< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /الفروعات الفقهیة؛ الفرع التاسع؛ المسألة الثانیة؛ فی الدلیل الخامس

 

و عليه، فلو فرضنا القطع بعدم الصرف في المئونة إلى نهاية السنة بحيث تيقّنّا بحصول الشرط مع ذلك لم يجب الأداء فعلاً و إن كان متعلّقاً للخمس فيجوز التأخير، و ذلك لجواز الصرف في المؤونة من غير إناطة بفعليّة الصرف كما عرفت، فإذا جاز الصرف المزبور جاز الإبقاء إلى نهاية السنة بطبيعة الحال، و من الضروري أنّ‌ جواز الصرف أو الإبقاء لا يجتمع مع وجوب الأداء فعلاً.

و بالجملة: القطع بعدم فعليّة الصرف خارجاً لا ينافي جوازه شرعاً، لعدم استلزام الجواز تحقّق الصرف بالضرورة، فهو مرخّص في إعدام موضوع الخمس و إسقاطه بالصرف في المؤونة إلى نهاية السنة، و من الواضح أنّ‌ هذا ملازم لجواز الإبقاء، فكيف يجتمع ذلك مع وجوب الإخراج فوراً و من لدن ظهور الربح‌؟! للتهافت الواضح بين الإلزام بالإخراج في هذا الحال و بين الحكم بجواز الصرف في المؤونة إلى نهاية السنة كما هو ظاهر جدّاً.

و هذا الوجه هو العمدة في الحكم بجواز التأخير مضافاً إلى ما عرفت من الروايات.

فتحصّل: أنّ‌ الحقّ‌ و الحكم الوضعي و إن كان ثابتاً حين ظهور الربح لكن الحكم التكليفي أعني: وجوب الإخراج لم يكن إلّا في آخر السنة و عند حلول الحول و إن جاز له الإخراج في الأثناء أيضاً، و أنّه لو فعل ذلك كشف عن تعلّق الوجوب به من الأوّل، لتحقّق شرطه المتأخّر حسبما عرفت.[1]

ملاحظتنا علی کیفیة الاستدلال:

الملاحظة الأولی: إنّ المؤونة علی أقسام ثلاثة:

الأول: المصارف الضروریة التي هي غالباً محدّدةٌ بالحدّ المعیّن مثل المأکول و الملبس

الثاني: المصارف الضروریة التي غالباً لیست محدّدةً بحدّ معلوم، مثل علاج الأمراض الطارئة و الأسفار الضروریة. و هکذا قد نری انهیارات اقتصادیة بحیث ینعدم رأس المال و یوجب إفلاس رجال الأعمال و أصحاب الثروات و هذا غالباً ممّا لا یُتوقّع حصوله و یقع مفاجأةً.

الثالث: المصارف غیر الضروریة التي هي أیضاً ممّا لا یمکن غالباً تحدیدها بحدّ معیّن.

الملاحظة الثانیة: أنّ هذا لدلیل لا یشمل الهبة غیر اللائقة و ما أتلفه المکلّف من أمواله أثناء السنة، فإنّ المال في الفرضین المذکورین غیر موجود حتّی یشمله حکم جواز الصرف في المؤونة، فهنا یُسئل من فوریة أداء خمس هذین الموردین أو جواز تأخیرهما إلی آخر السنة؟

الدليل السادس: عدم الدليل على الفورية و أصالة البراءة

منتهى المطلب: لا يجب في الفوائد المذكورة من الأرباح و المكاسب على الفور، بل يتربّص إلى تمام السنة، و يخرج عن الفاضل خمسه، لعدم الدليل الدالّ‌ على الفوريّة، مع أصالة براءة الذمّة.[2]

قال في التذكرة: و لا يجب في الفوائد من الأرباح و المكاسب على الفور، بل يتربّص الى تمام السنة، و يخرج خمس الفاضل، لعدم دليل الفورية، مع أصالة براءة الذمة.[3]

الدليل السابع: في لزوم التعجيل ضرر أو حرج (احتياطاً للمكلّف)

قال المحقق الحلي: لا يعتبر الحول في شي‌ء من الخمس و لكن يؤخر ما يجب في أرباح التجارات احتياطا للمكتسب.[4]

قال في المنتهى: في الإيجاب على الفور ضرر عظيم، إذ المؤونة غير معلومة المقدار إلاّ بعد أن تُقضی المدّة، لجواز أن يولد له، أو تزوّج النساء، أو يشترى الإماء و المنازل، أو يخرب عقاره فيحتاج إلى عمارته إلى غير ذلك من الأمور المتجدّدة، مع أن الخمس لا يجب إلاّ بعد ذلك كلّه، فكان من عناية اللّه تعالى بالمكلّف تأخير الوجوب إلى تمام الحول.[5]

قال في التذكرة: لأنّ‌ تحقيق قدر المؤونة إنّما يثبت بعد المدّة، لجواز تجديد ما لم يكن كتزويج بنت و عمارة منزل و غيرهما من المتجدّدات.[6]

و قال في القواعد: و لا يعتبر الحول فيما يجب فيه الخمس، لكن يؤخر ما يجب في الأرباح احتياطا للمكلف.[7]

الشهيد الأوّل في الدروس: ولا يتوقّف الوجوب على الحول، خلافاً لابن إدريس[8] . نعم، يجوز تأخيره احتياطاً للمكلّف ... .[9]

قال السيد عبد الأعلى السبزواري في تعليقته على العروة: لا يبعد أن يكون منها ما لا يحتاج فعلاً إلى‌ صرف عينه ولا ينتفع فعلاً منه، ولكن يحتاج إلى‌ ذخيرته، وكان بحيث لو أدّى‌ الخمس لَوَقَع في الحرج، وله موارد كثيرة جدّاً.[10]

جواهر الكلام: ... فالأقوى حينئذ اتحاد جميع محال الخمس في عدم اعتبار الحول و لكن يؤخر جوازا خصوص ما يجب في أرباح التجارات كما صرح به جماعة، بل لا أجد فيه خلافا، بل الظاهر الإجماع عليه، بل قد يشعر به صحيح ابن مهزيار[11] الطويل المتقدم سابقا احتياطا للمكتسب و إرفاقا به، لإمكان تجدد مؤن له لم يكن قد دخلت في تخمينه، ... [12]

إشکال علی الدلیل السابع:

أشکل علیه بأنّ للمکتسب الرجوع علی المستحقّ إذا أعطی الخمس زیادةً علی ما یجب علیه.[13]

جواب صاحب الجواهر:

المنع [من الرجوع إلی المستحقّ] مع تلف العين و عدم علم المستحق، لأنه هو الذي سلّطه عليه باختياره، بل و مع العلم أيضا و بقاء العين في وجه قوي، ... على انه بعد تسليمه و لو في الجملة لا يرفع الاحتياط للمكتسب، لما فيه من تكلف المطالبة.[14]

الدليل الثامن: في لزوم التعجيل ضرر على المستحق (احتياطاً للمستحق)

قال الشهيد الثاني: لا فرق بين الأرباح و غيرها في عدم اعتبار الحول إلّا أنّ الوجوب في غير الأرباح مضيّق، و فيها- مع علم زيادتها عن المئونة من حين ظهور الربح- موسّع طول الحول احتياطا للمكلّف باحتمال زيادة مئونته و للمستحقّ باحتمال النقصان.[15]

إیراد صاحب الجواهر علی الدلیل الثامن:

قال صاحب الجواهر: في البيان «و للمستحق، لاحتمال نقصان المؤونة » لكن قد يشكل بأن تعجيل الإخراج عن الزائد المعلوم لا يسقط الوجوب فيما تجدد و علم زيادته، إذ التقديم مبني على التخمين و الظن فمتى فضل شيء من المؤونة وجب إخراج خمسه سواء كان بسبب نقص النفقة أو بغيره، فتعجيل الإخراج مما علم زيادته أغبط للمستحق على التقديرين.[16]


[10] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، جلد: ۱۲، صفحه: ۱۴۲.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo