< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: تمهيد - لماذا كتاب الخمس؟

 

كلمة حول ميلاد الرسول الاعظم ص

نشرع اليوم الأحد الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام ألف وأربعمائة وأربعة وأربعون هجرية قمرية ذكرى ولادة النبي الأعظم أبو القاسم محمد صلى الله عليه وآله وفقاً لرواية ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ومشهور العامة وأهل السنة، وأما الشيعة الإمامية فمشهورهم قد ذهب إلى أن ولادة النبي في السابع عشر من شهر ربيع الأول.

الموافق للسابع عشر من شهر مهر وهو الشهر السابع من عام ألف وأربعمائة وواحد هجرية شمسية المصادف للتاسع من أكتوبر وهو الشهر العاشر من عام ألفين واثنين وعشرين ميلادية ونبدأ بدراسة كتاب الخمس من كتاب العروة الوثقى للسيد محمد كاظم اليزدي أعلى الله مقامه الشريف.

يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول هو يوم ولادة النبي عند أهل السنة وعند الكثير من الشيعة قبل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي فقد نسب إلى ثقة الإسلام الكليني صاحب الكافي والصدوقين الصدوق الأب علي بن الحسين بن بابويه القمي وولده صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ومحمد بن أبي عمير وأبان بن تغلب قولهم بأن ولادة النبي صلى الله عليه وآله كانت في الثاني عشر من شهر ربيع الأول.

نعم أول من نسب إليه السابع عشر من شهر ربيع الأول هو الشيخ المفيد صاحب المقنعة والإرشاد ثم سار على هذا القول تلميذه الوفي الشيخ محمد بن الحسن الطوسي صاحب التهذيب والاستبصار، إذا القول بولادة النبي في الثاني عشر من شهر ربيع الأول له قائل من علماء الشيعة الإمامية والرواة والمحدثين وهو قول مشهور العامة.

نعم اشتهر القول في أن ولادة النبي في السابع عشر من شهر ربيع الأول بعد ذهاب الشيخ المفيد والشيخ الطوسي إلى هذا القول وهو الموافق لولادة الإمام الصادق إمام المذهب حفيد النبي محمد صلى الله عليه وآله.

لماذا كتاب الخمس؟ ولماذا كتاب العروة؟

ونحن تيمنناً بهذا اليوم سواء كان الثاني عشر من شهر ربيع الأول يوم ولادة النبي أو السابع عشر نتيمن ونتبارك بهذا اليوم ونشرع في بحث خارج الفقه في كتاب الخمس من كتاب العروة الوثقى وهي الرسالة العملية للمرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمة الله عليه ـ .

سؤال: لماذا كتاب الخمس؟ ولماذا كتاب العروة؟

الجواب على الثاني: لماذا كتاب العروة؟

إن كتاب العروة الوثقى مليءٌ بالتفريعات خصوصاً في قسم العبادات، لذلك أكثر الرسائل العملية قد أخذت قسم العبادات من العروة الوثقى فمنهاج الصالحين للسيد محسن الحكيم ومن جاء من بعده كالسيد أبو القاسم الخوئي والسيد السيستاني والبقية، ووسيلة النجاة للسيد أبي الحسن الأصفهاني ومن جاء من بعده كالسيد الإمام الخميني في تحرير الوسيلة.

إذا أكثر الرسائل العملية في العبادات أخذت التفريعات من العروة الوثقى وفي المعاملات فيما بعد النكاح لأن العروة إلى النكاح فما بعد النكاح قد أخذت التفريعات من كتاب شرائع الإسلام للمحقق نجم الدين الحلي أو من كتاب تبصرة المتعلمين لابن أخته المحقق العلامة الشيخ جمال الدين يوسف بن مطهر الحلي ـ رضوان الله عليهم ـ .

إذا تراجع منهاج السيد السيستاني ـ حفظه الله ـ تجد القسم الأول في العبادات من العروة الوثقى ومن بعد النكاح قد أخذ الكثير من التفريعات من تبصرة المتعلمين في أحكام الدين.

إذا العروة الوثقى فيها الكثير من التفريعات والمسائل، كانت المسائل من أيام الشيخ الطوسي ـ رضوان الله عليه ـ قرابة خمسمئة مسألة الآن كتاب الصلاة لوحده فيه أكثر من خمسمئة مسألة، إذا التفريعات كثرت في الفقه الإسلامي ولذلك الآن أكثر أبحاث الخارج في الفقه تمشي وفقاً للعروة الوثقى للسيد كاظم اليزدي، وفي الأصول تمشي وفقاً لكفاية الأصول للملا الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني وكان هذان المرجعان متعاصرين والسيد اليزدي كان معروف بالفقه بكتاب العروة الوثقى والشيخ الآخوند الخراساني معروف بالأصول كتابة الكفاية.

وأما الجواب عن الأول:

لماذا كتاب الخمس؟

والجواب بشكلٍ مختصر إن طالب العلم الذي يشرع في بداية بحث الخارج يحسن أن يدرس كتاب فقهي مليء بالروايات والاستظهارات لكي يتعلم كيفية الجمع العرفي وإعمال التعارض وأفضل كتاب لذلك هو كتاب الحج ولكنه طويل وموسع، وإذا أراد أن يدرس كتاباً مختصراً فعليه بكتاب الخمس، هذا الجواب بشكلٍ مختصر.

البحوث الفقهية على أنحاء ثلاثة

وأما التفصيل فهو أن البحوث الفقهية على أنحاء ثلاثة ويحسن أن تدرس وفقاً لهذه الأنحاء الثلاثة على مراحل:

النحو الأول

المرحلة الأولى أو النحو الأول مباحث الألفاظ والجمع العرفي وإعمال صناعة التعارض، وهذا البحث يوجد في كتاب الحج، كتاب الصوم، كتاب النكاح، كتاب الزكاة، كتاب الخمس، فهذه الكتب فيها روايات كثيرة فلا بدّ أن يتعلم الطالب كيفية الاستظهار من هذه الروايات وقد تتعارض هذه الروايات فيتعلم الطالب كيف يجمع بين هذه الروايات ويتعلم كيفية إعمال قواعد الجمع العرفي وكيفية إعمال صناعة التعارض.

صحيح أن الطالب قد درس هذه المباحث في علم الأصول إلا أنه قد درس كبرياتها فهو قد درس كبرى أن التعارض إما أن يكون مستقراً وإما أن يكون غير مستقر والتعارض غير المستقر يعمل فيه قواعد الجمع العرفي كالعرض على كتاب الله أو الأخذ بما خالف العامة أو الأخذ بما وافق المشهور، وأما إذا كان التعارض مستقراً فإنه في هذه الحالة إما أن يقال بالتساقط كما عليه مشهور المتأخرين أو التأخير كما عليه مشهور المتقدمين، ويعمل بالمرجحات السندية أو الدلالية لترجيح إحدى الطائفتين من الروايات هذا أخذه في علم الأصول.

أخذ في علم الأصول أن الظهور حجة ولكنه لم يأخذ التطبيقات ولم يأخذ الصغريات، كيف يستظهر من هذه الرواية؟ أو كيف يجمع بين هاتين الطائفتين أو الطوائف الثلاث من الروايات؟ وكيف يعمل قواعد الجمع العرفي في هذه المسألة؟ وبهذا تتجلى فقاهة الفقيه وتتشخص الأعلمية فنحن لا نقبل المقولة المتداولة والمشهورة عن بعضهم من أن الأعلم في الأصول هو الأعلم في الفقه، نعم نحن نؤمن أن الأدق في الأصول هو الأدق في الفقه والدقة الفقيه والأصولية شيء والذوق الفقهي وقوة الاستظهار والإلمام في المسألة الفقهية شيء آخر.

نعم كلما كان الفقيه أدق في الأصول كان أدق في الفقه ولكن لا نسلم أن الأعلم في الأصول هو الأعلم في الفقه فقد يكون أعلم في الأصول أي دقيق في تنقيح القواعد الأصولية ولكنه ضعيف في تطبيق القواعد الأصولية أو التطبيقات الفقهية وقد يكون قوياً في الأصول وفي التطبيقات الفقهية والأصولية ولكنه ضعيف في الاستظهار لا يمتلك ذوقاً فقهياً وأنساً في الروايات وبالتالي ينبغي على الطالب أن يدرس أكثر من كتاب فقهي فيه وفرة في الروايات لكي يأنس بروايات أهل بيت العصمة والطهارة ومن هنا يتشخص الأعلم، فلو جاءنا أعلم في الفقه وأعلم في الأصول فالمقدم هو الأعلم في الفقه.

ولا بأس بهذه الخاطرة في يوم من الأيام التفت السيد أبو القاسم الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ إلى الشيخ محمد تقي الجواهري ـ رضوان الله عليه ـ والد الشيخ حسن الجواهري والشيخ محمد الجواهري وهذه القصة مذكورة في تقرير بحث الشيخ محمد تقي الجواهري للسيد الخوئي المطبوع في مجلدين تحت عنوان غاية المأمول في علم الأصول، ذكره الشيخ حسن الجواهري في المقدمة عن صراحة أبيه.

التفت السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى الشيخ محمد تقي الجواهري وقال أيهما أعلم أنا أم السيد محسن الحكيم؟ فقال الشيخ محمد تقي الجواهري السيد محسن الحكيم أعلم منك فانفعل السيد الخوئي وقال كيف تجرأ على مصارحتي؟ قال أنا من أول يوم جلست معك كان بنائي على مصارحتك ولو لم يكن بنائي على مصارحتك لتركتك من هذه اللحظة، ثم تأمل السيد الخوئي وقال صحيح السيد محسن الحكيم أفقه مني وأنا أدق منه.

يعني السيد محسن الحكيم يمتلك ذائقة فقهية قوة في الاستظهار والتطبيقات ولكن يقول السيد الخوئي أنا أدق منه في الفقه، لأن السيد الخوئي دقيق في الأصول وبالتالي يكون دقيقاً أيضاً في الفقه.

إذاً المرحلة الأولى أو النحو الأول مباحث الألفاظ وإعمال قواعد الجمع العرفي، ونحن اخترنا كتاب الخمس لأنه كتاب مختصر بالنسبة إلى الحج وبالنسبة إلى الصوم وبالنسبة إلى النكاح، فالحج أربع خمسة مجلدات والنكاح مجلدين والصوم مجلدين، كتاب الخمس مجلد واحد، فالطالب في بداية بحثه لخارج الفقه يحسن أن يدرس كتاب الخمس يركز على كيفية الاستظهار وكيفية الجمع بين الروايات ويركز على إعمال قواعد الجمع العرفي وقواعد باب التعارض.

النحو الثاني

الأصول والقواعد وإعمال الصناعة وهذا يوجد في كتاب المكاسب والبيع والخيارات، وأكثر كتب المعاملات وهذا يكثر في الكتب التي قلت فيها الروايات فاضطررنا لاستخراج القواعد والأصول وإعمالها فهو بحث فني صناعي يحتاج إلى ممارسة الصناعة العلمية وإعمال القواعد العقلية والقواعد التي نستخرجها من الروايات النقلية، مثل بحث الخلل في الصلاة، مثل بحث الصلاة في اللباس المشكوك، هذه مباحث دقيقة إذا أردت أن تعرف فقاهة الفقيه ودقته وعمقه فانظر إلى بحثه في خلل الصلاة، صلاة المسافر، الصلاة في اللباس المشكوك، كتاب البيع، فهذه الكتب فيها عمق ودقة وإعمال للصناعة العلمية، لذلك الطالب المبتدئ في بحث الخارج إذا يحضر بحث خارج في البيع أو الخلل في الصلاة أو الصلاة في اللباس المشكوك قد يجد صعوبة من جهة وقد يتأثر ذوقه الفقهي فيصبح بحثه صناعي كما يقال عن بحث المحقق الأصفهاني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ فقه أصول وأصوله معقول ومعقوله لا معقول هكذا يقول بالنسبة إلى المحقق الأصفهاني ـ رضوان الله عليه ـ ولعل هذه المقولة غير معروفة أو غير صحيحة، لكن هكذا يقال.

النحو الثالث

الارتكازات والاعتبارات وهذا موجود في أكثر كتب المعاملات التي تقل فيها الروايات وأبرز كتاب لذلك وأبرز مصداق كتاب الإجارة فإن كتاب الإجارة لا تحتاج فيه إلى الروايات فقط أو إعمال القواعد والأصول العلمية والصناعة فقط بل تحتاج إلى ملاحظة الارتكازات العرفية عند الناس وبحاجة إلى ملاحظة كلمات العامة وفقه أهل السنة في معاملات الإجارة بل ربما تحتاج أن تلحظ الدساتير الوضعية والقوانين المعاصرة لكي تلحظ ارتكازات الناس،

إذاً البحث الثالث أو النحو الثالث أو المرحلة الثالثة الارتكازات والاعتبارات مثل كتاب الإجارة، كتاب المضاربة، وغيرها من هذه الكتب.

مرحلتين للتدرس

إذاً يحسن للطالب أن يتدرج بحيث في البداية أن يدرس كتاب الخمس أو الحج أو الصوم أو النكاح وغيرها من الكتب التي فيها وفرة روائية لكي يتعلم كيفية الاستظهار وكيفية الجمع بين الروايات وكيفية إعمال قواعد الجمع العرفي وتطبيقات باب التعارض، وثانياً يدرس كتاب البيع أو الخلل في الصلاة أو الصلاة في اللباس المشكوك لكي يتعلم إعمال القواعد والأصول والضوابط ويتعلم الصناعة العلمية فيضم إلى الذوق الفقهي والاستظهار العرفي دقة في إعمال القواعد العلمية والفقهية والأصولية.

ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي الإلمام بالارتكازات العرفية والاعتبارات عند الناس وعند الشرع فيدرس كتاب الإجارة مثلا.

وهذا هو السرّ في تكرر البحوث فإذا تلاحظون دروس المراجع والآقايون والعلماء كثيراً ما تبحث كتاب الخمس والحج والصوم والزكاة والنكاح، فهؤلاء يركزون على البحث الروائي والاستظهار وإعمال طرائق الجمع العرفي، وكثير منها يدرس كتاب البيع وكتاب الخلل في الصلاة للسيد الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ هؤلاء يركزون على إعمال الصناعة والأصول والقواعد، وكثير منها يركز على كتاب الإجارة فهؤلاء يركزون على الإلمام بالمرتكزات والاعتبارات العرفية.

ونحن في البداية نشرع في كتاب الخمس كي نأنس بروايات أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، السيد الخوئي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ درس كتاب الصلاة مرتين، وكتاب المكاسب والبيع والخيارات مرتين والاجتهاد والتقليد مرتين، ولو لم يكرر تدريس هذه الكتب الثلاثة لوفق لتدريس دورة فقهية كاملة، فالسيد الخوئي عاش ثلاثة وتسعين سنة درس بحث الخارج وعمره ثمانية وعشرين سنة، أوقف بحث الخارج آخر سنتين من عمره، يعني من عمره ثمانية وعشرين سنة إلى التسعين وواحد وتسعين سنة يدرس يعني قرابة ثلاثة وستين سنة يدرس بحث الخارج، درس ست دورات أصولية وتوقف في السابعة إلى بحث الضد ـ رضوان الله عليه ـ .

المدارس الأصولية المتأخرة

وأما الإلمام بالمدارس الفقهية وكيفية دراستنا لكتاب الخمس، المدارس الأصولية المتأخرة ثلاثة:

الأولى مدرسة الميرزا الشيخ محمد حسين النائيني وأبرز مصداق لها السيد أبو القاسم الخوئي والشيخ حسين الحلي ـ رضوان الله عليهما ـ ، المدرسة

الثانية الشيخ محمد حسين الأصفهاني وأبرز مصداق لها تلميذه السيد محمد هادي الحسيني الميلاني وله أيضاً كتاب الخمس،

الثالثة المدرسة الثالثة الشيخ ضياء الدين العراقي وله شرح على كتاب تبصرة المتعلمين في أحكام الدين للعلامة الحلي وأبرز امتداد له في الأصول السيد محسن الحكيم صاحب مستمسك العروة الوثقى، هذه المدارس الأصولية المعروفة في النجف الأشرف.

المدرسة الأصولية في قم المقدسة

وأما في قم المقدسة فتوجد مدرسة الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة وهو تلميذ السيد محمد الفشاركي والسيد الفشاركي والمجدد الشيرازي والآخوند الخراساني ثلاثتهم من تلامذة الشيخ الأعظم الأنصاري ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ ، والسيد الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ هو امتداد لمدرسة الشيخ عبد الكريم الحائري أي امتداد لمدرسة السيد محمد الفشاركي وهذه المدرسة في مقابلة مدرسة الميرزا النائيني ـ رضوان الله عليه ـ .

إذا السيد الخوئي يمثل مدرسة النائيني والسيد الإمام يمثل مدرسة الشيخ عبد الكريم الحائري ولا يقبل الكثير من آراء المحقق النائيني في الأصول، هذه المدارس الأربعة التي ذكرناها وهي النائيني والأصفهاني والعراقي والحائري مرجعها إلى الفشاركي، وكان لائق بالمرجعية السيد محمد الفشاركي وقد جاؤوا إليه ورجعوا إليه فقال أنا مبتلى بالوسواس والمرجعية الدينية فيها سمة رئاسة وزعامة فارجعوا إلى المجدد الشيرازي صاحب ثورة التنباك السيد محمد حسن الشيرازي فتوحدة المرجعية فيه بعد الشيخ الأعظم الأنصاري، فالمجدد الشيرازي من كبار تلامذة الشيخ الأنصاري المتقدمين، والآخوند الخراساني من كبار تلامذة الشيخ الأعظم الأنصاري المتأخرين، والأعلام الثلاثة هم من تلامذة الآخوند الأصفهاني وآقا ضياء الدين العراقي من تلامذة الآخوند والميرزا النائيني من تلامذة المجدد الشيرازي وكان يجيب استفتاءات الآخوند الخراساني.

الكتب المرجع لتحقيق في كتاب الخمس

عموماً نحن لكي نحقق وندقق في كتاب الخمس ينبغي أن نلحظ المدارس المختلفة وامتداداتها،

الكتاب الأول فأولاً نلحظ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ الذي هو امتداد لمدرسة المحقق النائيني، السيد الخوئي طبع له تقريران في الخمس والتقرير الأول هو المشهور وهو تقرير الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي مستند الشيعة وعليه تقرير السيد الخوئي، والتقرير الثاني كتاب الخمس تقرير السيد مجتبى الرودباري هذا طبع بعد وفاة السيد الخوئي ولكن نقل عين ألفاظ السيد الخوئي كان يسجل في أواخر الدورة في الشريط وكان يكتب عين كلمات السيد الخوئي بتعبير أحد زملائي الفضلاء حتى ولو عطس السيد الخوئي يذكر العطسة يعني يذكر حتى الحوادث يؤرخ باليوم ويقول اليوم حصل كذا وحصل كذا لذلك هو أوضح من تقرير الشيخ البروجردي ـ رضوان الله عليهم ـ إذاً هذا التقرير الأول يمثل امتداد مدرسة الميرزا النائيني السيد الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ .

الكتاب الثاني كتاب الخمس لأستاذنا سماحة آية الله العظمى المرحوم السيد محمود الهاشمي الشاهرودي وهو امتداد لمدرسة الشهيد السيد محمد باقر الصدر فالسيد محمد باقر الصدر وإن كان امتداد لمدرسة السيد الخوئي التي هي مدرسة الميرزا النائيني ولكنه في الأصول كثيراً ما يوافق المحقق العراقي.

الكتاب الثالث مستمسك العروة للسيد محسن الطباطبائي الحكيم الذي هو تلميذ النائيني والعراقي معاً لكنه في الأصول لا يتجاوز ولا يتعدى الشيخ آقا ضياء الدين العراقي فإذا جزم العراقي بمسألة لا يخالفه السيد محسن الحكيم.

وبالمناسبة تقرير بحث السيد الخوئي في الفقه يلحظ كتابين الأول كتاب مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائي الحكيم والثاني كتاب مصباح الفقيه للشيخ آقا رضا الهمداني ـ قدس الله نفسه الزكية ـ لذلك يحسن قبل أن تقرأ بحث السيد الخوئي تقرأ بحث السيد محسن الحكيم والشيخ آقا رضا الهمداني، وأحياناً بالعكس أولاً تقرأ بحث السيد الخوئي وبعد ذلك تقرأ مستمسك السيد الحكيم لأن كتابه برقيات.

الكتاب الرابع كتاب الخمس للسيد محمد الهادي الحسيني الميلاني تقرير تلميذه السيد علي الحسيني الميلاني وكان السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب الميزان يرى أن الأعلم السيد محمد هادي الميلاني، السيد محمد هادي الميلاني درس خمسة وعشرين سنة عند المحقق الأصفهاني والذي كان في النجف الأشرف، حصل له مضايقات فخرج من النجف وذهب إلى كربلاء ودرس في كربلاء فالتحق به السيد أبو القاسم الخوئي والسيد محمد هادي الميلاني ولكن السيد أبو القاسم الخوئي رجع إلى النجف الأشرف، وأما السيد محمد هادي الميلاني بقى في كربلاء ثم بعد ذلك بعد وفاة المحقق الأصفهاني هاجر إلى مشهد المقدسة.

أبرز تلميذين للمحقق الأصفهاني السيد الخوئي والسيد محمد هادي الميلاني، ولكن السيد الخوئي يعد امتداد لمدرسة الميرزا النائيني، والسيد محمد هادي الميلاني يعد امتداد لمدرسة المحقق الأصفهاني، والسيد الحكيم تلميذ النائيني أيضاً ولكن في الكثير من الآراء قريب من المحقق العراقي خصوصاً في الأصول.

الكتاب الخامس والأخير كتاب الخمس للشيخ مرتضى الحائري أستاذ الإمام السيد علي الخامنئي أيده الله ولي أمر المسلمين، فالشيخ مرتضى البروجردي هو تلميذ الشيخ عبد الكريم الحائري الذي هو تلميذ السيد محمد الفشاركي.

في الختام

من الجيد أن يلم الطالب بهذه التقريرات ولكن يحسن في الختام أن نذكر كلمات شيخنا الأستاذ آية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ يقول (أنا سخرت خمسة وعشرين سنة من عمري في فهم كلمات السيد الأستاذ والميرزا النائيني وهذا يكفي).

المحقق الأصفهاني معروف بالدقة والعمق الفلسفي، والمحقق العراقي معروف بالدقة العلمية فهو قوي في الهدم ولكن يقال إنه ضعيف في البناء فإذا يبني مبنى هذا المبنى قد لا يكون عرفياً وأما الميرزا النائيني فهو قوي في الهدم والبناء فعندما يناقش وينقض يهجم بقوة وحينما يبني مبنى يبني مبنى عرفي، فقد بنى مبحث الترتب وشيد أركانه مع أنه مبحث قديم وكان الكثير من المعاصرين لا يقبله، فلما شيد أركانه قبله الكثير من أعلام العصر قبل مبحث الترتب.

الآن أكثر البحوث في قم والنجف الأشرف عالة على أبحاث السيد أبو القاسم الخوئي ماذا قال السيد الخوئي في الفقه؟ وماذا قال السيد الخوئي في الأصول؟

نحن إذا أردنا أن نلحظ المدارس المختلفة لا بأس أن نلحظ بحث السيد الخوئي ونجعله محوراً الذي هو امتداد لمدرسة الميرزا النائيني هذه المدرسة العرفية في الفقه والأصول ونلحظ أيضاً كلمات السيد محسن الحكيم صاحب الفقاهة الراقية فعنده تتبع في الأقوال أكثر من السيد الخوئي ولا ننسى مدرسة السيد حسين البروجردي ـ رضوان الله عليه ـ والذي طبع له أيضاً كتيب في الخمس، قال السيد حسين البروجردي أستاذ الإمام الخميني مدرسة قم من مميزات مدرسته أن يلحظ تاريخ المسألة الفقهية فهو يرى أن فقه الشيعة الإمامية وفقه الأئمة هو بمثابة حاشية على فقه العامة والسنة لأن فقه العامة كان فقه السلطان كانت الدولة الأموية والدولة العباسية تروج لفقه العامة فيأتي الناس والأصحاب يسألون الإمام الباقر والصادق عليهما السلام فيقول الإمام ماذا يقول الناس؟ أي ماذا يقول فقهاء العامة؟ ثم يعلق الإمام ويبين المذهب الحق.

فالسيد البروجردي يقول أنت إذا أردت أن تفهم الحاشية فلا بدّ أن تفهم المتن، لا بدّ أن تفهم تاريخ المسألة الفقهية ولذلك أستاذنا السيد موسى الشبيري الزنجاني في مجالس الدرس أحياناً درس كامل في دراسة الأقوال من ابن الجنيد والإسكافي القديمان إلى يومنا هذا تتبع في الأقوال، فمدرسة السيد البروجردي تعتني في تتبع الأقوال ودراسة تاريخ المسألة الفقهية.

يعني مثلاً فقه أرباح المكاسب هل نشأ في أيام الإمام الجواد عليه السلام أم كان في عهد النبي وتم تفعيله في عهد أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام؟

إذا لكي يكون البحث بحثاً موضوعياً نجعل المحور كتاب الخمس للسيد أبو القاسم الخوئي شرح العروة الوثقى ونلحظ تقرير بحث السيد محمود الهاشمي امتداد مدرسة الشهيد الصدر ونلحظ أيضاً كتاب الخمس للسيد هادي الميلاني الذي هو امتداد لمدرسة الأصفهاني ونلحظ أيضاً كتاب الخمس للشيخ مرتضى الحائري الذي هو امتداد لمدرسة أبيه الشيخ عبد الكريم الحائري والذي هو صاحب فقاهة راقية، وإلا في البحوث المتداولة عادة يبحث رأي السيد الخوئي وبالكثير يلحظ كلمات السيد الحكيم، وإذا أردنا فهم كلمات السيد الخوئي نلحظ مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الحكيم ومصباح الفقيه للشيخ رضا الهمداني.

نكتفي بهذا المقدار لهذا التمهيد وهذه المقدمة، كان صاحب الميزان يحضر الدرس كاملاً ويأتي لمعرفة رأي الأستاذ يعني مستحضر الأقوال والروايات والأدلة ويريد أن يعرف رأي الأستاذ يرجح أي رأي وهناك دورات مهمة ينبغي للطالب أن يلم بها، يعني هناك دورات قديمة ينبغي للطالب أن يلم بها، أولاً الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة للشيخ يوسف البحراني ويأخذ منه الذوق الفقهي، والثاني جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ثلاثة وأربعين مجلد للشيخ محمد النجفي صاحب الجواهر ويتعلم منه الفقاهة ومعرفة الأقوال في المسألة هاتان دورتان قديمتان، دورتان حديثتان مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائي الحكيم، ومستند الشيعة للسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، هذه دورات أربع وهناك دورة خامسة مهمة مستند الشيعة للشيخ أحمد النراقي ابن الشيخ محمد مهدي النراقي صاحب جامع السعادات، هذا أستاذ الشيخ الأنصاري.

الشيخ الأنصاري مدة دراسته عشر سنوات متفرقة بعضهم حضر عنده يوم واحد ولكن حضر عند المرحوم النراقي خمس سنوات في كاشان أكثر دراسته كانت عند صاحب المستند وهو الذي شيد أركان بحث ولاية الفقيه المطلقة في كتابه عوائد الأيام.

نكتفي بهذا المقدار في التمهيد ونشرع غداً إن شاء الله في كتاب الخمس من العروة الوثقى وفقاً لإفاضات وإفادات السيد أبو القاسم الخوئي والسيد محسن الحكيم وأعلام العصر.

ونحن نتطفل على هذه المباحث فإن كان فيها شيء فمنهم رضوان الله عليهم، وإن كان فيها نقص فمني غفر الله لي ولكم وإن شاء الله تدعون لي ولوالدي بحسن العاقبة والخاتمة، وأن يكون هذا البحث ذخيرة لي ولكم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo