< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

45/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:جلسة118.كتاب الخمس- المورد السابع لوجوب الخمس ما يفضل من مؤونة السنة

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في العروة الوثقى:

<السابع ما يفضل عن مؤونة سنته ومؤونة عياله من أرباح التجارات ومن سائر التكسبات من الصناعات والزراعات والإيجارات حتى الخياطة والكتابة والتجارة والصيد وحيازة المباحات وأجرة العبادات الاستئجارية من الحج والصوم الصلاة والزيارات وتعليم الأطفال وغير ذلك من الأعمال التي لها أجرة>[1] .

هذا المورد السابع وجوب الخمس هو أهم المباحث في الخمس فالموارد الستة المتقدمة يندر أن يبتلى بها المكلف وأكثر موارد الابتلاء هي أرباح التجارات والمكاسب.

الجهات الخمسة في البحث

ويقع البحث حول هذا المورد السابع في خمس جهات:

الجهة الأولى في إثبات أصل الحكم.

الجهة الثانية في متعلق الحكم.

الجهة الثالثة شرائط الحكم.

الجهة الرابعة مستحقي الخمس.

الجهة الخامسة المراد من الخمس ومناقشة أخبار التحليل.

 

الجهة الأولى

إثبات أصل الحكم، ويقع الكلام في نقطتين:

النقطتان في الجهة الأولى

النقطة الأولى الأقوال في المسألة.

النقطة الثانية أدلة المسألة.

 

أما النقطة الأولى وهي الأقوال في المسألة

فالظاهر تسالم الأصحاب واتفاق فقهائنا قديماً وحديثاً على وجوب الخمس في أرباح المكاسب وما يفضل عن مؤونة سنة المكلف.

وذكر في الجواهر[2] أنه الذي استقر عليه المذهب والعمل في زماننا هذا بل وغيره من الأزمنة السابقة التي يمكن دعوى اتصالها بزمان أهل العصمة ـ عليهم السلام ـ .

إذا يمكن دعوى الإجماع بل التسالم عند فقهاء الخاصة على وجوب الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة.

وخالفنا فقهاء العامة، وقد حكى الشيخ الطوسي ذلك في الخلاف[3] ، وجعل السيد المرتضى ـ رحمه الله ـ في كتابه الانتصار الحكم بوجوب هذا القسم من متفردات الإمامية[4] .

ولا بأس أن نتتبع أولاً تاريخ المسألة الفقهية، ثانياً الأقوال في هذه المسألة.

تاريخ المسألة الفقهية

أما تاريخ المسألة فسنتطرق إليه عندما نتطرق إلى الاستدلال على الوجوب بقوله عزّ من قائل: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾[5] وسنتطرق هناك إلى أن وجوب الخمس هل كان في زمن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ والوصي ـ عليه السلام ـ أم أنه تأخر إلى زمن الصادقين ـ عليهما السلام ـ ؟

وسيتضح أن الصحيح أن وجوب الخمس كان من أيام النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في هذا المورد.

نصيحة السيد حسن البروجردي في مسألة الخمس

فلنراجع تاريخ المسألة إلى هناك، والبحث في تاريخ المسألة من الأمور التي أكد عليها سيد أساتذتنا القميين المرجع الكبير السيد حسين البروجردي ـ رحمه الله ـ فإنه كان يؤكد على نقطتين في بحث المسألة:

أولا ملاحظة تاريخ المسألة الفقهية، وفي أي زمن ذكرت.

ثانياً ملاحظة كلمات فقهاء العامة لأن فقه العامة كان فقه السلطان الرائج وكان الأئمة ـ عليهم السلام ـ في مقام تصحيح الوضع لهداية الأمة فكانت روايات أهل البيت ـ عليهم السلام ـ بمثابة الحاشية على كلمات فقهاء العامة كأبي حنيفة ومالك بن أنس، لذلك لا بدّ من ملاحظة تاريخ المسألة و كلمات العامة فيها.

ونحن هنا سنتطرق إلى أقوال فقهائنا وعلمائنا ومن خلالها سنعرف الرأي العامة، قال في الجواهر ما مضمونه: <لم أجد خلافاً معتداً به في هذه المسألة>[6] .

وذكرت دعوى الإجماع في الانتصار[7] والغنية[8] والخلاف[9] والتبيان[10] ومجمع البيان[11] والتذكرة[12] والمنتهى[13] وغيرها[14] من كتب أعلام الطائفة.

وعن السرائر: <إنه كذلك عندنا بلا خلاف>[15] ولم ينسب الخلاف إلا إلى القديمين، وهما: ابن أبي عقيل العماني وتلميذه ابن الجنيد الإسكافي، ومن نسب الخلاف إليهما هو صاحب الجواهر[16] الشيخ محمد حسن النجفي.

ولم يصل إلينا كتاب ابن الجنيد الإسكافي الذي فتاواه في الغالب توافق العامة خصوصاً فقه أبي حنيفة النعمان كما لم يصل إلينا كتاب ابن أبي عقيل العماني. نعم، حكي قولهما في ثلاثة مصادر على الأقل، وهي:

المعتبر في شرح المختصر للمحقق الحلي ومنتهى المطلب للعلامة الحلي، والبيان للشهيد الأول، كما أن العلامة ـ رحمه الله ـ حكى خلاف خصوص ابن الجنيد دون ابن أبي عقيل العماني في كتاب به الآخر غير المنتهى وهو كتاب مختلف الشيعة.

 

ولتحقيق وتنقيح المطلب

أولا نتطرق إلى النصّ الذي حكي عن القديمين،

ثانيا نتطرق إلى نصّ فقهائنا الأعلام الذين فهموا كلام القديمين.

 

المصادر المهمة لنقل الأقوال وفهمها

وهناك مصادر وكتب ودورات تعنى بنقل الأقوال وفهم الأقوال وإذا أراد الطالب أن يتتبع الأقوال في مسألة فعليه بمراجعة مصادر أهمها خمسة:

الأول كتاب رياض العلماء للسيد علي الطباطبائي ابن أخت الوحيد البهبهاني وتلميذ الشيخ يوسف البحراني.

الثاني كتاب مستند الشيعة للشيخ أحمد النراقي أستاذ الشيخ الأعظم الأنصاري.

الثالث كتاب مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة تلميذ الشيخ الأعظم الأنصاري.

الرابع كتاب الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة للشيخ يوسف بن أحمد البحراني.

الخامس كتاب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام للشيخ محمد حسن النجفي.

فهذه الدورات الخمسة تعتني بنقل كلمات الأعلام وبيان ما فهموه من كلماتهم فالطالب إذا أراد فهم كلمات الأعلام وأراد أن يتتبع لأن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ يهتم بالصناعة ولا يتتبع الأقوال كثيراً يذكر بعض الأقوال بينما السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة يعتني بنقل الأقوال والسيد محسن الحكيم عادة ما ينقل الأقوال من كتاب جواهر الكلام.

وإذا أردت أن تتبع أكثر في أي مسألة تلحظ دائماً الجواهر وتلحظ أيضاً كتاب بالرياض الذي يهتم كثيراً بذكر الإجماعات المنقولة هذه فوائد لبحث أي مسألة فلنشرح في مسألتنا.

 

النقطة الأولى ما حكي من كلماتهما

أما الأول وهو ابن الجنيد الإسكافي فقد حكى المحقق الحلي في المعتبر عنه ما نصّه:

<فأما ما استفيد من ميراث أو كدّ بدن أو صلة أخ أو ربح تجار أو نحو ذلك فالأحوط إخراجه لاختلاف الرواية في ذلك، ولأن لفظ فرضه محتملٌ هذا المعنى فلو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها[17] .

ومن الواضح أنه لا يظهر من عبارته خلافه لفقهائنا أنه قال: <فالأحوط إخراجه> لاختلاف الرواية في ذلك فهو يحتاط بل ذكر وجهاً إذ قال: <ولأن لفظ فرضه محتملٌ هذا المعنى> أي وجوب الإخراج وإن كانت هذه العبارة: <احتمال لفظ فرضه> موجودة في المعتبر وغير موجودة في المختلف، لكنه قال: <فلو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها> فقد يظهر منه التوقف أو الاحتياط في المسألة.

وأما محكي كلام الثاني وهو ابن أبي عقيل العماني فقد قال المحقق في المعتبر ما نصّه:

<وقد قيل الخمس في الأموال كلها حتى الخياط والنجار وغلة الدار والبستان والصانع في كسب يده لأن ذلك إفادة من الله تعالى وغنيمة>[18] .

لكن لم يذكر في المنتهى لفظ <وقد قيل> كما أن العلامة الحلي لم ينقل كلام ابن أبي عقيل العماني في المختلف وإنما اقتصر على نقل كلام ابن الجنيد الإسكافي[19] .

إلى هنا ذكرنا ما نقله المحقق في المعتبر عن ابن أبي عقيل العماني وابن الجنيد الإسكافي، وقال الشهيد الثاني[20] في البيان ما نصّه:

<وظاهر ابن الجنيد وابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع وأنه لا خمس فيه والأكثر على وجوبه وهو المعتمد لانعقاد الإجماع عليه في الأزمنة السابقة لزمانهما واشتهار الروايات فيه>.

هذه كلمات القديمين على ما حكى عنهما المحقق الحلي في المعتبر والعلامة الحلي في المنتهى والمختلف والشهيد الأول في البيان.

يقول السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ : لو جاز تقليد الميت وأوجبنا تقليد الأعلام لأوجبنا الرجوع إلى الشهيد الأول فهو يرى أن الأعلام هو الشهيد الأول.

ـ الله يرحمه ـ السيد محمد صادق الروحاني يرى أن السيد الخوئي اعلم الأولين والآخرين.

فالسيد الخوئي يرى الشهيد الأول.

هذا تمام الكلام فيما حكي من كلماتهم، الآن كيف فهم الفقهاء خصوصاً الذين يعتنون بكلمات الفقهاء وفهمهم مهم، نذكر قال في الرياض السيد الطباطبائي ما نصّه:

<>إلا العماني والإسكافي حيث حكي عنهما القول بالعفو عن هذا النوع وفي استفادته من كلامهما المحكي إشكال. نعم، ربما يستفاد منهما التوقف فيه> من أين نستفيد التوقف؟ حينما قال: <وقد قيل>.[21]

كلام ابن الجنيد في البداية قال: <الأحوط> ثم بعد ذلك <لو لم يدفع> ما يكون مخالف بخالف الذي لم يدفعوا الزكاة فإنه يعد مخالفاً. [22]

من هذه العبارة من ذيل عبارة ابن الجنيدي التي حكاها صاحب المعتبر.

لاحظ عبارته في ذيلها هكذا يقول ـ الأحوط تصير استحباباً وليس وجوباً ـ لأنه يقول: <فلو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها>[23] يعني هذا الأحواط أن يدفعه لنفي الخلاف، وهذا نصّ عبارته لاحظ العبارة: <فالأحوط إخراجه لاختلاف الرواية في ذلك، ولأن لفظ فرضه محتمل هذا المعنى فلو لم يخرجه الإنسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها> يعني لم يكن تاركاً لواجبٍ لا خلاف فيه.

وقال المحقق النراقي في المستند ما نصّه:

<إلا ما حكي عن القديمين أنهما قالا بالعفو عن هذا النوع وفي استفادته من كلامهما خفاء بل ظاهره التوقف>[24] .

إذا السيد الطباطبائي قال: <ربما يستفاد التوقف>، المحقق النراقي في المستند قال: <ظاهره التوقف>.

الثالث قال صاحب الجواهر ما نصّه:

<مع أن المحكي من عبارة الإسكافي، بل قيل: والعماني لا ظهور فيها بذلك بل ظاهرها التوقف في حصول العفو منهم ـ عليهم السلام ـ عنه وعدمه لاختلاف الرواية في ذلك، بل ربما مال إليه بعض المتأخرين كالأردبيلي[25] ، وسيد المدارك[26] ، والسبزواري[27] >[28] .

إذا هذه الآن ذكرنا كلام الجواهر والمستند للنراقي والرياض للطباطبائي أيضاً للشيخ يوسف البحراني ذكر هذا أيضاً في الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة.

الخلاصة التي نصل إليها الظاهر تسالم الأصحاب على أصل وجوب خمس في أرباح المكاسب قديماً وحديثاً بل قام عليه الإجماع القطعي مضاعفاً إلى السيرة القطعية المستمرة بين الشيعة المتصلة بزمان المعصومين ـ عليهم السلام ـ وإن نسب الخلاف إلى ابن الجنيد وابن أبي عقيل العماني إلا أن عبارتهما المنقولة لا تدل على خلافهما.

وعلى فرض خلافهما فهو غير مضر بتحقق الإجماع والتسالم والسيرة القطعية المستمرة بين الشيعة المتصلة بزمان المعصومين ـ عليهم السلام ـ .

يراجع كلام السيد الخوئي، وهذه المصادر في تقرير الشيخ محمد الجواهري الواضح في شرح العروة الوثقى وفقه كتاب الخمس الجزء السادس صفحة مئتين وخمسة عشر، مئتين وستة عشر.

هذا تمام الكلام في النقطة الأولى عرض الأقوال في المسألة واتضح أن العامة قد اتفقوا على عدم وجوب الخمس في أرباح المكاسب وخصوا الخمس بالغنيمة كما اتضح اتفاق فقهاء الإمامية على وجوب الخمس في أرباح المكاسب وما يفضل عن مؤونة السنة.

النقطة الثانية أدلة المسألة يأتي عليها الكلام.

 


[13] منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج8، ص537.
[17] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج2، ص623..مختلف الشيعة، العلامة الحلي، ج3، ص313.منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج3، ص540.البيان، الشهيد الأول، ص348
[18] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج2، ص623..منتهى المطلب، العلامة الحلي، ابن أخت المحقق، ج8، ص540
[21] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج2، ص623..منتهى المطلب، العلامة الحلي، ابن أخت المحقق، ج8، ص540
[22] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج2، ص623..مختلف الشيعة، العلامة الحلي، ج3، ص313.منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج3، ص540.البيان، الشهيد الأول، ص348
[23] المعتبر في شرح المختصر، المحقق الحلي، ج2، ص623.مختلف الشيعة، العلامة الحلي، ج3، ص313.منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج3، ص540.البيان، الشهيد الأول، ص348.
[26] المدارك، ج5، ص380 و 384.
[27] الذخيرة، ص481.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo