< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثامن والخمسون: الوجه الثاني الذي استدل له على قول المشهور

الوجه الثاني الذي استدل له على قول المشهور في أن المعدن المستخرج من الأرض المفتوحة عنوة والعامرة هو من المباحات الأصلية فيملكه من أخرجه ويجب عليه الخمس.

هو أن هذا هو المستفاد من أدلة وجوب الخمس لأن أدلة وجوب الخمس مع كثرتها إذا حملت على خصوص من يخرج المعدن من ملكه الشخصي الذي هو أقل القليل يلزم من ذلك حمل الروايات المطلقة على الفرد النادر جداً إذ من الضروري أن أكثر المتصدين لاستخراج المعادن إنما يستخرجونها من الصحاري والبرابري والفلوات والمناطق الجبلية التي هي إما ملكٌ للمسلمين جميعاً وإما ملك للإمام ـ عليه السلام ـ وليست من الأملاك الشخصية للناس.

وهذا الوجه وإن جعله صاحب الجواهر مشعراً يراجع جواهر الكلام جزء ستة عشر صفحة مئة وتسعة وعشرين إلا أن سيد أساتذتنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ قد عده دليلاً موجباً لليقين والقطع بالحكم.

المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة وتسعة وخمسين.

وقد ردّ هذا الوجه شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري ـ حفظه الله ـ قائلاً إن هذه الروايات لو كانت مختصة بالأراضي الشخصية لورد الإشكال وأما إذا كانت شاملة للأنفال من صحاري والقفار ورؤوس الجبال وبطون الأودية فلا يلزم التقييد بالفرد النادر كما هو واضح.

لكن إشكال شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ على أستاذه السيد الخوئي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ ليس بواردٍ وسيتضح ذلك من خلال مناقشة الوجه الرابع إذ سيتضح إن شاء الله تعالى أن ما دلّ على أن الأنفال هي ملكٌ للإمام ـ عليه السلام ـ وما دلّ على أن الأراضي الخراجية كالأراضي المفتوحة عنوة هي ملكٌ لعامة المسلمين مختصٌ بخصوص ظاهر الأرض دون توابعها فضلاً عن باطنها بل ربما يستفاد من أدلة الأراضي الخراجية أن ما يملكه المسلمون جميعاً هو خصوص ما كان عامراً عند فتح الأرض وهذا هو القدر المتيقن من ملكية عموم المسلمين لذلك، وسيأتي التفصيل عند مناقشة الوجه الرابع.

الوجه الرابع والأخير الوجه الرابع والأخير الذي ذكره شيخنا الأستاذ الداوري في كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وتسعة وأربعين التمسك بما ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أنه قال من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحق به.

عوالي اللئالي لابن أبي جمهور الإحسائي الجزء الثالث صفحة أربعمئة وثمانين باب إحياء الموات الحديث الرابع، يراجع مستدرك الوسائل للمحدث النوري جزء سبعة عشر صفحة مئة وإحدى عشر باب واحد من أبواب إحياء الموات الحديث الرابع.

فإن عموم هذه الرواية شاملٌ للمقام وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة من حيث السند وأكثر روايات عوالي اللئالي ضعيفة السند إلا أن مضمونها موافقٌ للسيرة العقلائية ويؤكد مضمونها روايتان فتكون الروايات ثلاث.

الرواية الأولى المؤكدة ما ورد من قوله ـ عليه السلام ـ ومن استولى على شيءٍ منه فهو له.

تهذيب الأحكام الجزء التاسع صفحة مئتين وستين الحديث ألف وتسعة وسبعين.

الرواية الثانية المؤكدة ما رواه السكوني عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ أن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ قال في رجلٍ أبصر طائراً فتبعه حتى سقط على شجرةٍ فجاء رجلٌ آخر فأخذه، فقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ للعين ما رأت ولليدّ ما أخذت.

الكافي للكليني الجزء السادس صفحة مئتين وخمسة وثلاثين كتاب الصيد الباب مئة وثلاثة وخمسين الحديث ستة.

ورواها أيضاً الصدوق فيما لا يحضره الفقيه الجزء الثالث صفحة مئة واثنا عشر الحديث ثلاثة آلاف وأربعمئة وثلاثة وثلاثين.

ورواها الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام الجزء التاسع صفحة ستة وخمسين الحديث مئتين وسبعة وخمسين.

إذاً هذه الرواية رواها المحمدون الثلاثة في كتبهم:

محمد بن يعقوب الكليني في الكافي.

ومحمد بن علي بن الحسين الصدوق في الفقيه.

ومحمد بن الحسن الطوسي في تهذيب الأحكام.

ونقلها صاحب الوسائل الحرّ العاملي في وسائل الشيعة جزء ثلاثة وعشرين صفحة ثلاثمئة وواحد وتسعين الباب ثمانية وثلاثين من أبواب الصيد الحديث الأول.

وجه التأكيد في هاتين الروايتين للرواية الأولى أن مقتضى إطلاق هاتين الروايتين شمولهما لمحل الكلام فإن مضمونهما موافقٌ لتلك الرواية وهي قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحق به.

إذاً أصل الدليل الرواية ضعيفة ولكنها مؤكدة بروايتين يمكن تصحيحهما.

وقد ناقش شيخنا الأستاذ الداوري في هذا الدليل الرابع وبالتالي تكون جميع الوجوه الأربعة ليست تامة عند شيخنا الأستاذ الداوري.

وقد ناقش الوجه الرابع وقال ففيه أنه غير تام سنداً ودلالة.

أما الرواية الأولى موضع الاستدلال وهي رواية عوالي اللئالي أو غوالي اللئالئ فمن كلتا الجهتين لأنها من جهة السند ضعيفة ومن جهة الدلالة وإن كانت مطلقة إلا أنها مقيدة بما إذا لم يكن ملكاً للغير كما في الأملاك الشخصية فقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ من سبق إلى ما لا يسبقه إليه المسلم فهو أحق به هذه ناظرة إلى المباحات العامة وليست ناظرة إلى أملاك الغير سواء كانت ملكاً شخصياً أو ملكاً للإمام ـ عليه السلام ـ أو ملكاً للمسلمين عامة.

إذاً الرواية الأولى لا يمكن الاستدلال بها من جهة السند ومن جهة الدلالة وسيأتي إن شاء الله أنها ضعيفة السند ولكن دلالتها تامة لأنها تشمل الأراضي الخراجية والأراضي التي هي ملك الإمام ـ عليه السلام ـ إذا حاز ما لم يكن من ظاهرها كما سيأتي إن شاء الله يستثنى منها خصوص الأملاك الشخصية.

وأما الرواية الثانية فهي وإن كانت معتبرة السند إلا أنها خارجةٌ عن محل الكلام لأنها واردةٌ في ميراث الأزواج والتقييد في قوله ـ عليه السلام ـ منه يفيد بأنه خاص بالأموال المشتركة بين الزوجين فهي خاصةٌ بموردها فلا تجري في غيره ولم يلتفت سيدنا الأستاذ إلى هذا القيد ولذلك استشهد بها.

المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة تسعة وخمسين.

وأما الرواية الثالثة لـ العين ما رأت ولـلـيدّ ما أخذت فهي فإنها وإن كانت معتبرة السند أيضاً إلا أنها مخصوصة فيما إذا لم يكن للطير مالكٌ وإلا فلا يجوز تملك مال الغير بمجرد وضع اليدّ عليه.

ثم يقول شيخنا الأستاذ الداروي كتاب الخمس الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وواحد وخمسين:

والحاصل أن جميع الأدلة لا يخلو عن إشكال ولم يبقى في البين إلا دعوى صاحب الجواهر ـ قدس سره ـ الشهرة على الحكم وأما دعوى عدم الخلاف فهي غير ثابتة لذهاب جماعة كـ المفيد والكليني وسلار وغيرهم كما تقدم إلى خلاف ذلك.

والظاهر أن دعوى الشهرة لا توجب الاطمئنان بالحكم فمقتضى القاعدة هو التوقف في المسألة والأخذ بالاحتياط كما هو رأي السيد الأستاذ ـ قدس سره ـ في المنهاج.

منهاج الصالحين الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وسبعة وعشرين المسألة ألف ومئة وستة وتسعين.

بل قال فيه بالاحتياط الوجوبي ومثله السيد الحكيم في المستمسك.

مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وأربعة وستين.

ومن الواضح أن هذا الاحتياط هو بلحاظ تكليف المستخرج فإن من استخرج المعدن من الأرض الخراجية يشكّ هل ملك المعدن فيجب عليه التخميس أو لم يملكه فلا يجب عليه التخميس؟

وهنا الاحتياط يقتضي العمل فـ في كل موردٍ دار الأمر بين الوجوب وعدم الوجوب فإن الاحتياط يقتضي الإتيان والعمل فمقتضى الاحتياط بالنسبة إلى المكلف المستخرج هو أن يخمس ما استخرجه من المعدن إذا بلغ نصاباً على الأحوط وجوباً.

هذا تمام الكلام في رأي شيخنا الأستاذ الداوري من التوقف أو الأخذ بالاحتياط.

إلا أن ما نسبه إلى سيد أساتذتنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من أنه قد استدل برواية الميراث وأنه لم يلتفت إلى قيد منه ليس بدقيق وقد اعتمد شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ في نسبة الاستدلال لأستاذه السيد الخوئي على ما ورد في تقرير الشهيد مرتضى البروجردي المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس الجزء خمسة وعشرين صفحة تسعة وخمسين، قال الشهيد البروجردي ناسباً للإمام الخوئي:

ويؤكده عموم ما ورد من أن من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحدٌ فهو أحق به فإنها وإن كانت نبوية إلا أن مضمونها مطابقٌ لما عرفت من السيرة العقلائية.

إذاً هنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ذكر الرواية التي جعلها الشيخ الداوري أول رواية في الدليل الرابع ثم يقول المقرر:

وكذا ما ورد من أن من استولى على شيءٍ فهو له.

الشيخ الداوري نقل هذا النصّ أضاف إليه منه موجودة في الرواية ومن استولى على شيءٍ منه فهو له وقال إن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ غفل عن قيد منه وفي تقرير البروجردي تحقيق موسوعة الإمام الخوئي تم تخريج هذا المصدر الحاشية رقم اثنين صفحة تسعة وخمسين، الوسائل جزء ستة وعشرين صفحة مئتين وستة عشر أبواب ميراث الأزواج باب ثمانية الحديث الثالث.

إذاً شيخنا الأستاذ الداوري حينما ناقش أستاذه الخوئي كان ناظراً إلى تقرير البروجردي والتخريج الذي خرجت به هذه الرواية والحال إن هذه الرواية لم ترد على لسان الإمام الخوئي في بحثه جملةً وتفصيلاً حتى يقال إنه قد غفل عن لفظة منه لم ترد هذه الرواية على لسان الإمام الخوئي في هذا الموطن من البحث.

ويتضح هذا من ملاحظة تقريرين آخرين لبحث الإمام الخوئي في الخمس:

البحث الأول التقرير الأول الواضح في شرح العروة الوثقى للشيخ محمد الجواهري الجزء السادس كتاب الخمس صفحة اثنين وثمانين وهذا الجهد للشيخ محمد الجواهري مشكور عليه دائماً يتتبع يعني بالإضافة إلى تقريريه يتتبع تقرير البروجردي ويناقش التقارير الأخرى كتقرير السيد محمود الهاشمي الشاهرودي لأن السيد محمود ناظر إلى السيد الخوئي ويناقش السيد الخوئي.

الشيخ محمد الجواهري يناقش السيد الخوئي والسيد محمود الهاشمي والشيخ مرتضى البروجردي.

في هذه الحاشية صفحة اثنين وثمانين الحاشية رقم واحد يقول:

إراد هذه الرواية من الشيخ البروجردي وكان ينبغي أن يدرجها في الحاشية حتى لا يرد الإيراد على السيد الخوئي.

يقول الشيخ الجواهري:

ذكر ذلك السيد الأستاذ في اليوم الأول والذي قاله هو ـ نصّ كلامه ـ وكذا ما ورد أن الاستيلاء موجبٌ للملك والذي أذكر أن الرواية الدالة عليه معتبرة ثم ذكر في اليوم الثاني أن هذه الرواية هي معتبرة السكوني وليست هذه الرواية الواردة في الميراث الرواية الواردة في الميراث.. ثم ذكر معتبرة السكوني يقول:

وأشار المقرر في هامش المستند إلى مكان رواية من استولى على شيء فهو له.

الوسائل جزء ستة وعشرين صفحة مئتين وستة عشر الباب صفحة مئتين وستة عشر باب ثمانية من أبواب ميراث الأزواج الحديث الثالث.

موسوعة الإمام الخوئي جزء خمسة وعشرين صفحة تسعة وخمسين.

أقول هكذا يقول الشيخ الجواهري:

الرواية التي أشار إليها المقرر في هامش المستند هي معتبرة يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله في إمرأة تموت قبل الرجل أو الرجل قبل المرأة، فقال (ما كان من متاع النساء فهو للمرأة وما كان من متاع الرجال والنساء فهو بينهما ومن استولى على شيء منه فهو له) فالموجود في هذه الرواية كلمة (منه) ومع هذه الكلمة ليست الرواية مشتملة على نفس هذا التعبير الذي ذكره مقرر المستند وبينهما بون بعيد.

وما ذكره المقرر غير وارد في الروايات أصلاً وليس مضمونه مستفاداً من معتبرة السكوني ومع كون مضمونه مستفاداً من معتبرة السكوني لا منها أي لا من معتبرة يونس فأي فائدة لمعتبرة يونس وأي أثر لذكرها.

ثم يقول وكان الأنسب لصاحب المستند ذكر ذلك أي ما رواه (أن من استولى على شيء فهو له) في هامش المستند ليعرف أن هذا كلامه لا كلام السيد الأستاذ حتى لا يرد الإشكال الوارد عليه على السيد الأستاذ.

خصوصاً مع ذكر ذلك بين قوسين من دون ذكر كلمة (منه) فيه وليس لهذه الرواية وجود أصلاً كما عرفت.

إذاً إشكال شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ على السيد الخوئي بالنسبة إلى هذه الرواية ليس بتامٍ والذي يزيد في اطمئنانا مراجعة تقرير الرودباري كتاب الخمس للسيد مجتبى الرودباري يذكر يوم بيوم هذا المطلب السيد الخوئي ذكره في يومين الأول هو يوم السبت ستة عشر جمادى الثانية سنة ألف وثلاثمئة وسبعة وتسعين في نهاية الدرس هكذا قال السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ونصّ على معتبرة السكوني ولم ينصّ على تلك الرواية.

والمطلب الثاني هو كرر الرواية اليوم الثاني يوم الأحد سبعة عشر جمادى الثانية ألف وثلاثمئة وسبعة وتسعين.

هكذا قال تراجعون كتاب الخمس للسيد مجتبى الرودباري صفحة خمسة وثمانين قال يوم السبت هكذا:

ويؤكد ما قلناه أي أن الخارج يكون للمخرج لا للمالك.

ثم يقول:

رواية السبق ورواية معتبرة أخرى عن السكوني وهي تفيد حصول الملك بنفس الاستيلاء.

ثم قال صفحة ستة وثمانين كلامه يوم الأحد:

وأيضاً يمكن الاستشهاد بما رواه السكوني عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين وهذه الرواية قد ذكرها المشايخ الثلاثة بسند معتبر عندنا وإن كان فيه النوفلي.

إلى هنا اتضح أن الإشكال الأخير على هذه الرواية والاستدلال بها ليس بتام لأن السيد الخوئي لم يستدل بها ولكن ليس بحثنا أن السيد الخوئي استدل أم لا.

الآن وبعد عرض الوجوه الأربعة ومناقشة شيخنا الأستاذ لها نقول الصحيح هو ما ذهب إليه السيد الماتن من ثبوت ملكية المعدن لمستخرج المعدن ووجوب التخميس عليه والله العالم.

والوجه في ذلك هو الوجه الأول الذي ناقشه شيخنا الأستاذ الداوري وقلنا هو قابلٌ للتأمل وخلاصته ثبوت المقتضى وعدم وجود المانع، وهذا هو رأي السيد الخوئي سيد أساتذتنا ورأي سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ فقد صال وجال وأطال وأفاد.

قال السيد محمود كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئة وتسعة وستين، يقول:

أما البحث في الجهة الأولى فبعد الفراغ عن كون الاستخراج في نفسه سبباً للتملك إما لكونه إحياءً أو حيازة له لا يكون هناك محذور في تملك المستخرج المسلم للمعدن إلا كونه مملوكاً لغيره لوضوح أن الإحياء أو الحيازة إنما يكون سبباً للملك أو للحق الخاص إذا لم يكن في مال الغير من غير فرق في ذلك من الملك الخاص أو العام فلا بدّ في المقام من إثبات عدم المانع عن اقتضاء الاستخراج للتملك وذلك بأحد وجوه.

الأول ما هو المعتمد من تمامية المقتضي للتملك بالاستخراج سواء كونه إحياء أو حيازة وعدم المانع عنه.

أما الأول فواضح أن الحيازة والإحياء يوجب الملكية، يبقى الكلام في الثاني وجود المانع، فما هو المانع؟

المانع الدليل الذي يدل على أن أراضي الأنفال ملك للإمام والدليل الذي يدل على أن الأراضي الخراجية وهي التي فتحت عنوة وكانت عامرة هي ملك لجميع المسلمين.

إذا رجعنا إلى هذه الأدلة سنلحظ أولاً بالنسبة إلى الأراضي الخراجية الظاهر منها أن المسلمين يملكون خصوص ما كان محيا عند فتح الأرض عنوة ولا يتعدى الدليل إلى غير ذلك فتبقى الأرض على الإباحة الأصلية تصير مباحة أصلية.

وأما بالنسبة إلى الأنفال فالإمام ـ عليه السلام ـ حللها لشيعته بالتالي مستخرج المعدن من المباحات العامة أو من الأرض الخراجية تثبت ملكيته.

بالتالي يتضح أن ما أفاده الإمام الخوئي من أن حمل المطلقات على خصوص الاستخراج من الأرض الشخصية هذا حمل على الفرد النادر لأن أكثر الأراضي على الإباحة الأصلية سواء كانت ملكاً للإمام ـ عليه السلام ـ أو ملكاً لعامة المسلمين.

لاحظ أنا أقرأ نصّ العبارة لدقتها ونقرأ نصّ عبارة السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ صفحة مئة وسبعين:

وأما الثاني فلأن المانع المتصور إما هو ملكية الإمام للأنفال أو ملكية المسلمين للمعادن الموجودة في الأرض المفتوحة عنوة وكلاهما غير تام.

أما الأول فلما تقدم الإشارة إليه من أن ملكية الإمام ـ عليه السلام ـ للأنفال في مثل الموات والمعادن ونحوهما ليست بمعنى إلغاء سببية الإحياء أو الحيازة لحصول الحق والملك الخاص فيها بل بمعنى أن رقبتها وأصلها بما هي موات وبما هي رقبة معدنٌ ملكٌ للإمام أي بما هي ثروات طبيعية وعامة فلا محذور في تملكها أو حصول حقّ شخصي فيها بالإحياء أو الاستخراج والحيازة.

وهذا مضى الكلام فيه.

وأما الثاني ـ أنها الأراضي الخراجية ملك لعامة المسلمين ـ فلأن دليل تملك المسلمين للأرض الخراجية ليس مفادها أكثر من كون الأرض مفتوحة عنوة للمسلمين وهو لا يقتضي تملك ما في جوفها من المعادن لعدم وجود نكته للتبعية كما أشرنا فتبقى المعادن في الأرض الخراجية على الإباحة الأولية أو تكون من الأنفال.

وقد عرفت أن ذلك لا يمنع عن التملك بالاستخراج هذا مضافاً إلى أن المستظهر من أدلة مالكية المسلمين لأرض الخراج تملكهم لنفس ما كان يملكه الكفار بالإحياء من أراضيهم التي عمروها لا أكثر.

وقد تقدم أن الإحياء للأرض لا يوجب تملك المعادن والثروات الأخرى المودعة فيها فتبقى رقبة المعادن على الإباحة أو على ملكية الإمام ـ عليه السلام ـ .

هذا ما أفاده سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي، وعبارة الإمام الخوئي سيد أساتذتنا أدق هذا نصّ عبارته في مجلس الدرس، يراجع كتاب الخمس للسيد مجتبى الرودباري صفحة ستة وثمانين أول كلامه في الدرس لاحظ الدقة والعمق، قال:

كان كلامنا في المعدن المستخرج من الأراضي المفتوحة عنوة التي تكون ملكاً للمسلمين أو من أراضي الموات التي هي ملكٌ للإمام ـ عليه السلام ـ وقلنا إن المخرج يملك ذلك.

فإن الأراضي المملوكة للأشخاص لا تقاس بهذه الأراضي لأن ملكية المسلمين أو الإمام ـ عليه السلام ـ إنما تثبت في نفس الأراضي وأما ما يتكون فيها من المعدن أو كان ثابتاً فيها قبل الاستيلاء فلم يدل دليل على التبعية فيكون المعدن للذي استخرجه واستولى عليه.

ويمكن الاستشهاد لذلك بالسيرة القطعية الممضاة من الشرع وما دلّ على أن من استولى على مالٍ لا يكون له مالكٌ فهو يملكه ويمكن أيضاً الاستشهاد بما رواه السكوني عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين.

إذاً السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في الاستشهاد بالروايات ناظر إلى أن أدلة المباحات الأصلية تشمل أراضي الأنفال وتشمل الأراضي المفتوحة عنوة.

والسرّ في ذلك:

أن ملكية جميع المسلمين للأراضي المفتوحة عنوة هي لخصوص ما أخذوه من الكفار عند الفتح ولا تتعدى إلى توابع الأرض فضلاً عما في باطن الأرض كما أن روايات الأنفال البراري والفلوات ورؤوس الجبال هي للإمام هذا بحسب الحكم الأولي وهذا لا يتنافى ولا ينافي ملكيتها لمن حازها فإن ملكية من حاز في طول ملكية الإمام ـ عليه السلام ـ .

إذاً الصحيح ما ذهب إليه السيد الماتن ـ رحمه الله ـ وأفتى به إذ قال في المسألة التاسعة:

إذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين فأخرجه أحدٌ من المسلمين ملكه وعليه الخمس.

هذا تمام الكلام في المقام الأول إذا كان المخرج مسلماً ويقع الكلام في المقام الثاني إذا كان المخرج من الأرض المفتوحة عنوة وكانت عامرة كان المخرج هو الكافر يأتي عليه الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo