< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جلسة41.التحقيق في خمس وزكاة الصغير والمجنون

ذهب المشهور إلى تعلق الخمس بمال الصبي والمجنون بخلاف الزكاة فقد ذهب المشهور إلى عدم تعلق الزكاة بمال الصبي والمجنون.

والوجه في الفرق بين الموردين أمران بل ثلاثة:

الأول ووجود إطلاق في أدلة وجوب إخراج الخمس من المعدن وهي شاملة للصغير والمجنون.

الثاني عدم شمول حديث الرفع للصغير والمجنون أي لخمسهما وزكاتهما نظراً لاختصاص حديث الرافع برفع خصوص الأحكام التكليفية دون الأحكام الوضعية ومن الواضح أن ثبوت وتعلق الخمس أو الزكاة بالمال هو حكم وضعي وليس حكماً تكليفياً.

إذا بالنسبة إلى الأمر الأول يوجد إطلاق في أدلة خمس المعدن فيشمل الصبي والمجنون وبالنسبة إلى الأمر الثاني حديث الرفع لا يرفع الأحكام الوضعية كثبوت الخمس أو الزكاة في المال فتكون النتيجة ثبوت الخمس في مال الصغير المجنون.

وأما الزكاة فهي وإن كانت من الأحكام الوضعية لا التكليفية لكن قد يدعى أن دليل وجوب الزكاة لا إطلاق له للصبي والمجنون.

الأمر الثالث ورد دليل خاص على نفي الزكاة في مال الصبي والمجنون ولم يرد دليل خاص يدل على نفي الخمس عن مال الصبي والمجنون.

فلو سلمنا بالنسبة إلى الأمر الأول أن أدلة الزكاة فيها إطلاق يشمل الصبي والمجنون وسلمنا في الأمر أن حديث الرفع لا يشمل الأحكام الوضعية وإنما يختص برفع خصوص الأحكام التكليفية فإنه يأتي الأمر الثالث وهو أن أنه في الزكاة ورد دليل خاص فيه وفي الخمس لم يرد دليل خاص ينفي الخمس في مال الصبي والمجنون.

فتكون النتيجة هي ووجوب الخمس في مال الصبي والمجنون وعدم وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون

هذا هو مستند المشهور.

فقال المشهور بوجوب الخمس في مال الصبي والمجنون نظراً للإطلاقات
أولا واختصاص حديث الرفع برفع الأحكام التكليفية دون الأحكام الوضعية
ثانياً وعدم ورود دليل خاص ينفي الخمس في مال الصبي والمجنون
ثالثاً.

بخلاف الزكاة فإنه لو سلمنا أولاً وجود إطلاق في دليل الزكاة لمال الصبي والمجنون وسلمنا ثانياً أن حديث الرفع يختص برفع خصوص الأحكام التكليفية دون الوضعية إلا أنه يأتي الأمر الثالث وهو وجود دليل خاص ينفي الزكاة في مال الصبي والمجنون.

إلا أن سيد أساتذتنا المحقق الخوئي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ استظهر سقوط الخمس عن الصبي والمجنون كما أن الزكاة ساقطة عنهما، وبين وجه عدم الوجوب في كتاب الزكاة المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الزكاة الجزء الأول من صفحة خمسة إلى صفحة سبعة[1] وبين عدم تمامية كلا الأمرين الأول والثاني.

أما الأول وهو التمسك بإطلاقات أدلة الخمس وتخميس المعدن فإن هذه الأدلة وإن أفادت أن الحكم في المقام وضعيٌ وأن الفقراء شركاء في العين الزكوية بحسب اختلاف الموارد وهكذا الخمس أيضاً خصوصا ما يظهر من قوله تعالى ﴿واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأن لله خمسة﴾[2] سورة الأنفال آية واحد وأربعين.

إلا أن إطلاقات الأدلة من آيات وروايات برمتها ليست إلا في مقام تعيين المقدار بعد الفراغ عن أصل ثبوت الزكاة أو الخمس بشرائطهما المقررة وليست الإطلاقات في مقام بيان الثبوت ومتعرضة لمورد الثبوت.

إذا نحن نسلم بإطلاقات أدلة وجوب الخمس والزكاة وهي ناظرة إلى ثبوت الخمس والزكاة إلا أنها ناظرة إلى المقدار الثابت من الخمس أو الزكاة وليست متعرضة لمورد الثبوت أنه صبي أو بالغ أنه عاقل أو مجنون وإنما تقول إذا توفرت الشرائط كشرائط التكليف فإنه يجب الخمس أو الزكاة بهذا المقدار.

إذا لا مجال للتمسك بإطلاقات أدلة وجوب الخمس أو الزكاة لإثبات وجوب الخمس أو الزكاة على الصبي أو المجنون نظراً لأن هذه الإطلاقات ليست في مقام البيان من هذه الجهة فهي قاصرة عن الشمول لصبي والمجنون فلا تصل النوبة إلى البحث عن الأمر الثاني وهو الدليل الحاكم أي حديث الرافع ثبت العرش ثم النقش ثبت أولاً الإطلاق حتى تتخلص من هذا الإطلاق ببركة حديث الرفع.

إذا دلالة الإطلاقات على وجوب الخمس أو الزكاة في مال الصبي أو المجنون لا يمكن المساعدة عليه لأن هذه الإطلاقات وإن سلمناها إلا أنها ليست في مقام البيان من جهة مورد الخمس أو الزكاة وإنما هي في مقام بيان مقدار الخمس أو الزكاة الذي يثبت بعد تحقق الشرائط.

وأما الثاني وهو حديث الرفع فنحن نستظهر أنه ظاهر في رفع مطلق الحكم التكليفي والوضعي معاً فالظاهر من حديث الرفع عدم الجعل والتكليف على الصبي والمجنون فحديث الرفع مسوق مساق الامتنان على الأمة برفع الكلفة فحينما يقول حديث الرفع (رفع عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق) يعني رفعت الكلفة عن الصبي والمجنون.

والكلفة سواء كانت من جهة الحكم التكليفي أو من جهة الحكم الوضعي فإطلاق الحديث يعم الوضع والتكليف معاً بمناط واحد وضابط فارد، ولا وجه لاختصاص حديث برفع خصوص الأحكام التكليفية دون الأحكام الوضعية إذ لا شك ولا ريب أن الزكاة والخمس نقص في مال الصبي وهذه كلفة في المال وما يتعلق بشأن الصبي والمجنون فالنقص في مال الصبي يوجب وقوع الكلفة والمشقة عند الصبي والمجنون فهو مرفوع بمقتضى حديث الرفع.

نعم إذا كان رفع شيء خلاف الامتنان كما لو أحدث الصبي حدثاً يوجب الضرر كما لو كسر مال شخص آخر فهل يجب الضمان على الصبي أو لا؟

فلو تمسكنا بحديث الرفع لرفع وجوب الضمان على الصبي فإنه يلزم منه الإرفاق بالصبي ولكن الإضرار بالآخرين وحديث الرفع الرفع موسوق مساق الامتنان على الأمة (رفع عن أمتي)[3] وليس الامتنان على خصوص الشخص الامتنان على الشخص كجزء من الأمة.

فهنا نلتزم بأن حديث الرفع لا يرفع وجوب الضمان على الصبي لأن رفع الضمان عن الصبي خلاف الامتنان على الأمة وإن كان فيه إرفاق شخصي بالصبي أو المجنون.

إذا حيث أن لسان حديث الرفع وذكرنا بالأصول ايش حلاوة الأصول؟ حيث أن حديث الرفع لسانه لسان الامتنان على الأمة فهو لا يعم الضمانات ولا يرفع الضمانات لأن شمول حديث الرافع لضمان الصبي والمجنون يستلزم خلاف الامتنان على الأمة وعلى الآخرين.

وأما في غير الضمان كسائر الأحكام التكليفية والوضعية التي رفعها عن الصبي أو المجنون إرفاق بالصبي والمجنون وليس خلاف الامتنان على الآخرين فلا شك ولا ريب أن حديث الرفع شامل لها وبالتالي التزم السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بأن حديث الرفع مطلقٌ يرفع الأحكام التكليفية والوضعية معاً.

فعلى فرض ثبوت الإطلاق على أن السيد الخوئي لا يسلم بالإطلاق وعلى فرض شمول الأدلة للصبي والمجنون لا بدّ من رفع اليد عنها بمقتضى حديث الرفع.

الحق والإنصاف إنما أفاده سيد أساتذتنا السيد الخوئي متين جداً في كلا الأمرين فإطلاقات أدلة وجوب الخمس والزكاة ليست ناظرة إلى خصوص المورد بل ناظرة إلى تعيين مقدار ما يجب تخميسه أو الزكاة في كما أن حديث الرفع مساقه مساق الامتنان على الأمة ومقتضى الامتنان رفع مطلق الكلفة التي لا تشق على الآخرين، فترفع الأحكام التكليفية والوضعية معاً.

والحاصل النتيجة إذا قلنا بثبوت الإطلاقات الشاملة للصبي والمجنون في باب الخمس أولاً
وقلنا بأن حديث الرفع يختص بالأحكام التكليفية دون الوضعية ثانياً
فلابد من الالتزام بما ذهب إليه المشهور من تعلق الخمس بمال الصبي والمجنون فيجب على ولي الصبي أو المجنون أن يخرج الخمس من مالهما ويجب على الولي دفعه إلا أن هذا لا يختص بالمعدن بل يشمل جميع ما يتعلق به الخمس من الكنز والغوص والأرض التي يشتريها الذمي من المسلم والمال المختلط بالحرام وأرباح المكاسب الزائدة على المؤونة فيجب على الولي أن يدفع الخمس من مال الصبي والمجنون في جميع هذه الاقسام لوحدة المناط في الجميع.

وأما إذا لم يثبت أحد الأمرين:

لم يثبت الإطلاق أولاً أو إذا ثبت الإطلاق أولاً لم يثبت أن حديث الرفع يعم ويشمل الأحكام الوضعية كما يشمل الأحكام التكليفية

فإذا لم نحرز الإطلاق أو قلنا بعموم حديث الرفع للحكم التكليفي والوضعي معاً كما هو الظاهر

فلا بدّ من الحكم بعدم تعلق الخمس بمالهما خلافاً للمشهور وتبعاً لسيد المدارك السيد محمد في مدارك الأحكام شرح شرائع الإسلام والسيد الخوئي وهكذا شيخنا الأستاذ الداوري كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئتين وثمانية وسبعين.

نعم

في خصوص المال المختلط بالحرام حيث إن إخراج الخمس لا كلفة فيه على الصبي والمجنون بل حتى لو فيه كلفة قد يقال إنه تطهير للمال عن الحرام فقد يقال بوجوب الخمس فيه.

ولكن هذا القول الذي ذكره هذا قد يقال الذي قال به الشيخ الداوري ـ حفظه الله ـ قابل للتأمل أتثبت العرش ثم النقش ثبت التكليف ثبت الوجوب عليه، وبالتالي نلتزم بعدم وجوب الخمس والزكاة على الصبي والمجنون معاً.

ولكن قد يستظهر أن خمس المعدن بالخصوص قد ثبت وجوب الخمس في المعدن قبل وضع اليد عليه فوجوب تخميس المعدن ليس في طول الملكية بل سابق على الملكية فإذا استظهرنا أن وجوب تخميس المعدن ثابتٌ لنفس عنوان المعدنية قبل تملك المعدن فإذا أصبح المعدن ملكاً للصبي أو المجنون ثبت الخمس فيه.

إذ أن تعلق الخمس ليس في طول ملكية الصبي والمجنون للمعدن بل تعلق الخمس ثابتٌ لنفس عنوان المعدن مع غضّ النظر عن ملكية الصبي والمجنون له، فإذا تم هذا الاستظهار يثبت وجوب الخمس في المعدن.

إلا أنه حتى بناء على هذا الاستظهار إذا استظهرنا العموم والشمول في حديث الرفع للحكم الوضعي والحكم التكليفي فإن حديث الرفع أيضاً يرفع الكلفة والمشقة عن الصبي والمجنون.

على أن هذا الاستظهار ليس بظاهر فلو راجعنا أدلة وجوب خمس المعدن فإنها لا تثبت الخمس لنفس عنوان المعدنية وإنما تثبت وإنما تثبت الخمس لما تحوزه من المعن والركاز فيظهر من الأدلة أن وجوب تخميس المعدن ليس لعنوان المعدنية بالخصوص فقط وفقط وإنما هو في طول ملكية المعدة أي إذا ملكت المعدن وحزته ثبت فيه الخمس.

النتيجة النهائية نحن نوافق صاحب العروة ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ في التفريعات التي ذكرها بالنسبة إلى الكافر ونوافق المشهور أيضاً خلافاً للسيد الخوئي.

لكننا في المقطع الأخير نخالف المشهور ونوافق السيد الخوئي بالنسبة إلى عدم وجوب الخمس في مال الصبي والمجنون.

قال صاحب العروة ـ رحمه الله ـ ولا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة وبين أن يكون تحت الأرض أو على ظهرها ولا بين أن يكون المخرج مسلماً أو كافراً ذمياً بل ولو حربياً [4]

إلى هنا نوافق صاحبنا العروة.

ثم قال ولا بين أن يكون بالغاً أو صبياً أو عاقلاً أو مجنوناً فيجب على وليهما إخراج الخمس[5] هذا ما ذهب إليه صاحب العروة والمشهور وأما السيد الخوئي وما نميل إليه وهو هو عدم وجوب الخمس في مال الصبي والمجنون.

س: شيخنا كيف نتعقل يعني تعلق الخمس؟

يعني أي معدن فيه خمس يعني إذا ملكته يجب عليك أن تخمسه.

لا هو يريد أن يقول الخمس متى ثبت؟! هل ثبت قبل أن تملكه أو بعد أن ملكته؟

قبل أن تملك كيف أتصور يعني أنه هذا المدعي هو هكذا؟ المدعي الذي يستظهر راجع تقرير السيد محمود الهاشمي كتاب الخمس الجزء الأول هو أيضا لم يقبل هذا الاستظهار،[6] ولكن هذا مجرد احتمال أنه لو قيل يعني نفس الغنيمة فيها الخمس نفس الكنز فيه الخمس ملكته لو ما ملكته بعد ذلك.

يعني فعلية الإخراج عند التملك يعني يفرق بين أصل ثبوت الخمس وبين فعلية وجوب الإخراج بما أنه معدن أو كنز يتعلق به الخمس.

متى تتحقق فعلية وجوب الإخراج عند وضع اليد عليه؟

يعني قبل وجوب يليق على كل مكلف.

نعم ثم من يضع اليد يجب أن يخرجه.

بالتالي لا دخل لخصوصيات المتملك أنه بالغ أو غير بالغ أنه مجنون أو غير مجنون واضح أو لا؟

فما تصير ما يصير وجوب الخمس ناظر إلى فرع الملكية لا لا الخمس فرع المعدنية بغض النظر عن ملكية أي مال.

جيد يبقى الكلام في النصاب في خمس المعدن يأتي عليه الكلام صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo