< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الأولى،الضابطة في تعريف الغنيمة ومناقشة ما ذهب إليه السيد محمود الهاشمي الشاهرودي

 

قال السيد محمد كاظم اليزيدي في العروة الوثقى وكذا إذا أخذوا بالسرقة والغيلة.[1]

كان الكلام في الفرع الثاني وهو إذا أخذ المسلمون على الكافر بالسرقة والغيلة وقد ألحق السيد اليزدي هذا الفرع بالفرع الأول في الموضوع والحكم معاً فأفتى بثبوت ووجوب خمس الغنيمة بالمعنى بالأخص لانطباق عنوان الغنيمة بالمعنى الأخص المتقوم لأمرين وهما:

أخذ المال بالقهر وأن يكون بالقتال.

فينطبق عنوان الغنيمة بالمعنى الأخص على الفرع الأول وهو ما أخذ بالإغارة ولا ينطبق على عنوان الثاني وهو ما أخذ بالسرقة والغيلة.

نعم ينطبق عليه عنوان الغنيمة بالمعنى الأعم أو مطلق الفائدة، فما يؤخذ من الكافر بالسرقة والغيلة يصدق عليه عنوان مطلق الفائدة أو عنوان الغنيمة بالمعنى الأعم.

هذان تعريفان معروفان للغنيمة وهما:

الأول: الغنيمة بالمعنى الأخص وقد أخذ فيه قيدان الأول أن يكون بالقهر والغلبة والثاني أن يكون عن طريق القتال.

الثاني: والعنوان الثاني عنوان الغنيمة بالمعنى الأعم وهو مطلق الفائدة التي يتم الحصول عليها من التجارات والصناعات وأرباح المكاسب وغير ذلك بل حتى الهدية.

لكن سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشهرودي ـ رحمه الله ـ نصر صاحب العروة وقال في كتابه بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة سبعين:

والإنصاف أنه يمكن المصير إلى ما ذهب إليه السيد الماتن ـ قدس سره ـ من ثبوت الخمس في المقام بلا استثناء المؤونة وذلك بأحد وجوه[2] وذكر ثلاثة وجوه:

الوجه الأول في بيان معنى الغنيمة واستظهر سيدنا الأستاذ معنى ثالث للغنيمة غير الغنيمة بالمعنى الأخص وغير الغنيمة بالمعنى الأعم.

ويمكن أن أطلق عليه الغنيمة بالمعنى العام لكن سيدنا الأستاذ ـ رحمه الله ـ عبر عن المعنى الذي ذهب إليه بالمعنى الأعم للغنيمة صفحة ثلاثة وسبعين قال:

فإنك قد عرفت أن المعنى الأعم للغنيمة ليس مطلق الربح الشامل للتكسب وإنما هو خصوص الفوائد المستحصلة مجاناً وبلا عمل وكسب. [3]

الأمر الأول لسيدنا الأستاذ يقول إن الغنيمة هي المعنى الأعم من معنيين:

الأول ما يؤخذ من الكفار في الحرام.

الثاني ما يتم الحصول عليه بلا توقع.

والفرق بين الغنيمة بالمعنى الأعم الذي ذهب إليه سيدنا الأستاذ الهاشمي وبين الغنيمة بالمعنى الأعم الذي ذهب إليه المشهور هو أن الغنيمة بالمعنى الأعم الذي ذهب إليه المشهور يشمل مطلق الفائدة المتوقعة فمن يعمل مصنع أو يتاجر في تجارة أو مات أبوه أو أمه فإنه يتوقع الإرث ويتوقع الربح.

فمطلق الفائدة في الغنيمة بالمعنى الأعم يراد به خصوص الفائدة المتوقعة وأما الغنيمة بالمعنى الأعم في مصطلح سيدنا الأستاذ الشاهرودي فإنه يختص بالفائدة غير المتوقعة كالميراث الذي لا يحتسب ما تتوقع أنك ترث قال فلان مات في أدغال إفريقيا أنت ترثه.

فما يتم الحصول عليه من فوائد من دون توقع هذا يقال له غنيمة بالمعنى العام الذي ذهب إليه السيد الشهرودي ـ رحمه الله ـ .

والأدلة التي دلت على استثناء المؤونة ناظرة إلى الغنيمة بالمعنى الأعم بمعنى مطلق الفائدة المتوقعة فلا تشمل الغنيمة بالمعنى العام الذي يراد به ما يعم غنيمة دار الحرب وما يعم الفائدة غير المترقبة وغير المتوقعة.

وبالتالي ما أخذ بالسرقة والغيلة لا يشمله دليل أرباح المكاسب الناظر إلى الغنيمة بالمعنى الأعم ولا يشمله دليل استثناء المؤونة بل يشمله إطلاق الآية الكريمة ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء﴾[4] والروايات المطلقة إذا حملناها على الغنيمة بهذا المعنى العام.

لاحظوا كلامه ـ قدس سره ـ هذا نصه:

الأول أن نستظهر في معنى الغنيمة ما أشرنا إليه سابقا عند التعرض لآية الخمس من قوة احتمال إطلاقه على كل ما يحصل عليه الإنسان من الفوائد بلا تعب ولا ترقب أي من غير الطرق المتعارفة والمترقبة عرفاً ونوعاً كالتكسبات والاستثمارات بل وحتى الهبات الاعتيادية المألوفة والميراث المتوقع للطبقة الأولى من الورثة فإن هذه الضروب من تحصيل المال لا تصدق عليها الغنيمة عرفاً بخلاف ما يحصل من دونها بحيث لم يكن متوقعا ولا بإزاء عمل أو بذل جهد أو مقابل فالغنيمة أعم مما يؤخذ من العدو بالغلبة.

ولكنها مع ذلك ليست بمعنى مطلق الاستفادة بل خصوص الفائدة المطلقة الحاصلة من غير الطرق الطبيعية المتوقعة لاستحصال المال نوعاً.

وعلى هذا الأساس يكون الخمس ثابتاً فيما يؤخذ من الكفار بالغيلة والسرقة بعنوان كونه غنيمة بدلالة الآية فلا يشمله دليل استثناء المؤونة لاختصاصه بالفوائد الأخرى المكتسبة بالطرق المتعارفة.

إما لوروده في مورد التجارات والاستثمارات والاستفادات الطبيعية أو لظهور نفس استثناء المؤونة في الاختصاص بذلك لانصرافها إلى ما يبذل بإزاء تحصيل الاستفادات المذكورة أو يصرف منها على مؤونة السنة.

وكلاهما يختص عادة ونوعان بالفوائد المكتسبة وشبهها على ما سيأتي في الأبحاث القادمة[5] انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

وقد أثرنا أن ننقل كلامه بتمامه لدقته ولكي نناقشه بشكل أداق.

أقول ما هو المدار والضابط في تعريف الغنيمة؟

هل هو قول اللغويين؟ أو الفهم العرفي؟ أو نص الروايات الشريفة والأدلة الشرعية؟ أو قول العلماء؟ هذه أربعة أمور.

ومن الواضح أن قول اللغوي ليس بحجة كما أن فهم العلماء ليس بحجة علينا فيبقى الفهم العرفي أو ما يدل عليه الدليل.

ومن الواضح أن مستند سيدنا الأستاذ هو الفهم العرفي إذ قال الجزء الأول من كتاب الخمس صفحة سبعين فإن هذه الظروف من تحصيل المال لا تصدق عليها الغنيمة عرفاً، إذا مستنده الفهم العرفي لمعنى الغنيمة.

الأول أن نستظهر في معنى الغنيمة فمستنده استظهاره بوجدانه نظراً إلى الفهم العرفي.

أقول هذا الفهم العرفي لابد أن يكون منسجماً مع الفهم العرفي للأدلة والرواية.

وإذا رجعنا إلى الروايات الشريفة نجد أن الروايات الشريفة قد ذكرت قيدين لصدق مفهوم الغنيمة.

القيد الأول الاستيلاء على المال بالقهر والغلبة.

القيد الثاني هو ماذا؟ أن يكون عند القتال.

وهذا موجود الرواية في الآية والروايات الشريفة، فظاهر أن المراد بالغنيمة هو ما يحصل عليه ثم يقسم على المقاتلين، إذا هناك قتال قال تعالى ﴿واعلموا غنمتم من شيء فأن لله فأن لله خمسة وللرسول﴾ الآية ناظرة إلى الغنيمة غنيمة دار الحرب التي تقسم على المقاتلين وتقول لهم قبل تقسموها على المقاتلين فيها ستة أصناف فالآية الكريمة ناظرة إلى الغنيمة بالمعنى الأخص لا الغنيمة بالمعنى الأعم.

نعم قد نحملها على الغنيمة بالمعنى الأعم نظرا للروايات المفسرة لها وإلا لو كنا نحن ومنطوق الآية الكريمة فإنها ظاهرة فالغنيمة بالمعنى الأخص أي خصوص غنيمة دار الحرب كما ذهب إلى ذلك العامة، قد نرفع اليد عن هذا الظهور العرفي ببركة الروايات الدالة على الغنيمة بالمعنى الأعم.

وأما الروايات المطلقة فهي كثيرة منها مرسل أحمد بن محمد وقد جاء فيه (والمغنم الذي يقاتل عليه)[6] .

الرواية يا مرسل أحمد بن محمد الخمس من خمسة أشياء إلى أن قال (والمغنم الذي قتلوا عليه) الوسائل الحديث العاشر من الباب الثاني من أبواب ما يجب فيه الخمس.

في المنقول عن تفسير النعماني والخمس من أربعة وجوه من الغنائم التي يصيبها المسلمون[7] الوسائل الحديثة أحد عشر واثنا عشر من الباب الثاني من أبواب ما يجب فيه الخمس.

في خبر عبد الله ابن سنان في الغنيمة قال (يخرج منه الخمس ويقسم ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولي ذلك)[8] الوسائل الحديث العاشر الباب الثاني من أبواب ما يجب فيه الخمس.

خبر أبي بصير (كل شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فان لنا خمسة)[9] .

هذه جملة روايات نصت على ماذا؟ نصت على القتال أن الغنيمة ما تؤخذ بالقتال هذه الرواية الحديث الخامس من الباب الثاني من أبواب ما يجب فيه الخمس جيد.

روايات أخرى أيضا عندنا صحيحة معاوية بن وهاب قال (قلت لأبي عبدالله ـ عليه السلام ـ السرية يبعثها الإمام غنائم كيف يقسم؟ قال إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس)[10] الوسائل أبواب الأنفال الباب الأول الحديث الثالث.

مرسلة العباس الوراق عن رجل سماه عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال (إذا غزا قوم بغير إذن الإمام)[11] أخذ فيها عنوان الغزو أي القتال الوسائل الباب الأول من أبواب الانفال الحديث السادس عشر.

إذا هذه الروايات ذكرت قيد ناظر إلى الغنيمة بالمعنى الأخص لذلك قال السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ونعم ما قال تقرير البروجردي المستند في شرح العروة الوثقى جزء خمسة وعشرين صفحة عشرين قال فإن المستفاد من الآية المباركة وكذا النصوص على كثرتها صحيحها وسقيمها التي لا يبعد بلوغ المجموع حد التواتر اختصاص الحكم بالاغتنام الناتج من القتال والمتحصل من الغلبة بالمقاتلة لا مطلق السيطرة على المال كيفما اتفق ليشمل مثل السرقة والخديعة. [12]

وقال أيضا السيد الخوئي في تقريره الآخر كتاب الخمس تقرير السيد مجتبى الرودباري صفحة سبعة وعشرين الظاهر أنه لا يدخل تحت عنوان بالمعنى الأخص بل يدخل تحت عنوانها بالمعنى الأعم وهو مطلق الفائدة الكلام عن ما أخذ بالسرقة والغيلة.

والوجه في ذلك هو أن المستفاد من صحيحة معاوية بن وهب وكذا غيرها من الروايات هو أن التي يؤخذ خمسها ويكون الباقي للغانم مختصة بالقتال الهجومي.

وأما المال الذي يؤخذ منهم بعنوان السرقة أو الخديعة فلا يدخل تحت عنوان الغنيمة بمعنى بمعناها الأخص وإن كان يدخل تحت عنوانها بالمعنى الأعم وهو مطلق الفائدة وما يستفيده وما يستفيده الرجل، انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

إذا الأمر الأول الذي ذهب إليه سيدنا الأستاذ الهاشمي الشهرودي لا يمكن المساعدة عليه.

الأمر الثاني التمسك بصحيحة علي بن مهزيار الطويلة فإنه قد ورد في مقطع منها فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، قال الله تعالى ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء﴾ فالغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ومثل عدو يصطلان فيؤخذ ماله ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب وما صار إلى موالية من أموال الخرمية الفسقة فقد علمت أن أموالاً عظاماً صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصله إلى وكيلي ومن كان بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين فإن نية المؤمن خير من عمله.

فاما الذي أوجب من الضيع والغلات في كل عام فأما الذي أوجب من الضيع والغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كان ضيعته تقوم بمؤونته ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك[13] .

وسائل الشيعة الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الخامس.

تقريب الاستدلال يقول السيد محمود الهاشمي الشهر ودي الصفحة واحد وسبعين يقول (وهذا المقطع من هذه الرواية واضح الدلالة على ما أشرنا إليه من إطلاق الغنيمة على الفوائد المجانية غير المتوقعة والمكتسبة سواء كانت عن طريق الغلبة على العدو الكافر أو المال الذي لا يعرف له صاحب أو الميراث غير المحتسب أو الجائزة الخطيرة غير المتوقعة عادة.

ولا إشكال في أن الجامع المنتزع عرفا من الأمثلة المذكورة هو ما ذكرناه من المعنى العام للغنيمة الشامل لما يؤخذ من الكافر بالغيلة والسرقة بل يمكن أن يتمسك بإطلاق ما يؤخذ من العدو الظاهر في العدو العقائدي المساوق مع الكفار لأنه وإن ذكر فيه قيد الاصطلام الظاهر في القطع والإبادة له إلا أن تفريع قوله فيؤخذ ماله على ذلك يدل على أن الموضوع لهذا الحكم هو أخذ ماله مجاناً وبلا تكسب ونحوه، وإن الاصطلام إنما ذكر باعتبار توقف إمكان أخذ ماله كذلك عليه[14] انتهى) كلامه زيد في علو مقامه.

أقول الظاهر من الصحيح المباركة لعلي بن مهزيار أن الإمام الجواد ـ عليه السلام ـ في مقام بيان أصل الموارد التي يصدق عليها عنوان الغنيمة بالمعنى الأعم فالإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان الغنيمة بالمعنى الأعم أي مطلق الفائدة وليس في مقام بيان المعنى العام للغنيمة الذي ذكره سيدنا الأستاذ الهاشمي وهي الغنيمة الغير متوقعة،فالموارد التي ذكرها تشمل مطلق الفائدة متوقعة أو غير متوقعة.

مثلا الجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر قد يتوقعها الإنسان كما لو كان في منصب وعادة تهدى إليه جوائز خطيرة ولا تهدى له جوائز حقيرة فإن مثل هذا الإنسان قد يتوقع مثل هذه المكاسب.

إذا الرواية الشريفة في مقام بيان الغنيمة بالمعنى الأعم لا الغنيمة بالمعنى الأخص كما هو ظاهر الآية الشريفة والروايات التي ذكرناها.

ثم استدل سيدنا الأستاذ بأمر غريب عجيب وأؤثر أن أقرأ نصّ كلامه بالكامل حتى يكون الرد دقيقا قال ـ قدس سره ـ نتمسك به ومثل عدو يصطلح قال:

وهذا المقطع واضح الدلالة أيضاً على عدم استثناء المؤونة مؤونة السنة عن خمس الغنيمة والفائدة بالمعنى المذكور لأنه يجعله تفسيراً وتحديداً للغنيمة في الآية الشريفة كما أنه تصرح بوجوب دفعه بلا استثناء وفي كل عام بل تخصيص استثناء المؤونة في ذيلها المقابل مع الصدر بما يستحسن من الغلات مهما كان المراد بنصف السدس المجعول فيه يجعل الرواية كالصريح في عدم استثناء المؤونة عن خمس الفوائد المذكورة في الصدر[15] انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

أقول

أولا الرواية الشريفة في مقام بيان الغنيمة بالمعنى الأعم أي مطلق الفائدة والإمام ـ عليه السلام ـ في مقام ذكر مصاديق وموارد الغنيمة بالمعنى الأعم فلا تدل الرواية على ما استظهره سيدنا الأستاذ من المعنى العام للغنيمة.

وقد صرح بنفسه أطلق عليه قال المعنى العام للغنيمة الشامل لما يؤخذ من الكافر بالغيلة والسرقة كتاب الخمس الجزء الأول صفحة واحد وسبعين.

وثانيا ادعى سيدنا الأستاذ أن مكاتبة علي بن مهزيار واضحة الدلالة على عدم استثناء مؤونة السنة عن خمس الغنيمة.

وفيه الإمام ـ عليه السلام ـ حينما قال في كل عام كان ناظراً إلى ماذا؟ إلى أصل التشريع، فلكي يستدل سيدنا الأستاذ على أن مكاتبة علي بن مهزيان ظاهرة في ماذا؟ في عدم استثناء المؤونة ووجوب الخمس فوراً لا بد أن يثبت أن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام البيان من هذه الجهة.

ونحن لا نحرز ذلك إذ أننا نحرز أن الإمام الجواد ـ عليه السلام ـ في مقام بيان الغنيمة بالمعنى الأعم وفي مقام تعداد مصاديق وموارد الغنيمة بالمعنى الأعم وليس في مقام بيان أن الغنيمة بالمعنى الأعم هل تستثنى منها المؤونة أو لا تستثنى منها المؤونة؟

فلا يرد هذا الاستظهار الذي استظهره ـ قدس سره ـ .

وثالثاً قال ـ قدس سره ـ إن الاستثناء المؤونة في ذيل الرواية يجعل الرواية كالصريح في عدم استثناء المؤونة عن خمس الفوائد المذكورة في الصدر وهذا غريب عجيب.

أقول لو قرأنا الرواية لوجدنا أنه من الواضح أن الإمام ـ عليه السلام ـ في الموارد السابقة كان في مقام بيان المصاديق فقط من دون نظر إلى التفاصيل لكن الإمام ـ عليه السلام ـ لما وصل إلى المورد الأخير وهو الضيع فصل فيه لذلك ذكر السدس أو نصف السدس وذكر استثناء المؤونة.

فذكر استثناء المؤونة في خصوص المورد الأخير وهو الضيع والغلات ليس صريحاً في نفي المؤونة عن الموارد السابقة المذكورة في صدر الرواية لأن الإمام في صدر الرواية كان في مقام بيان أصل مصاديق الغنيمة بالمعنى الأعم ولم يكن في مقام بيان التفاصيل من أنه يجب الخمس فوراً أو لا؟ ومن أنه تستثنى المؤونة أو لا؟

نعم حينما وصل إلى المورد الأخير وهو الغلات والضيع فصل فذكر السدس أو نصف السدس وذكر استثناء مؤونة السنة، فكيف جعل سيدنا الأستاذ استثناء المؤونة في ذيل المورد الأخير قرينه بل صريح في عدم استثناء المؤونة في الموارد السابقة؟!.

ويظهر ذلك من خلال تتبع العطف في البداية الإمام يعطف هكذا فأما والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام إذا هو ناظر في أصل وجوب تشريع الخمس في الغنيمة ثم يعطف يقول (فالغنائم والفوائد) هذا المورد الأول والجائزة هذا المورد الثاني لاحظ العطف العطف الأول بالفاء العطف الثاني بالواو والميراث ومثل عدو يصطلم ومثل مال يؤخذ من غير أب ومن مال يؤخذ ولا يعرف صاحبه وما صار إلى موالية.

ثم بعد ذلك فصل ما صار إلى مواليه فقد علمت أن أموالاً عظاما هذا تفصيل ضمن ما صار إلى موالية ثم جاء في المورد الأخير فأما الذي لاحظ هنا التفريع فأما لأن الإمام يريد أن يفصل فأما الذي أوجب من الضيع والغلات في كل عام فهو إذا هنا بقوله فأما كان في مقام التفصيل بالنسبة إلى الغلات وبالنسبة إلى الضيع.

فهو قال فأما الذي أوجب من الضيع والغلات في كل عام فهو فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤونته ومن كانت ضيعته لا تقم بمؤونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك.

إذا الحق والإنصاف هذا لا يدوم ثم سيدنا الأستاذ هذا

رابعاً تمسك بالاصطلام قال وإن الاصطلام إنما ذكر باعتبار توقف أن كان أخذ ما له كذلك عليه.

أقول الاصطلام بمعنى الصد والمنع والبتر ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله[16] الظاهر أن المراد بالعدو هو العدو الكافر وليس العدو العداوة الشخصية إذا صارت بين مسلمين ما يجوز بمقتضى العداوة بين المسلمين أو المسلمين أن يؤخذ المال.

فيظهر منها أن المراد بالعدو الكافر الحربي العدو الكافر (ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله) [17] يعني ومثل عدو كافر يعتدي عليك فتأخذ ماله.

أخذ مال الكافر المسطلم هذه فائدة عامة وليست من فوائد دار الحرب لأنه ليس المراد عند المقاتلة ومثل عدو يصطلم يعني ومثل عدو يصد فتأخذ ماله هذا من مصاديق مطلق الفائدة وليس من مصاديق ما ذهب إليه سيدنا الأستاذ.

وهذا الفهم الذي نفهمه فهمه الكثير من العلماء ومنهم السيد الخوئي ـ رحمه الله وقدس الله نفسه الزكية ـ قال في تقرير البروجردي المستند في شرح العروة الوثقى جزء خمسة وعشرين صفحة وعشرين.

وبعبارة أخرى مقتضى إطلاقات الأدلة المتضمنة أن الخمس بعد المؤونة أن كل فائدة يستفيدها الغانم لا يجب خمسها إلا بعد إخراج مؤونة السنة إلا ما ثبت خلافه بدليل خاص.

وقد ثبت ذلك في جملة من الموارد مثل غنائم دار الحرب الحاصلة من القتال والمعدن والكنز ونحوها ولم يأخذ ولم يثبت في المأخوذ من الكافر سرقة أو غيلة فالمتبع حينئذ هو الإطلاق المتقدم.

إذا فهذا المأخوذ فائدة كسائر الفوائد العائدة بالتكسب لا يجب تخميسها إلا بعد إخراج مؤونة السنة.[18]

إذا يعني عنوان الغنيمة بالمعنى الأخص لا يصدق على المأخوذ بالسرقة والغيلة فتشمله إطلاقات الأدلة ﴿واعلموا أنما غنمتم﴾ وإطلاق الروايات.

أيضا قال السيد الخوئي ويعضده ما في مكاتبة علي بن مهزيار من التمثيل لمطلق الفائدة أي الغنيمة بالمعنى الأعم بالمال المأخوذ من عدو يصطلم فإن من الظاهر عدم إرادة العدو الشخصي بداهة أن العداوة الشخصية لا تسوف أخذ المال بل المبدئي العقائدي الذي من أبرز أفراده الكافرة الحربي يؤخذ المال منه غلبة أو سرقة الذي هو محل الكلام. [19]

هناك اختلاف في التقارير في هذا التقرير ذكر الشيخ البروجردي قال ويعضده ما في مكاتبة علي بن مهزيار لكن في تقرير السيد مجتبى الرودباري قال ويدل وهذا التعبير أداق تعبير الرودباري كتاب الخمس صفحة سبعة وعشرين قال:

ويدلنا على ذلك هذا هو يدعي نصّ عبارة السيد الخوئي ويدلنا على ذلك مضافاً إلى ما ذكرناه من استفادة ذلك من الروايات ما ورد في بعض الروايات في تفسير الفائدة وأنها ما هي؟ فذكر الإمام ـ عليه السلام ـ في بيان عنوان الفائدة بأنها مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ومن المعلوم أن الكافر عدو فيجوز أخذ ماله فالمال المأخوذ من عدو المسلم سرقة أو غيلة مما ذكره ـ سلام الله عليه ـ في عداد الفوائد والغنائم المطلقة فيكون هذا دليلاً على أنه لا يدخل تحت الغنيمة المصطلحة التي يجب فيها الخمس ابتداء.

وقد أشكل على الشيخ البروجردي الشيخ محمد الجواهري في كتابه الواضح في شرح العروة الوثقى وفق الجزء السادس صفحة أربعة وثلاثين يعني عندنا كم تقرير للسيد الخوئي في الخمس؟ ثلاثة.

التقرير الأول تقرير المعروف تقرير البروجردي المستند.

التقرير الثاني كتاب الخمس للسيد مجتبى الرودباري.

التقرير الثالث الواضح في شرح العروة الوثقى للشيخ محمد الجواهري، فإنه حضر عند السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

الأمر الأول الشيخ الجواهري الشيخ محمد الجواهري أشكل على هذه العبارة وبعبارة أخرى مقتضى إطلاقات الأدلة يقول هذه لم ترد في التقرير.

قال الشيخ الشيخ الجواهري الجزء السادس من الواضح في شرح الوثقى صفحة أربعة وثلاثين الحاشية ثلاثة في المستند تتمة لهذا الاستدلال هذه العبارة وهي قوله قوله وبعبارة أخرى وذكرها ثم يعلق يقول وهذا لم يذكره السيد الأستاذ ولم أجده فيما كتبت من تقرير سماحته بل هو غير صحيح[20] هذا الأمر الأول.

وهذا ما موجود في تقرير الرودباري لكن موجود ما يفهم منه.

الأمر الثاني مع أن هذه الأمور ما تهمنا في ولكن تهمنا في تتبع الأقوال أيضاً علق على الاعتضاد للتعبير قال ويعضده ما في مكاتبة علي بن مهزيار يقول لا وجهه لهذا التعبير بالاعتضاد.

ويظهر وجهه حينما نراجع تقرير قال ويدلنا ولم يقل ماذا؟ بالاعتضاد.

لماذا التعبير بالاعتضاد غير دقيق؟

لأن السيد الخوئي يستظهر المعنى الأخص من الآية ومن الروايات يستظهر الغنيمة بالمعنى الأخص وأيضاً يستظهر من مثل عدو يصطلم أنها ظاهرة في ماذا؟ في الفائدة بالمعنى الأعم، فلماذا نقول يعتضد بل نقول يدل.

يراجع تقرير الشيخ الجواهري ـ رحمه الله ـ هذا تمام الكلام في مناقشة الأمر الثاني للسيد الأستاذ الهاشمي.

الدليل الثالث وبه مسك الختام قال سيدنا الأستاذ الشاهرودي ـ رحمه الله ـ الثالث كتاب الخمس الجزء الأول صفحة اثنين وسبعين.

الثالث التمسك بفحوى ما سيأتي في فرع قادم ثبوت الخمس في مال الناصب المأخوذ منه غيلة فإن المستظهر منه عرفاً أنه بملاك كفره وعدائه العقائدي على ما سنوضحه في محله. [21]

ما الفحوى يعني ماذا؟ الفحوى يعني الأولوية القطعية.

ما هو وجه هذه الأولوية القطعية؟

وجه الأولوية القطعية أنه إذا كان الناصب وهو من نصب العداوة لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ إذا كان الناصب يجوز أخذ ماله وهو مسلم لكن ناصبي يجوز أخذ ماله فمن باب أولى فمن من أولى يجوز أخذ مال الكافر الحربي لأن الكافر الحربي أسوأ واضح أو لا؟ هذا مقتضى الاستدلال إذا أردنا أن نستدل على ذلك جيد.

وفيه أولا من قال أن الناصبين بمعنى من قال أن الناصب بمعنى من نصب العداوة لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ قد يقال إن الناصبين بمعنى من نصب الحرب.

أولا نقرب الاستدلال قد يستدل لما اختاره المتن برواية الحفص بن البختري عن أبي عبدالله قال خذّ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس هذه الرواية صحيحة الوسائل الباب الثاني من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث السادس.

فإن تقريب الاستدلال ممكن مراجعة المباحث الفقهية كتاب الخمس للشيخ المحقق الكابلي صفحة ثلاثة وأربعين قال قدس سره ـ وهو من تلامذة السيد الخوئي والشهيد الصدر ـ :

فإذا كان الناصب مهدور الدم والمال ويحل ماله بالتخميس بلا استثناء المؤونة ففي الحرب بالأولوية فإذا يجب تخميس ما أخذ منه بالسرقة والغيرة كالغنيمة الحربية.

وفيه أولاً قد يقال أن المراد بالناصب هو من نصب الحرب وفهم ذلك ابن إدريس الحلي.

وثانيا لو لم نلتزم بذلك وقلنا أن الناصب يحمل على ماذا؟ يحمل على المعنى المشهور كما ذهب إلى ذلك السيد محمد سعيد الحكيم في مصباح المنهاج كتاب الخمس صفحة ثلاثة وعشرين قال:

لكن الأول مخالف للظاهر بعد شيوع إطلاق الناصب على من نصب العداء لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ ولشيعتهم تبعا لهم.

وأما ما عن الحلي من أن الناصب المعني في النص الآتي أهل الحرب لأنهم ينصبون الحرب للمسلمين وإلا فلا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمي على وجه من الوجوه فهو غريب.

استغربه لو سلمنا هذه الغرابة وهذا الاستغراب وحملنا الناصبي على الناصبي من نصب العداوة لأهل البيت فإن الأولوية القطعية لا تثبت لما دلّ من الروايات على أن الناصبين أشد من الكافر.

لاحظ هذه الرواية هذا إليه المحقق الكابلي ـ رحمه الله ـ صفحة ثلاثة ولأربعين قال:

وفيه أن الأولوية ممنوعة فإن موثقة ابن أبي يعفور تدل على أن الناصب شر من اليهودي والنصراني والمجوسي وأنجس من الكلب عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث طويل قال وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت فهو شرهم.

فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإن الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه. [22]

الوسائل الباب الحادي عشر من أبواب الماء المضاف حديث أربعة الجزء الأول صفحة مئة وتسعة وخمسين.

إذا الأدلة الثلاث التي ذكرها سيدنا الأستاذ لا تنهض بذلك وأيضا الشيخ مرتضى البروجردي ابن مؤسس الحوزة الشيخ عبد الكريم الشيخ مرتضى الحائري ابن الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة أيضاً لم يقبل بذلك فيمكن أن تراجعوا ما ذهب إليه ـ قدس الله نفسه الزكية ـ كتاب الخمس صفحة سبعة وثلاثين هذا تطرق إلى هذا الباب.

النتيجة النهائية قد ثبت أن المورد الأول يدخل تحت عنوان الغنيمة الفداء وأن المورد الثاني ما أخذ بالسرقة والغيرة لا يندرج تحت عنوان الغنيمة والله العالم.

المورد الثالث ما يؤخذ من الكفار بالربا أو الطرق الباطلة يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo