< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الثاني؛ التنبیه الأول؛ الموضع الثاني: مقتضی الأصل العملي

 

الموضع الثاني: مقتضی الأصل العملي

إنّ الأعلام اختلفوا في مقتضى الأصل العملي؛ فقال بعضهم مثل المحقّق النائیني([1] ) بأنّ مقتضى الأصل العملي وجوب الإعادة و القضاء عند نسیان بعض القیود المعتبرة في الواجب إذا احتمل قیدیّتها المطلقة غیر المختصّة بحال التذكر، و قال بعضهم مثل المحقّق الخوئي بالتفصیل و هو المختار.

تفصیل المحقّق الخوئي([2] ) (المختار)

تحقیق الكلام هنا یقتضي البحث في موردین:

المورد الأوّل

و هو ما إذا لم‌یتمكن المكلّف من الإتیان بالعمل مستجمعاً لجمیع الأجزاء و الشرائط بعد نسیان جزء أو شرط منه، و الشك في الجزئیة أو الشرطیة المطلقة فیه ملازم للشك في وجوب غیر المنسي من الأجزاء و الشرائط، فإنّه إذا أمر المولى عبده بالوقوف في یوم معین من طلوع الشمس إلى الزوال مثلاً، و نسي المكلّف فلم‌یقف ساعة من أوّل النهار، و شك في أنّ جزئیة الوقوف في هذه الساعة مطلقة لیترتّب علیها سقوط الأمر بالوقوف في الساعات المتأخرة أو أنّها مقیّدة بحال الذكر لیكون الأمر متعلّقاً بالوقوف في الساعات المتأخرة، فلا محالة یكون الشك في الإطلاق و التقیید شكاً في التكلیف بغیر المنسي من الأجزاء و الشرائط فیكون المرجع هو البراءة و یحكم بعدم وجوب الإتیان بغیر المنسيّ من الأجزاء و الشرائط.

(و بعبارة أخری: إنّ الوقوف في كلّ الوقت و هو من الطلوع إلى الزوال حسب الفرض غیر ممكن لعدم الوقوف في الساعة الأولى بعد الطلوع نسیاناً و الوقوف في بقیة الوقت هو مشكوك الوجوب فهذا المثال یرجع إلى الشك في التكلیف فلا‌تصل النوبة إلى إعمال قاعدة الأقلّ و الأكثر).

المورد الثاني

و هو ما إذا تمكّن المكلّف من الإتیان بالعمل مستجمعاً لجمیع الأجزاء و الشرائط بعد نسیان جزء أو شرط منه و حینئذٍ یكون الشك في إطلاق الجزئیة أو الشرطیة أو تقییدهما بحال الذكر في هذا المورد شكاً في جواز الاكتفاء بما أتی به من الأجزاء و الشرائط و عدمه، فإنّه إذا نسي المكلّف جزءاً من الصلاة و تذكر بعد تجاوز محلّه؛ فإن كانت الجزئیة مطلقة لزمه إعادتها و الإتیان بها مستجمعة لجمیع الأجزاء و الشرائط، و إن كانت الجزئیة مقیّدة بحال الذكر اكتفی بما أتی به و لا تجب علیه الإعادة، لأنّ العمل المأتي به حینئذٍ لم‌یكن فاقداً لشيء من الأجزاء و الشرائط.

و المحقّق الخوئي یری أنّ هذا المورد الثاني هو بعینه من صغریات الأقلّ و الأكثر الارتباطیین في الأجزاء التحلیلیة، فهو مجری أصالة البراءة.

بیانه: إنّ جزئیة هذا الشيء أو شرطیة ذاك الشيء للصلاة في حال الذكر معلومة و أمّا الجزئیة أو الشرطیة في حال النسیان فهي مشكوك فیها فتجري البراءة عن الجزئیة أو الشرطیة.

و بعبارة أخری أمر الجزئیة و الشرطیة مردّد بین الأقلّ و الأكثر، فالأقلّ معلوم تفصیلاً فتجري البراءة عن الجزئیة أو الشرطیة بالنسبة إلى الأكثر.([3] )

التنبیه الثاني: الزیادة العمدیة و السهویة في أجزاء الواجب

لا‌بدّ من تنقیح مفهوم الزیادة من جهتین:

الأولى: من جهة أنّ الزیادة هل تتحقّق في الأجزاء أو لا؟

الثانیة: من جهة أنّ الزیادة على فرض تصویرها و إمكانها في الواجبات المركبة، هل یتوقّف صدقها على قصد الجزئیة أو قصد الزیادة أو لا؟

الجهة الأولی: إمكان الزیادة في أجزاء الواجب

إنّه قد یقال باستحالة تحقّق الزیادة في أجزاء المركبات الاعتباریة و لكن مختار المشهور هو إمكان تحقّقها، فلا‌بدّ حینئذٍ من إثبات الإمكان.

الدلیل علی استحالة تحقّق الزیادة

إنّ الجزء الذي اعتبر دخله في الواجب لایخلو من اعتبارین: اعتبار اللا‌بشرط القسمي و اعتبار بشرط لا بالنسبة إلى الزیادة فعلى تقدیر اعتباره بنحو اللابشرط القسمي (أي الإطلاق) یتّصف كلّ ما أُتي به في الخارج من تلك الطبیعة بالجزئیة سواء كان المأتي به فرداً واحداً أم متعدّداً مثل تكرار ذكر الركوع و ذكر السجدة، فما اعتبر أنّه زائد لیس في الحقیقة زائداً بل هو من مصادیق المأمور به.

و على تقدیر اعتباره بشرط عدم انضمام فرد آخر إلیه، یكون انضمامه إلیه موجباً لانتفاء الجزء الذي اعتبر دخله في الواجب، و معنی ذلك هو نقصان المركب و عدم اشتماله على الجزء المعتبر فیه، لأنّ المعتبر فیه هو الجزء بشرط لا و مع انضمام أمر آخر إلیه ینتفي ذلك و لایصدق حینئذٍ الزیادة، فإنّ ما أُتي به لیس جزء الواجب و ما هو جزء الواجب لم‌یؤت به.([4] )

مناقشات ثلاث من المحقّق الخوئي([5] ) في هذا الدلیل

المناقشة الأولی

إنّه یمكن أن تؤخذ طبیعة السورة مثلاً بنحو صرف الوجود جزءً للواجب بحیث یكون الفرد الأوّل الناقض للعدم هو المتّصف بالجزئیة لا غیر، فیكون الوجود الثاني زائداً علیه لا‌محالة.

قال المحقّق الخوئي في توضیح ذلك:([6] )

إنّ أخذ شيء جزءً للمأمور به على نحو لابشرط یتصور على نحوین:

الأوّل: أن یكون الطبیعي مأخوذاً في المركب من دون نظر إلى الوحدة و التعدّد و في هذا لایمكن تحقّق الزیادة كما ذكر.

و الثاني: أن یكون مأخوذاً بنحو صرف الوجود المنطبق على أوّل الوجودات ففي مثل ذلك انضمام الوجود الثاني و عدمُه و إن كانا على حدّ سواء في عدم الدخل في جزئیة الوجود الأوّل -فإنّ هذا معنی أخذ لابشرط- إلا أنّه لایقتضي كون الوجود الثاني أیضاً مصداقاً للمأمور به و حینئذٍ تتحقّق الزیادة بتكرّر الجزء لا‌محالة.([7] )

المناقشة الثانیة

إنّ الجزء المأخوذ في الواجب إذا أُخذ فیه العدد الخاص كالركوع و السجود مع عدم أخذه بشرط لا بالإضافة إلى انضمام فرد آخر إلیه، فلا ریب في صدق الزیادة حینئذٍ إذا أُضیف إلیه ذلك، ضرورة أنّ الموجود في الخارج حینئذٍ یكون زائداً على العدد المأخوذ لا‌محالة.([8] )

ملاحظة علیها

إنّ العدد المخصوص مثل الواحد أیضاً اعتبر فیه قید بشرط لا عن الانضمام فما تصوّره من اعتبار عدد خاصّ مع أخذ هذا العدد بشرط لا ممنوع.

المناقشة الثالثة

إنّ أخذ الطبیعة بشرط لا و إن كان موجباً للنقصان مع الضمیمة عقلاً كما ذكره القائل بالاستحالة إلا أنّه لا ریب في صدق الزیادة عرفاً و إن لم‌یكن كذلك عقلاً بالدقّة الفلسفیة.([9] )


[1] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص307..: «... فمقتضى الأصل العملي هو وجوب الإعادة و القضاء عند نسيان بعض القيود المعتبرة في الواجب إذا احتمل قيديّتها المطلقة الغير المختصة بحال التذكر»
[3] قال المحقّق الخوئي في مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص465.: «هذا بناءً على ما هو الصحيح من إمكان تكليف الناسي على ما تقدّم بيانه. و أمّا بناءً على استحالته، فما صدر من الناسي غير مأمور به يقيناً، فالشك في صحّته و فساده يكون ناشئاً من الشك في وفائه بغرض المولى و عدمه، فلا مناص من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال، و الحكم بوجوب الإتيان بالعمل مستجمعاً لجميع الأجزاء و الشرائط، لأنّ سقوط الأمر بالاتيان بغير المأمور به يحتاج إلى دليل مفقود في المقام على الفرض، و هذه هي الثمرة التي أشرنا إليها».أورد عليه المحقّق الصدر في بحوث في علم الأصول، ج‌5، ص371-373: «إن النسيان تارةً يستوعب الوقت كلّه، و أخرى لا‌يستوعبه بل يرتفع في أثنائه؛ ففي الحالة الأولى لا‌يكون الواجب بالنسبة إلى الناسي مردّداً بين الأقل و الأكثر بل من الشك في تكليف جديد سواء قيل بإمكان تكليف الناسي بالأقل أم استحالته، و ذلك لأن الناسي في تمام الوقت لا إشكال في عدم تكليفه بالأكثر لأنه لا‌يكلّف بما نسيه على أيّ حال إما لعدم معقولية تكليفه به كالعاجز أو لأدلة رفع التكليف بالنسيان و إنما يعلم بأنه إما أن يكون ما أتى به صحيحاً مجزياً أو يجب عليه القضاء الآن و هذا مرجعه إلى الشك في وجوب جديد في حقّه لأنه و إن فرض احتماله للتكليف في الوقت بالأقل- بناء على إمكان تكليفه به- إلّا أنه تكليف خارج عن محلّ الابتلاء و ساقط بخروج الوقت فليس هنالك إلّا شك في التكليف و هو مجرى البراءة حتى إذا منعناها في موارد الدوران بين الأقل و الأكثر.و أما الحالة الثانية فالتكليف فعلي في الوقت غير أنه متعلق إما بالجامع الشامل للصلاة الناقصة الصادرة حال النسيان أو بالصلاة التامة فقط، و الأول معناه اختصاص جزئية المنسي بغير حال النسيان، و الثاني معناه إطلاق الجزئية لحال النسيان و هو من الدوران بين التعيين و التخيير إلّا أن جريان البراءة هنا أولى منه في موارد الدوران بين الأقل و الأكثر كما أنه لا‌يرتبط بإمكان تكليف الناسي بالأقل بل يتمّ حتى على القول باستحالة تكليفه‌.... .و هكذا يتّضح أن الصحيح جريان البراءة في موارد الشك في إطلاق الجزئية أو الشرطية لحالة النسيان لكونه من الدّوران بين الأقل و الأكثر أو من الشك في أصل التكليف من دون ارتباط ذلك بشبهة عدم إمكان تكليف الناسي بالأقل التي أثارها الشيخ الأعظم في المقام رغم عدم تماميّتها في نفسه كما عرفت».قال المحقّق النائیني في فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج3، ص353.: «و من هنا يظهر: أنّه لا‌يمكن تصحيح العبادة الفاقدة لبعض الأجزاء و الشرائط لنسيان أو إكراه و نحو ذلك بحديث الرفع، فإنّه لا محلّ لورود الرفع على السورة المنسيّة في الصلاة مثلا لخلوّ صفحة الوجود عنها، مضافاً إلى أنّ الأثر المترتب على السورة ليس هو إلّا الإجزاء و صحة العبادة، و مع الغضّ عن أنّ الإجزاء و الصحة ليست من الآثار الشرعية التي تقبل الوضع و الرفع لا‌يمكن أن يكون رفع السورة بلحاظ رفع أثر الإجزاء و الصحة، فإنّ ذلك يقتضى عدم الإجزاء و فساد العبادة، و هذا ينافي الامتنان و ينتج عكس المقصود، فإنّ‌ المقصود من التمسك بحديث الرفع تصحيح العبادة لا فسادها، فنفس الجزء أو الشرط المنسيّ موضوعاً و أثراً لا‌يشمله «حديث الرفع» و لا‌يمكن التشبّث به لتصحيح العبادة». و في تهذيب الأُصول - ط نشر آثار الإمام الخميني، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج3، ص357.: «فما يقال: إنّ أثر وجود الجزء هو الصحّة، و رفعها يناقض المطلوب ليس بشي‌ء؛ لما عرفت أنّ المنسي المرفوع هو نفس الطبيعة لا وجودها.أضف إلى ذلك: أنّ وجود الطبيعة في الخارج عين الطبيعة، و الصحّة ليست أثراً جعلياً، بل لا‌يمكن أن تكون مجعولة إلّا بمنشئها، و ما هو المجعول هو الجزئية أو الشرطية على ما هو التحقيق من صحّة تعلّق الجعل بهما.و كيف كان: فالمرفوع لبّاً هو الشرطية أو الجزئية أو القاطعية أو المانعية... إلى أن قال:إنّ متعلّق الرفع أمر وجودي؛ و هو الجزئية حال نسيان الموضوع، و لا دليل على اختصاص الرفع على نسيان الحكم، بل يعمّه و نسيان الموضوع، فالجزء الذي ثبت جزئيّته للمركّب بالأدلّة الأوّلية مرفوع جزئيته حال نسيان الموضوع.فما هو متعلّق الرفع إنّما هو أمر وجودي؛ و هو الجزئية حال نسيان الموضوع، و كونه غير ناسٍ للحكم و ذاكراً له لا‌يقتضي ثبوت الجزء من حيث نسيان الموضوع، و حديث الرفع يقتضي رفعه من حيث نسيانه للموضوع لا للحكم».
[4] و ذهب في تهذيب الأُصول - ط نشر آثار الإمام الخميني، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج3، ص362. إلى الاستحالة عقلاً و قال: «و أما الزيادة في الجزئية أو الشرطية فغير متحققةٍ عقلاً لأن عنواني الكلية و الجزئية إنما تنتزعان من تعلّق الأمر بالمركب، فينتزع الكلية من تعلّقه بالأجزاء ... فالزيادة في الجزء بالمعنى الذي‌عرفت لا‌تتصور لأن الزيادة تنافي الجزئية فلا‌يعقل الإتيان بشي‌ء معتبر في المركب ليصحّ انتزاع الجزئية و مع ذلك يكون زائداً. و بالجملة: إن قول زيادة الجزء أشبه شي‌ء بالمتنافيين في نظر العقل، لأن كون الشي‌ء جزءاً بالفعل منتزعاً منه الجزئية فرع تعلّق الأمر به، و معنى الزيادة عدم تعلق الأمر به، فكيف يجتمعان ...».
[7] اعترض المحقّق الإصفهاني في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص347. على المحقّق النائيني بالنسبة إلى هذه المناقشة: «إن اعتبار أول الوجودات إن كان بنحو البشرطلائيّة أي لا غيره، عاد محذور البشرطلائيّة، و إن كان بنحو اللا‌بشرطية من حيث الوحدة و التعدد، لأن الإثنين و الثلاثة فرد واحد للطبيعة الجامعة بين الأقل و الأكثر، فيكون ناقض عدم الطبيعة تارة هو الأقل، و أخرى هو الأكثر، فيعود محذور عدم تعقل الزيادة، فلا‌بدّ من فرض اللابشرطية بالمعنى الذي قدّمناه».
[8] اعترض المحقّق الإصفهاني في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص347. على المحقّق النائيني. بالنسبة إلى هذه المناقشة: «مدفوع بأن مراتب الأعداد إذا لوحظت بحدّها الذي يتحقق به تعدد المرتبة، فمعناه ملاحظة العدد بشرط لا، فعاد المحذور، و إن لم‌يعتبر إلا ذات العدد، فالواحد في ضمن الإثنين محفوظ أيضاً، كيف و الأعداد تتقوّم بالآحاد؟ و عليه فالواحد الملحوظ لا بشرط يوجب عود محذور اللابشرطية»
[9] اعترض في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص347. على هذه المناقشة: «لا كلام في زيادته عرفاً إلا أن مثله لا‌يعقل أن يكون له اعتبار المانعية شرعاً، بعد فرض اعتبار عدمه شرعاً بعين اعتبار الجزء بشرط لا». اعترض في منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج5، ص272.: «ليس البحث فيما نحن فيه في مدلول دليل لفظي وارد على عنوان الزيادة كي يبحث في مفهوم الزيادة عرفاً، بل البحث فيما هو مقتضى الأصل العملي عند تكرار الجزء من حيث الإبطال و عدمه، فصدق الزيادة عرفاً لا أثر له بعد الجزم بعدم الإضرار بالتكرار على تقدير و الجزم بإضراره على تقدير آخر كما هو مقتضى الإشكال‌». و في نتائج الأفكار في الأصول، ج‌5، ص20: «و لكنّه منقوض بما إذا انحنى بمقدار الركوع لقتل العقرب أو أخذ الطفل لحفظه عن التلف أو نحو ذلك، فإنّ الزيادة حينئذ صادقة عرفاً مع أنّها لم‌تعد زيادة في الصلاة». المحقّق الإصفهاني في ردّ الإشكال: «تارة: يلاحظ الجزء بشرط لا، فيعتبر الركوع الغير الملحوق بمثله جزءا في الصلاة، فمع لحوق الركوع بمثله لم‌يتحقق ما هو جزء الصلاة، فلا موقع لاعتبار عدمه في الصلاة من باب اعتبار عدم المانع، بل اعتبر عدمه باعتبار نفس الجزء، فهو و إن كان زيادة في الصلاة بنحو من الاعتبار، لكن مثل هذه الزيادة لا حكم لها بما هي زيادة، لما عرفت.و أخرى: يلاحظ الجزء لا بشرط، بمعنى أخذ طبيعة الجزء بنحو تصدق على الواحد و المتعدد و القليل و الكثير، فيكون من موارد التخيير بين الأقل و الأكثر، فلا‌يتحقق موضوع الزيادة أصلاً، كما لا‌يلزم منه النقص رأساً، فيخرج عن محلّ الكلام أيضاً.و ثالثة: أخذ الجزء لا بشرط، بمعنى اللا‌بشرط القسمي- أي لا مقترناً بلحوق مثله و لا مقترناً بعدمه- فاللاحق لا دخيل في الجزء و لا مانع عن تحقّقه، و إلا فمصداق طبيعة الجزء المأخوذ في الصلاة أول ركوع مثلاً يتحقق منه.و ليكن مراد من يقول باعتبار الجزء لا بشرط هذا المعنى، لا اللا‌بشرط المقسمي؛ لأن اللا‌بشرط المقسمي كما مرّ مراراً هو اللا‌بشرط من حيث تعيّناته الثلاثة، و هي بشرط الشي‌ء و بشرط لا و لا بشرط، لا اللا‌بشرط من حيثية أخرى غير تلك الحيثيات.و أما لحاظ الجزء بذاته مع قطع النظر عن جميع الاعتبارات، فهو لحاظه بنحو الماهية المهملة، و الماهية من حيث هي، و قد مرّ مراراً أنه لا‌يصحّ الحكم عليها إلا بذاتها و ذاتياتها، لقصر النظر على ذاتها.فما عن بعض‌ أجلاء تلامذة شيخنا العلامة الأنصاري. أن محل الكلام هو هذا القسم الأخير غير صحيح، كما أن إرادة اللا‌بشرط المقسمي أيضاً غير صحيحة كما عرفت، بل الصحيح ملاحظة الجزء على الوجه الثالث.و من الواضح أنه لا منافاة بين عدم كون اللاحق ضائراً بالمأتي به أوّلاً، من حيث جزئيّته، و كون عدمه بنفسه جزءً معتبراً في المركب، كما أن الركوع بالإضافة إلى السجود مثلاً كذلك؛ فإنه مطلق من حيث فعله و تركه، ففعله غير دخيل في ذات الجزء شرعاً، و لا مانع عن تحقّق ذات الجزء، مع أن فعله بنفسه معتبر في المركب على حدّ اعتبار الركوع. و لا فرق في هذا المعنى بين الجزء الوجودي و العدمي». و راجع منتقى الأصول، ج‌5، ص270؛ بحوث في علم الأصول، ج‌5، ص:390- 392

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo