< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثانی والستون: التصرف في المعدن قبل إخراج الخمس

قال السيد محمد كاظم اليزدي في العروة الوثقى المسألة اثنا عشر:

إذا عمل فيما أخرجه قبل إخراج خمسه عملاً يوجب زيادة قيمته كما إذا ضربه دراهم أو دنانير أو جعله حلياً أو كان مثل الياقوت والعقيق فحكه فصاً مثلاً اعتبر في إخراج الخمس مادته فيقوم حينئذ سبيكة أو غير محكوك مثلاً ويخرج خمسه.

وكذلك لو اتجر به فربح قبل أن يخرج خمسه ناوياً الإخراج من مال آخر ثم أداه من مال آخر وأما إذا اتجر به من غير نية الإخراج من غيره فالظاهر أن الربح مشترك بينه وبين أرباب الخمس.

تطرق السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة إلى ارتفاع قيمة المعدن قبل إخراج الخمس لكن مخرج المعدن قد تصرف في المعدن قبل أن يخرج خمسة.

وقد تطرق السيد الماتن ـ رحمه الله ـ إلى جهتين:

الجهة الأولى ما إذا كانت الزيادة في القيمة ناشئة من العمل كما لو ضرب الدراهم والدنانير أو حك فص الياقوت والعقيق.

الجهة الثانية ما إذا كان ارتفاع قيمة المعدن بسبب الإتجار.

وهناك جهة ثالثة لم يشر إليها المصنف ـ رحمه الله ـ في المسألة الثانية عشر وهي ما إذا كان الارتفاع بسبب زيادة القيمة السوقية فمستخرج المعدن قد لا يعمل فيه عمله ولا يتاجر به إلا أن القيمة السوقية للمعدن قد ترتفع.

ومن الواضح في هذه الصورة أنه يجب تخميس المعدن وفقاً لقيمته السوقية التي ارتفعت.

وأما بالنسبة إلى الجهتين الجهة الأولى الارتفاع من جهة العمل والجهة الثانية الارتفاع من جهة الإتجار فقد فصل السيد الماتن ـ رحمه الله ـ بينما إذا كانت القيمة ناشئة من إحداث عملٍ في المعدن كضرب الدراهم أو الدنانير أو صياغة الحلي أو حك العقيق والفيروزج وغيرهما فحكما بعدم وجوب الخمس في الزيادة وأفتى بوجوب تخميس خصوص المادة الأصلية دون زيادات العمل الشكلية.

ففرق السيد الماتن بين العمل وبين الزيادة من جهة الإتجار بالمعدن وفصل في الإتجار في المعدن بين صورتين:

الصورة الأولى إذا كان ناوياً إخراج الخمس من مال آخر قبل الاتجاه فحكم بعدم وجوب الخمس في الزيادة وبينما إذا لم يكن ناوياً لإخراج الخمس من مال الآخر قبل الإتجار به فحكم بالوجوب في الجميع.

ونتحدث اليوم في الجهة الأولى وهي ما إذا كانت الزيادة ناشئة من حيث العمل والمراد بالعمل صياغة في مقابل الجهة الثانية ما إذا كانت زيادة من جهة الإتجار والإتجار أيضاً عمل.

إذا الحديث في الصورة الأولى المقام الأول إذا تصرف المستخرج في المعدن قبل إخراج خمس المعدن وزادت قيمة المعدن فقد حكم السيد اليزدي ـ رحمه الله ـ بـثبوت الخمس في خصوص المادة دون الزوائد في الهيئة وأفتى بذلك تبعاً للمحقق النجفي في جواهر الكلام الجزء ستة عشر صفحة واحد وعشرين، والشهيد الثاني في المسالك مسالك الأفهام الجزء الأول صفحة أربعمئة وتسعة وخمسين، والسيد محمد العاملي في مدارك الأحكام الجزء الخامس صفحة ثلاثمئة وثمانية وستين فقد ذهبوا إلى عدم وجوب الخمس في الزائد.

ويمكن أن يستدل على وجوب الخمس في خصوص المادة دون الزائد بأحد وجهين:

الوجه الأول ما في مستمسك العروة الوثقى السيد محسن الحكيم الجزء التاسع صفحة أربعمئة وستة وستين من أن مستحقي الخمس إنما يملك خمس المادة وأما الصفة فهي بتمامها لعاملها فلا تدخل في التقويم.

وبالتالي يجب تخميس ما يملك وهو خصوص المادة دون الصفة كالصياغة والهيئة والشكل فإنها لا تدخل في تقويم المعدن.

الوجه الثاني إن الخمس يتعلق بمالية العين لا أنه يتعلق بنفس العين فلا بد حينئذ من ملاحظة المالية قبل زيادة القيمة فتقوم مالية العين في زمان تعلق الخمس ووجوبه، وأما الهيئة لا دخل لها في الحق أصلاً.

فتكون النتيجة وجوب تخميس خصوص المادة دون الهيئة.

وقد أشكل سيد المحققين السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ على كلا الوجهين وذهب إلى وجوب تخميس المجموع:

أما الوجه الأول فحاصل كلامه إن الهيئة من حيثية هي لا مالية لها ولا يقسط الثمن عليها ولا شأن لها إلا ازدياد مالية المادة المتلبسة بها لأوفرية رغبة العقلاء إليها بالنسبة إلى المجردة عنها لا أن لنفس تلك الهيئة حظاً من المال.

والشاهد على ذلك أنه لم يلتزم أحدٌ بجواز بيع المادة دون الهيئة أو العكس جواز بيع الهيئة دون المادة أو يقال بالشركة بين شخصين أحدهما يملك المادة والآخر يملك الهيئة والشكل كما في الفرش المنسوج بالشكل الخاص الفرش أي فارسي فرش يعني هذا نصّ عبارة السيد الخوئي نقلها شيخنا الأستاذ الداوري كتاب الخمسي في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وسبعة وستين يراجع المستند في شرح العروة الوثقى للسيد الخوئي كتاب الخمس صفحة سبعة وستين ثمانية وستين.

فرش يعني السجادة.

أو نقوش الكتاب وأوراقه وغير ذلك من سائر الهيئات والعوارض فلا يقال بأن المادة لشخص والهيئة لشخص آخر وهكذا الكيفيات كالحرارة والبرودة ونحوهما وإن كان الماء البارد مثلاً في الصيف أغلى ثمناً لكن ليس لصفة البرودة مقدار من الثمن يدفع بإزاءها.

ومن ذلك كله يعلم أن الهيئة لا مالية لهم وإلا لزم استحقاق الغاصب قيمة ما أحدثه في العين من الهيئة وهو مقطوع الفساد بل يجب على الغاصب ردّ المادة بهيئتها الفعلية يعني حتى الهيئة التي أحدثها فيها وإن أوجبت زيادة المالية ولا يدفع شيء للغاصب.

وعلى ذلك فالتعليل بأن الصفة بتمامها لعاملها في غير محله.

ومن الواضح أن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ كان ناظراً في مناقشته إلى كلمات السيد الحكيم في المستمسك إذ ذهب السيد الحكيم إلى أن مستحق الخمس يملك خمس المادة وأما الصفة بتمامها لعاملها.

السيد الخوئي يقول الصفة لا تقوم بمال حتى يقال إنها لعاملها.

انتهى كلامه في مناقشة الدليل الأول.

وناقشه شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ في كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وثمانية وستين قال ـ حفظه الله ـ :

ويمكن المناقشة فيما ذكر على الوجه الأول بأن ما أفاده من عدم تحقق الشركة في المادة والهيئة وإن كان صحيحاً إلا أن هذا لا يلازم عدم جعل مال بإزاء الهيئة بل الظاهر أن كل ما يوجب ازدياد قيمة المادة له قسط من الثمن سواء كانت الهيئة من قبيل نقش الفرش أو طبع الكتاب وأمثالهما أو كانت من قبيل الكيفيات والعوارض كبرودة الماء وحرارته أو كانت من قبيل الأوصاف من الكمال والصحة، كيف وقد يجعل بإزاء الأجل قسط من الثمان؟!

وعليه فالقول بأنه ليس بإزاء الهيئة مال في غير محله بل جعل المال بإزائها أولى من جعله بإزاء الأجل أو الأوصاف.

إذا شيخنا الأستاذ الداوري يذهب إلى أن الهيئة أو الشكل قد يجعل في مقابله مالٌ.

وأما عدم استحقاق الغاصب لعمله الموجب للزيادة فلأن الغاصب مأخوذ بأشق الأحوال.

وما أفاده شيخنا الأستاذ الداوري بالنسبة إلى الغاصب صحيح.

إذ لا يصح للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ أن ينقض بأن الغاصب يجب عليه أن يرد بما أحدثه فيها وإن أوجب ما أحدثه ارتفاع قيمة الشيء لأن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال.

أقول المدار على الصدق العرفي، فهل العرف يرى مبلغاً مقابل للمادة ومبلغاً مقابلاً للهيئة والصياغة أو أن العرف يرى أن المال للمجموع؟!

مثلاً الذهب توجد سبائك ذهبية وتوجد سكك ذهبية عند بائع الذهب وبائع الفضة ومن الواضح أن المثقال من الذهب الخالص قد يفرق عن المثقال من الذهب المصوغ والمنقوش، ولكن لو سألنا صائغ الذهب هذا الخاتم الذهبي أو سألنا صائغ الفضة هذا العقيق أو الفيروزج الموجود في الفضة هل قيمة العقيق والفيروزج الأصلي مثل قيمة العقيق والفيروزج المنحوت الذي نقش عليه آية من كتاب الله كما يناقش غالباً على الفيروزج (ربي لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين للإنجاب مثلاً).

الجواب لا شك أن صائغ الذهب والفضة يقول يوجد فارق ولكن لا يوجد مقدار من المبلغ في مقابل أصل الفيروزة ومقدار من الثمن في مقابل الصياغة.

وهكذا بالنسبة إلى الذهاب هل يقول الصائغ أنه يوجد مبلغ في مقابل أصل الذهب ويوجد مبلغ في مقابل الصياغة.

إذا هناك شيء وقدر متيقن وهو أن الذهب المصاغ قيمته تختلف عن الذهاب غير المصاغ وأن فص الخاتم الطبيعي يختلف عن فص الخاتم المنحوت والمنقوش عليه هذا مسلم.

ولكن ارتفاع القيمة لهذا الفص أو لهذا الذهب أو الفضة هل هذا المبلغ المرتفع يقسم إلى قسمين؟! قسم بلحاظ أصل المعدن وقسم بلحاظ النقش أو لا؟

أفتونا مأجورين ماذا تستظهورن المهم هو العرف أنت بوجدانك العرفي ماذا ترى؟ ماذا ترون بوجدانكم العرفي؟

مداخلة..

يعني هو لما يقول في كل جرام كذا هل يلحظ أجرة الصياغة؟! يقول أنا أخذ على أجرة الصياغ!! إذا هذه على أجرة العمل وليس على نفس الصياغة هذا لا يعني أن الصياغة الموجودة في الذهب يوجد مبلغ بإزائها هو أخذ مبلغ على أجرة الصياغة لا أن هناك مبلغ مقابل نفس الصياغة فرق في البين هذا واضح هذا مسلم.

يقول لك والله هذه رخامة تأخذ الأصلية هذه قيمتها، تريد أنحتها لك أنا على كل سانتي أخذ كذا على كل حرف اكتبه أخذ كذا إذا هذه أجرة في مقابل العمل في مقابل الصياغة وهذا لا يعني أن الهيئة لها مبلغ في مقابلها.

من هنا نقول إن ما ذهب إليه سيد المحققين السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ ليس ببعيد فالهيئة من حيث هي لا مالي لها ولا يقسط الثمن عليها، ولكن لا شك ولا ريب إن وجود الهيئة يوجب ارتفاع قيمة المعدن.

فنحن وإن التزمنا بأن الهيئة والصياغة والنحت لا قيمة له نعم هناك أجرة في مقابل إحداثه لكن نفس النحت نفس الصياغة لا قيمة لها لو التزمنا أنه لا قيمة لها لكن توجب ارتفاع القيمة.

وبالتالي يجب عليه تخميس المجموع خلافاً للسيد الماتن صاحب العروة وخلافاً لشيخنا الأستاذ ـ حفظه الله ـ ووفاقاً لسيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ .

وأما مناقشة السيد الخوئي في الدليل الثاني الذي يقول إن الخمس يتعلق بمالية العين ولا يتعلق بنفس العين فالمدار على لحاظ مالية المعدن عند استخراجه وليس لحاظ مالية المعدن بعد إحداث الزيادة والصياغة فيه.

وناقش السيد الخوئي بما مفاده إن صور كيفية تعلق الخمس بالمال وإن كانت متعددة كما سيأتي في مسألة خمسة وسبعين في مسألة أرباح المكاسب هذه مسألة جداً مهمة مسألة عامة يبحث فيها إن الخمس هل يتعلق بالعين أو يتعلق بالمالية؟ هل يتعلق بعينه؟ وهذا غير خاص بخمس المعدن يشمل جميع الموارد الخمس هل يتعلق بعين الغنيمة أو بمالية الغنيمة؟ هل يتعلق بعين الكنز أو بمالية الكنز؟ هل يتعلق بعين المستخرج من الغوص أو المستخرج من المعدن؟ أو يتعلق بمالية المعدن؟

وإذا قلنا إنه تعلق بالعين هل يتعلق بالعين بنحو الإشاعة أو يتعلق بنحو الكلي في المعين؟ هناك عدة آراء في كيفية تعلق الخمس بموارده.

إلا أن الظاهر من الأدلة كما يقول السيد الخوئي وأدعى عدم الخلاف في ذلك واختاره أيضاً السيد الماتن صاحب العروة ـ رحمه الله ـ إن الخمس متعلق بالعين لا المالية نعم اختلفوا في نحو تعلقه بالعين لكن لم يقولوا إن الخمس يتعلق بالمالية.

وحينئذ تكون العين بخصوصياتها الشخصية مشتركةٌ بين المالك وبين مستحقي الخمس فلابد من ملاحظات الصفات والهيئات كالمواد عند التقويم ومن ثم إخراج الخمس بلا فرق بين القول بأن الخمس يتعلق بالعين على نحو الإشاعة أو على نحو الكلي في المعين.

وبالتالي فلا وجه للقول والحكم بعدم وجوب الخمس في الزيادة فالأقوى لزوم إخراج خمس المجموع.

انتهى كلام السيد الخوئي المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة ثمانية وستين.

والصحيح ما ذهب إليه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من أن الخمس يتعلق بالعين وبمقتضى تعلقه بالعين تتحقق الشركة في هذه العين بين مستخرج المعدن وبين مالك الخمس الإمام ـ عليه السلام ـ والمستحقين فيثبت الخمس في المجموع ولا يختص بخصوص المادة دون النقوش والرتوش.

هذا تمام الكلام في الجهة الأولى من المسألة الثانية عشر وهي فيما إذا ارتفع سعر المعدن بسبب العمل كالصياغة أو النحت ويأتي الكلام إن شاء الله في الجهة الثانية إذا ارتفع المعدن بسبب الإتجار به قبل إخراج خمسة يأتي عليها الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo