص عوض الخلع دون المهر.

والسرّ في ذلك:

أن عوض الخلع يصدق عليه عنوان الفائدة دون المهر والصداق فإنه لا يصدق عليه عنوان الفائدة، قال صاحب الحدائق ـ أعلى الله مقامه الشريف ما نصّه:

«وأما عدّ الصداق في ذلك فلم أقف على قائل به» أي أنه يقول أنه لم يرى فقيهاً من الفقهاء ذهب إلى وجوب تخميس المهر، طبعاً من جاء بعده الشيخ الأنصاري والسيد محسن الحكيم ذهب إلى وجوب تخميس المهر نظراً لصدق وعنوان مطلق الفائدة فحكمه حكم الهبة والجائزة.

إستدلال السيد محسن الحكيم للقول المشهور بوجهين

وقد استدل للقول المشهور وهو عدم وجوب تخمس المهر وعوض الخلع بوجهين:

الوجه الأول عدم صدق عنوان الفائدة أو الغنيمة عليهما، ومن الواضح أن موضوع وجوب الخمس في المورد السابع هو عنوان مطلق الفائدة أو مطلق الغنيمة وهو لا يصدق عليهما.

والسرّ في ذلك:

إن المهر هو عوض البضع كما ورد في الرواية بل أن الآية الكريمة عبرت عنه بالأجر قال تعالى: «وأتوهن أجورهن» فالمهر الذي تحصل عليه المرأة ليس فائدة مجانية حتى يصدق عليه عنوان الجائزة أو الهبة أو الهدية، بل هو عوض البضع وهو في الواقع في مقابل إسقاط السلطنة، هو في الواقع من باب إيجاد السلطنة، فالمرأة مسلطة على نفسها فإذا حصل عقد النكاح ودفعت المهر مكنت الزوج من نفسها.

فهذا المهر في مقابل جعل نفسها تحت تصرف الزوج فتمنحه اختيار نفسها في مقابل ما تملكه وما تأخذه من المهر.

فهو شبه معاوضة ولا نقول أنه معاوضة لأن المهر ليس ركناً في عقد النكاح ولكن لابد في عقد النكاح من مهر، فهو نظير مبادلة المال بالماء كمبادلة الكتاب بالفرس.

وهكذا بالنسبة إلى الخلع فإن الزوج له سلطنة على زوجته إذ لا يجوز لها الخروج من بيتها بدون إذنه على المشهور ويجب عليها أن تمكن نفسها متى ما أراد مواقعتها فإذا بذلت المرأة العوض مقابل أن تخلعه ويطلقها فإن هذا المال في مقابل إزالة السلطنة.

إذا المال في المهر في مقابل إيجاد السلطنة والعكس في الخلع، فالمال في الخلع في مقابل إزالة السلطنة.

إذا في المهر والخلع توجد مبادلة فالمال في المهر في مقابل إيجاد السلطنة إيجاد الزوج على نفس المرأة والمال في عوض الخلع في مقابل إزالة السلطنة إزالة سلطنة الزوج على زوجته فالمال في وعوض الخلع ليس مجانياً فلا يندرج تحت عنوان مطلق الفائدة.

ولا يندرج تحت عنوان أرباح المكاسب لأنه ليس معارضة ليس كسباً فالمرأة لا تتكسب بالزواج والحصول على المال كما أن الزوج لا يتكسب بالطلاق الخلعي والحصول على عوض الخلع فلا يصدق كلا العنوانين لا عنوان مطلق الفائدة لأن المهر وعوض الخع ليس فائدة مجانية ولا عنوان التكسب وأرباح المكاسب لأن هذه ليست معاوضة بل شبه معاوضة.

فكلا عنواني وجوب الخمس وهما مطبق الفائدة أو أرباح المكاسب لا يتحقق فلا يثبت وجوب الخمس بالنسبة إلى المهر والخلع.

هذا تمام الكلام في الوجه الأول.

الوجه الثاني وهو الأهم قيام السيرة القطعية المستمرة على عدم الخمس في المهر وعوض الخلع،

أولا ومن الواضح أن تخميس المهر وعوض الخلع مما تعم به البلوى في جميع الأعصار والأبصار فما أكثر الزواج والطلاق الحاصل يومياً فلو كان الوجوب ثابتاً في المهر أو عوض الخالع لكان واضحاً ولم يقع فيه أي إشكال مع أنه لم يقل أحد من الفقهاء بوجوب الخمس في المهر كما قال صاحب الحدائق ـ رضوان الله عليه ـ يعني الفقهاء القدماء والمتأخرين. نعم، ذهب بعض المعاصرين إلى ذلك.

ومن هنا يظهر ضعف القول بالوجوب فيهما وأنه لا يوجد فرق بينهما وبين الهبة الجائزة فإنه قد وردت أدلة خاصة في خصوص الهبة والجائزة كما أن الهبة والجائزة من أوضح مصاديق مطلق الفائدة والغنيمة بخلاف المقام الذي نحن فيه وهو المهر وعوض الخلع فلا يصدق عليهما عنوان الفائدة أو الغنيم أو التكسب هذا أولاً.

وثانياً قيام السيرة العملية القطعية بين المتشرعة على عدم تخميسهما.

ومن هنا يظهر ضعف القول في التفصيل بين وجوب تخميس خصوص عوض الخلع دون وجوب تخميس المهر فيقال: إن عوض الخلع يشترك مع الهدية والجائزة في صدق عنوان الفائدة والحصول بالاختيار بخلاف المهر فإنه في مقابل إيجاد السلطنة للزوج بحيث تتنازل المرأة عن سلطنتها على نفسها وتضعها باختيار الزواج.

والسر في ذلك:

أنه لا فرق بين المهر وبين عوض الخلع فكلاهما لا يصدق عليه عنوان مطلق الفائدة ولا يصدق عليه عنوان التكسب، والعمدة في إثبات عدم الوجوب هو السيرة القطعية فإن شككنا في عدم صدق عنوان الفائدة فلا أقل من الركون إلى السيرة القطعية.

فالأقوى والصحيح هو ما ذهب إليه المشهور المنصور من عدم وجوب الخمس في مهر المرأة وصداقها أولاً وعوض الخلع ثانياً.

نعم، الأحوط استحباباً إخراج خمس المهر وعوض الخلع والميراث مطلقاً سواء كان محتسباً أو كان غير محتسب، قال صاحب العروة: «ونحو ذلك» مثل ماذا؟ مثل الديار وأرش الخدش.

والسر في هذا الاحتياط الاستحباب:

هو العمل بالروايات الدالة على ثبوت الخمس في كل ما يملكه الإنسان.

ومن الواضح أن المكلف يملك الميراث سواء كان محتسباً أو غير محتسباً، ويملك النذور ويملك حاصل الوقف الخاص والعام، ويملك المهر، ويملك عوض الخلع بل في خصوص الميراث وردت رواية في كتاب الفقه الرضوي وهذا الكتاب لم يثبت لدينا.

ولكن إذا وردت رواية ولو ضعيفة أو يوجد قول وإن لم نقل به فإن الفقهاء يحتاطون خروجاً عن الخلاف فيقولون بالاحتياط الاستحبابي.

النتيجة النهائية لم يثبت وجوب الخمس في الخلع والمهر والميراث المحتسب، وإن كان الأحوط استحباباً إخراج الخمس، والله العالم.

هذا تمام الكلام في الموارد الستة الخاصة التي ذكرها صاحب العروة.

المسألة الخمسون يأتي عليها الكلام.


[4] نجاة العباد، ص86، الخامس ما يفضل من مؤونته له ولعياله.مستمسك العروة الوثقى، ج9، ص524.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo