< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/06/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /راس المال، النظریة الرابعة

نعم هذا الفرض نادر، لكن الندرة لا تنافي صحة استثنائه على تقدير تحقق الفرض.

نعم لو كان الاحتياج إليه لأجل تحصيل المؤونة، فصدق المؤونة عليه خفي. و يشكل لذلك استثناؤه من الخمس.

هذا و لكن قد يشكل ما ذكر من الاستثناء: بأن رأس المال إنما يكون محتاجاً إليه في السنة اللاحقة. أما في سنة الربح فهو[1] حاصل لديه غير محتاج إلى رأس مال آخر. و لأجل أنه يختص استثناء المؤونة بما كان من مؤونة سنة الربح فلا وجه لاستثنائه.

و فيه: أنه إذا كان محتاجاً إليه في هذه السنة كانت حاله حال الظروف و الفرش و نحوهما مما يحتاج إلى عينه[لما تقدّم من أنّه یحتاج إلی رأس المال، إمّا لكونه في نفسه محتاجاً اليه و إما لأجل تحصيل المؤونة في هذه السنة]، فيكون من المؤونة و لا يتعلق به الخمس. و حصوله فعلاً لا أثر له في خروجه عن مورد الاستثناء.[2]

قال الشيخ محمد تقي الآملي: إذا لم يكن له مال فاستفاد بإجارة أو كتابة مثلا مقدارا من المال و أراد أن يجعله رأس المال للتجارة، [1] فهل يحتسب ذاك المقدار الذي يريد أن يجعله رأس المال من المؤونة، فلا يجب فيه الخمس؛

[2] أو أنه خارج عن المؤونة، إذ هي عبارة عمّا يصرف في نفسه أو عيالاته على ما يأتي و ما يجعله رأس المال ليس منها،

[3] أو يفصّل بين من كان بحسب زيه محتاجاً في سنته إلى رأس مال يتّجر به و بين ما لم يكن كذلك، بل يكون من شأنه و زيّه الاكتساب بعمل يده من الكتابة و نحوها، فيقال بعدم وجوب الخمس فيما يجعله رأس المال للتجارة في الأول دون الأخير، وجوه: أقواها الأخير كما لا يخفى.

و منه يعلم حكم الملك الذي يشتريه من الأرباح ليستفيد من عوائده فإنّه لا يجب فيه الخمس إذا كان من زيّه أن يكون له ذلك، و يجب إذا لم يكن كذلك.[3]

و قال الشيخ زين الدين: لايبعد عدم وجوب الخمس في رأس المال إذا كان لابدّ لذلك الشخص منه بحسب شرفه، أو كان ضرورة له في تحصيل مؤونة سنته، كما أنّ‌ الأحوط إخراج الخمس منه إذا لم يكن كذلك.[4]

الإیراد الأول علي النظریة الرابعة:

إنّ بعض الأعلام مثل السید الخلخالي و السید الهاشمي الشاهرودي یعتقدون بأنّ المؤونة هي ما لابدّ من أن یصرف في المعیشة، و أما ما یبقی بنفسه فلیس مؤونة.

بیان السيد الخلخالي:

...و محصّل مقاله أن العبرة في استثناء رأس المال بالشأنية، كحلي المرأة، لا بالحاجة إليه في تحصيل المؤونة كي يناقش في شمول دليل استثناء المؤونة له بهذا اللحاظ، و قد اعترف في ضمن كلامه بندرة هذا الفرض، لكن الندرة لا تنافي صحة استثنائه على تقدير تحقق الفرض، و هذا الاستثناء لا ربط له بتحصيل المؤونة عن طريق التجارة برأس المال، بل يتم و لو مع حصول مؤونته من غيره بأن كان له من يكفله و يعول به أو كان له مال آخر يعيش به فيكون حاله حال الحلي للمرأة، فإنه لا وجه لاستثنائها، إلاّ الشأنية، لعدم توقف المعيشة عليها بوجه.

أقول: إن اعتبار الشأنية فيما يصرف في المؤونة كالدار و اللباس و الفرش و نحو ذلك و إن كان تاماً بحيث لا يكون له التبذير و الإسراف و لا يجب عليه التقتير كما يأتي في (مسألة ٦١).

إلاّ أن مجرد الشأنية من دون صرف في المعيشة بوجه فلا يكفي في صدق المؤونة ؛ لأن النسبة بينهما العموم من وجه، فإنَّ زيادة المُؤَن من شؤونه و ليس من مؤونته و قد تكون المؤونة دون الشأن أو فوقه و قد يجتمعان، فمجرد وجود مال له للتجارة من دون صرف في المعيشة لا يكفي في صدق المؤونة و إن كان من شأنه، و أما حلي المرأة فهي نوع من لباس التجمل كثياب التجمل، فينبغي أن تعد من شؤون اللباس، و لا يقاس رأس المال بها؛ لأنه مجرد مال غير مصروف في المعيشة بوجه من الوجوه، كما هو مفروض هذا القول، فصدق المؤونة عليه بهذا الاعتبار لا يخلو عن تكلّف، بل منع، كما أنه لا يقاس بالفرش و الأواني المحتاج إليها لأنها في المصروف في المعيشة على الوجه المناسب لها، كما ذكرنا.[5]

بیان السيد الهاشمي الشاهرودي:

انّ‌ مجرد الشأنية أو اللياقة لا تكفي لصدق المؤونة عرفاً، فإنه قد أخذ فيها مجموع قيدين: [1] ان يكون الصرف استهلاكيا و فيما ينتفع به و يعتاش مباشرةً لا بالتسبيب و من ارباحه و نماءاته، و [2] أن يكون بالمقدار المتعارف و الذي يكون في شأنه لا اكثر، كموارد الاسراف و التبذير في الاستهلاك.[6]

ملاحظتنا علی الإیراد الأول:

إنّ المؤونة أمر عرفي و قد تفسّر بالمعنی الضیق، کما فسّره المستشکل، و قد تفسّر بالمعنی الموسّع الأعمّ، کما تقدّم ذلک و حینئذٍ تصدق علی ما لا یکون صرفه استهلاکیاً و فيما ینتفع به مباشرةً بل یطلق علی ما لابدّ من أن یملکه الشخص بحسب شأنه و إلا یکون نقصاً علیه، بل یصدق علی ما یحتاج إلیه حتّی یحصّل به ما یصرفه في معاشه بحسب شأنه و وجاهته و إن لم یکن فقدانه نقصاً و مهانةً له.

 


[1] أي الربح حاصل لدیه في هذه السنة.
[2] المستمسك، ج9، ص533.
[4] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، 140.
[5] فقه الشیعة (الخمس)، موسوی خلخالی، ج2، ص187.
[6] بحوث في الفقه (الخمس - هاشمی شاهرودی)، ج2، ص226.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo