< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يختص استثناء مؤونة السنة بخصوص المورد السابع؟

 

محل البحث: الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة-في البحث جهات خمسة-تم الجهة الأولى (إثبات اصل الحكم) والجهة الثانية(متعلق الحكم) والجهة الثالثة (شرائط الحكم)-الجهة الرابعة(المراد بمؤونة العيال)-يقع الكلام في أمور تم الأمور الثلاثة الأولى-الأمر الرابع

 

الأمر الرابع

ويقع الكلام في هذه الجهة في أمور

الأمر الرابع من الجهة الرابعة

هل يختص استثناء مؤونة السنة بخصوص المورد السابع من الخمس وهو خمس أرباح المكاسب أو يشمل جميع الموارد الستة بالإضافة إلى المورد السابع؟

خصوص استثناء مؤونة السنة بأرباح المكاسب

الظاهر أن المتسالم عليه هو اختصاص استثناء مؤونة السنة بخصوص المورد السابع وهو مطلق الفائدة أو أرباح المكاسب ولا يعتبر حلول الحول في بقية الموارد، ففي وجوب تخميس الغنيمة أو الكنز أو المعدن أو الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم وغير ذلك من الموارد الستة لا يشترط حلول الحول ولا تستثنى مؤونة السنة والعيال والخمس فوري.

بخلاف خصوص المورد السابع وهو خمس أرباح المكاسب فإن الوجوب لا يكون فعلياً إلا بعد حلول الحول ويستثنى أيضاً أرباح المكاسب.

الإستدلال بوجهين

ويمكن الاستدلال على استثناء مؤونة السنة واختصاصها بخصوص أرباح المكاسب بوجهين:

الوجه الأول دعوة الإجماع وعدم الخلاف فلم يخالف أحد من فقهائنا الأعلام ولم يقل بلزوم حلول الحول في الموارد الستة المتقدمة، ولم يقل أحد باستثناء مؤونة السنة، وإنما أجمعوا على استثناء مؤونة السنة في خصوص المورد السابع وهو خمس أرباح المكاسب.

الوجه الثاني إطلاقات الأدلة كتاباً وسنة.

أما الكتاب الكريم

فواضح من قوله تبارك وتعالى: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة﴾[1] فالآية أثبتت وجوب الخمس في الغنيمة، وهذا الوجوب فوري ولم يقيد بقيدٍ وهو استثناء مؤونة السنة فسواء حملنا الغنيمة الغنيمة بالمعنى الأخص وهي خصوص غنائم دار الحرب أو الغنيمة بالمعنى الأعم وهو مطلق الفائدة أو أرباح المكاسب فإن الآية مطلقة ولم تقيد باستثناء مؤونة.

وأما السنة

الرواية الأولى

صحيحة البزنطي

فالروايات الخاصة التي تعرضت لاستثناء المؤونة نجد أن مورد أكثرها هو خمس أرباح المكاسب ولم يرد استثناء المؤونة في الموارد الستة المتقدمة. نعم، ورد السؤال في صحيحة البزنطي في الخمس وأنه بعد المؤونة أو قبلها فأجاب الإمام ـ عليه السلام ـ بأنه «بعد المؤونة»[2] .

فيمكن أن يقال إن صحيحة البيزنطي مطلقة من جهة المورد ولم تقيد وتخصص بخصوص أرباح المكاسب فهي شاملة لجميع موارد الخمس السبعة كما أن المؤونة مطلقة تشمل مؤونة التحصيل التي هي سابقة وتشمل مؤونة السنة والعيال التي هي لاحقة.

فبناءً على ثبوت الإطلاق يحكم بثبوت استثناء المؤونتين في جميع الموارد ففي جميع موارد الخمس السبعة، نقول: باستثناء مؤونة التحصيل أولاً ومؤونة السنة ثانياً في جميع أقسام وموارد الخمسة السبعة.

الجواب:

ولكن يمكن أن يقال

أولاً بعدم الإطلاق في صحيحة البزنطي وذلك بقرينة قوله قول السائل «أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة» وظاهره أن السائل ناظر إلى وظيفته والتكليف الشرعي الفعلي بالنسبة إلى ما يقع في يده أي أن السائل يسأل عن الأرباح التي تقع في يده والفوائد التي يحصل عليها أي أنه يسأل عن الفوائد والأرباح المتعارفة لا الفوائد النادرة.

ومن الواضح أن الكنز والمعادن والغنائم وسائر موارد الخمس الستة إنما هي موارد اتفاقية أو نادرة بخلاف المورد السابع وهو أرباح المكاسب فإن له من الموارد المتعارفة والعادية في تحصيل الرزق، وبما أن السائل في مقام السؤال عن وظيفته العملية والفعلية بالنسبة إلى الموارد المتعارفة فحينئذ نحمل كلام السائل على خصوص أرباح المكاسب والمورد السابع دون الموارد الستة المتقدمة كالكنز والمعدن والغنيمة وغير ذلك.

نعم، لو لم نستظهر ذلك، وشككناه فمقتضى الشكّ ومقتضى الأصل عدم جواز التصرف فيما وقع متعلقاً للخمس وحق الغير إلا مع العلم بالإذن من الشارع المقدس أو مالك الخمس فلابد حينئذ من الاحتياط.

وثانياً لو تنزلناه جدلاً وقلنا بثبوت الإطلاق في صحيحة البزنطي وأنها تعم جميع الموارد السبعة في الخمس فهذا الإطلاق يمكن تقييده بما ورد في الروايات بالنسبة إلى الأقسام الستة التي ظاهرها وجوب الخمس فوراً من دون استثناء مؤونة السنة.

من هذه الروايات صحيحة علي بن مهزيار الأولى الطويلة يراجع وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة خمسمائة وواحد الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الخامس.

فقد ورد في صحيحة علي بن مهزيار الطويلة التفصيل بين الغنيمة وبين الفائدة المطلقة والضيع والتجارات ونحوها فغير الغنيمة يستثنى منه المؤونة، بخلاف الغنيمة الحربية فإنه لا يستثنى منها المؤونة فيتم الاستدلال بناء على كون المعدن والكنز والغوص غنيمة موضوعاً أو حكماً.

فإذا التزمنا بأن المعدن والكنز والغوص إما هو غنيمة يعني يصدق عليهم الموضوع وإما يصدق عليه حكم الغنيمة بأن نلتزم بأن الغنيمة هي خصوص غنائم دار الحرب ولكن حكم غنائم دار الحرب وهو وجوب التخميس يثبت للمعدن والكنز والغوص، والرواية فصلت بين الغنيمة وغير الغنيمة، وغير الغنيمة يستثنى منه المؤونة بخلاف الغنيمة فإنه لا يستثنى منها المؤونة.

النتيجة

فتكون النتيجة الغنيمة كغنائم دار الحرب، ومن بحكمها كالكنز والمعدن والغوص أيضاً لا يستثنى منه المؤونة لأنه إما غنيمة موضوعاً أو حكماً وأما غير الغنيمة كأرباح المكاسب فقد أثبتت له صحيحة علي بن مهزيار استثناء مؤونة السنة ومؤونة العيال.

الرواية الثانية

صحيحة ابن سنان

عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ بقرينة الإمام الصادق لأن عبد الله بن سنان يروي عن الإمام الصادق بخلاف محمد بن سنان طبقة أصحاب الرضا ـ عليه السلام ـ .

في الغنيمة قال: «يخرج منه الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولي ذلك»[3] .

فإن الغنيمة لو لزم استثناء مؤونة القوت منها لما جاز أخذ الخمس أولاً، بل لزم أخذ الخمس مما يفضل عن حصص المقاتلين، فالرواية تامة الدلالة.

نعم، قد يستشكل في سندها إذ ورد في سندها محمد بن سالم ولكن لا يضر وجود محمد بن سالم في الرواية لأنها موجودة في كتب عبد الله بن سنان فإذا التزمنا بأن كتب عبد الله بن سنان مشهورة فحينئذ لا يلزم النظر في إسنادها، ولذلك حكم شيخنا الأستاذ[4] بصحتها.

وهذا مبنى موجود عند شيخنا الأستاذ الداوري أنه الغرض من معرفة الطريق هو إثبات نسبة الكتاب إلى مؤلفه، مثلاً: كتاب الاختصاص للشيخ المفيد، هل الشيخ المفيد عنده كتاب اسمه الاختصاص أو لا؟ مختلف في ذلك لذلك لابد من وجود سند صحيح يثبت أن هذه النسخة الواصلة إلينا من كتاب الاختصاص هي النسخة التي كتبها الشيخ المفيد.

وأما إذا كان الكتاب مشهوراً ككتاب الإرشاد للشيخ المفيد وقد وصلنا كتاب الإرشاد للشيخ المفيد كابراً عن كابر فهل نحتاج إلى طريق صحيح وسند صحيح إلى الشيخ المفيد يثبت أن نسخة كتاب الإرشاد الموجودة عندنا الآن هي نفس النسخة التي كتبها الشيخ المفيد؟

كلا وألف كلا، لذلك ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى أن كتاب السرائر مستطرفات السرائر لابن إدريس الحلي يعني في نهاية كتاب السرائر هناك روايات استطرفها ابن إدريس الحلي وحذف أسانيدها ذهب السيد الخوئي إلى أنها بحكم المراسيل عدا ما يذكره ابن إدريس الحلي عن كتابين: الأول جامع البيزنطي، كتاب محمد بن علي بن محبوب أو نوادر محمد بن علي بن محبوب.

والسرّ في ذلك: أن جامع البيزنطي كان مشهوراً ومعروفاً فاستثنى السيد الخوئي من المراسيل ومن ضعف الروايات ما ورد في خصوص هذين الكتابين.

ولكن شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ سمعت منه في مجلس الدرس، وهذا أيضاً كتبه في كتابه أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، قال: نحن بحمد الله استخرجنا الأسانيد من البحار يعني خاتمة البحار من خلال إجازة الرواية واستطعنا أن نستخرج بنظرية التعويض أسانيد هذه الروايات فخرجت من حدّ الإرسال إلى حدّ الإسناد.

وقد عرضنا ذلك الكلام لشيخنا الأستاذ الدوري في مجلس الدرس، وقد عرضنا ذلك على سيدنا الأستاذ فقبل ذلك وعدل عن رأيه، وهذا مذكور في كتاب شيخ الأستاذ الشيخ مسلم الدواري أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيخ عند تطرقه إلى مستطرفات السرائر فيراجع.

الرواية الثالثة

صحيحة الحلبي

عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ «في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم ويكون معهم فيصيب غنيمة، قال: يؤدي خمسها ويطيب له»[5] ولكن ورد فيها خمسنا بدل خمسها.

وهذه الرواية صريحة في وجوب دفع الخمس فوراً «يؤدي خمسها فيطيب له» لأن السؤال عن الوظيفة الفعلية، والإمام أجاب عن الوظيفة الفعلية.

فلو كان أداء الخمس بعد مؤونة السنة ما أمره الإمام ـ عليه السلام ـ بالدفع فوراً بل هي ظاهرة في أن الغنيمة إنما تطيب للغانم بعد دفع خمسها أولاً، وهذا مناف لجواز صرفها في المؤونة، أصلاً ما يجوز إليه يتصرف في الغنيمة في مؤونته إلا بعد أن يدفع خمسها.

الرواية الرابعة

معتبرة حفص بن البختري

قال: «خذّ مال الناصب حيثما وجدته وأدفع إلينا الخمس»[6] .

تقريب الاستدلال:

الرابعة كالثالثة إذ أن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان الوظيفة الفعلية ولم يستثني مؤونة السنة.

إذا هذه الروايات أخص وتوجب تقييد صحيحة البزنطي بناء على تقدير الإطلاق فيها وتكون شاهدة على أن المراد بمؤونة السنة والمراد بالمؤونة أن المراد بالمؤونة هي مؤونة الأرباح خاصة يعني استثناء مؤونة السنة من خصوص المورد السابع خمس أرباح دون بقية الأقسام الستة المتقدمة.

هذا تمام الكلام في الأمر الرابع من الجهة الرابعة.

 

الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة-في البحث جهات خمسة

الجهة الخامسة في تحليل الخمس للشيعة

في تحليل الخمس للشيعة من قبل الأئمة «ما لنا ولا لشيعتنا» فإذا التزمنا بأن الأئمة ـ عليهم السلام ـ حللوا الخمس للشيعة فإذا لا يجب عليهم دفع الخمس، والشيخ يوسف البحراني مبناه هذا لذلك مقلدي الشيخ يوسف صاحب الحدائق في البحرين يخرجون سهم الإمام دون سهم السادة لأن روايات التحليل تشمل سهم الإمام ولا تشمل سهم السادة، فيخرجون نصف الخمس خصوص سهم السادة.

ويرى الشيخ يوسف لزوم التقسيط على الأصناف الثلاثة: «ابن السبيل والمسكين واليتيم» يعني يتيم ومسكين وابن سبيل يرى لزوم التقسيط عليهم لازم تقسمها على الأصناف الثلاثة عموماً في تحليل الأئمة للخمس خلاف.

فقد نسب إلى المشهور القول بإباحة المناكح والمساكن والمتاجر كما في الحدائق[7] .

وذهب بعض الفقهاء إلى الإباحة مطلقاً أو في الجملة في خصوص زمن الغيبة[8] .

وذهب بعض الفقهاء إلى الإباحة مطلقاً في زمن الحضور وزمن الغيبة معاً.

هذه أقوال في المسألة، سؤال ما هو مقتضى الأصل العملي عند الشكّ في جواز التصرف؟

مقتضى الأصل عدم الجواز فلا يجوز التصرف في مال الإمام ـ عليه السلام ـ بغير إذنه فهو كسائر الأموال التي لا يجوز التصرف فيها بدون إذن ملاكها والتصرف فيه يعد تصرفا غصبياً بدون إذن صاحبه وهذا لا فرق فيه زمن حضور الإمام ـ عليه السلام ـ وزمن غيبته، فالمهم هو التعرض لروايات التحليل وهي على طوائف، وفيها بحث طويل وسيتعرض الماتن وهو السيد محمد كاظم اليزدي في العروة الوثقى إلى هذه المسألة فنرجئ البحث في روايات التحليل إلى الموطن الذي سيتطرق فيه صاحب العروة إلى روايات التحليل.

هذا تمام الكلام في هذه الجهات الخمسة واتضح أن المورد السابع لثبوت الخمس هو مطلق الفائدة وليس خاصاً بخصوص أرباح المكاسب. نعم، استثناء المؤونة خاص بأرباح المكاسب ولا يشمل الموارد الستة المتقدمة وبما أننا بنينا على أن المورد السابع هو مطلق الفائدة الشامل للهبة والهدية والميراث والوصية المال الموصى به وليس خصوص أرباح المكاسب يقع الكلام في هذه المصاديق والموارد المختلفة وأبرزها الهدية يأتي عليها الكلام.

 


[4] كتاب الخمس في فقه أهل البيت، ج2، ص94.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo