< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الثاني؛ الجهة الأولی؛ الوجه السادس: ما أفاده المحقق النائیني

 

الوجه السادس: ما أفاده المحقّق النائیني

تقریبه: إنّ جزئیة المتعذّر لو كانت ثبوتاً مختصّةً بحال التمكن و الاختیار كان التكلیف بما عدا الجزء المتعذّر باقیاً على ما كان علیه، أي كان التكلیف به عین التكلیف المتعلّق بالكلّ الواجد للجزء المتعذّر قبل تعذّره من دون أن یرتفع ذلك التكلیف و یحدث تكلیف آخر یتعلّق بخصوص الأجزاء المتمكن منها بل هو ذلك التكلیف، غایته أنّه قبل تعذّر الجزء كانت دائرة متعلّق التكلیف أوسع، لانبساط التكلیف علیه، و بعد تعذّر الجزء تتضیّق دائرة متعلّق التكلیف و یخرج الجزء المتعذّر عن سعة دائرة المتعلّق مع بقاء الباقي على حاله، نظیر البیاض الذي كان منبسطاً على الجسم الطویل فصار قصیراً، فإنّه لا إشكال في أنّ البیاض الباقي في الجسم القصیر هو عین البیاض الذي كان في الجسم الطویل، من دون أن ینعدم ذلك البیاض و یحدث بیاض آخر، غایته أنّه تبدّل حده و كان قبل قصر الجسم محدوداً بحدّ خاصّ و بعد قصره یكون محدوداً بحدّ آخر، و التكلیف المنبسط على جملة المركب یكون كالبیاض المنبسط على الجسم الطویل فلو تعذّر بعض أجزاء المركب یبقی التكلیف بالبقیّة على ما كان، من دون أن یرتفع ذلك التكلیف و یحدث تكلیف آخر بالبقیّة، هذا في مقام الثبوت.

و أمّا في مقام الإثبات فإن قام الدلیل على اختصاص جزئیة الجزء المتعذّر بحال التمكن و الاختیار فلا إشكال في وجوب الباقي، كما لا إشكال في عدم وجوبه إذا قام الدلیل على إطلاق جزئیة الجزء المتعذّر و عدم اختصاصها بحال التمكن.

و إن لم‌یقم دلیل على أحد الوجهین و شك في إطلاق الجزئیة و عدمه فیشك في بقاء التكلیف ببقیّة الأجزاء المتمكن منها و یجري استصحاب التكلیف، فالمستصحب هو شخص التكلیف النفسي الذي كان متعلّقاً بالأجزاء المتمكن منها قبل تعذّر الجزء و التعذّر إنّما یكون منشأً للشك في بقاء التكلیف بسائر الأجزاء، لاحتمال اختصاص جزئیته بحال التمكن و الاختیار، و قد عرفت أنّه على هذا التقدیر یكون شخص التكلیف الذي كان منبسطاً على سائر الأجزاء في حال انبساطه على الكلّ باقیاً، فالمستصحب لیس هو القدر المشترك بین التكلیف النفسي و الغیري، بل هو شخص التكلیف النفسي الذي كان متعلّقاً بالأجزاء المتمكن منها.([1] )

إیراد علی الوجه السادس

على هذا الوجه یلزم جریان الاستصحاب في ما إذا فرضنا تعذّر جمیع أجزاء الصلاة ما عدا التشهد لأنّه لو كان التشهد في الواقع واجباً كان وجوبه عین وجوب الكلّ و لم‌یحدث فیه وجوب آخر عند تعذّر ما عداه فینبغي أن یستصحب وجوبه، مع أنّ ظاهر الأعلام التسالم على اعتبار أن یكون الباقي معظم الأجزاء.

جواب المحقّق النائیني عن هذا الإیراد([2] )

إذا لم‌یكن الباقي معظم الأجزاء فالقضیة المشكوكة تباین القضیة المتیقّنة عرفاً، فإنّ وجوب التشهد مثلاً یكون مندكّاً عرفاً في ضمن وجوب البقیة و یكون الطلب المتعلق به طلباً تبعیاً ضمنیاً، فیكون وجوبه قبل تعذر بقیة الأجزاء نحواً یغایر وجوبه بعد تعذّرها عرفاً و إن كان هو هو حقیقةً، و هذا بخلاف ما إذا كان الباقي معظم الأجزاء، فإنّ وجوبه في حال تعذر الجزء عین وجوبه السابق عقلاً و عرفاً، فیجري الاستصحاب إذا كان الباقي معظم الأجزاء و لا‌یجري إذا كان بعض الأجزاء.

و التحقیق أن یقال: إنّ الوجه السادس تامّ و لایرد علیه ما أورده المستشكل فإنّ المستصحب هو نفس الوجوب الاستقلالي النفسي، سواء كان متعلّقه جمیع أجزاء المركب أم معظم أجزائه أم بعض أجزائه مثل التشهّد فلا‌نحتاج إلى جواب المحقّق النائیني حیث تنزّل في المقام و قال بلزوم كون الباقي معظم الأجزاء حتّی لایلزم تباین القضیة المتیقنة و المشكوكة عرفاً، لأنّ القضیة المتیقنة هو نفس الوجوب الاستقلالي النفسي كما أنّ القضیة المشكوكة أیضاً هو الوجوب النفسي الاستقلالي و الاختلاف في متعلّق الوجوب لایوجب اختلافاً بین الوجوب المتیقّن و الوجوب المشكوك بل الوجوب المشكوك هو نفس الوجوب المتیقّن.([3] )


تتمة

قد اختلف الأعلام في اختصاص جریان الاستصحاب بما إذا كان التعذّر بعد دخول الوقت أو تعمیمه لما إذا كان قبله أو مقارناً له؛ فقال المحقّق النائیني([4] ) بتعمیمه و استظهر ذلك من كلام الشیخ الأنصاري([5] ) و قال المحقّق الخوئي بالاختصاص([6] ).

 


[3] و ذكر المحقق الإصفهاني وجهاً آخر في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص385..: «ثويمكن أن يقال : إن الأجزاء الباقية، وان لم يكن لها وجوب غيري ولا وجوب نفسي، لكن الوجوب النفسي المتعلق بالمركب له حقيقة ودقة تعلق بالباقي، لانبساط الوجوب النفسي على الأجزاء بالاسر، فيشك بعد زوال انبساطه وتعلقه عن الجزء المتعذر في ارتفاع تعلقاته وانبساطه على سائر الأجزاء، فيستصحب بلا مسامحة في الموضوع ولا في المستصحب، ومن دون أخذ الجامع»
[5] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص282..: «ثم إنه لا فرق بناء على جريان الاستصحاب بين تعذر الجزء بعد تنجز التكليف كما إذا زالت الشمس متمكناً من جميع الأجزاء ففقد بعضها و بين ما إذا فقده قبل الزوال لأن المستصحب هو الوجوب النوعي المنجز على تقدير اجتماع شرائطه لا الشخصي المتوقف على تحقق الشرائط فعلاً. نعم هنا أوضح»
[6] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص474..: «ثمّ إنّ جريان الاستصحاب في المقام يختص بما إذا كان التعذر حادثاً بعد دخول الوقت، و أمّا إذا كان حادثاً قبل دخول الوقت أو مقارناً لأوّل الوقت، فلا مجال لجريان الاستصحاب، لعدم كون الوجوب متيقناً في زمان ليجري فيه الاستصحاب و يحكم ببقائه، بل المرجع حينئذ هو البراءة عن وجوب غير المتعذر من الأجزاء و الشرائط»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo