< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثالث والستون: الجهة الثانية لو اتّجر مستخرج المعدن فربح قبل أن يخرج خمسة

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في العروة الوثقى في تتمة المسألة رقم اثنا عشر:

وكذا لو اتّجر فربح قبل أن يخرج خمسة ناوياً الإخراج من مالٍ آخر ثم أداه من مال آخر وأما إذا اتّجر به من غير نية الإخراج من غيره فالظاهر أن الربح مشتركٌ بينه وبين أرباب الخمس.

ذكر السيد الماتن ـ رحمه الله ـ في المسألة رقم اثنا عشر جهتين:

الجهة الأولى لو ارتفع المعدن بسبب العمل فيه كـنحت العقيق أو ضرب الدراهم والدنانير.

الجهة الثانية لو اتّجر بالمعدن قبل أن يخمسه فارتفعت قيمته وربح منه.

وقد فصل السيد الماتن بين نية الإخراج وعدمها، فقال:

إن كان ناوياً إخراج الخمس بعد الاتّجار ولكن من مال آخر ثم أداه فحينئذٍ يقول تمام الربح له، وأما إذا لم يكن ناوياً أن يخرج الخمس من مال آخر أو كان ناوياً ولكنه لم يؤدي الخمس من مال آخر فهذا الربح مشتركٌ بين مستخرج المعدن وبين أرباب الخمس وهم الإمام ـ عليه السلام ـ بما يتعلق بسهم الإمام ـ عليه السلام ـ والأصناف الثلاثة وهم: الفقراء وأبناء السبيل واليتامى الذي الآن يصطلح عليه سهم السادة ووليهم ولي أمر المسلمين.

فما ربحه من الاتجار من المعدن إذا لم يكن ناوياً أو لم يؤدي الخمس يكون على خمسة أجزاء أربعة أجزاء له والخمس لأرباب الخمس فيكون الربح مشتركاً بينه وبين أرباب الخمس فلا بدّ من أخذ إذنهم لأن الشراكة على نحو الإشاعة لا على نحو التعين.

والصحيح ما ذهب إليه السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ في كتاب الخمس تقرير السيد مجتبى الرودباري صفحة ستة وتسعين، وأيضاً في تقرير الشهيد مرتضى البروجردي المستند في شرح العروة الوثقى جزء خمسة وعشرين من موسوعة الإمام الخوئي صفحة ثمانية وستين وتسعة وستين.

وهو أن النية والقصد لا أثر لهما بل نفس تأدية الخمس من مالٍ آخر فيه تأمل على ما سيأتي فمجرد قصده أن يؤدي الخمس بعد ذلك أو عدم نية الإخراج لا يؤثر شيئاً بالنسبة إلى الشركة، الشركة في الربح وعدم الربح، بل لا أثر لنقله إلى الذمة بأن ينتقل الخمس من العين الخارجية إلى ذمته فيشغل ذمته بالخمس ويكون مديناً لصاحب الخمس لأنه لم يدل الدليل على وجود ولاية له على ذلك.

إذاً مجرد النية أو مجرد الإخراج من مالٍ آخر لا يؤثر فالنية لم يدل عليها دليل ونقل الخمس من العين التي ثبت فيها الخمس إلى مالٍ آخر يحتاج إلى إثبات ولاية للمخرج بحيث ينقل الخمس من العين الخارجية إلى مالٍ في ذمته.

والذي ينبغي أن يقال:

هو التفصيل لمبنى الفقيه المتخذ.

فتارةً يرى الفقيه شمول أدلة التحليل بالنسبة إلى المشتري إذا اشترى مالاً تعلق به الخمس فإن قلنا إن روايات التحليل مالنا لشعتنا وغير ذلك من الروايات يشمل ما إذا اشترى المشتري مالاً واتضح له بعد ذلك أن المال الذي اشتراه قد تعلق به الخمس وأن البائع لم يخرج خمسه فإذا قلنا إن روايات التحليل تشمل ذلك وأن ولي الأمر قد أجاز ذلك وهو الإمام المعصوم فليس على المشتري تكليفٌ بعد ذلك بل يتعامل المشتري مع هذا البيع معاملة البيع الصحيح لأن البيع هو عبارة عن مبادلة مالٍ بمال وحيث إن المثمن قبل البيع كان متعلق للخمس وكان مشتركاً بين مالك المعدن أي البائع وبين أرباب الخمس وهم الإمام ـ عليه السلام ـ كذلك ما يقوم مقام المثمن وهو الثمن فالثمن بدلٌ والمثمن والمبيع مبدلٌ فإذا تعلق الخمس بالمبيع وهو المعدن إذاً الخمس ثابتٌ في بدله وهو الثمن الذي دفع في مقابل شراء المعدن.

وبالتالي إذا التزمنا بصحة البيع كما التزم به السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ إذ أنه يرى أن روايات التحليل تشمل هذا المورد وهو من اشترى شيئاً قد تعلق به الخمس ولم يخرج هذا الخمس فإذا قلنا أن روايات التحليل تشمل هذا المورد التزمنا بصحة البيع ويكون الربح مشتركاً بين المالك وأرباب الخمس بلا فرق بين أن ينوي الإخراج أو لا ينوي الإخراج وسواء أدى الخمس أو لم يؤدي الخمس بل لو كان معتقداً بالخمس أو لم يكن معتقداً بالخمس فإن مقتضى شمول روايات التحليل للمبيع الذي تعلق به الخمس ولم يخرج خمسة هو صحة البيع فيكون البيع صحيحاً وتكون النتيجة هي الاشتراك في الربح بين المالك وهو بائع المعدن وبين أرباب الخمس هذا إذا بنينا والتزمنا بما التزم به السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من أن روايات التحليل تشمل المورد هذا الشق الأول.

الشق الثاني وإذا لم نبني على شمول روايات التحليل للمبيع الذي تعلق به الخمس ولم يخرج ذلك الخمس إذاً نلتزم بصحة الشراء إذاً يكون هذا البيع غير صحيح لأنه بيعٌ من دون إذن أصحابه إذ يشترك أرباب الخمس بمقدار الخمس مع مالك المعدن الذي باعه.

فحينئذٍ نقول البيع صحيحٌ بمقدار أربعة أخماس ويقع عن البائع وهذا البيع بمقدار الخمس لا يقع عن المالك البائع كما لا يقع عن أرباب الخمس الذي يملكون مقدار الخمس ولا عن ولي الأمر وهو الحاكم الشرعي بل يكون البيع فضولياً بمقدار الخمس باعتبار أنه لم يتحقق بسبب الإجازة فالبائع لو أدى خمسة من مال الآخر والحال أنه لا توجد إجازة هنا تأتي مسألة مهمة بحثناها في كتاب البيع وهو أنه لو باع شيئاً ثم ملكه وأجاز.

مثلاً هذا البيت لوالد فلان وليس لفلان لكنه باع هذا البيت وبعدما باعه مات أبوه وورث منه البيت وبعد أن ورث البيت وملكه أجاز هذا البيع السابق على ملكيته فهل هذه الإجازة اللاحقة توجب التصحيح أم لا؟ مبنيان:

المبنى الأول من باع شيئاً لا يملكه ثم ملكه وأجاز صح البيع، وقد ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى تمامية هذه القاعدة.

المبنى الثاني من باع شيئاً ثم ملكه فإن إجازته السابقة لا توجب التصحيح لأن الملكية لأنه لا بيع إلا في ملك وحينما باع لم يكن مالكاً.

إذاً في هذه المسألة نحتاج إلى مبنيين لمعرفة شقوق المسألة:

المبنى الأول هل روايات التحليل تشمل من اشترى شيئاً قد تعلق به الخمس ولم يخرج منه الخمس أم لا؟

والسيد الخوئي ينبي على أن روايات التحليل تشمل هذا المورد هذه المقدمة الأولى.

المقدمة الثانية من باع شيئاً لا يملكه ثم ملكه ثم أجاز هل هذه الإجازة توجب تصحيح البيع السابق أم لا؟ قولان:

القول الأول ويراه السيد الخوئي وهو أنه من باع ثم ملك ثم أجاز يوجب صحة البيع.

القول الثاني من باع ما لا يملك ثم ملك وأجاز فإن هذه الإجازة لا توجب التصحيح.

الآن نبحث هذه المسألة ما هو موطن بحثنا؟ لو استخرج معدناً وبلغ النصاب ولم يخرج خمسة واتّجر به وربح من هذا الاتجار فما هو الحكم؟

ذهب صاحب العروة إلى التفصيل بين إذا ما كان ناوياً إخراج الخمس أو أخرج الخمس فالربح كله له لأنه أخرج الخمس وأما إذا لم ينوي الإخراج أو لم يخرج ففي هذه الحالة يكون الربح مشتركاً بين المالك المخرج للمعدن وبين أرباب الخمس يشتركون معاه بمقدار الخمس.

والصحيح أن النية وكذلك الإخراج خارجاً لا تأثير لهما بل الصحيح أن نقول هل روايات التحليل تشمل المورد أم لا؟ إذا روايات التحليل تشمل المورد فالبيع صحيح ويبقى مقدار الخمس يخرجه إلى أصحابه وإذا قلنا أن روايات التحليل لا تشمل المورد يكون الربح مشتركاً بين المالك المخرج وبين أرباب الخمس.

إذا لم نبني على شمول روايات التحليل لمورد البحث يصبح البيع غير صحيح بناءً على الشمول فالبيع صحيح وأما إذا بنينا على عدم الشمول لا نلتزم بصحة الشراء وبالتالي يصح البيع بمقدار أربعة أخماس ويبقى الخمس هذا يصير ماذا؟ هذا يصير بيع فضولي هذا الخمس بيع فضولي يحتاج إلى إجازة الحاكم الشرعي.

إذا صارت هذه المسألة من موارد البيع الفضولي تأتي هذه المسألة من باع شيئاً ثم ملكه ثم أجاز والآن باع شيئاً باع المعدن الذي فيه الخمس وهو لا يملك الخمس لا يملك مقدار الخمس ثم بعد ذلك حصلت الإجازة إذا أجاز أرباب الخمس أو أجاز الحاكم الشرعي.

في هذه الحالة لو قلنا أن من باع شيئاً ثم ملكه ثم أجاز يوجب ماذا؟ الصحة، في هذه الحالة نلتزم بصحة البيع ويكون البيع بمقدار أربعة أخماس صحيح وأيضاً يصير البيع بمقدار الخمس أيضاً صحيح لأن ولي الخمس أو أرباب الخمس قد أجازوا غاية ما في الأمر يكون ضامناً للخمس والمفروض أنه قد أداه من مال آخر فيصير الملك ملكه والربح بتمامه له هذا إذا التزمنا أن من باع شيئاً ثم ملكه وأجاز يوجب الصحة.

وأما إذا التزمنا بأن البيع ممن باع شيئاً ثم ملكه ثم أجاز لا يوجب الصحة في هذه الحالة يكون البيع فضولي من جهة عدم صدوره من المالك ولا ممن له الإذن يعني يصير البيع باطل تتوقف صحته على إجازة أحدهما يعني أرباب الخمس أو الحاكم الشرعي فإذا أجازا صار الربح مشتركاً بين المالك وبين البائع وإذا لم يجيزوا بطل البيع يبطل البيع في هذه الحالة.

ولم ينتقل إلى المشتري فلا بدّ أن تحصل إجازة بالنسبة إلى الخمس وأرباب الخمس لابدّ أن يراعوا المصلحة كما لو ارتفعت القيمة السوقية فإن أجازوا تم البيع وإن لم يجيزوا بطل البيع بمقدار الخمس.

هذا تمام الكلام في الجهة الثانية واتضح أن المسألة رقم اثنا عشر فيها جهتان ونضيف إليها جهة ثالثة.

الجهة الأولى إذا عمل في المعدن عملاً يوجب ارتفاع قيمته قبل إخراج خمسة كما لو سكّ الذهب والفضة دراهم ودنانير أو حك العقيق والفيروزج ففي هذه الحالة نلتزم بأن القيمة للمادة فقط وأما الهيئة فلا تقوم بمال وليس لها عند العقلاء قيمة بمفردها لأنها بما هي هيئة وشكل بمفرده لا تكون مملوكة ولا تكون قابلة للملكية نعم الهيئة توجب زيادة القيمة في المادة وبما أن الهيئة توجب زيارة القيمة في المادة إذا نلتزم أنه يجب عليه أن يخرج خمس المجموع ولا يخرج خصوص خمس المادة فقط كما ذهب إليه صاحب العروة.

الجهة الثانية لو اتّجر فربح قبل أن يخرج خمسة والجامع بين الجهة الأولى والجهة الثانية ولذلك أدرجهما صاحب العروة في مسألة واحدة وهي رقم اثنا عشر وهو أن الارتفاع بسبب العمل هذا العمل إما هو الاتجار كما في الجهة الثانية وإما هو الصياغة والنحت كما هو الحال في الجهة الأولى.

ففي الجهة الثانية إذا اتّجر قبل أن يخمس وارتفعت القيمة السوقية ففي هذه الحالة إن التزمنا بأن روايات التحليل تشمل المورد فالبيع صحيح ولا يحتاج إلى إذن وأما الخمس فإذا أداه كفى يعني إذا أداه من مال آخر وإذا لم يؤده وجب عليه أداءه.

وإذا التزمنا بأن روايات التحليل لا تشمل هذه المورد في هذه الحالة البيع الأصلي صحيح ولكن هو بيع فضولي بمقدار الخمس ويفتقر إلى إذن الحاكم الشرعي على التفصيل الذي ذكرناه بالنسبة إلى قاعدة من باع شيئاً ثم ملكه ثم أجاز.

يبقى الكلام في الجهة الثالثة هذه الجهة هي خارجة عن مسألة اثنا عشر فالمسألة اثنا عشر ناظرة إلى ارتفاع قيمة المعدن من جهة العمل.

الجهة الثالثة إذا ارتفعت قيمة المعدن بسبب ارتفاع القيمة السوقية ولو من دون عمل فهل يخرج الخمس بحسب القيمة الفعلية التي ارتفعت أو يخرج الخمس بحسب القيمة السابقة عند الإخراج؟

والجواب يجب عليه إخراج القيمة الفعلية عند التخميس لا القيمة عند إخراج المعدن لأنه يجب عليه أن يخرج من عهدة الخمس فالخمس ثابتةٌ في ذمته والخمس في مالية المعدن ومالية المعدن تتوقف على ملاحظة القيمة الفعلية عند الإخراج.

فإذا لم يؤدي الخمس في وقته يعني لو أدى الخمس في وقته يكون قد أخرج المعدن لما له من مالية عند الإخراج فتفرغ ذمته وأما إذا لم يخرج الخمس من المعدن وقت إخراجه وارتفعت قيمته السوقية صحيح أن الخمس يثبت في المعدن في العين ولكن يثبت في العين بما له قيمة مالية فعلية هو ذمته مشغولة فعلاً بعين المعدن الذي له قيمة مالية فعلية فلا بدّ أن يفرغ ذمته من هذه القيمة الفعلية المالية، فيجب عليه أن يلحظ ارتفاع القيمة السوقية ويخرجها من المعدن.

يراجع المستند في شرح العروة الوثقى الجزء خمسة وعشرين صفحة ثمانية وستين.

هذا تمام الكلام في المسألة رثم اثنا عشر.

المسألة الثالثة عشر والأخيرة من المعدن يأتي عليها الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo