< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الخامس والخمسون: القول الثاني إن التصرف في المعدن يحتاج إلى الإذن

إن التصرف في المعدن يحتاج إلى إذن الإمام ـ عليه السلام ـ أو الحاكم الشرعي حتى لو كان المعدن قد استخرج من الأملاك الشخصية وقد نسب هذا القول إلى الشيخ المفيد والشيخ الكليني والديلمي والقاضي بن البراج والقمي في تفسيره وغيرهم كما في جواهر الكلام للمحقق النجفي الجزء ستة عشر صفحة مئة وتسعة وعشرين وكذلك الجواهر جزء ثمانية وثلاثين صفحة مئة وثمانية فيه ما يقرب من ذلك.

وقد استدل على هذا القول بما ورد من الروايات الدالة على أن المعادن من الأنفال وأنها للإمام ـ عليه السلام ـ نذكر منها خمس روايات:

الرواية الأولى رواية أبي بصير عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ أنه سمعه يقول لنا الأنفال، قلت وما الأنفال؟

قال منها المعادن والآجام وكل أرض لا ربّ لها وكل أرضٍ باد أهلها فهو لنا.

ودلالت الرواية واضحة على أن المعادن للإمام ـ عليه السلام ـ .

الرواية الثانية رواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في حديث طويل قال قلت وما الأنفال؟

قال بطون الأودية ورؤوس الجبال والآجام والمعادن وكل أرضٍ لم يوجف عليها بخيلٍ ولا ركاب وكل أرضٍ ميتة قد جلى أهلها وقطائع الملوك.

والرواية واضحة في أن المعادن من الأنفال.

الرواية الأولى وردت في تفسير العياشي الجزء الثاني صفحة اثنين وخمسين سورة الأنفال الحديث إحدى عشر، وذكرها الحر العاملي في وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة خمسمئة وثلاثة وثلاثين الباب الأول من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ـ عليه السلام ـ الحديث ثمانية وعشرين.

الرواية الثانية تفسير العياشي الجزء الثاني صفحة أربعة وخمسين سورة الأنفال الحديث واحد وعشرين ورواها الحر العاملي في وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة خمسمئة وأربعة وثلاثين الباب الأول من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ـ عليه السلام ـ الحديث اثنين وثلاثين.

الرواية الثالثة موثقة إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن الأنفال فقال هي القرى التي خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول وما كان للملوك فهو للإمام وما كان من أرض الجزية لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرضٍ لا ربّ لها والمعادن منها ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال.

تفسير القمي الجزء الأول صفحة مئتين وأربعة وخمسين سورة الأنفال الحديث الأول، ورواه الحر العاملي في وسائل الشعر الجزء التاسع صفحة خمسمئة واثنين وثلاثين الباب الأول من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ـ عليه السلام ـ الحديث عشرين مع اختلاف يسير بين تفسير القمي ووسائل الشيعة.

الرواية الرابعة ما نقله المحدث النوري في مستدرك الوسائل عن كتاب عاصم بن حميد الحناط عن أبي بصير عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ أنه قال ولنا الصفي.

قال قلت له وما الصفي؟

قال الصفي من كل رقين وإبلٍ يبتغى أفضله ثم يضرب بسهم ولنا الأنفال.

قال قلت وما الأنفال؟

قال المعادن منها والآجام وكل أرضٍ لا ربّ لها ولنا ما لم يوجف عليه بخيلٍ ولا ركاب وكانت فدك من ذلك.

مستدرك الوسائل للمحدث النوري الجزء السابع صفحة مئتين وخمسة وتسع الباب الأول من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ـ عليه السلام ـ الحديث الأول.

الحديث الخامس صحيحة مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في حديث طويل قال قلت له إني كنت وليت الغوص فأصبت أربعمئة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأعرض لها وهي حقك الذي جعل الله تعالى لك في أموالنا.

فقال ـ عليه السلام ـ أوما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس؟! يا أبا سيار الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا.

تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي الجزء الرابع صفحة مئة وستة وعشرين الحديث أربعمئة واثنين، ورواه الحر العاملي في وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة خمسمئة وثمانية وأربعين الباب الرابع من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ـ عليه السلام ـ الحديث اثنا عشر مع اختلاف يسير بين التهذيب ووسائل الشيعة.

ومن الواضح دلالة هذه الروايات الخمس على أن المعادن من الأنفال فقد صرحت الروايات الأربع الأول ونصت على أن المعدن من الأنفال كما أن الرواية الأخيرة وهي صحيحة أبي سيار نصّت على أن الأرض كلها للإمام ـ عليه السلام ـ .

إذا هذه الروايات الخمس صريحة في أن المعادن من الأنفال وأن الأنفال للإمام ـ عليه السلام ـ إذا لا يجوز التصرف في المعادن إلا بإذن الإمام ـ عليه السلام ـ أو نائبه بالحق.

هذا ولكن يمكن المناقشة في هذه الروايات بل إن الاستدلال بها على اشتراط إذن الإمام أو الحاكم الشرعي ليس بتام لأن هذه الروايات قاصرة سنداً ودلالةً أو دلالةً فقط.

أما الرواية الأولى والثانية اللتان رواهما العياشي في تفسيره فهما قاصرتان سنداً ودلالة.

أما من ناحية السند فلأن العياشي ـ رحمه الله ـ حذف أسانيد تفسيره رغماً للاختصار وبالتالي سقط اعتبار روايات تفسير العياشي، فمن هنا لا يمكن الأخذ بالرواية الأولى وهي رواية أبي بصير ولا الأخذ بالرواية الثانية وهي رواية داوود بن فرقد هذا من جهة السند.

وأما من جهة الدلالة فدلالتها على اشتراط إذن الإمام في استخراج الخمس من المعدن ضعيفة لأنه يمكن أن يقال إن من المحتمل أن يكون المراد أن المعادن من الأنفال كما في هاتين الروايتين وغيرهما أي بحسب طبعها الأولي قبل الإحياء والحيازة فالمعادن كسائر الفقرات المذكورة في الروايات كالآجام وكل أرضٍ لا ربّ لها ورؤوس الجبال وبطون الأودية فهذه المصاديق المذكورة في روايتي تفسير العياشي وغيرهما هي ناظرة إلى أن المعادن والآجام ورؤوس الجبال وغير ذلك قبل الحيازة والإحياء هي من الأنفال فتكون للإمام ـ عليه السلام ـ .

وأما إذا تم إحياؤها وحازها وتملكها أحد المكلفين فهي لمن حازها ولمن تملكها ولمن أحياها.

فالمقصود في هاتين الروايتين وغيرهما أن المعادن بحسب طبعها الأولي قبل الحيازة والإحياء تكون للإمام ـ عليه السلام ـ .

وهذا المعنى لا ينافي أن تكون ملكاً بسبب الحيازة والإحياء ولكن تكون في طول ملكية الإمام ـ عليه السلام ـ .

وهذا المعنى قد يستظهر من الروايتين الأولتين بل من جميع الروايات الخمس كما في صحيحة أبي سيار يا أبا سيار الأرض كلها لنا هذا بحسب طبعها الأولي.

وقد يقال إن استظهار أن المعادن بحسب طبعها الأولي هي للإمام ـ عليه السلام ـ ومن الأنفال وهذا لا ينافي تملكها بسبب الحيازة والإحياء بعيدٌ ولكن يمكن ترجيح ما استظهرناه بوجوه ثلاثة ذكرها شيخنا الأستاذ المحقق الشيخ مسلم الداوري كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وتسعة وثلاثين.

الوجه الأول إنه مقتضى الجمع بين هذه الروايات الخمس وبين الروايات التي دلت على أن الحيازة والإحياء سبب للملكية فما يقع في يدّ المكلف مما حازه وأحياه من المعادن يصبح ملكاً له لأنه قد حازه ولا يحتاج إلى إذن من الإمام ـ عليه السلام ـ لأن الحيازة سبب للملكية وقد نصّ على ذلك الإمام ـ عليه السلام ـ .

ويؤيد هذا المعنى ما ورد في رواية عوالي اللئالي أنه ـ صلى الله عليه وآله ـ قال عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني فمن أحيا مواتاً فهي له.

عوالي الئالي لابن أبي جمهور الإحسائي الجزء الأول صفحة أربعة وأربعين الفصل الرابع الحديث ثمانية وخمسين وكذلك عوالي اللئالي الجزء الثاني صفحة أربعمئة وواحد ثمانين باب إحياء الموات الحديث الخامس لكن لم ترد فيها فقرة فمن أحيا مواتاً فهي له.

الوجه الثاني قيام سيرة المتشرعة القطعية على أن من تملك معدناً أو أخرجه من الأرض يجب عليه إخراج خمسه مع أنه لو كانت المعادن للإمام ـ عليه السلام ـ فلا معنى لوجوب الخمس على غير الإمام ـ عليه السلام ـ لأنه هو المالك.

والقول بأن وجوب تخميس المعدن مختص بخصوص المعدن المستخرج من الأراضي المملوكة بالملك الشخصي ليس بتام لأن المعادن قليلة جداً في الأملاك الشخصية وأكثر المعادن في الأراضي العامة.

على أنه يرد الإشكال حتى في الأراضي العامة.

فإذا التزمنا بأن المعدن ملك للإمام ـ عليه السلام ـ وأنه من الأنفال سواء كان في الأراضي المملوكة بالملك الشخصي أو الأراضي العامة فحينئذ نقول لم أوجب الروايات خمس المعدن على مستخرج المعدن؟

فلو كانت هذه المعادن.. ملك للإمام ـ عليه السلام ـ لما وجب الخمس على المستخرج.

لكن قد يناقش هذا الوجه وهو أن المستفاد من الروايات وجوب الخمس على مخرج المعدن قد يناقش بأنه من المحتمل أن يكون هذا المقدار من المال وهو الخمس المراد به طسقاً الطسق أي أجرة في مقابل الاستفادة من ملك الإمام ـ عليه السلام ـ .

وقد رضي الإمام ـ عليه السلام ـ بالتصرف في ملكه في مقابل هذا المقدار وهذا الطسق على أن يصرف هذا الطقس في الموارد المعينة من قبل الإمام ـ عليه السلام ـ .

وقد وردت الإشارة إلى ذلك في بعض كما في رواية عمر بن يزيد قال في رواية فقال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ كان أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يقول من أحيا أرضاً من المؤمنين فهي له وعليه طسقها يؤديه إلى الإمام في حال الهدنة فإذا ظهر القائد فليوطن نفسه على أن تؤخذ منه.

تهذيب الأحكام الجزء الرابع صفحة مئة وسبعة وعشرين الحديث أربعمئة وثلاثة، ورواه الحر العاملي في وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة خمسمئة وتسعة وأربعين الباب الرابع من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ـ عليه السلام ـ الحديث ثلاثة عشر.

والمراد بالهدنة فترة غيبة الإمام المعصوم ـ عليه السلام ـ عندنا جملة من الروايات نصت على بعض الأحكام أنها ممضات لكنها إذا ظهر الحجة يعمل بالحكم الواقعي من هذه الروايات نجاسة الحديد وأنه نجس ولكن في فترة الغيبة يعمل على طهارته ترتب آثار الطهارة الظاهرية عن الحديد فإذا ظهر القائم المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ تفعل هذا الحكم وهو نجاسة الحديد عندنا جملة من الرواية أنها في حال الهدنة تختلف عن حال القيام.

الوجه الثالث قيام سيرة المتشرعة القطعية على استخراج المعادن من الأراضي الموات فضلاً عن المملوكة ويعتبرون أن نفس الإحياء سببٌ للملكية ولا يرون حاجة إلى أخذ إذن الإمام فيها فكذلك الأراضي المملوكة حيث يعتبرون أن ما فيها من المعادن تابع للأرض كما تقدم عند عندما تطرقنا إلى القول الأول قول القدماء.

ولكن قد يخدش هذا الوجه الثالث سيرة المتشرعة بأن قيام سيرة المتشرعة القطعية لعله كان من باب ثبوت الإذن من الإمام ـ عليه السلام ـ لشيعته كما ورد في بعض الروايات الشريفة.

النتيجة النهائية إن الاستدلال بالروايتين الأولتين وهي رواية أبي بصير ورواية داوود بن فرقد اللتين ذكرهما العياشي غير تام على المدعى لقصورهما سنداً ودلالة.

وأما الروايات الثلاث الباقية فهي معتبرة من ناحية السند ولكن تأتي فيها نفس المناقشة الدلالية من أنها ناظرة إلى خصوص الأراضي بحسب الحكم الأولي مع غضّ النظر عن الحيازة والإحياء فالمعادن في الأراضي الموات للإمام ـ عليه السلام ـ والمعاد في الأرض المحياة هي لمن أحياها.

والروايات الثلاث كما يلي من ناحية السند:

الرواية الثالثة موثقة إسحاق بن عمار فقد رواها علي بن إبراهيم القمي عن أبيه عن فضالة بن أيوب عن أبا ابن عثمان عن إسحاق بن عمار ومن الواضح أنها موثقة بإسحاق بن عمار إذا استظهرنا أنه الساباطي.

وكان سيدنا الأستاذ السيد موسى الشبيري الزنجاني ـ حفظه الله ـ يرى روايات إسحاق بن عمار صحيحة وليست موثقة لكلام قد يطول وهو وجود اشتباه بين إسحاق بن عمار الساباطي وإسحاق بن عمار ليس هو الساباطي فهو يرى أنه إمامي فتكون الرواية صحيحة السند وليست موثقة هذا بالنسبة للرواية الثالثة.

وأما الرواية الرابعة فهي رواية المحدث النوري في المستدرك.

طبعاً رواية تفسير القمي يمكن أن يناقش فيها هذه الرواية الثالثة لأنها لم تصل إلينا بطريق صحيح يعني كتاب القمي الذي وصل إلينا هو تفسير مختلط بين تفسير أبي الجارود الزيدي وتفسير علي بن إبراهيم القمي والسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ يرى أن السند صحيح فيرى حجية روايات تفسير القمي إن تم سندها.

وشيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ يرى التفصيل فقد فرز روايات تفسير القمي وجعلها في قسمين:

القسم الأول ما ورد في تفسير علي بن إبراهيم القمي.

والقسم الثاني ما ورد في تفسير أبي الجارود الزيدي.

فقال شيخنا الأستاذ الدوري ـ حفظه الله ـ بحجية روايات تفسير القمي التي وردت في القسم الأول وعدم حجية روايات القسم الثاني التي وردت في تفسير أبي الجارود الزيدي.

وقد ناقشنا ذلك مفصلاً في بحوثنا الرجالية وقلنا إن الجامع للتفسير مجهول وهو أبو الفضل العباس كما أن النسخة التي وصلت إلينا هي نسخة مخلوطة بين التفسيرين فلا يمكن الاعتماد عليها.

وقد استظهرنا أن هذه النسخة التي وصلت إلينا هي نفس النسخة التي إلى صاحب الوسائل فلا يمكن الاعتماد على ما نقله صاحب الوسائل عن تفسير القمي.

نعم يمكن الاعتماد على ما نقله النجاشي أو الشيخ الطوسي عن تفسير القمي دون ما نقله الحر العاملي.

وبالتالي تصبح الرواية ضعيفة لعدم وصول نسخة صحيحة إلينا من تفسير القمي وإن كان نفس السند الذي نقله صاحب الوسائل عن النجاشي صحيحة يعني نفس السند والطريق إلى الكتاب صحيح ونفس سند الرواية أيضاً موثق أو صحيح إلا أن تفسير القمي لم يصل إلينا ولا إلى صاحب الوسائل يعني لم تصل النسخة الصحيحة الخالصة إلينا وإلى صاحب الوسائل.

فتكون هذه الرواية موثقة على مبنى شيخنا الأستاذ وسيد أساتذتنا السيد الخوئي وضعيفة على مبنانا هذا تمام الكلام في الرواية الثالثة.

الرواية الرابعة هي رواية المحدث النوري في المستدرك والمحدث النوري نقلها من كتاب عاصم بن حميد وقد بين شيخنا الأستاذ الداوري أن للكتاب عدة طرق وبعضها معتبر.

يراجع أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق الشيخ مسلم الداوري الجزء الثاني صفحة ستة وثلاثين.

وأما عاصم بن حميد فهو من الثقات الآجلاء كما نصّ على ذلك النجاشي في رجاله.

يراجع رجال النجاشي صفحة ثلاثمئة وواحد ترجمة ثمانمئة وواحد وعشرين.

يبقى الكلام في الرواية الخامسة والأخيرة وهي رواية مسمع بن عبد الملك أو صحيحة أبي سيار يأتي عليهاالکلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo