< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /المقدمة؛ الأمر الأول؛ الجهة الثانیة؛ التحقیق في تعریف الاستصحاب؛ تعریف الشیخ الأنصاری؛ المناقشة السادسة

 

المناقشة السادسة: من المحقّق الإصفهاني

قال: إنّ المراد من إبقاء ما كان سواء كان ما هو منسوب إلى المكلّف أو إلى غیره فیه المحذور من وجهین: ... ثانیهما عدم صحّة توصیفه بالدلیلیة و الحجّیة على جمیع المباني: أمّا إذا أرید منه الإبقاء العملي المنسوب إلى المكلّف، فواضح، لأنّه لیس دلیلاً على شيء، و لا حجّة علیه. و أمّا إذا أرید منه الإلزام الشرعي، فإنّه مدلول الدلیل، لا أنّه دلیل على نفسه، و لا أنّه حجّة على نفسه، كسائر الأحكام التكلیفیة.([1] )

جواب المحقّق الإصفهاني عن هذه المناقشة

التحقیق أنّ الاستصحاب -كما یناسب المشتقّات منه- هو الإبقاء العملي و الموصوف بالحجّیة بناء على [حجّیته من باب] الأخبار هو الیقین السابق إمّا بعنوان إبقاء الكاشف، إن كان المراد من الحجّیة الوساطة في الإثبات فإنّ إبقاء الكاشف التامّ المتعلّق بالواقع، إیصال للواقع بقاء عنواناً بإیصال الحكم المماثل لبّاً و إمّا بعنوان إبقاء المنجّز السابق، إن كان المراد من الحجّیة تنجیز الواقع فالیقین السابق یكون منجّزاً للحكم حدوثاً عقلاً و بقاءً جعلاً.

و بناء على [حجّیته من باب] بناء العقلاء، فالموصوف بالحجّیة أحد أمور ثلاثة: إمّا الیقین السابق لوثاقته و اقتضائه عدم رفع الید عنه إلّا بیقین مثله، فهو الباعث للعقلاء على إبقائهم عملاً، و إمّا الظنّ اللاحق بالبقاء، و إمّا مجرّد الكون السابق، اهتماماً بالمقتضیات و تحفّظاً على الأغراض الواقعیة. فالوجود السابق لهذه الخصوصیة حجّة على الوجود الظاهري في اللاحق، لا من حیث وثاقة الیقین، و لا من حیث رعایة الظنّ بالبقاء، و إلیه یرجع التعبّد العقلائي .

و بناءً على [حجّیته من باب] حكم العقل، فالموصوف بالحجّیة هو الظنّ بالبقاء و یندفع ... محذور [عدم صحّة] التوصیف بالحجّیة ... بأنّ حجّیة الیقین السابق على الحكم في اللاحق، حیث أنّها مستكشفة من ثبوت الإبقاء العملي تشریعاً، -حیث أنّ الشارع أمر بإبقاء الیقین، الذي عرفت أنّ مرجعه إلى إبقاء الكاشف أو المنجّز- فالتعبیر عن حجّیة المنكشف بحجّیة الكاشف صحیح معمول به عندهم. ([2] )

المناقشة السابعة: من المحقّق الإصفهاني

إنّ المراد من إبقاء ما كان إن كان الإبقاء المنسوب إلى الشارع، فلا دلالة في العبارة على جعل الحكم الظاهري الاستصحابي، فإنّه لو أبقی الشارع حكمه الموجود سابقاً في الزمان اللّاحق بعلّته المقتضیة لحكم مستمرّ، أو بعلّة أخری مقتضیة لاستمراره، لصدق علیه إبقاء ما كان، مع أنّه حكم واقعي لا ظاهري.

و إبقاؤه لعلّة كونه في السابق [بمعنی أنّ نفس كونه في السابق هو علّة لحكم الشارع بالإبقاء] و إن اقتضی كون الحكم في الزمان الثاني ظاهریاً، لأنّ الحكم الواقعي لایكون وجوده في زمان واسطة في الثبوت لوجوده في زمان آخر، و لا واسطة في الإثبات، إلّا أنّ تعلّق الإبقاء بما كان لایدلّ على علّیة كونه [في السابق لحكم الشارع بالإبقاء] بل و لا إشعار فیه أیضاً [خلافاً للشیخ الأنصاري و المحقّق العراقي حیث أنّهما ذهبا إلى أنّ التعبیر بإبقاء ما كان فیه إشعار بأنّ علّة حكم الشارع بالبقاء هي كونه السابق] لأنّ الإبقاء لا‌بدّ و أن یتعلّق بما كان، و لیس أخذه كأخذ الوصف لغواً، لو لم‌یكن لأجل إفادة فائدة من علّیة أو غیرها.


[1] نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص7.. و قال بعد ذلك: «و أمّا تصحیحه- بإرادة ثبوته و عدمه من حجّیته و عدمها كالنزاع في حجّیة المفاهیم فإنّه راجع إلى البحث عن ثبوتها و عدمه، لا إلى حجّیتها في فرض ثبوتها- فمخدوشٌ بأنّ النزاع في ثبوت كلّ شي‌ء و عدمه لا‌یصحّ التعبیر عنه بحجّیته و عدمها و المفاهیم حیث أنّها في فرض ثبوتها من مصادیق الحجّة صحّ التعبیر عن ثبوتها و عدمه بالحجّیة و عدمها بخلاف ثبوت الحكم التكلیفي الشرعي، فإنّه أجنبي عن الحجّیة بالمرّة.بیانه أنّ جعل الحكم المماثل‌ في مورد الخبر لیس حجّة على نفسه، و لا على غیره، بل مصحّح لحجّیة الخبر فإنّ جعل الحكم المماثل لمؤدّی الخبر- بعنوان أنّه الواصل بالخبر- یصحّح انتزاع الموصلیة من الخبر عنواناً فهو- عنواناً- واسطة في إثبات الحكم الواقعي، فإنّ المفروض أنّه أوصل مؤدّی الخبر بجعل الحكم المماثل الواصل بنفسه، و كذلك الأمر في الحجّیة بمعنی المنجّزیة فإنّ الحكم الظاهري كالحكم الواقعي، لا‌ینجّز نفسه و لا غیره، بل الخبر منجّز لمؤدّاه شرعاً فلا‌بدّ هنا أیضاً من فرض أمر آخر غیر الإلزام الشرعي حتّی یكون هو الموصل عنواناً أو المنجّز حقیقة.و أمّا الاستصحاب- من باب بناء العقلاء- فلیس عمل العقلاء على وفق الیقین السابق حجّة على عملهم، و لا على غیرهم، كما أنّ اتباعهم للظاهر لیس حجّة على اتباعه للظاهر، و لا على اتباع غیرهم للظاهر، بل الظاهر- حیث أنّه مصحّح عندهم للمؤاخذة على مخالفة ما یكون الظاهر كاشفاً نوعیاً عنه- یوصف بالحجّیة، فلا‌بدّ هنا من فرض صحّة مؤاخذتهم على ترك الجري على طبق الحالة السابقة إمّا للیقین السابق و اقتضاء وثاقة الیقین لعدم رفع الید عنه عندهم أو الظنّ بالبقاء و اقتضائه عندهم للجري على وفقه فالمصحّح للمؤاخذة لیس نفس إبقائهم عملاً أو إبقاء المكلّف بل أحد الأمرین المزبورین أو غیرهما ممّا سیأتي الإشارة إلیه إن شاء الله تعالى.فعلم مما ذكرنا أنّ بناءهم عملاً و إن كان إبقاء عملیاً منهم، و هو المناسب للاستصحاب و مشتقّاته المنسوبة إلى العامل، إلّا أنّ الموصوف بالحجّة غیره، و معنی حجّیة بناء العقلاء- شرعاً- أنّ ما بنی العقلاء على المؤاخذة بسببه- على فعل أو ترك- یصحّ المؤاخذة به عند الشارع فلم‌یبق من الاستصحاب بالمباني الثلاثة إلّا الإذعان العقلي الظنّي ببقاء الحكم، فإنّه صالح لأن یكون منجّزاً للحكم، إلّا أنّ الاستصحاب بهذا المعنی لا‌یناسب مشتقّاته المنسوبة إلى المكلّف»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo