< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الأول؛ الدلیل الثاني: الدلیل العقلي

 

إيراد الشيخ الأنصاري علی المحقق القمي

قال: إنّ الشك في الحكم الشرعي قد یكون من جهة الشك في مقدار استعداده [أي یكون الشك في المقتضي] و قد یكون من جهة الشك في تحقّق الرافع.

أمّا الأوّل [و هو الشك في المقتضي] فلیس فیه نوع و لا صنف مضبوط من حیث مقدار الاستعداد ... و بالجملة فكلّ حكم شرعي أو غیره تابع لخصوص ما في نفس الحاكم من الأغراض و المصالح و متعلّق بما هو موضوع له و له دخل في تحقّقه و لا دخل لغیره من الحكم المغایر له، و لو اتّفق موافقته له كان بمجرّد الاتّفاق من دون ربط.

و من هنا لو شك واحد من العبید في مدخلیة شيء في حكم مولاه حدوثاً و ارتفاعاً فتتبّلأجل الظنّ بعدم المدخلیة و بقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك الشيء- أحكام سائر الموالي بل أحكام هذا المولى [أي الأحكام] المغایرة للحكم المشكوك موضوعاً و محمولاً، عُدّ من أسفه السفهاء.

و أمّا الثاني -و هو الشك في الراففإن كان الشك في رافعیة الشيء للحكم فهو أیضاً لا دخل له بسائر الأحكام ... و أمّا الشك في وجود الرافع و عدمه، فالكلام فیه هو الكلام في الأمور الخارجیة.

و محصله أنّه إن أرید أنه یحصل الظنّ بالبقاء، إذا فرض له صنف أو نوع یكون الغالب في أفراده البقاء، فلا‌ننكره، و لذا یظنّ عدم النسخ عند الشك فیه ... .

فما ذكره من ملاحظة أغلب الصنف فحصول الظنّ به حقّ، إلا أنّ البناء على هذا في الاستصحاب یُسقطه عن الاعتبار في أكثر موارده.

و إن بنی على ملاحظة الأنواع البعیدة و الجنس البعید أو الأبعد ... ففیه ما تقدّم من القطع بعدم جامع بین مورد الشك و موارد الاستقراء یصلح لاستناد البقاء إلیه، و في مثله لایحصل الظنّ بالإلحاق ... .

و ممّا یشهد بعدم حصول الظنّ بالبقاء اعتبار الاستصحاب في موردین یعلم بمخالفة أحدهما للواقع. ([1] )

مناقشة المحقّق الإصفهاني في نظریة الشیخ

التحقیق أنّ اعتبار الجامع الرابط- قطعیاً أو ظنّیاً- إنّما هو في الاستقراء التامّ و الناقص حیث أنّه الحكم على الكلّي بمشاهدة جزئیاته، فإن كانت المشاهدة لجمیع الجزئیات أفادت العلم باستناد الحكم إلى الجامع، لرجوعه إلى القیاس المقسّم باصطلاح المیزانیین فیقال مثلاً: كلّ جسم إمّا جماد أو نبات أو حیوان و كلّ جماد أو نبات أو حیوان متحیّز، فكلّ جسم متحیّز([2] ).

و إن كانت المشاهدة لأكثر الجزئیات، مع عدم العلم أو الظنّ بما یناقضه في غیرها و إلا [أي لو علم أو ظنّ بما یناقضه في غیرها] لقطع أو ظنّ بعدم الاستناد إلى الجامع و إلا [أي لو كان الجامع موجوداً] لما تخلّف مع وجود الجامع فلا‌محالة یفید الظنّ بالجام

و هذا بخلاف الغلبة، فإنّها لاتفید الظنّ، من حیث الحكم على الكلّي، بل من حیث تردّد أمر المشكوك بین الدخول في الغالب أو في النادر، فیظنّ بالأوّل لتقویه بالغالب، لا لأنّ الموجودیة مقتضیة للبقاء، لیكون حالها حال الاستقراء.

و بالجملة: لایطلب في الغلبة الحكم على الكلّي ظنّاً حتّی یحتاج إلى الجامع، بل مجرد الظنّ بالدخول في جملة الأفراد الغالبة و لذا لایضرّ القطع بوجود الأفراد النادرة على خلاف الغالب في الغلبة، دون الاستقراء. ([3] )

المتحصّل من نظریة المحقق القمي و الشیخ الأنصاري

إنّ المحقّق القمّي یعتقد بتمامیة هذا الدلیل؛ أمّا من حیث الصغری فلأنّه یری أنّ الأغلب في باب الأحكام الشرعیة هو الاستمرار، سواء كان الشك في المقتضي أو في الرافع، و لذا یحكم على ما شك في بقائه بالاستمرار إلحاقاً بالأغلب، فیحصل الظنّ بالحكم. و أمّا من حیث الكبری فلأنّه یری حجّیة مطلق الظنّ من باب الانسداد.

أمّا الشیخ الأنصاري، فلا‌یقول بتمامیة الدلیل العقلي المذكور، أمّا من حیث الصغری فهو یعترف بأنّ الأغلب هو البقاء في بعض الموارد و لكن هذه الغلبة لاتوجب حصول الظنّ بالبقاء في موارد الشك في المقتضي و موارد الشك في رافعیة الموجود، و أمّا في موارد الشك في وجود الرافع فهو یقول بالتفصیل فإذا فرض له صنف أو نوع یكون الغالب في أفراده البقاء فهنا یحصل الظنّ بالبقاء و إذا فرضت الأنواع البعیدة و الجنس البعید أو الأبعد فلا‌یحصل الظنّ بالبقاء. و أمّا من حیث الكبری فهو لایری حجّیة الظنّ بالبقاء.


[2] في الشفاء (المنطق) لابن سینا (428)، ص349، القياس، «فصل في القياس المقسم على نمط الأشكال الثلاثة فمن‌ ذلك قياسات مؤلفة من منفصلة و من حمليات‌ كثيرة على قياس‌ الاستقراء، إلا أنّ‌ الاستقراء لا‌يكون الحمل فيه حقيقياً، بل تشبيهیاً، و يجوز أن تكون أجزاء القسمة ناقصة، و مع ذلك يكون استقراء، و لا‌يلتفت إلى‌ أن تكون الأجزاء تامّة على ما ستعلم، و هذا يكون الحمل فيه حقيقياً على موضوع الانفصال، و أجزاء القسمة تامة. و أنا أسمّيه القياس‌ المقسم‌ و تكون أجزاء القسمة فيه‌ مشتركة في جزء، و تكون الحمليات مشتركة في جزء و يكون‌ ذلك إمّا على نمط الشكل الأول، أو على نمط الشكل الثاني، أو الثالث».و في البصائر النصيرية في علم المنطق، ابن سهلان، ج1، ص285.، الفصل الرابع في القياسات الشرطية من الاقترانات: «و أمّا الاقتران بين المنفصل و الحملي، فإن كانت الحملية صغرى ... و إن كانت الحملية كبرى فإمّا أن تكون قضية واحدة أو قضايا و إن كانت قضايا فإمّا أن تكون مشتركة في محمول واحد أو لا‌تكون، بل لكلّ واحدة منها محمول على حياله و القريب من الطبع أن يكون الاقتران مع حمليات بعدد أجزاء الانفصال، و يجب أن تكون مشتركة في محمول واحد و تكون على منهاج الشكل الأول، و تكون المنفصلة و أجزاؤها موجبة و الحمليات كليات و تكون أجزاء الانفصال مشتركة في حدّ هو الموضوع، و لكلّ حملي اشتراك مع أجزاء الانفصال في جزء فالنتيجة حملية و هذا هو الاستقراء التامّ ... و أفضل المتأخّرين يسمّي هذا الاقتران القياس‌ المقسم، ‌ و مثاله: «كلّ متحرك إمّا أن يكون حيواناً و إمّا أن يكون نباتاً و إمّا أن يكون جماداً» و «كل حيوان جسم و كل جماد جسم و كل نبات جسم فكلّ متحرك جسم».و في الجوهر النضيد، العلامة الحلي، ج1، ص174.، القياس المتألّف من منفصلة و حمليات: «قال: و من هذه الأقيسة ما يسمّى بالمقسم و يتألّف من منفصلة و حمليات بعدد أجزائها متشاركة الأجزاء و يكون في قوّة الحمليات لإنتاجه حملية مثاله في الشكل الأول: كلّ عدد إما زوج أو فرد و كل زوج و كل فرد مؤلف من آحاد، و قس عليه باقي الأشكال و ضروبها.أقول: القياس المؤلف من الحملي و المنفصلي على قسمين: أحدهما: أن يكون عدد الحمليات مساوياً لعدد أجزاء الانفصال. و الثاني: أن لا‌يكون كذلك ... و الأول على أقسام: منه القياس‌ المقسم‌ و هو أن يشترك الحمليات بأسرها في أحد طرفي النتيجة و أجزاء الانفصال في الطرف الآخر و هذا القياس في قوة القياس الحملي لإنتاجه الحملية».و في الجوهر النضيد، العلامة الحلي، ج1، ص188.، الاستقراء: «الاستقراء هو الحكم على الكلي بما وجد في جزئياته فإن ذكرت الجزئيات بأجمعها فهو القياس‌ المقسم‌ و يفيد اليقين و يستعمل في البراهين كقولنا: كلّ شكل إمّا كروي و إمّا مضلع و كل كروي و كل مضلع متناهٍ، و هو استقراء تام».و في شرح مطالع الأنوار في المنطق لقطب الدین الرازي (766)، ص317 في التعلیقة على قوله: «الفصل الرابع: فيما يتركّب من الحملية و المنفصلة، و هو قسمان: أحدهما: ما ينتج الحملية و هو المسمّى بالقياس المقسّم و يجب كون الحمليات بعدد أجزاء الانفصال يتألّف من كلّ واحدة منها مع جزء من أجزاء الانفصال قياس منتج للحملية المطلوبة إمّا من شكل واحد أو أشكال و الحدّ الأوسط في كلّ قياس غيره في الآخر و إلّا اتّحدت قضيّتان بطرفيهما من الحمليات و أجزاء الانفصال» إلى أن قال: «و للقياس المقسم شرايط في كونه قياساً مقسماً و شرايط في الإنتاج أمّا شرائط التقسيم فأمور ...».و في شرح مطالع الأنوار، ص333، الفصل الثامن في توابع القياس: «قال: السادس‌ في الاستقراء، أقول:‌ الاستقراء عبارة عن إثبات الحكم الكلّي لثبوته في أكثر الجزئيات و هو إمّا تامّ إن كان حاصراً لجميع الجزئيات و هو القياس‌ المقسم‌ كقولنا: كلّ جسم إمّا جماد أو حيوان أو نبات و كلّ واحد منها متحيّز فالجسم متحيّز و هو يفيد اليقين، و إمّا غير تامّ إن لم‌يكن حاصراً كما استقرينا أفراد الإنسان و الفرس و الحمار و الطير و وجدناها تحرّك فكّها الأسفل عند المضغ حكمنا بأنّ كلّ حيوان تحرّك فكّها الأسفل عند المضغ و هو لا‌يفيد اليقين لجواز أن يكون حال ما لم‌يستقرأ بخلاف حال ما استقرئ كما في التمساح‌».و في الحاشية على تهذيب المنطق للمولى عبد الله الیزدي (981)، ص105، الاستقراء و التمثيل: «قالوا: إنّ الاستقراء إمّا تامّ يتصفّح فيه حال الجزئيات بأسرها و هو يرجع إلى القياس‌ المقسم‌ كقولنا: كل حيوان إما ناطق أو غير ناطق و كل ناطق من الحيوان حساس و كل غير ناطق من الحيوان حساس ينتج: كل حيوان حساس و هذا القسم يفيد اليقين.» و في شرح المنظومة للمحقق السبزواري. (1288)، ج‌1، ص312، غوص في الاستقراء و التمثيل: «(يعطي‌ اليقين‌ التم)‌ أي الاستقراء التام‌ (إذ قياس مقسم المرجع و الأساس‌) أي مرجعه إلى قياس مقسم و القياس مفيد اليقين، إذ نظمه في المثال الأول أن كل جسم إما حيوان أو نبات أو جماد و كل حيوان أو نبات و جماد متحيز فكل جسم متحيز. و في الثاني كل حيوان إما ناطق أو غير ناطق و كل ناطق حساس و كل غير ناطق من الحيوان حساس فكل حيوان حساس‌»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo