< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الأول؛ الدلیل الرابع؛ القسم الأول؛الروایة الخامسة

 

إیراد المحقّق النائیني على هذا البیان

أنت خبیر بأنّ تقدّم زمان صفة الیقین على الشك حدوثاً، كما هو ظاهر الروایة، لایختصّ بالقاعدة، بل ربمّا یتحقّق في مورد الاستصحاب أیضاً، بل لعلّ هذا هو الغالب في موارده و إنّما الفرق بینهما هو اختلاف زماني المتیقّن و المشكوك في الاستصحاب دون القاعدة و وحدة زمان الصفتین في باب الاستصحاب في الجملة دونها، و أمّا تقدّم زمان صفة الیقین على زمان الشك حدوثاً فلیس من مختصات القاعدة حتّی یوجب ظهور الروایة فیها. ([1] )

المطلب الثاني: حمل الصحيحة علی الاستصحاب

البیان الأوّل من الشیخ الأنصاري

اللهم إلا أن یقال - بعد ظهور كون الزمان الماضي في الروایة ظرفاً للیقین [كَانَ عَلی یَقِین]-:

إنّ الظاهر تجرید متعلّق الیقین عن التقیید بالزمان، فإنّ قول القائل: «كنت متیقّناً أمس بعدالة زید» ظاهر في إرادة أصل العدالة، لا العدالة المتقیّدة بالزمان الماضي و إن كان ظرفه في الواقع ظرف الیقین، لكن لم‌یلاحظه [المتیقّن الذي هو العدالة] على وجه التقیید [بالزمان الماضي] فیكون الشك في ما بعد هذا الزمان متعلقاً بنفس ذلك المتیقّن مجرّداً عن ذلك التقیید ظاهراً في تحقّق أصل العدالة في زمان الشك فینطبق على الاستصحاب، فافهم.([2] )

البیان الثاني من الشیخ الأنصاري أیضاً

الإنصاف أنّ الروایة سیما بملاحظة قوله: «فإِنَّ الشَكَّ لایَنقُضُ الیَقِین» و بملاحظة ما سبق من الصحاح من قوله: «لَا‌يَنْقُضُ الْيَقِينَ بِالشَّكِّ» - حیث أنّ ظاهره مساوقته لها- ظاهرة في الاستصحاب، و یبعد حمله على المعنی الذي ذكرنا.([3] )

البیان الثالث: من المحقّق النائیني

«إنّ قوله: "فَلْيَمْضِ‌ عَلَى‌ يَقِينِهِ" في غایة الظهور في الاستصحاب، لوجود الیقین في زمان الشك فیه، المقتضي للجري على طبقه الذي هو معنی المضيّ علیه.

و أمّا في مورد القاعدة [أي قاعدة الیقین] فالمفروض انقضاء الیقین و تبدّله بالشك، و لا ریب أنّ إطلاق الیقین على الصفة المتبدّلة بالشك یحتاج إلى عنایة كثیرة، و لیس لفظ الیقین من المشتقات التي وقع الكلام في أنّها حقیقة في خصوص المتلبّس أو الأعمّ منه و من المنقضي بل هو من الجوامد التي لا إشكال في كون الإطلاق فیها بلحاظ حال الانقضاء محتاجاً إلى عنایة و رعایة.

و الحاصل أنّ الروایة مع قطع النظر عن ذیلها و إن كانت قابلة للحمل على القاعدة و على الاستصحاب إلا أنّ ذیلها یعیّنها في الثاني، فیكون الحمل على القاعدة [أي قاعدة الیقین] على خلاف الظهور».([4] )

توضیح المحقّق الخوئي لما أفاده المحقّق النائیني

«إنّ ظاهر قوله: "فَلْيَمْضِ‌ عَلَى‌ يَقِينِهِ" هو الاستصحاب لا قاعدة الیقین، لكونه أمراً بالبناء على الیقین الموجود، نظیر ما مرّ([5] ) في قوله: "فَابْنِ‌ عَلَى‌ الْيَقِينِ" و لیس في مورد القاعدة یقین فعلي حتّی یؤمر بالبناء علیه، بل كان یقین و قد زال بالشك الساري بل لم‌یعلم أنّه كان یقیناً لاحتمال كونه جهلاً مركباً، و یعتبر في الیقین مطابقته للواقع، بخلاف القطع. غایة الأمر أنّه كان تخیّل الیقین و لا‌یصحّ التعبیر عن التردّد النفساني الموجود فعلاً بالیقین، لعدم صحّة إطلاق الجوامد إلا مع وجود المبدأ و إطلاق المشتق على المنقضي عنه المبدأ حقیقة و إن كان محلاً للكلام، إلا أنّه لیس في الروایة لفظ المتیقّن، حتّی یقال إنّه شامل لمن كان متیقّناً باعتبار المنقضی عنه المبدأ على أحد القولین في المشتقّ».([6] )

البیان الرابع: تقریب صاحب الكفایة

«إنّ المتداول في التعبیر عن مورده [أي مورد الاستصحاب] هو مثل هذه العبارة [التي هي ظاهرة في اختلاف زمان صفة الیقین و الشك] و لعلّه بملاحظة اختلاف زمان الموصوفین و سرایته إلى الوصفین، لما بین الیقین و المتیقّن من نحو من الاتّحاد فافهم».([7] )

البیان الخامس : من العلامة المجدّد الشیرازي

إنّ في هامش بعض نسخ الرسائل كلاماً منسوباً إلى السیّد المحقّق الشیرازي و قد أدرج في المتن في سائر النسخ، و قد نقله المحقّق النائیني([8] ) و ناقش فیه ثمّ أفاد توجیهاً لهذا الكلام و هذا حاصل بیان المحقق الشیرازي :

«إنّ ظاهر الروایة تجرید متعلّق الیقین و الشك عن التقیید بالزمان و هذا إنّما یكون في الاستصحاب، فتكون الروایة ظاهرة فیه.

و ظاهر هذا الكلام هو لزوم تقیّد متعلّقي الیقین و الشك في القاعدة بالزمان».([9] )

و بعبارة أخری: إنّ الزمان قید في قاعدة الیقین دون الاستصحاب، بل الزمان في الاستصحاب ظرف لا قید، و الروایة في مقام الإثبات ظاهرة في عدم التقیید بالزمان بل الزمان في الروایة ظرف من دون دلالة شيء منها‌ على قیدیّته، فمع عدم الدلیل على قیدیة الزمان لصفتي الیقین و الشك في مقام الإثبات تحمل الروایة على الاستصحاب دون قاعدة الیقین.

جواب المحقّق النائیني عن هذا البیان

«هذا [الكلام] لیس صحیحاً، إذ المعتبر فیها [أي في قاعدة الیقین] كون متعلّق الیقین بعینه متعلّقاً للشك أعمّ من أن یكون الزمان قیداً فیه أو ظرفاً لتحقّقه، و لذا ینقلب مورد الاستصحاب إلى مورد القاعدة [أي قاعدة الیقین] في كلّ ما اذا فرض زوال الیقین و سریان الشك إلى ظرفه. مع أنّ الاستصحاب لا مورد له مع أخذ الزمان قیداً في المتعلّق» .([10] )

توجیه المحقّق النائیني لهذا الكلام

إنّ المحقّق النائیني وجّه هذا الكلام بأن یكون المراد من القیدیة أعمّ من الظرفیة فقال: «اللّهم إلا أن یكون نظره من كون الزمان قیداً في مورد القاعدة إلى القیدیة في مقابل الإطلاق أعمّ من القیدیة المصطلحة و الظرفیة، و یكون الاستدلال حینئذٍ مبنیاً على أنّ المعتبر في الاستصحاب هو إلغاء زمان متعلّق الیقین و تجریده عن الزمان حتّی یكون قابلاً لتعلّق الیقین و الشك به في زمان و هذا بخلاف القاعدة فإنّ متعلّق الیقین فیه غیر مجرّد عنه، و الزمان ملحوظ فیه و لو بنحو الظرفیة، و حیث أنّ ظاهر الروایة هو التجرید و عدم التقیید فتكون ظاهرة في الاستصحاب».([11] )


[5] و هي الرواية الرابعة التي مضت في ص233.
[8] في أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص372.: «إن في رسالة شيخنا العلامة الأنصاري في المقام حاشية يحتمل كونها من سيد أساتيذنا العلامة الشيرازي».و في فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص70.: «اللهم إلا أن يقال- بعد ظهور كون الزمان الماضي في الرواية ظرفاً لليقين-: إن الظاهر تجريد متعلق‌ اليقين‌ عن التقييد بالزمان؛ فإن قول القائل: «كنت متيقناً أمس بعدالة زيد» ظاهر في إرادة أصل العدالة، لا العدالة المقيدة بالزمان الماضي، و إن كان ظرفه‌ في الواقع ظرف اليقين، لكن لم‌يلاحظه على وجه التقييد، فيكون الشك فيما بعد هذا الزمان متعلقاً بنفس ذلك المتيقن مجرداً عن ذلك التقييد، ظاهراً في تحقق أصل العدالة في زمان الشك، فينطبق على الاستصحاب، فافهم».و هذا الكلام مذكور في متن نسخة الرسائل الموجودة عند صاحب أوثق الوسائل و بحر الفوائد و درر الفوائد و السید المحقق الیزدی. –كما یظهر من حاشیتهم علیه- . و في متن النسخ المستند إلیها في تحقیق الكتاب في طبع مجمع الفكر التي قالوا عن إحداها (نسخة ه): إنها من أصحّ النسخ قوبلت مع النسختين الصحيحتين قبالاً كاملاً، و عن أخری (نسخة ت): إنها من أصحّ النسخ، و عن ثالثة (نسخة ص): عليها تصحيحات بعض العلماء الأجلاء في أصفهان، و عن رابعة (نسخة خ): إن النسخة المصحّحة بيد المؤلف كانت عند مصحّحي هذه النسخة، و عن خامسة (نسخة ن): قوبلت بعدة نسخ مصححة، و عن سادسة (نسخة ف): قوبلت ببعض النسخ المصححة.إلا نسخة واحدة (نسخة ظ) لیس هذا الكلام مذكوراً فیها أصلاً لا في المتن و لا في الهامش حیث جاء في حاشیة هذا الكلام في فرائد الأصول ط. مجمع الفكر، ج3، ص70: « لم‌ترد "اللهم إلا- إلى- فافهم" في ظ» و قالوا عن هذه النسخة في مقدمة التحقیق (فرائد الأصول، ج1، ص13): قد تفرّدت بقسم من العبارات و احتوت على بعض الأخطاء الواضحة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo