< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/08/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة71؛ المبحث الرابع: الدین لغیر المئونة و أدائه من ربح العام اللاحق

 

المبحث الرابع: الدین لغير المؤونة و أداؤه من ربح العام اللاحق

النظریة الأولی: أداؤه لیس من المؤونة إلا في صورة التلف (المختار)

ذهب إلی هذه النظریة الشیخ الأنصاري و المحقق الهمداني و المحقق البروجردي و المحقق الآملي و المحقق الحکیم و المحقق الخوئي

قال الشيخ الأنصاري: و أمّا الدين، فالمقارن منه لعام الاكتساب إن استدين للصرف فيما يُستثنى[المؤونة]، فلا إشكال في استثناء ما يُوفي مراعى بالإيفاء، حتّى لو أبرئ المدين بعد الاستثناء تعلّق الخمس بالمقابل[مثل الفرس المشتری].

و إن استدين للصرف في غير ذلك [أي: لغیر المؤونة]، فإن بقي عينه أو عوضه، بحيث يتمكّن من إيفائه به، فالظاهر عدم احتسابه من المؤونة و إن لم يبق، ففي احتسابه من المؤونة - سيّما إذا طالبه المدين في سنة الاكتساب - وجه قويّ‌ و إن كان يأباه ظاهر كلّ‌ من قَيَّد الدين بالحاجة.

و أمّا الدين المقدّم، فهو كالمقارن إن استدين للصرف فيما يتعلّق بمؤونة سنة الاكتساب [أو بما قبلها مع عدم تمكّن الوفاء إلاّ في سنة الاكتساب][1] أو تمكّنه في غيرها مع عدم بقاء المقابل.

و أمّا مع التمكّن و بقاء المقابل، فالظاهر أنّه لا يعدّ من المؤونة، و إن قلنا في المسألة الآتية بأنّ‌ المؤونة مختصّة بالربح دون غيره ممّا لا يخمّس، لعدم وضوح كونه من مؤونة هذه السنة، و إن وجب الوفاء فيها.[2]

تظهر هذه النظریة من کلام المحقق الهمداني: ... احتساب وفاء الدين من المئونة مشروط بعدم بقاء المقابل أو احتياجه إليه بالفعل [أي: لمؤونة عام الأداء] لا مطلقا، كما يشهد به العرف.[3]

قال المحقق البروجردي في تعلیقته علی العروة: [أداء الدین من المؤونة] إذا كان ركوبه بأسباب قهريّة أو استدانه لحوائجه لا لتكثير المال وشراء الضياع والعقار، نعم، إن تلف ما حصّله به واضطرّ إلىٰ‌ أدائه من غيره كان أداؤه أيضاً محسوباً من المؤونة.[4]

و لم یفرّق بین الدین المقارن للسنة و الدین السابق في تعلیقة أخری.[5] و هکذا قال في رسالته العملیة.[6]

و قال المحقق الآملي: اعلم ان الدين يقع على أنحاء ... (الثاني) ان يكون الدين مقارنا أيضا لعام الاكتساب و لكن لم يكن مؤونة ذاك العام و لم يستدان للصرف فيما استثنى بل استدين لما لا حاجة إليه من المصارف مما يعد من السرف فإن بقي عينه أو عوضه بحيث يمكن إيفائه به أو بعوضه لم يحتسب من المؤونة، لانه لم يصرف فيها و ليس أدائه أيضا منها مع وجود عينه أو عوضه.

و ان لم يبقَ عينه و لا عوضه ففي رسالة الشيخ الأكبر ان في احتسابه من المؤونة فيما إذا طالبه المدين في سنة الاكتساب وجه قوى و ان كان يأباه كل مَن قَيَّد الدين بالحاجة (انتهى).[7] و وجهه هو وجوب أداء الدين عليه في هذه السنة سيما مع مطالبة الدائن فيكون من المصارف المحتاجة إليها شرعا فيحسب من المؤونة و في الجواهر بعد اعتبار الحاجة في الدين السابق أو المقارن في احتساب أدائه من المؤونة قال بل قد لا يعتبر الحاجة في الدين السابق مثلا لصيرورة وفائه بعد شغل الذمة به من الحاجة و ان لم يكن أصله كذلك، و ما ذكره متين جدا، لكن ينبغي تقييده بما ذكرناه من عدم بقاء عينه أو عوضه ...[8]

و المحقق الحکیم أیضاً فصّل في المقام فقال في فرض التلف: ... إن صرف المال في وفاء الدين صرف له في محله و في حاجته، فلا وجه لعدم عدّه من المؤونة، و لذا قال في الجواهر: «لا تعتبر الحاجة في الدين السابق، لصيرورة وفائه - بعد شغل الذمة به - من الحاجة، و إن لم يكن أصله كذلك ...».

لكن عليه لا يظهر وجه لتقييد دين عام الربح بالحاجة - كما تقدّم منه و من غيره - مع أنه أولى بعدم التقييد بها. و لذلك كان ما تقدّم من شيخنا الأعظم)، من أن وفاء الدين الحاصل عام الربح من المؤونة و إن لم يكن مع الحاجة، بل حتى مع وجود مقابله، كاشتراء ضيعة لا لحاجة، الذي قد عرفت أنه في محله.

و قال في فرض وجود ما استدان له: ... نعم إذا وفّاه و كان له مقابل كضيعة اشتراها بثمن في الذمة فوفّاه من ربح سنته وجب إخراج خمس المقابل كالضيعة في المثال المذكور فيجب إخراج خمسها... [9]

قال المحقق الخوئي: فيما إذا كان الدين من السنين السابقة ... و هل يجوز أداء ذاك الدين من هذه الأرباح أو لا يجوز إلّا بعد التخميس؟ ... أنّ الأظهر أنّ أداء الدين السابق -سواء أ كان متمكّناً منه سابقاً أم لا- يعدّ أيضاً من المؤونة و إن لم يكن الدين بنفسه معدوداً منها [أي المؤونة]، فلا يستثني من أرباح هذه السنة من غير أداء ... هذا فيما إذا لم يكن بدل الدين موجوداً ...

و أمّا مع وجوده، كما لو اشترى بالدين السابق داراً أو بستاناً فإن كان ذلك لأمر خارجي غير المؤونة فلا ينبغي الشكّ في عدم جواز الأداء بلا تخميس، إذ بعد أن كان الدين مقابلًا بالمال فلو أدّاه من الربح غير المخمّس يبقى هذا المال خالصاً له بلا دين فيكون زيادة على المؤونة فلا بدّ من تخميسه، فليس له أن يؤدّي دينه بلا تخميس لا بالنسبة إلى الربح و لا الثمن، بل لا بدّ و أن يحاسب آخر السنة ...[10]

و قال المحقق الخوئي في منهاجه في فرض وجود ما استدان له: إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجودا و لم يكن من المؤونة لم يجز له أداء دينه من أرباح سنته، بل يجب عليه التخميس و أداء الدين من المال المخمس أو من مال آخر لم يتعلق به الخمس.[11] و هکذا في رسالته العملیة.[12]

و قال بعین کلامه المیرزا جواد التبریزي[13] و صاحب فقه الصادق[14] و بعض الأساطین[15] في منهاجهم.

 


[1] ما بين المعقوفتين موجود في بعض النسخ.
[5] راجع العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص156.
[6] و قال في رسالته العملیة: اگر براى زياد كردن مال يا خريدن ملكى كه به آن احتياج ندارد قرض كند نمى‌تواند از منافع كسب، آن قرض را بدهد ولى اگر مالى را كه قرض كرده و چيزى را كه از قرض خريده از بين برود و ناچار شود كه قرض خود را بدهد، مى‌تواند از منافع كسب، قرض را ادا نمايد. موسوعة الإمام الخميني 30 (رساله توضيح المسائل آية الله العظمى بروجردى با حواشى امام خمينى( س) )، بروجردى، حسين، ج1، ص360.
[7] کتاب الخمس (للشیخ الأنصاری.)، ص93
[14] منهاج الصالحین، ج1، ص436، م1420.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo