< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/08/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة71؛ المطلب الأول؛ المبحث الثاني؛ النظریة الأولی

 

[إن كان الفرس مثلاً تالفاً و] لم يؤدِّ [دينه] حتى مضت السنة فهل يستثني كما كان يستثني الدين للمؤونة‌؟ فيه كلام و إشكال. و الاستثناء مشكل جدّاً، نظراً إلى أنّ‌ تلف هذا المال الخارجي الأجنبي عن التجارة لا ينافي صدق الربح في التجارة الذي هو الموضوع لوجوب الخمس، فقد ربح في تجارته و فضل عن مؤونته و إن كان في عين الحال قد وردت عليه خسارة خارجية أجنبيّة عن تلك التجارة. فاستثناء هذا الدين كما ثبت في المؤونة بدعوى أنّه لم يربح أو على تقدير الصدق لا يصدق الفاضل على المؤونة، غير وجيه في المقام، لما عرفت من عدم ارتباط الخسارة الخارجيّة بصدق الربح في هذه التجارة، فإنّها نظير الضمان أو الدية الثابت في حقّه الناشئ من إتلاف مال أحدٍ أو كسر رأسه و نحو ذلك في أنّه لو أفرغ ذمّته و صرف الربح فيما اشتغلت به الذمّة فهو، و يعدّ حينئذٍ من المؤونة، لاحتياج الإنسان إلى تفريغ ذمّته كاحتياجه إلى المأكل و الملبس و نحو ذلك. أمّا لو لم يفعل و بقي عنده الربح حتى مضت السنة بحيث صدق أنّه ربح و فضل عن المؤونة لأنّه لم يصرفه في المؤونة وجب عليه الخمس، لأنّ‌ حاله حينئذٍ حال التقتير كما لا يخفى.[1]

ملاحظتان علي بیان المحقق الخوئي:

الملاحظة الأولی:

ما قاله المحقق الخوئي في الفرض الأوّل- و هو كون الفرس [مقابل الدين] موجوداً- إذا أراد أنّه يستثني مقدار الدين من أرباحه و كذا لا يخمّس مقداراً من قيمة الفرس الذي وقع بإزاء مقدار الدين، فهو لا يمكن أن يلتزم به أحد، لأنّه يلزم منه أن تستثنى مؤونة واحدة -و هي هنا مقدار الدين- مرّتين.

و إن أراد أنّه يخمّس جمیع أرباحه و یخمس من الفرس الفائدة الحاصلة منه و لا یخمّس من الفرس بمقدار الدين فقط، فهو صحیحٌ، لکنّه واضح و لا فائدة في ذكره، مع أنّه خارجٌ عن فرض المسألة، ذلك لأنّ موضوع البحث هو أداء الدين من أرباح عام الاستدانة، و عدم تخمیس الفرس بمقدار الدين، ليس موضوع البحث.

الملاحظة الثانیة:

ما قاله بالنسبة إلى الفرس في فرض تلفها لا يمكن الالتزام به، لأنّه في فرض تلفه و قبل مضي السنة كان يجوز له أن يؤدّي دينه الذي استدانه لشرائها من أرباح تلك السنة، فمع مضي السنة بما أنّ أداء ذلك الدين كان من لوازم حياته فيمكن له أن يستثني مقدار الدين من الأرباح، فمع مضي السنة الخمسية لا يخمّس مقدار الدين من الأرباح؛ نعم إذا أدّى الدين من أرباح العام اللاحق فلا يكون ذلك مستثنىً من الخمس بل يتعلّق به الخمس، لأنّه لا يمكن أن تستثنى مؤونة واحدة مرّتين.

النظرية الثانية: لا يكون أداؤه من المؤونة

يظهر هذا من صاحب الجواهر: قال صاحب الجواهر: ... يعتبر في ذلك [أي: أروش الجنایات و قیم المتلفات] و في الديون و في النذور و الكفارات و نحوها سبقها أو مقارنتها لحول الربح مع الحاجة،

بل قد لا تعتبر الحاجة في الدين السابق مثلا لصيرورة وفائه بعد شغل الذمة به من الحاجة و إن لم يكن أصله كذلك.[2]

و قال الشیخ محمد حسین كاشف الغطاء: الدَين لا يخلو: إمّا أن يكون قد استدانه في عامه الذي هو فيه فعلاً أو في عامٍ‌ سابق و الأوّل لا يخلو: إمّا أن يكون قد استدانه لشؤون الاكتساب أو لنفقته ونفقة عياله، فلا إشكال في أنّ‌ له وفاؤه من ربح تلك السنة ولا خمس فيه أصلاً، وإمّا أن يكون استدانه لغير الاكتساب والنفقة، كشراء ضيعةٍ‌ أو شيءٍ‌ لا يحتاج إليه، فإذا حاول وفاءَه من ربح تلك السنة يخرج الخمس أوّلاً، ثمّ‌ يدفع من باقي الربح وفاء الدَين.[3]

إشكال المحقق الحكيم على صاحب الجواهر:

قال المحقق الحكيم: عن ظاهر جماعة - منهم شيخنا في الجواهر - حيث قيدوا الدين المقارن بالحاجة إليه: عدم جواز وفائه قبل إخراج الخمس، لعدم كونه من المؤونة.

و استشكل فيه شيخنا الأعظم (ره)، لأن إبراء الذمة من الدين محسوب من المؤنة عرفاً و إن كانت الاستدانة لا للحاجة. و هو في محله، بل لا ينبغي التأمل فيه، فإنّ صرف المال في وفاء الدين ليس تضييعاً له، و لا صرفاً له فيما لا ينبغي، فكيف لا يكون من المؤونة‌؟

نعم مع وجود ما استدان له - كما لو اشترى ضيعة من دون حاجته إليها، و لم تزل باقية. و كذا لو اشترى دابة كذلك - فان الظاهر وجوب الخمس في ذلك، لصدق الفائدة. سواء أ كانت قيمته في رأس السنة أكثر من الثمن، أم أقل، أم مساوية.[4]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo