« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

46/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

تذنیب: الفرق بین التعارض و التزاحم/معنى التعارض /التعادل و التراجيح

 

الموضوع: التعادل و التراجيح/معنى التعارض /تذنیب: الفرق بین التعارض و التزاحم

 

تذنیب: الفرق بین التعارض و التزاحم

قبل الورود في البحث لا‌بدّ من أن نشیر إلى المعنی المراد من التزاحم حتی یتّضح المراد من التزاحم المبحوث عنه، فنقول:

الأمر الأول: اطلاق التزاحم في موردين

المورد الأوّل: تزاحم الملاكات

و المراد منه هو تزاحم ملاكات الأحكام الشرعیة، فإنّ الأحكام تابعة للمصالح و المفاسد إلا أنّه اختلف أعلامنا في موضوعها؛ فقال المشهور بأنّ المصالح و المفاسد في متعلّقات الأحكام[1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] ، و قال بعض الأصولیین بأنّ المصالح و المفاسد في نفس الأحكام[8] ، و على أيّ حالٍ أصل تبعیة الأحكام للمصالح و المفاسد متّفقٌ علیها عند العدلیة، خلافاً للأشاعرة القائلین بعدم تبعیة الأحكام للمصالح و المفاسد[9] .

و الملاكات هنا على قسمین:

القسم الأوّل: الملاكات التي تلاحظ عند جعل الحكم الشرعي

و الشارع یلاحظ المصالح و المفاسد و بعد الكسر و الانكسار یجعل الحكم الشرعي.

قد یكون الفعل واجداً لأحدهما إمّا المصلحة و إمّا المفسدة و كلّ منهما إمّا ملزمة و إمّا غیر ملزمة، و المصلحة الملزمة مناط الوجوب و المفسدة الملزمة مناط الحرمة و المصلحة غیر الملزمة مناط الاستحباب و المفسدة غیر الملزمة مناط الكراهة.

و كلّ هذه الملاكات إمّا أن توجد في الفعل بانفراده و إمّا أن توجد فیه مع ملاك آخر و حینئذ تصل النوبة إلى الكسر و الانكسار.

أمّا الإباحة فملاكها إمّا عدم وجود المصلحة و المفسدة في الفعل و إمّا وجود المصلحة و المفسدة المتساویتین فیه، سواء كانتا ملزمتین أو غیر ملزمتین، و إمّا مصلحة الترخیص و التسهیل على الأمّة، كما ورد: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ»[10] [11] [12] .

و الأمر في هذا القسم بید المولى و الشارع، و لا‌یجوز للمكلّف الدخول في هذا المقام و إن كان مجتهداً و فقیهاً، لأنّه متوقّف على العلم بجمیع خصوصیات ملاكات المتعلّقات و مقدارها و ذلك لايناله إلّا الشارع.

القسم الثاني: الملاكات التي جعلها الشارع موضوعاً للحكم الشرعي

و ذلك مثل مصلحة مال الیتیم و مصلحة الوقف و مصلحة تدبیر أمور المملكة و مصالح النظام الاجتماعية و المدنية، و تشخیص تلك المصالح على عاتق المكلّف، و قد اعتبر الشارع لمن یرید تولّي تلك المصالح شرائط خاصّة مثل الإیمان و الفقاهة و العدالة؛ ففي بعض الجهات مثل الولایة على الیتیم الصغیر فقد اكتفى الشارع بقید الإیمان، و في بعض الجهات العامّة -مثل القضاء و تدبیر أمور المسلمین و تولّیهم- لم یكتف بذلك بل اعتبر فیها الفقاهة مضافاً إلى العدالة و الإیمان، و في بعضها كالولاية على الولد الصغیر اعتبر نفس الأبوّة و الأمر في هذا القسم على عهدة واجد العنوان الذي اعتبره الشارع، فإنّ تشخیص مصلحة مال الطفل مثلاً على عهدة أبیه و جدّه، و تعیین مصلحة مال الیتیم الصغیر على عهدة قیّمه، كما أنّ الملاك في تعیین مصالح المسلمین و أمورهم العامّة مثل بیت مال المسلمین و علاقاتهم الدولية و أمثال هذه الأمور هو تشخیص الفقیه العادل الجامع للشرائط و لابدّ له من ملاحظة تزاحم الملاكات من المصالح الموضوعیة و المفاسد الموضوعیة و الكسر و الانكسار بینهما حتّی یتّضح موضوع الحكم الشرعي الذي جعله الشارع؛ ففي تلك الأحكام الشرعیة نجد مصلحتین:

الأولى: المصلحة التي هي مناط الحكم و هي خارجة عن حدود مسؤوليات الفقیه، بل هي الملاك الذي على أساسه یجعل الشارع الأحكام الشرعیة المذكورة.

الثاني: المصلحة التي هي موضوع الحكم و هي التي یجب على الفقیه تشخیصها و تشخیص تزاحمها مع المفاسد، و حینئذٍ یجري هنا ما سیأتي من أحكام التزاحم.

المورد الثاني: تزاحم الأحكام في مقام الامتثال

نظریة المحقق النائیني(قدس‌سره)

قد عرّف المحقّق النائیني(قدس‌سره) التزاحم بـ «تنافي الحكمین في مقام الامتثال» و المراد من تنافي الحكمین هو عدم إمكان اجتماعهما، و التزاحم في خصوصیة عدم إمكان اجتماع الحكمین یشترك مع التعارض.

الفرق بین التزاحم و التعارض

و قد قال المحقّق النائیني(قدس‌سره) في مقام الفرق بینهما:

«إنّ عدم إمكان الاجتماع في التعارض إنّما یكون في مرحلة الجعل و التشریع، بحیث یمتنع تشریع الحكمین ثبوتاً، لأنّه یلزم من تشریعهما اجتماع الضدین أو النقیضین في نفس الأمر.

و أمّا التزاحم فعدم إمكان اجتماع الحكمین فیه إنّما یكون في مرحلة الامتثال بعد تشریعهما و إنشائهما على موضوعهما المقدّر وجوده و كان بین الحكمین في عالم الجعل و التشریع كمال الملائمة من دون أن یكون بینهما مزاحمة في مقام التشریع و الإنشاء، و إنّما وقع بینهما المزاحمة في مقام الفعلیة بعد تحقّق الموضوع خارجاً، لعدم القدرة على الجمع بینهما في الامتثال، فیقع التزاحم بینهما لتحقّق القدرة على امتثال أحدهما، فیصلح كلّ منهما لأن یكون تعجیزاً مولویاً عن الآخر و رافعاً لموضوعه، فإنّ كلّ تكلیف یستدعي حفظ القدرة على متعلّقه و صرفها نحوه و إن لزم منه سلب القدرة عن التكلیف الآخر، و المفروض ثبوت القدرة على كلّ منهما منفرداً و إن لم‌ یمكن الجمع بینهما، فكلّ من الحكمین یقتضي حفظ موضوعه و رفع موضوع الآخر بصرف القدرة إلى امتثاله، فیقع التزاحم بینهما في مقام الامتثال»[13] [14] .

منشأ اعتبار القدرة في موضوع التكلیف عند المحقّق النائیني(قدس‌سره)

إنّ المحقّق النائیني(قدس‌سره) تعرّض لوجه افتراق التعارض و التزاحم قبل ذلك في مبحث اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه، و اختار فیه اقتضاء نفس التكلیف لاعتبار القدرة في موضوعه خلافاً للمحقّق الثاني(قدس‌سره)[15] حیث إنّ المستفاد من كلامه هو أن یكون منشأ اعتبار القدرة شرطاً للتكلیف هو قبح تكلیف العاجز.

و المحقق النائیني(قدس‌سره) یری أنّ استناد أخذ القدرة في موضوع التكلیف إلى نفس التكلیف هو استناد إلى أمر ذاتي و هذا سابق على الاستناد إلى أمر عرضي[16] و هو حكم العقل بقبح تكلیف العاجز، و قال في توضیح ذلك:

«إنّ الآمر إنّما یأمر بشيء لیحرّك عضلات العبد نحو الفعل بالإرادة و الاختیار بجعل الداعي له إلى ترجیح أحد طرفي الممكن، و هذا المعنی بنفسه یستلزم كون متعلّقه مقدوراً، لامتناع جعل الداعي نحو الممتنع عقلاً أو شرعاً، و علیه فالبعث لایكون إلا نحو المقدور، فتخرج الأفراد غیر المقدورة عن حیّز الطلب»[17] .

مناقشة المحقّق الخوئي(قدس‌سره) علی المحقّق النائیني(قدس‌سره)

إنّ المحقق الخوئي(قدس‌سره) اختار نظریة المحقق الثاني(قدس‌سره) و ذهب إلى أنّ اعتبار القدرة في موضوع التكلیف إنّما هو لحكم العقل بقبح تكلیف العاجز و قال:

«تحرّك المكلّف نحو الفعل و انبعاثه عن بعث المولى إنّما یتحقّق في ظرف وصول التكلیف إلیه و حصول الداعي له إلى الامتثال من جهة حكم العقل بلزومه، و أمّا التكلیف في نفسه فهو كما عرفت سابقاً لیس إلا عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمّة المكلّف، كما أنّ الإنشاء على ما ذكرناه لا شأن له إلا أنّه إبراز لذلك الاعتبار القائم بالنفس، فلا مقتضي لاختصاص متعلّق الحكم بالحصّة الإرادیة و الاختیاریة، بل الفعل على إطلاقه متعلّق الحكم سواء في ذلك المقدور و غیره. نعم القدرة دخیلة في حكم العقل بلزوم الامتثال، و من الواضح أنّ ذلك لایقتضي اعتبارها في متعلّق التكلیف بوجه أصلاً»[18] [19] .‌


[8] قال به المحقق الخراساني(قدس‌سره) في كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص309..: «... هذا مع منع كون الأحكام تابعة للمصالح و المفاسد في المأمور به و المنهي عنه، بل إنّما هي تابعة لمصالح فيها» و راجع أیضاً نهاية الوصول، ج3، ص25-30؛ مبادي الوصول إلى علم الأصول، ص179؛ درر الفوائد في الحاشیة على الفرائد، ص130.إن المحقق النائیني(قدس‌سره) قال في جوابه: «... لا سبيل إلى إنكار تبعيّة الأحكام للمصالح و المفاسد في المتعلّقات، و أنّ‌ في الأفعال في حدّ ذاتها مصالح و مفاسد كامنة مع قطع النظر عن أمر الشارع و نهيه». فوائد الأصول، ج3، ص59.و أجاب عنه في زبدة الأصول، ج4، ص273: «و فيه: إن لزوم الامتثال غير مربوط بالمصلحة و المفسدة، بل يجب الامتثال حتى بناء على مسلك الأشعري القائل بجواز جعل الأحكام جزافاً، لأنه إنما يجب لكونه مما يقتضيه قانون العبودية و المولوية».ثم أورد على المحقق الخراساني(قدس‌سره) بهذا: «فالحق في الجواب عنه أن هذا في نفسه و إن كان ممكناً، إلا أنه يرده النصوص و الروايات الواردة في علل الشرائع المتضمّنة لبيان المصالح و المفاسد للأحكام.» زبدة الأصول، ج4، ص274.قال المحقق الخوئي(قدس‌سره) أیضاً بمقالة المحقق الخراساني(قدس‌سره) في خصوص الأحکام الوضعیة، فراجع مصباح الأصول، (ط.ق): ج2، ص439 (ط.ج): ج2، ص508: «... على القول بكونها تابعةً للمصالح في نفسها كما مال إليه صاحب الكفاية(قدس‌سره) في بعض كلماته، و كما هو الحال في الأحكام الوضعية مثل الملكية و الزوجية و نحوهما». و راجع أیضاً حاشیة على درر الفرائد، ص24
[9] التفسیر الکبیر، ج22، ص155؛ الأحکام في أصول الأحکام، ج3، ص289؛ الحاصل في المحصول، ج2، ص257.
[14] و قال المحقق العراقي(قدس‌سره) في النقاش في ما أفاده المحقق النائیني(قدس‌سره) في نهایة الأفکار، ج4، ق2، ص128: «... الضابط في باب التزاحم إنّما هو بوجود الملاك و الغرض في كل واحد من الخطابين مع ضيق خناق المولى من تحصيلهما سواء كان تزاحمهما في عالم التأثير في الرجحان و المحبوبية الفعلية لدى المولى، ... أو كان تزاحمهما ممحضاً في عالم الوجود و مرحلة الإرادة الفعلية ... كما أن الضابط في باب التعارض إنما هو بعدم الملاك و المقتضى في أحد الخطابين، ... و بما ذكرنا انقدح فساد الفرق بين البابين بما أفيد من الضابط فيهما، بكونه في باب التعارض بعدم إمكان اجتماع الحكمين في مرحلة الجعل‌ ... و في باب التزاحم بعدم إمكان اجتماعهما في مرحلة الامتثال.قال المحقق السيستاني في تشريح المقام على ما في تعارض الأدلّة و اختلاف الحدیث، ج1، ص68-103: «ینبغي أن نتعرّف على آراء علمائنا حول حقیقة التزاحم، و اختلاف آرائهم في هذا المجال ناشئ من اختلافهم في تأثیر قصور القدرة على الحکم باختلاف مراحله ... . الرأي الأوّل: تأثیر قصور القدرة في مرحلة الجعل و الإنشاء و یمکن بیانه بتقریبین:التقریب الأول: و هو یتلاءم مع کلمات المحققین الخراساني و العراقی.، و توضیحه: إنّه لا ریب في أنّ التکالیف الشرعیة کما هي مشروطة بالقدرة على متعلقاتها کذلك هي مشروطة بالقدرة على الجمع بین امتثال التکالیف ... .التقریب الثاني: ... إن التکالیف الشرعیة .. في واقعها بمقتضى الارتکاز مقیدة في مرحلة جعلها بعدم الاشتغال بواجب لایقل أهمیة عن متعلق التکلیف ... .الرأی الثاني: إنّ قصور القدرة یکون محدِّداً للحکم في مرحلة الفعلیة و قد تبنّى المحقّق النائیني(قدس‌سره) هذا الرأي و أصرّ علیه، و له تقریبان:التقریب الأول: و هو الذي اشتهر على ألسنة تلامذته کما هو ظاهر بعض کلماته أیضاً و ملخّصه أنّ التکالیف مجعولة على نحو القضایا الحقیقیة فلایتصوّر التنافي بینها في مرحلة الجعل في ما إذا قصرت القدرة عن الجمع بینها في مرحلة الامتثال ... و لکن لمّا کانت التکالیف الشرعیة محدَّدة بالقدرة لبّاً فلاتکون هذه التکالیف فعلیة إلّا بعد تحقّق موضوعها بکلّ قیوده و شروطه، و منها القدرة ... .التقریب الثاني: و هو ما نستظهره من کلمات المحقق النائیني في بحث الاضطرار إلى غیر المعیّن و في بحث الزکاة و هو أنّ فعلیة کلّ حکم و إن کانت بفعلیة موضوعه أي بتحقّقه إلّا أنّ بعض الموضوعات قد یکون فیه إبهام في مجال التطبیق و من هنا یلجأ العقلاء لإزالة هذا الإبهام إلى جعل ثانٍ نعبّر عنه بمتمّم الجعل التطبیقي ... . الرأي الثالث: هو أنّ قصور القدرة عن الجمع بین التکلیفین مؤثر في مرحلة التنجّز و استحقاق العقاب ... .الأمر الأوّل: في إثبات هذا المبنى إجمالاً ... إن للقدرة ثلاث مراحل و معانٍ:المرحلة الأولى أو المعنی الأول: القدرة بالنسبة إلى متعلق التکلیف و یقابلها العجز عن الإتیان بالمتعلق ... .المعنی الثاني: القدرة على الجمع بین امتثال التکلیفین الإلزامیین المحرزین ... .المعنی الثالث: القدرة على الموافقة القطعیة للتکلیف في قبال العجز عنها ... .و القدرة بالمعنی الثاني مؤثرة في مرحلة تنجز الأحکام ... .الأمر الثاني: في بیان کیفیة تأثیر قصور القدرة في مرحلة التنجّز فهنا آراء بین العلماء:الأول: إن المنجّز هو أحد التکلیفین فحسب ... .الثاني: تنجّز کلا التکلیفین إلا أنّه في صورة وجود الأهمّ فإن الأهمّ منجّز مطلقاً و أما المهم فإنه إنما یتنجّز في صورة ترك الأهمّ أمّا في صورة التساوي فإنّ أحدهما إنما یتنجز في ما لو ترك الآخر ... .الثالث: و هو المختار التفصیل ففي صورة التساوي یرونه قادراً على أحدهما فتکون هناك عقوبة واحدة...»
[15] فوائد الأصول، الكاظمي الخراساني، الشيخ محمد علي، ج1، ص312. و لتحقیق کلام المحقق الثاني(قدس‌سره) راجع جامع المقاصد، ج5، ص13.
[16] مثال لتقريب الفكرة: عندما كنا نتحدث عن "الأجزاء السببية التامة" كنا نقول إنه يجب أن يكون هناك:مُقتضٍ (سبب مباشر)شرطعدم مانعفلو افترضنا أن هناك معلولًا (نتيجة) لم يتوفر له المُقتضي (السبب المباشر)، فإن نسبة عدم حصول المعلول إلى عدم الشرط يكون خطأً، لأنه في هذه الحالة لا يوجد حتى المُقتضي (المرحلة الأولى) من الأساس.والحال في موضوعنا (ما نحن فيه) هو نفس المنطق: عندما تكون القوة والاعتبار (الاستطاعة) قد أُخذت بعين الاعتبار في التكليف نفسه بذاته، فإن نسبة هذا الاعتبار إلى العقل يكون أمراً خاطئاً.
[19] و قال الشیخ حسین الحلي(قدس‌سره) في مناقشته لهذا الکلام في أصول الفقه، ج3، ص148-149: «... فلم أتوفّق لفهمه، فإنّ مقتضى الوجه المقابل للوجه الثاني هو كون القدرة قيداً ابتدائياً في المكلف به حسبما عرفته، أما هذا الوجه الذي هو مجرد قبح تكليف العاجز على وجهٍ لايكون راجعاً إلى أحد الوجهين المتقدمين، فمما لم أتوفق لفهم المراد منه، فلاحظ و تأمل. و على أيّ حال نحن بعد أن قلنا بتعلق الأمر بصرف الطبيعة على نحو يكون المطلوب منها هو صرف الوجود لا الطبيعة السارية لم يكن عدم القدرة على بعض أفرادها موجباً لتخصيص المتعلق، سواء كان المانع من تعلق الطلب بغير المقدور هو قبح تكليف العاجز، أو كان المانع منه هو كون الباعث على الطلب كونه على نحو الداعي لإرادة المكلف، ... و لو قلنا بأن المطلوب هو الطبيعة على نحو السريان كان عدم القدرة على البعض موجباً لخروجه عن متعلق الأمر، سواء كان المانع هو قبح تكليف العاجز أو كان المانع هو داعوية الأمر إلى إرادة المكلف».
logo