< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الدرس الخامس تخميس الغنيمة غير المنقولة (الأقوال والأدلة والمناقشة)

 

الكلام في تخميس الغنيمة غير المنقولة كالأراضي المفتوحة عنوة والأشجار وغيرها من الأمور الثابتة غير المنقولة، الأقوال عند الخاصة من الإمامية ثلاثة، وأما الأقوال عند العامة فمتعددة، المتحصل من أقوال الشيعة الإمامية ثلاثة:

القول الأول تعلق الخمس بالغنيمة الثابتة غير المنقولة وهو المشهور لا سيما عند القدماء.

القول الثاني عدم تعلق الخمس بها وهو ظاهر جمعٍ ممن تأخر عن صاحب الحدائق الناضرة وجمعٍ كبير من محشي العروة الوثقى كما سنذكر ذلك تفصيلاً.

القول الثالث التفصيل بين زمن الحضور والغيبة فيجب الخمس في خصوص زمن الحضور دون زمن الغيبة وهو المحكي عن بعض حواشي القواعد.[1]

وأما بيان مصادر هذه الأقوال فنبدأ بأقوال القدماء ثم أقوال المعاصرين مع الإشارة إلى المصادر.

القول الأول وهو ثبوت الخمس في الغنائم الثابتة وغير المقبولة، قال به الشيخ الطوسي في النهاية[2] والمبسوط[3] ومن جاء بعد القاضي ابن البراج في المهذب[4] وابن إدريس الحلي في السرائر[5] ، المحقق الحلي في شرائع الإسلام[6] ، العلامة الحلي في أكثر كتبه ومنها تذكرة الفقهاء[7] هؤلاء كلهم قالوا بثبوت الخمس مطلقاً أي في الغنيمة سواء كانت منقولة أو غير منقولة بل إدعى صاحب المدارك الإجماع على ذلك.

القول الثاني عدم ثبوت الخمس في الغنائم غير المنقولة قال بذلك جمعٌ من القدماء قبل صاحب الحدائق ولكن اشتهر الخلاف بعد كلام صاحب الحدائق، من القائلين بعدم ثبوت الخمس من القدماء سلار[8] ، قطب الدين الراوندي في فقه القرآن[9] المدفون في حرم السيدة المعصومة ، الفيض الكاشاني في كتاب النخبة[10] ، الشيخ يوسف البحراني[11] هذه الأقوال من القدماء.

وأما أقوال أعلام العصر فإن أكثر من حشا على العروة خالف صاحب العروة فقد ذهب صاحب العروة الوثقى إلى ثبوت الخمس في الغنيمة مطلقاً وفاقاً للمشهور، قال صاحب العروة (فيما يجب فيه الخمس وهو سبعة أشياء: الأول الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب ــ إلى أن يقول ــ من غير فرقٍ فيما حواه العسكر وما لم يحوه والمنقول وغيره كالأراضي والأشجار ونحوها) واستشكل في ثبوت الخمس غير المنقول أكثر أعلام العصر منهم الشيخ علي الجواهري والسيد محسن الحكيم قال فيه نظر والسيد حسن البجنوردي والسيد أحمد الخونساري والسيد كاظم شريعتمدارى والسيد علي الفاني والسيد شهاب الدين المرعشي النجفي والسيد أبو القاسم الخوئي قال السيد الخوئي (ثبوت الخمس في الأراضي محل إشكال بل منع، والشيخ محمد أمين زين الدين والسيد حسن القمي والسيد تقي القمي والشيخ محمد فاضل اللنكراني[12] ، فهؤلاء من القائلين بـعدم الثبوت.

ولنقرأ الآن نصّ كلام علمائنا والشيخ الطوسي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ وعلماء العامة لكي نطلع على الأقوال الثابتة في المسألة، قال الشيخ الطوسي في النهاية (وما لم يحوه العسكر من الأرضين والعقارات وغيرها من أنواع الغنائم يخرج منه الخمس والباقي يكون للمسلمين قاطبة مقاتليهم وغير مقاتليهم) [13] .

وقال في الخلاف (ما لا ينقل ولا يحول من الدور والعقارات والأرضين عندنا أن فيه الخمس فيكون لأهله والباقي لجميع المسلمين من حضر القتال ومن لم يحضر فيصرف انتفاعه إلى مصالحهم).[14]

وعند الشافعي (أن حكمه حكم ما ينقل ويحول خمسة لأهل الخمس والباقي للمقاتلة الغانمين)[15] .

وبه قال ابن الزبير[16] ، يعني الشافعي وابن الزبير قالوا بثبوت الخمس مطلقاً فيما ينقل وما لا ينقل.

يقول الشيخ الطوسي في الخلاف (وذهب قومٌ إلى أن الإمام مخير بين شيئين بين أن يقسمه على الغانمين وبين أن يوقفه على المسلمين)[17] هذا قول من الأقوال.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه (إلى أن الإمام مخير فيه بين ثلاثة أشياء: بين أن يقسمه على الغانمين وبين أن يوقفه على المسلمين وبين أن يقر أهلها عليها ويضرب عليها الجزية باسم الخراج)[18] .

وذهب مالك (إلى أن ذلك يصير وقفاً على المسلمين بنفس الاستغنام والأخذ من غير إيقاف الإمام فلا يجوز بيعه ولا شراؤه) [19] .

طبعاً كلام مالك ظاهره موافق للرأي المشهور عند الإمامية فالمشهور عند الإمامية أن الأرض التي لم يوجف عليها بخيلٍ ولا ركاب، كأرض البحرين التي أسلم أهلها طوعاً فأرضها لأهلها وأما الأراضي المفتوحة عنوة كأرض العراق فأرضها للمسلمين جميعاً، والمراد بأن الأرض للمسلمين جميعاً ليس أن الأرض للمسلمين بنحو الإشاعة يعني يملكها كل مسلم وله حصة بنحو الإشاعة يعني له حصة غير مفرزة وغير مفصولة عن حصة الآخر، ليس المراد بأن الأرض للمسلمين بمعنى أن الأرض ملك لكل مسلمٍ بنحو الإشاعة بل المراد إن الأرض للإسلام يعني للإسلام وأهله وليس المراد بذلك أنه هذه الأرض تكون لـ المسلمين بنحو الإشاعة وهذا صرح به المرحوم السيد البروجردي يقول (وأما الروايات الواردة في أحكام الأراضي الخراجية فمفادها أنها موقوفة على المسلمين من كان موجود منهم حال الحرب ومن يوجد منهم بعد إلى يوم القيامة وليس المراد من ذلك كونها مملوكة لهم على حسب الإشاعة بل المالك لها هو الإسلام ولا بد من صرف عوائدها في مصالحه التي هي مصالح المسلمين لا محالة ولا يجوز بيعه ولا هبته ولا وقفه ولا غيرها من التصرفات الناقلة)[20] .

إذاً كلام مالك بن أنس موافق لكلام السيد البروجردي ورأي الطائفة من أنه يصير وقفاً من غير إيقاف الإمام ثم يقول الشيخ الطوسي (دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وروي أن النبي صلى الله عليه وآله فتح هوازٍ ولم يقسم أرضها بين الغانمين)[21] .

إلى هنا تعرضنا إلى أقوال العامة والخاصة في الأراضي التي يغنمها المسلمون واتضح أن المشهور بعد الشيخ الطوسي هو ثبوت الخمس فيها والمشهور بعد صاحب الحدائق وبعد صاحب الجواهر عدم ثبوت الخمس فيها.

هذا تمام الكلام في الأقوال في المسألة.

الأدلة أدلة القائلين بثبوت الخمس أولاً وأدلة القائلين بعدم ثبوت الخمس ثانياً.

أدلة القائلين بثبوت الخمس

استدل على ثبوت الخمس في الأراضي والأشجار وغيرها من الغنائم غير المنقولة بعدة أدلة:

الدليل الأول الكتاب الكريم قال تعالى ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾[22] فنتمسك بإطلاق الآية الكريمة (من شيءٍ) وهذا التنكير يدل على العموم فتعم الآية وتعم الغنيمة مطلق الغنيمة سواء كانت منقولة أو غير منقولة هذا الدليل الأول.

الدليل الثاني التمسك بالإجماع فقد نقل السيد محمد صاحب المدارك الإجماع على ثبوت الخمس، قال في المدارك (إجماعٌ من المسلمين)[23] .

الدليل الثالث التمسك بالروايات الشريفة وهي عدة روايات أهمها رواية زرارة التي ذكرها السيد محسن الحكيم ـ رضوان الله عليه ـ في مستمسك العروة الوثقى[24] وذكرها أيضاً السيد الخوئي ردًاً على السيد محسن الحكيم في مستند العروة الوثقى[25] روى أبو بصير عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ الإمام الباقر قال (كل شيءٍ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن لنا خمسة)[26] بدعوى أن لفظ كل من أدوات العموم فتعم المنقول وغير المنقول.

الإمام يقول (كل شيءٍ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن لنا خمسة) ومن الواضح أن الأرض والأشجار وغير ذلك قوتل عليها فيعمها وهكذا جملة من الروايات الشريفة قد يستدل بها على ثبوت الخمس في الغنيمة غير المنقولة.

وصلنا إلى الدليل الثالث الروايات أول رواية ذكرناها رواية أبي بصير.

الرواية الثانية ما رواه أبو حمزة عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ قال (إن الله جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء ـ إلى أن يقول ـ والله يا أبا حمزة ما من أرضٍ تفتح ولا خمس يخمس فيضرب على شيء منه إلا كان حراماً على من يصيبه فرجاً كان أو مالاً)[27] إلى نهاية الحديث.

الرواية الثالثة ما رواه عمر بن يزيد عن أبي سيار مسمع بن عبد الملك في حديث طويل قال (قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ إني كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأعرض لها وهي حقك الذي جعل الله تعالى لك في أموالنا فقال وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس، يا أبا سيار الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا)[28] .

هذه الرواية كان أستاذنا السيد كاظم الحائري يجيبها وحلوة على لسانه في الدرس هي الرواية طويلة فأبو سيار جاء بالخمس وكأنما يريد يفرغ ذمته للإمام فيقول له الإمام يثبت الخمس فالإمام قال له يا أبا سيار المال كله لنا نحن وهبناكم أربعة أخماس.

السيد كاظم يقول أبو سيار متعجب الإمام يقول له يا أبا سيار المال كله لنا.

الرواية الرابعة إطلاق رواية أحمد بن محمد قال حدثنا بعض أصحابنا ـ رفع الحديث ـ قال (الخمس من خمسة أشياء: من الكنوز والمعادن والغوص والمغنم الذي يقاتل عليه ولم يحفظ الخامس)[29] إلى نهاية الحديث يعني نسى الخامس.

استدل بهذه الروايات الأربعة المحقق السيد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في بعض حواشيه على المكاسب[30] .

وقع الكلام في هذه الأدلة

هذه أهم الروايات التي يمكن أن يستدل بها على ثبوت الخمس والمهم منها والذي تطرق إليها الأعلام هي رواية أبي بصير أن فيها عموم (كل) ووقع الكلام في هذه الأدلة:

أما الدليل الأول وهو التمسك بإطلاق الآية الكريمة فهناك من شكك في ثبوت الإطلاق بل من منع ثبوت الإطلاق، والسرّ في ذلك أن الآية الكريمة تخاطب المقاتلين لا تخاطب جميع المسلمين والآية الكريمة في مقام خطاب المقاتلين قالت لهم ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ﴾[31] إذا خطاب غنمتم موجهٌ إلى المقاتلين لا إلى مطلق المسلمين فيقع الكلام في معنى غنيمة المقاتل هل المراد خصوص الغنيمة الشخصية التي يغنمها المقاتل أو المراد مطلق ما يغنم ويتحصل عليه في الحرب سواء غنمها شخص المقاتل أو لا؟

استظهر السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ والسيد البروجردي ـ رحمه الله ـ أن المراد بالغنيمة خصوص الغنيمة الشخصية التي يغنمها المقاتل ومن الواضح أن الغنيمة الشخصية لا تشمل الأرض ولا تشمل الشجر ولا تشمل غير المنقول بل تختص بخصوص المنقول.

قال السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ (والعمدة ما عرفت من إنكار الإطلاق في الآية المباركة من أصله لما أشرنا إليه من أن الغنيمة في الآية المباركة وغيرها من سائر موارد إطلاقاتها في الأخبار هي الفائدة العائدة للغانم والربح الذي يستفيده بشخصه ويدخله في ملكه ـ إلى أن يقول ـ ويراعى مثل ذلك في الخمس أيضاً فيخرج مما يغتنمه الغانم ويربحه الرابح خمسه عن ملكه وهذا غير صادق بالإضافة إلى الأراضي الخراجية بعد أن لم تكن ملكاً للمقاتلين وغنيمة لهم بما هم كذلك بل لعامة المسلمين إلى يوم القيامة)[32] .

وقال صـ 8 (بل يمكن أن يقال بعدم إطلاق الآية المباركة بالإضافة إلى غير المنقول فإن الغنيمة هي الفائدة العائدة للغانم بما هو غانم وعليه فتختص بما يقسم بين المقاتلين وهي الغنائم المنقولة) [33] .

وهكذا استظهر السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ من الغنيمة الغنيمة الشخصية، قال السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ قال (والآية الشريفة وإن كان يمكن دعوى الإطلاق فيها نظراً إلى أن هذه الأراضي غنيمة لا للغانمين بل للمسلمين والخطاب فيها لا يكون مختصاً بالغانمين بل يعم كل من أغتنم شيئاً من قليلٍ أو كثير إلا أن إطلاقها ليس من القوة بمكان يقاوم إطلاق الأخبار الواردة في حكم الأراضي)[34] .

إذاً السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ شكك في استظهار الإطلاق بينما السيد الخوئي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ أنكر هذا الإطلاق وكذلك من استظهر أن المراد بالغنيمة خصوص الغنيمة الشخصية لا الغنيمة العامة السيد محمد المحقق الداماد في كتاب الخمس صـ 20 تقرير آية الله الشيخ عبد الله جوادي آملي فإنه أيضاً استظهر في كتاب الخمس أن المراد بالغنيمة خصوص الغنيمة الشخصية لا الغنيمة العامة الشاملة للأرض والشاملة للشجر وغيرها من الأمور الثابتة.

هذا تمام الكلام في مناقشة الدليل الأول الاستظهار بالآية الكريمة ومنه يظهر مناقشة الدليل الثاني وهو الإجماع.

المناقشة في الدليل الثاني

أولاً لم يثبت فقد ادعاه خصوص صاحب المدارك وقد تطرقنا إلى أقوال القدماء المخالفين كـ سلار فضلاً عن المتأخرين كـ صاحب الحدائق فضلاً عن المعاصرين كالسيد الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ إذا هذا الإجماع لم يثبت، وثانياً لو ثبت فهو محتمل المدركية خصوصاً كما سيأتي إن شاء الله في تتمة المناقشات أن المشهور ذهبوا إلى ثبوت الغنيمة في غير المنقول تمسكاً بإطلاق الآية الكريمة وعموم الآية الكريمة وهذا ما يظهر من شيخ الطائفة الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ

إذ يظهر من كلامه أنه ذهب إلى ثبوت الخمس في الأرض والشجر وغيره من المنقول نظراً تمسكه بالعموم عموم الآية وقد توهموا أن عموم الآية يشمل غير المنقول وقد أشار إلى هذا التوهم السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ وكذلك السيد البروجردي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ إنما المشهور ذهبوا إلى ذلك بعد الشيخ الطوسي إنما هو لهذا التوهم، قال السيد الخوئي (والمشهور إنما ذهبوا إلى التخميس في الأراضي الخراجية زعماً منهم أنها غنيمة للمقاتلين لا باعتبار كونها غنيمة لعامة المسلمين كما لا يخفى)[35] إذاً اتضح أن المستند غير تام وغير صحيح.

وهكذا أشار السيد البروجردي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ إلى أن الشيخ الطوسي ـ رحمه الله ـ قد ذهب إلى ذلك تمسكاً بعموم الآية، قال السيد البروجردي (نعم يبقى الإشكال من جهة معروفية التعميم وعدم الاختصاص بخصوص ما حواه العسكر بين الأصحاب كالشيخ ومن بعده ولكن التأمل في كلام الشيخ يفيد أن حكمه بالتعميم لم يكن لأجل نصّ دال على ذلك بل كان المستند في ذلك هو ظاهر الآية الشريفة حيث قال في المبسوط)[36] .

نقرأ كلام الشيخ الطوسي (والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة أن يكون خمسها لأهل الخمس فأربعة أخماسها يكون للمسلمين قاطبة الغانمين وغير الغانمين في ذلك سواء ويكون للإمام ـ عليه السلام ـ النظر فيها وتقبيها وتضمينها بما شاء ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وما ينوبهم ـ إلى أن يقول ـ ولا يصح بيع شيء من هذه الأرضين ولا هبته ولا معاوضته ولا تمليكه ولا وقفه ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه ولا يصح أن يبني دوراً ومنازل ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك ومتى ما فعل شيء من ذلك كان التصرف باطلاً وهو باقٍ على الأصل، ثم قال (وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزة بغير أمر الإمام ـ عليه السلام ـ فغتمت يكون الغنيمة للإمام خاصة)[37] .

إلى هنا يقول السيد البروجردي وقد عرفت يقول هكذا السيد البروجردي يدل على أنه مستنده في ذلك لم يكن إلا الآية الشريفة الدالة بإطلاقها على ذلك وقد عرفت ما في التمسك بإطلاق الآية فلا يكون مخالفة الشيخ بقادحة خصوصاً بوجود الموافق لنا بعدة كالحلبي في الكافي وبعضٌ آخر)[38] .

إلى هنا تطرقنا أولاً إلى الأقوال في المسألة ثانياً أدلة المسألة ثالثاً المناقشة في الدليل الأول والثاني، الدليل الأول التمسك بإطلاق الآية والدليل الثاني التمسك بالإجماع على ثبوت الخمس في الغنيمة غير المنقولة يبقى الكلام في أمرين مهمين:

الأمر الأول مناقشة بقية الأدلة التي أقيمت على ثبوت الخمس في الغنيمة غير المنقولة وبعد مناقشة جميع الأدلة يقع البحث في الأمر الثاني المهم إعمال الصناعة العلمية، لأنه عندنا أيضاً أدلة أخرى أقيمت على عدم ثبوت الخمس فكيف نجري الصناعة العلمية ونعمل قواعد التعارض والجمع العرفي بين الآية والروايات التي استدل بها على ثبوت الخمس وبين الأدلة التي استدل بها وفيها روايات على عدم ثبوت الخمس في الغنيمة.

تتمت الحديث في إقامة الأدلة ومناقشتها والصناعة العلمية يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.


[12] يراجع العروة الوثقى طبع مؤسسة السبطين العالمية واحد وأربعين تعليقة الجزء 12 صـ 10 و 11.
[25] ج25 كتاب الخمس صـ 10.
[30] حاشية المكاسب صـ 52.
[38] صـ 343.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo