< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الثانية،الكلام في الجهة الأولى هل يجوز أخذ مال الناصب؟

 

المسألة الثانية يجوز أخذ مال النصاب أينما وجد لكن الأحوط إخراج خمسه مطلقان. [1]

هكذا ورد في أغلب نصوص العروة الوثقى كتعليقة الإحدى والأربعين العروة الوثقى للسيد الحكيم وأكثر التقريرات، لكن في تقرير السيد الخوئي المستند والواضح في شرح العروة الوثقة ذكر هكذا (يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد) ويبدو أن ما ورد في متن العروة النصاب جمع الناصب والأمر سهل.

المسألة الثانية وهذا الفرع فيه جهتان من البحث:

الجهة الأولى في جواز أخذ مال الناصب.

الجهة الثانية في ثبوت الخمس فيه بملاك خمس الغنيمة أو خمس الفائدة.

ويقع الكلام في الجهة الأولى وهي جواز أخذ مال الناصب فالمشهور بين علمائنا المتأخرين جواز أخذ مال الناصب.

ويقول سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في كتابه الخمس الجزء الأول صفحة ثلاثة وسبعين ولم أجد تصريحاً بذلك في كتب القدماء بل لعل ظاهر كلماتهم في كتاب الجهاد حرمة أموال منتحلي الإسلام مطلقا.[2]

ولابد أن نتكلم في الدليل الدال على جواز أخذ مال الناصب، والدليل الذي يقابله الذي قد يستدل به على حرمة أخذ مال الناصب، نطرح الأدلة بشكل موجز ثم بعد ذلك نطرحها بشكل مفصل.

نسب السيد محسن الحكيم ـ رضوان الله عليه ـ في مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وواحد وخمسين القول بجواز أخذ مال الناصب إلى المشهور.

وفي الحدائق الناضرة للشيخ يوسف البحراني ـ رحمه الله ـ الجزء الثاني عشر صفحة ثلاثمئة وأربعة وعشرين نسب جواز أخذ مال الناصب إلى فتوى الطائفة المحقة سلفاً وخلفاً.[3]

فقد أفتوا بكفر الناصب ونجاسة وجواز أخذ ماله بل قتله، واستدل على جواز أخذ ماله بعدة أدلة:

الرواية الأولى منها صحيحة ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ قال (خذّ مال الناصب حيثما وجدته)[4] وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وسبعة وثمانين أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الثاني الحديث السادس.

والرواية مروية في التهذيب للشيخ الطوسي الجزء الرابع صفحة مئة واثنين وعشرين حديث ثلاثمئة وخمسين.

الرواية الثانية ما روي عن المعلى بن خنيس وهي نفس هذه الألفاظ ونفس هذا المضمون أو قريب منه وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثمانية وثمانين أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الثاني الحديث السابع ومروية أيضاً في التهذيب الجزء السادس صفحة ثلاث مئة وسبعة وثمانين الحديث ألف ومئة وثلاثة وخمسين.

وأيضاً جاء في آخر السرائر لابن إدريس الحلي رواية عن كتاب ابن محبوب سرائر لابن إدريس الحلي الجزء الثالث المستطرفات صفحة ستمئة وسبعة.

الرواية الرابعة مرسلة إسحاق بن عمار قام قال أبو عبد الله ـ عليه السلام ـ (مال الناصب وكل شيء يملكه حلال إلا امرأته فإن نكاح أهل الشرك جائز وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لا تسبوا أهل الشرك فإن لكل قوم نكاحاً)[5] يعني لا تعيروهم تقولون أبناء زنا تسبونهم أن هؤلاء أبناء زنا لكل قوم نكاح لعلهم طريقتهم في النكاح.

(لا تسبوا أهل الشرك فإن لكل قوم نكاحاً ولولا أنا نخاف عليكم أن يقتلى رجل منكم برجل منهم ورجل منكم خير من ألف رجل منهم لأمرناكم بالقتل لهم ولكن ذلك إلى الإمام) [6] وسائل الشيعة جزء خمسة عشر صفحة ثمانين أبواب جهاد العدو الباب السادس وعشرين الحديث الثاني.

أيضاً الرواية موجودة في التهذيب الجزء السادس صفحة ثلاثمئة وسبعة وثمانين حديث ألف ومئة وأربعة وخمسين.

هذه الروايات تدل على عدم احترام مال الناصب كالكافر الحربي بل دلت بعض الروايات على أن الناصب أشد من الكافر فقد جاء في الرواية ما نصّه (فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه)[7] الرواية هكذا وسائل الشيعة الجزء الأول صفحة مئتين وعشرين أبواب الماء المضاف الباب الحادي عشر الحديث الخامس، الصدوق في علل الشرائع صفحة مئتين واثنين وتسعين.

إذا ثبت أن مال الناصب لا احترام له كالكافر الحربي هذه الروايات ذكرها السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمائة وواحد وخمسين. [8]

ذكرها السيد الخوئي في مستند العروة الوثقى وتقرير الشيخ البروجردي جزء خمسة وعشرين من موسوعة السيد الخوئي صفحة واحد وعشرين.

ذكرها أيضاً المير السيد محمد اليثربي تلميذ السيد الروحاني والشيخ الوحيد الخراساني كتاب الخمس الجزء السادس من دورته المدارج الفقهية صفحة ستة وثلاثين وسبعة وثلاثين وقد بحثه بشكل موجز وجيد.

هذا تمام الكلام في الروايات التي قد يستدل بها على جواز أخذ مال النصب.

المقام الثاني

ويقع الكلام في المقام الثاني ما قد يستدل به على عدم جواز أخذ مال الناصر فقد تأمل السيد حسين البروجردي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ على ما نقل عنه تلميذه الشيخ المنتظري ـ رحمه الله ـ في كتاب الخمس صفحة واحد وثلاثين.

وأتذكر حضرنا بحث الخمس عند مجموعة من الأعلام لعل أربعة أو خمسة الشيخ الوحيد الخراساني ـ حفظه الله ـ السيد كاظم الحائري والسيد منير الخباز والسيد أحمد المددي هذا على ما أذكر أربعة الآن الخامس ما أتذكر عند من أيضاً حضرنا بحث الخمس.

عموماً في بحث الخمس السيد كاظم الحائري كان يناقش المنتظر وكان الشيخ المنتظر يحي يرزق وكان أتذكر في مجلس الدرس قال السيد البروجردي قال السيد كاظم الحائري الشيخ المنتظري ينقل عن السيد البروجردي لكن السيد البروجردي ما له تقرير وهو تلميذه ينقل عنه.

أتذكر في مجلس الدرس قلت دفتر التبليغات طبعوا كتيب عن خمس الرسول والـ آل للسيد البروجردي.

فالسيد كاظم قال الشيخ يقول أنه طبعوا.

ثم بعد ذلك الشيخ النكراني طبع تقريره لبحث البروجردي كملحق في تفصيل الشريعة كتاب الخمس.

عموماً الشيخ المنتظر في كتاب الخمس وهو مطبوع ينقل عن السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ أنه تأمل في إلحاق من انتحل الإسلام بالكافر الحربي يعني من؟ ينسب إلى نحلة الإسلام يعني يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ما دام يتشهد الشهادتين فإلحاقه بالكافر الحربي فيه تأمل وإشكال وهذا يشمل حتى الناصبي لأن الناصبي يتشهد الشهادتين.

فتأمل في إلحاقه بالكافر الحربي من جهة حلية المال لا من جهات أخرى التأمل في إلحاق من انتحل الإسلام بالكافر الحربي في حلية ماله لأن الكافر الحربي ماله حلال زلال، فهل الناصبي أيضاً حكمه حكم الكافر الحربي من جهة حلية ما له أو لا؟

تأمل السيد البروجردي واستدل بإطلاق قوله تعالى ﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾[9] سورة النساء آية تسعة وعشرين وقوله ـ عليه السلام ـ (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه)[10] السنن الكبرى للبيهقي الجزء السادس صفحة مئة.

الدليل الثالث كفاية صرف امتحان الإسلام حافظاً لماله، فما دام قد انتحل الإسلام ديناً فالشهادتان تحفظ ماله وإن حكم بنجاسته وقتله فهو كالمرتاد بقسمه الملي والفطري فالمرتد يقتل لكن ماله؟ محفوظ يحفظ لورثته، فالمرتد قد اعتصم بإسلامه قبل الارتداد بالنسبة إلى ماله وإن لم يحقن دمه.

هذا تمام الكلام في أدلة التي أقيمت على عدم جواز أخذ مال الناصب.

ولكن ماذا تقول في الروايات التي دلت على جواز أخذ مال الناصب؟!

السيد البروجردي يناقش يقول:

التوجيه الأول بالنسبة إلى الروايات الدالة على إباحة أموال النصاب وأن فيها الخمس فهي غير معمول بها عند الأصحاب بل الأصحاب أعرضوا عنها هذا التوجيه الأول.

وهذا ما ورد في كلام السيد محمود الهاشمي لأن السيد محمود رأيه موافق للسيد البروجردي سندرس رأي بالتفصيل اليوم نأخذ الإجمال كلام السيد البروجردي.

السيد محمود يقول هذه الشهرة عند المتأخرين وأما عند المتقدمين فموجود عندهم حرمة مال من انتحل الإسلام ديناً مطلقاً إذا هناك إعراض عن هذه الرواية هذا التوجيه الأول.

التوجيه الثاني تحمل هذه الروايات على حلية أموالهم لخصوص المخاطب أي أن هذه الروايات صدرت على نحو القضية الخارجية لا على نحو القضية حقيقية.

التوجيه الثالث أن تكون اللام في النصاب للعهد وليست للجنس فلا يراد بها جنس الناصبين بل الناصبي المعهود عند المتخاطبين فيكون المراد من الناصب شخصاً شاخصاً.

إذا بناء على هذه المعالجات الثلاث تكون الروايات قاصرة الدلالة على حلية مال كل ناصب فلا يمكن المصير إليها لأن القول بشمول الإطلاق والرواية بالنسبة إلى الناصب يستلزم القول بشمول الإطلاقات الواردة في إسلام من أظهر الشهادتين مع أن الأدلة مصرح بنجاستهم وعدم حرمة أموالهم مع على الرغم من أن الإسلام بنفسه من المطهرة بل نقول إن الدين أن الدليل قائم على عدم احترام دينهم الكفار حتى لو غرقوا لا يستنقذون، هذا تمام كلام السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ على ما نقله عنه تلميذه الشيخ المنتظر ـ رحمه الله ـ .

وقد ناقشه السيد اليثربي بمناقشات لا بأس بها كتاب الخمس السيد اليثري صفحة سبعة وثلاثين:

المناقشة الأولى أما ما أفاده من إعراض الأصحاب عن مثل صحيحة حفص[11] ورواية المعلق هذا غير ثابت فالسيد الحكيم ـ رحمه الله ـ قد نسب القول بجواز أخذ مال الناصب إلى المشهور وإلى وأيضاً صاحب الحدائق نسب هذه الفتوى إلى الطائفة المحقة فكيف يقال إن الأصحاب لم يعملوا بالروايتين وهما صحيحتا السند؟!

ومجرد عدم تعرض القدماء لهذه المسألة كما يقول سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي لا يثبت أنهم قد أعرضوا عن هذه الروايات فالإعراض يحتاج إلى إثبات وفرق بين عدم الذكر وبين ذكر الإعراض فغاية ما يستفاد من كلام سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي أنه لم يجد لا أنه وجد الإعراض من القدماء.

المناقشة الثانية وأما حمل الحكم على خصوص المخاطبة أو حال اللام على العهد الذهني أو العهد الذكري هذا خلاف الظاهر فلا تحمل الرواية على القضية الخارجية إلا إذا دلّ الدليل على ذلك.

الأصل أن تحمل الرواية على القضية حقيقية الموضوع المقدر الوجد لأن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان الحكم الكلي حمل الرواية على بيان الحكم الجزئي الخاص يحتاج إلى قرينة والقرينة مفقودة.

إذا الصحيح تعيين العمل بمقتضى الروايات السابقة وفاقاً للسيد الحكيم والسيد الخوئي.

لو قال يكفينا الاحتمال يكفينا احتمال أنها عهدية مثلا.

إذا قال احتمال هذا الاحتمال إذا يزعزع الظهور نعم أما إذا الاحتمال لا يزعزع الظهور.

نحتمل أنها عهدية يعني صعبة.

الظهور يفيد القطع أم الظن؟ يفيد الظن.

إذا في مقابل الظهور يوجد احتمال مخالف.

هذا إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال لا يرد في حجية الظهور.

فالمستظهر إذا استظهر بوجدانه الشخصي بمقتضى المحاورات العرفية فاستظهاره حجة عليه.

فهذا الاحتمال المخالف إن زعزع الظهور وأوجب الإجمال سقطت الرواية عن الحجية وأما إذا هذا الاحتملل المخالف لم يزعزع الظهور تمسكنا بحجية الظهور العرفي.

ومن الواضح في هذه الروايات عندنا أنها ظاهرة في جواز أخذ مال الناصبي وأنها ظاهرة في الجنس أل الجنسية وليست أل العهدية لا العهد الذكري ولا العهد الذهني واضح إن شاء الله؟

نعم سلمنا حرمة أموال الذمي والمرتد والمعاهد لورود الأدلة الخاصة فيهم يعني دلّ الدليل الخاص على حرمة مال الذمي إذا التزم بشرائط الذمة وحرمة مال المرتد وأنه مهدور الدم لكن ماله لكن ماله محفوظ.

ولكن بالنسبة إلى الناصب أو الناصبي دلّ الدليل على جواز أخذ المال منه.

هذا تمام الكلام في عرض هذه المسألة الجهة الأولى جواز أخذ المال الناصب بشكل موجز وأما التفصيل إن شاء الله سنبحث كلمات سيدنا السيد محمود الهاشمي الشاهرودي فقد أقام عدة أدلة على جواز أخذ مال الناصب وناقشها بأجمعها وردها بأجمعها.

وإن شاء الله في الدرس القادم سنبحث كلمات السيد الأستاذ كتاب الخمس الجزء الأول صفحة ثلاثة وسبعين قال في أسفل الصفحة ويمكن أن يستدال على جواز الناصب بوجوه عديدة لا يخلو جميعها عن الإشكال.

وسيتضح إن شاء الله تعالى أن بعض هذه الإشكالات تام وبعضها الآخر ليس بتام فتكون النتجية موافقة لمبنى المشروع والسيد الحكيم والسيد الخوئي.

انصافاً لقد أتعب نفسه السيد الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في البحث والتنقيب وبيان الاستدلال ونحن وإن لم نوافق في النتيجة ولكن بحثه في الخمس من أعمق البحوث التي كتب في كتاب الخمس.

وقد راجعت قرابة عشرين تقرير في كتاب الخمس ولم أجد تقريراً ولم أجد بحثاً كبحث السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في الخامس وإن كان في الآراء أقرب إلى السيد الخوئي من السيد محمود الهاشمي ولكن في طريقة البحث وعرض الأدلة والتتبع والاستقصاء والمناقشة العلمية هذا تقرير متميز.

تفصيل هذه المسألة في الجهة الأولى يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo