< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع:العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الخامسة،الكلام في المقام الأول قاعدة تكليف الكفار بالفروع

 

كان الكلام في وجوب الخمس على الكافر والمسلم معاً أو خصوص المسلم وكذلك وجوب الخمس على المكلف وغير المكلف كالمجنون وغير البالغ أو خصوص المكلف.

من هنا يقع الكلام في مقامين:

المقام الأول في قاعدة تكليف الكفار بالفروع وهل الكفار مكلفون بأصول الدين وفروع الدين معاً أم أنهم مكلفون بخصوص أصول الدين دون فروع الدين.

المقام الثاني هل وجوب الخمس يختص بخصوص المكلف البالغ العاقل أم يشمل الصغير والمجنون أيضاً فيجب على وليهما إخراج الخمس من مالهما؟

نتكلم في المقام الأول في قاعدة تكليف الكفار بالفروع وعادة تبحث هذه القاعدة في كتاب الزكاة وفي بحث غسل الجنابة على الصبي والكافر في كتاب الأغسال من كتاب الطهارة.

وقد بحثها شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري في كتابه الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة مئتين وثمانية وثلاثين، ونحن سنذكر ما ذكره مما ذكره أستاذه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في كتاب الزكاة وغيرهما وقد بحثها أيضاً سيدنا سماحة آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في كتابه بحوث الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئة وسبعة.

الكلام فعلاً في قاعدة تكليف الكفار بالفروع النقطة الأولى الأقوال في المسألة:

المشهور بين الشيعة الإمامية بل الظاهر عن غير واحد من الفقهاء التسالم على وجوب الخمس والزكاة على الكافر وخالف في ذلك السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ تبعاً لصاحب الحدائق الناضرة والمحدث الآستر آبادي والمحدث الكاشاني فقالوا بعدم الوجوب يراجع المستند في شرح العروة الوثقى السيد الخوئي كتاب الزكاة الجزء الأول صفحة مئة وواحد وعشرين بترتيب الدورة الفقهية يصير جزء ثلاثة وعشرين صفحة مئة وتسعة تقريباً، الحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني الجزء الثالث صفحة تسعة وثلاثين وأربعين الفوائد المدنية للملا أمين أستر آبادي صفحة أربعمئة وثمانية وأربعين، الوافي للفيض الكاشاني الجزء الثاني صفحة اثنين وثمانين بيان الحديث خمسمئة وثلاثة وعشرين.

كما أن المشهور بين العامة وأهل السنة هو تكليف الكفار بالفروع أيضاً وخالف في ذلك أبو حنيفة النعمان خلاصة النقطة الأولى المشهور بين الإمامية والعامة هو تكليف الكفار بالفروع وخالف في ذلك بعض الإخبارية من الشيعة الإمامية وبعض الحنفية من العامة.

ولنشرع في ذكر هذه الأقوال وأكثرها في كتاب الزكاة أو الأغسال.

قال العلامة الحلي في التذكرة عند بيان شروط الفطرة ما نصه:

(الإسلام ليس شرطاً في الوجوب بل تجب على الكافر الفطرة وإن كان أصلياً عند علمائنا أجمع لكن لا يصح منه أداؤها) تذكرة الفقهاء الجزء الخامس صفحة ثلاثمئة وسبعين ثلاثمئة وواحد وسبعين.

ومن الواضح أن مقصوده أن الكافر لا يتأتى منه قصد القربى لذلك لا يصح منه أداء زكاة التي هي من العبادات المشروطة بقصد القربة.

وقال السيد محمد سبط الشهيد الثاني في المدارك ما نصه:

(الغسل يجب على الكافر عند حصول سببه لكن لا يصح منه في حال كفره أما الوجوب فمذهب علمائنا وأكثر العامة تمسكاً بعموم اللفظ المتناول للكافر وغيره وزعم أبو حنيفة أن الكافر غير مخاطب بشيء من الفروع ولا ريب في بطلانه) مدارك الأحكام في شرائع الإسلام الجزء الأول صفحة مئتين وستة وسبعين.

وقال صاحب الجواهر ما نصه:

(والكافر تجب عليه الزكاة بلا خلاف معتد به فيه بيننا لأنها من الفروع التي قد حكي الإجماع في كتب الفروع والأصول على خطابه بها) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام الجزء الخامس عشر صفحة واحد وستين.

وقال المحقق آقا ضيا الهمداني في مصباح الفقيه كتاب الطهارة ما نصه:

وأما أصل وجوب الغسل عليه وكذا غيره من التكاليف الواجبة في الشريعة فلا إشكال بل لا خلاف فيه على الظاهر عندنا فإنه لم ينقل الخلاف فيه من أحد من الخاصة والعامة إلا من أبي حنيفة.

نعم اختار الخلاف صاحب الحدائق وفاقاً لما حكاه عن المحدث الكاشاني واستظهره من المحدث الأمين الآستر آبادي) مصباح الفقيه الجزء الثالث صفحة مئتين وثمانية وستين.

إلى غير ذلك من كلمات الفقهاء التي لا تخفى على المتتبع وهي بمضمون معنى يمكن مراجعة كتاب الطهارة للشيخ مرتضى الأنصاري الجزء الثاني صفحة خمسمئة وسبعة وستين، منتهى المطلب للعلامة الحلي الجزء الثاني صفحة مئة وثمانية وثمانين، مستند الشيعة للشيخ أحمد النراقني الجزء الثاني صفحة مئتين واثنين وثمانين، مفتاح الكرامة الجزء الحادي عشر صفحة مئة وأربعة.

إذا أردت معرفة الأقوال عليك بهذه الكتب جواهر الكلام مفتاح الكرامة مستند الشيعة للشيخ أحمد النراقي فهذه الكتب عادة تعتني بنقل أقوال الفقهاء هذا تمام الكلام في النقطة الأولى بيان الأقوال في المسألة.

النقطة الثانية بيان أدلة القائلين بتكليف الكفار بالفروع وهي أدلة أربعة الكتاب والسنة والإجماع والعقد أما الإجماع فقد تقدم ذكره ونقله في كلمات الفقهاء بل ربما يدعى التسالم أما الأدلة الثلاثة الباقية الأول الكتاب الكريم فقد استدل بعدة آيات كريمة منها قوله تعالى (فوربك لنسأل لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) سورة الحجر الآية اثنين وتسعين وثلاثة وتسعين.

فلو كان الكفار غير مكلفين بالفروع لما صح مؤاخذتهم ومساءلتهم عن أعمالهم فمن المسائلة يظهر أنهم مكلفون بالفروع من واجبات ومحرمات.

ومنها قوله تعالى هذه الآية الثانية قالوا (لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين) الآية (ما سلككم في سقر؟) قالوا لم نك من المصلين ومنها يظهر أنهم مكلفون بالصلاة.

الآية الثالثة طبعا هذي سورة المدثر آية ثلاثة وأربعين وأربعة وأربعين الآية الثالثة قوله تعالى (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون) سورة فصلت الآية السادسة والسابعة الآية صريحة جزاؤهم الويل لأنهم لا يؤتون الزكاة ويكفرون بالآخرة.

الآية الرابعة قوله تعالى (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى) سورة القيامة آية واحد وثلاثين اثنين وثلاثين إلى غير ذلك من الآيات التي يظهر منها أن الصلاة والزكاة والأعمال الواجبة مطلوبة من الكفار والمشركين والآيات تدل على أنهم سيحاسبون على تركهم وفعلهم المحرمة هذه الآيات الأربع ناظرة إلى خصوص المشركين.

يضاف لها الآيات التي فيها عمومات وإطلاقات تدل على ثبوت التكاليف على الناس يعني مطلق الناس لا خصوص المسلمين الآية الأولى قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) سورة آل عمران آية سبعة وتسعين ولم تقل ولله على المسلمين ولله على المؤمنين الخطاب لعموم الناس.

الآية الثالثة (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً) سورة البقرة الآية مئة وثمانية وستين.

الآية الرابعة (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) سورة النساء الآية الأولى.

الآية الخامسة قوله تعالى (خذّ من أموالهم صدقة) سورة التوبة آية مئة وثلاثة.

الآية رقم كم وصلنا؟ خمسة قوله تعالى (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) سورة الزلزلة الآية السابعة والثامنة.

فهذه الآيات بأجمعها منها ما هو موجه بالخصوص إلى المشركين ومنها ما فيه عموم يشمل المشركين أيضاً، هذا الكلام في الدليل من القرآن الكريم والإجماع.

الدليل الثالث السنة المطهرة فقد الكثير من الروايات على أن الأحكام مفترضة على كافة العباد ونذكر روايتين الرواية الأولى رواية أبي بصير طبعاً هذه الرواية قد يناقش في سندها بصالح بن السندي وعلي بن أبي حمزة البطائني لكن يمكن على مبنى الشيخ الأستاذ الداوري وحتى على مبانى فصالح بن السندي ورد في أسانيد كتاب نوادر الحكمة ونحن نبني على وثاقة جميع الرجال الواردين نوادر الحكمة وشيخنا الأستاذ الداوري أيضاً يبني على ذلك وصالح بن السندي ورد ولم يستثنى.

وأما علي بن أبي حمزة البطاني فعمدة الإشكال في رواياته وقفه ولكن يمكن استظهار أن روياته قبل وقفه خصوصا رواية أبي بصير لأن أبو بصير هو قائد علي بن أبي حمزة قائد أبو بصير كان ضرير وكان يقوده علي بن أبي حمزة البطاني بقرينة كلام النجاشي عنه هكذا يقول النجاشي عن علي بن أبي حمزة البطاني:

روى عن أبي عن أبي الحسن موسى عن الإمام الكاظم وروى عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ الإمام الصادق ثم وقف هاي العطف بـ ثم يدل على أن الوقف بعد رواياته فإن المستفاد منه أن رواياته كانت قبل قوله بالوقف.

خصوصاً أن الشيعة وسمتهم بالكلاب الممطورة وقاطعتهم فليس ببعيد أن كل الروايات التي تم تناقلها كانت ماذا؟ قبل وقفها وأما بعد وقفه فقد قاطعوهم وأصبحوا منبوذين، تعرفون معنى الكلاب الممطورة؟ يوجد فيها معنيان الكلاب الممطورة:

المعنى الأول أن المطر قد سقط على الكلب والكلب نجس العين فإذا الكلب ينفض نفسه ينجسك فابتعد عن الكلب الممطور لأن الكلب ينجسك.

ويوجد معنى آخر للكلاب الممطورة أي الكلاب المنبوذة التي تمطر بالحجارة وتقذف بالحجارة فالكلب الذي منبوذ ومطرود يرمى بالحجارة.

على كل المعنيين يتضح بعد كيف الطائفة الشيعية واجهت الواقفة يعني ابتعد عنه لانه عليه ماء المطر لا ينجسك أو ارمه بالحجارة وأبعده عنك.

توجد قرينة أخرى وهي رواية جعفر بن بشير عن علي بن أبي حمزة ونحن نذهب أيضاً إلى هذا المبنى كل من روى عنه جعفر بن بشير فهو ثقة فقد نستكشف من هذه القرائن أن روايات الروايات المذكورة في الكتب الأربعة عن علي بن أبي حمزان كانت قبل وقفة وبالتالي تصحح هذه الرواية.

والأمر سهل لأن بمضمون هذه الرواية تأتي الرواية الثانية وهي صحيحة سليمان بن خالد نفس مضمون رواية أبي بصير رواية صحيحة سليمان بن خالد موجودة في من لا يحضره الفقيه الجزء الأول صفحة مئتين وأربعة الحديث ستمئة واثنا عشر وسائل الشيعة الجزء الأول صفحة تسعة عشر الباب من أبواب مقدمة العبادات الحديث سبعة عشر.

وأما هذي رواية أبي بصير موجودة في الكافي الجزء الثاني صفحة ستة وعشرين كتاب الإيمان والكفر الباب ثلاقة عشر الحديث أحد عشر.

ويمكن تصححها بناء على صحة جميع أحاديث الكافي وسائل الشيعة الجزء الأول صفحة ثمانية عشر الباب الأول من أبواب مقدمة العبادات الحديث اثنا عشر يوجد اختلاف يسير بين ما نقله صاحب الوسائل والكافي عن أبي بصير قام سمعته يسأل ابا عبد الله ـ عليه السلام ـ إلى أن سأل رواية طويلة إلى أن سأل عن الدين الذي افترض الله عز وجل على العباد ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره ما هو؟ إلى أن قال فقال شهادة أن لا لإله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً وصوم شهر رمضان ثم سكت قليلاً ثم قال والولاية مرتين هذا الكلام في الدليل الثالث الاستدلال بالسنة.

الدليل الرابع والأخير العاقل الدرس القادم إن شاء الله نناقش في هذه الأدلة ثم نعرض أدلة النافين الآن أدلة المثبتين استدل بالعاقل بدليلين:

الدليل الأول وجود المقتضي لتكليف الكفار وعدم المانع منه فإما أن نبني على مبنى العدلية وهم الشيعة الإمامية والمعتزلة الذين يرون أن العدل أصل من أصول الدين وإما أن نبني على قول الأشاعرة الذين لا يرون أن العدل من أصول الدين.

فبناء على مذهب العدلية وهم الذين يرون أن الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية الموجودة في متعلقات الأحكام بلا فرق بين الأفراد سواء أدرك العقل حسنها كوجوب ردّ الأمانة أو أدرك العقل قبحها كأكل مال اليتيم وأكل مال الغير أو لم يدرك العقل ذلك.

فإن العقل يحكم بشمول التكاليف لكل أفراد الإنسان بلا اختصاص بهذه التكاليف بفرد من الإنسان دون آخر هذا بناء على أن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الموجودة في متعلقات الأحكام وهو مبنى العدلية.

وأما مبنى الأشاعرة الذين يقولون الحسن ما حسنه والعادل والقبح ما قبحه الشارع وليست الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية الموجودة في متعلقات الأحكام فكذلك أيضاً يكون الحكم عام من جهة الخطابات الشرعية وإطلاقات الأدلة الشاملة لجميع الأفراد من البشر من دون الاختصاص بفرد دون آخر.

إذا المقتضي موجود والمانع أيضاً مفقود والكفر ليس مانعاً من التكليف، والسر في ذلك:

عدم تصور الوجه في مانعية الكفر من توجه الأحكام غاية ما في الأمر قد يقال أن الكافر لا يتأتى منه عمل القربة فلا يصح فلا يصح منه العبادة فنقول لا مانع من توجه التكليف عليه مع عدم تأتي قصد القربة منه.

إذا الدليل الأول وجود المقتضي لتكليف الكفار وعدم وجود المانع من تكليفه.

الدليل الثاني الدليل العقلي لزوم المساواة بين الكافر الذي صدرت منه عظائم الأمور من جرائم وبين الكافر الذي أعان المسلمين وأواهم وشيد أركان الدين فهل يساوى بين الكافر الذي أحرق الكعبة والمصحف الشريف وقتل المؤمنين وسبى ذراريهم ونهب أموالهم وأفسد في الأرض وبين الكافر الذي عاش مع المسلمين ولربما أعانهم على دينهم؟!

فلو قلنا إن الكافر مطلقاً غير مكلف بالفروع لزم التسوية بين الكافر الحربي والكافر المسالم هذا تمام الكلام في الأدلة الأربعة التي استدل بها على قاعدة تكليف الكفار بالفروع ثم يقع الكلام في أدلة النافيين بعد عرض أدلة المثبتين.

أدلة النافين يأتي عليه الكلام صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo