< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الثاني؛ المقام الثاني: دوران الأمر بین الأقلّ و الأکثر في الأجزاء التحلیلیة ؛ جواب المحقق الخوئی عن صاحب الکفایة

 

جواب المحقّق الخوئي عن صاحب الكفایة
([1]
)

إنّ الملاك في الانحلال جریان الأصل في بعض الأطراف بلا‌معارض، فإنّ تعلّق التكلیف بطبیعي الرقبة المردد بین الإطلاق بالنسبة إلى الإیمان و الكفر و التقییدِ بخصوص الإیمان معلوم و هذا هو القدر المتیقّن الجامع و إنّما الشك في خصوصیة اعتبار الإطلاق أو اعتبار التقیید و الإطلاق توسعة على المكلّف لا ضیق و كلفة علیه فلا‌یكون مورداً لجریان البراءة، و أمّا التقیید فهو ضیق و كلفة علیه فتجري البراءة عنه بلا‌معارض.

فالمراد من كون الأقلّ متیقّناً هو المتیقّن في مقام ثبوت التكلیف و تعلّقه (و هو موجود قطعاً) لا المتیقّن في مقام الامتثال حتّی یقال: إنّ الطبیعي في ضمن الفرد المقیّد مباین للطبیعي في ضمن الفرد المطلق فلا جامع بینهما.([2] )

القسم الثالث: ما إذا كان من الأمور المقوّمة للمأمور به

هو أن یكون ما یحتمل شرطیته من الأمور المقوّمة للمأمور به و تكون نسبته إلى المأمور به نسبة الفصل إلى الجنس([3] )، كما إذا أمر المولی بذبح حیوان فشك المكلّف في اعتبار كونه شاة، فإنّ خصوصیة الشاتیة مشكوكة و هي على فرض اعتبارها مقوّمة للمأمور به و كما إذا أمر المولى بالتیمّم و شككنا في أنّ المراد هو التیمّم على مطلق الأرض أو على التراب خاصّة.

و هنا اختلف الأعلام في جریان البراءة الشرعیة؛ فقال بعضهم بعدم جریان البراءة الشرعیة كما أنّهم ذهبوا إلى عدم جریان البراءة العقلیة أیضاً مثل صاحب الكفایة و مثل المحقّق النائیني، و بعضهم قالوا بالتفصیل في المقام ففي بعض الأقسام قالوا بجریان البراءة الشرعیة و نتیجتها في المقام هو التخییر بین إتیان الجنس في ضمن هذا الفصل أو في ضمن فصل آخر و في بعض الأقسام قالوا بعدم جریان البراءة الشرعیة و نتیجته لزوم الإتیان بما یحتمل شرطیته، و بعبارة أخری یجب الاحتیاط في المقام و هذا مختار المحقّق الخوئي.

نظریة صاحب الكفایة
([4]
)

إنّ حدیث الرفع یدلّ على عدم شرطیة ما شك في شرطیته، و لكن خصوصیة الخاص لیست كذلك، فإنّ تلك الخصوصیة إنّما تكون منتزعة عن نفس الخاصّ فیكون الدوران بین الخاص و العام من قبیل الدوران بین المتباینین، فیجب الاحتیاط.

إیراد المحقق الخوئي

قد أورد علیه المحقّق الخوئي بما تقدّم([5] ) بیانه من أنّ ما أفاده خلط بین مقام ثبوت التكلیف فـ «إنّ القدر المتیقّن و الجامع موجود في هذا المقام»و بین مقام الامتثال فلا‌یكون القدر المتیقّن موجوداً.

نظریة المحقّق النائیني
([6]
)

إن كان المحتمل اعتباره من قبیل الفصل بالإضافة إلى الجنس فهو مورد لقاعدة الاشتغال و ذلك لأنّ الأمر المتعلّق بالنوع لاینحلّ و لو بالدقّة إلى الأمر بجنسه و فصله، فإنّ شیئیة الشيء بفصله و صورته لا بجنسه و مادّته، فالمادّة المجردة و خصوصیة الجنسیة بما هي هي یستحیل تعلّق الطلب بها، بل لا‌بدّ من اعتبار الفصل معها، فإذا شك في اعتبار فصل معیّن أو أحد الفصول لا‌بعینه یكون من موارد دوران الأمر بین التخییر و التعیین من دون أن یكون هناك جهة متیقّنة، و قد عرفت في محلّه أنّ القاعدة في مثله تقتضي الاشتغال و الالتزام بالتعیین دون التخییر.

فالعلم الإجمالي في هذا القسم لاینحلّ، لعدم إمكان تعلّق التكلیف بالأقلّ، لأنّ الأقلّ جنس و لایمكن التكلیف بالجنس.([7] )


المطلب الثاني:التحقیق حول نظریة المحقّق النائیني
بالنسبة في القسم الثالث

إنّ التحقیق حول هذه النظریّة یتوقّف على بیان أقسام دوران الأمر بین التخییر و التعیین ثم بیان حكمها من لزوم التعیین عقلاً في جمیع الأقسام كما ذهب إلیه المحقّق النائیني أو التفصیل بین الأقسام كما هو مختار المحقّق الخوئي، و في خلال ذلك نشیر إلى أنّ المقام لیس من صغریات الدوران بین التعیین و التخییر بل هنا یمكن تعلّق التكلیف بالطبیعة الجنسیة و لذا یتحقّق العلم التفصیلي بوجوب الأقلّ و هو الطبیعة الجنسیة فتجري البراءة عن الأكثر.

إنّ الشك في التخییر و التعیین قد یكون في الأحكام الواقعیة و قد یكون في الأحكام الطریقیة و على الأوّل قد یكون الشك من جهة الشك في أصل الجعل و قد یكون من جهة التزاحم فدوران الأمر بین التعیین و التخییر عنده على ثلاثة أنحاء: ([8] )

النحو الأوّل: الدوران في الأحكام الواقعیة في مرحلة الجعل

فهنا صور ثلاث:

و هذا مثل الشك في أنّ صلاة الجمعة في عصر الغیبة واجبة تعییناً أو واجبة تخییراً.


[2] قد أجاب المحقّق الخوئي عن إیراد صاحب الكفایة بوجهین:الأوّل: جواب حلّي جاء في المتن.الثاني: جواب نقضي لم‌یرد فهو قوله في مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص447.: «و ثانياً: أنّ هذا الإشكال لو تمّ لجرى في الشك في الجزئية أيضاً، و ذلك لأن كلّ‌ واحد من‌ الأجزاء له‌ اعتباران‌: الأوّل: اعتبار الجزئية و أنّ الوجوب المتعلق بالمركب متعلق به ضمناً. الثاني: اعتبار الشرطية و أنّ سائر الأجزاء مقيّد به، لأنّ الكلام في الأقل و الأكثر الارتباطيين، فيكون الشك في الجزئية شكاً في الشرطية بالاعتبار الثاني، فيجري الإشكال المذكور، فلا وجه لاختصاصه بالشك في الشرطية».قال المحقق الإصفهاني في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص329..: «و التحقيق: أن كل خصوصية ليست شرطاً في قبال الجزء، بل كما مرّ مراراً أن ذات ما يفي بالغرض هو المقتضى بسيطاً كان أو مركباً. غاية الأمر أنه إذا كان مركباً كان ما يأتلف منه المركب كلّ واحد منه موصوفاً بأنه بعض ما يفي‌ بالغرض، أو بعض المطلوب بلحاظ مقام جعل الطلب.ثم إن المقتضي أو أجزاءه: ربما يكون أمراً خاصاً، فالخاص هو المقتضي لا أنه خصوصية واردة على المقتضي‌ أو يكون الجزء أمراً خاصاً، فيكون الخاص بعض ما يفي بالغرض، لا أن الخصوصية واردة على الجزء المفروغ عن جزئيته.فمثل هذه الخصوصية مقوّم الجزء، و لا‌يستحق إطلاق الشرط المقابل للجزء عليها.و ربما تكون الخصوصية دخيلة في فعلية تأثير المقتضي البسيط أو المركب، و مثلها تسمّى بالشرط، لأن الشرط حقيقة إما من مصحّحات فاعلية الفاعل أو من متمّمات قابلية القابل، فلا محالة له دخل إما في طرف المؤثر أو في طرف المتأثر، و التقيد الخطابي على طبق التقيد الواقعي، فالإناطة ليست جزافية.إذا عرفت اختلاف الخصوصيات بحسب المقامات، فاعلم أن التقيّد المقوّم للجزء مقوم للمطلوب بالطلب النفسي المنبسط عليه، و حاله ما عرفت مفصلاً.و أما التقيد الذي له دخل في فعلية التأثير، فغير مطلوب بعين الطلب النفسي، بداهة أن الغرض لا‌يدعو إلا إلى ما يقوم به، و ما يفي به، و أما ما له دخل في ترتّب الغرض على ما يقوم به، فهو مراد بإرادة منبعثة عن إرادة متعلقة بنفس المقتضي المنبعثة عن الغرض القائم به، فمثل هذه الخصوصية مطلوب بطلب مقدمي منبعث عن طلب نفسي.فمرجع الشك في الشرطية الحقيقية إلى الشك في طلب غيري مستقلّ، منبعث عن طلب نفسي، و الانحلال فيه ليس فيه مجال الإشكال.فإن قلت: هذا في القيد الذي له وجود استقلالي يمكن تعلق الطلب الغيري به، و أما القيد الذي ليس له استقلال في الوجود، كقيد الإيمان في الرقبة، فلا‌يعقل أن يكون مطلوباً بطلب غيري.قلت: بعد فرض شرطيته واقعاً و عدم دخله في اقتضاء الغرض، بل في وجود الغرض من المقيّد المقتضي له، فلا‌محالة لا‌يعقل أن يكون مطلوباً بعين الطلب النفسي، بل الواجب المفروغ عن وجوبه متقيد به.و حينئذ فلا شك في أن عتق الرقبة واجب نفسي على أي تقدير، و إنما الشك في تقيّد الواجب النفسي بقيد و عدمه، فليس متعلق الوجوب النفسي دائراً بين المقيد و غيره، فلا ريب حينئذ في الانحلال.و من جميع ما ذكرنا تبيّن أن الشك في جزئية شي‌ء بذاته مورد الانحلال للعلم بانبساط الأمر على سائر الأجزاء و الشك في انبساطه على الزائد.و كذلك الشك في شرطية شي‌ء حقيقة مورد الانحلال، للعلم بوجوب ذات المشروط، و الشك في انبعاث وجوب آخر من وجوبه بالإضافة إلى الشرط أو تقيّد الواجب المعلوم به.و أما إذا دار الأمر بين جزئية شي‌ء بذاته أو بما له من الخصوصية فلا انحلال أصلاً، لعدم العلم تفصيلاً بجزئية ذات الشي‌ء كما عرفت تفصيلاً، و كذا لو كانت الخصوصية مقوّمة للمركب أو للبسيط»
[3] قال في منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج5، ص241.: «لا‌يذهب عليك أنّ هذا البحث فرضي بحت، إذ الخصوصيات المأخوذة في متعلقات التكاليف ليست من قبيل الفصل إلى الجنس، لأن المتعلقات أفعال المكلفين، و هي من الأعراض، و هي بسائط لا تركّب فيها كي يجري فيها حديث العام و الخاصّ و الجنس و الفصل.و أما موضوعها، فهو و إن أمكن أن يكون من الجواهر المركبة من الجنس‌ و الفصل، لكن عرفت عدم الانحلال فيها حتى إذا كانت من قبيل المطلق و المقيد، فلا أثر لكونها من قبيل العام و الخاصّ.و من يدّعي الانحلال في المطلق و المقيد من جهة ثبوت التقيد بين الفعل و خصوصية موضوعه، فهو يقول به في العام و الخاصّ أيضاً، لأن الفعل أيضاً مقيد بخصوصية الموضوع في مورده و إن اتّحد وجود الخصوصية مع ذي الخصوصية.و بالجملة: لا فرق بين العام و الخاصّ و المطلق و المقيد من هذه الجهة».
[4] ‌. قال في كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص367..: «أنه ظهر مما مرّ حال دوران الأمر بين المشروط بشي‌ء و مطلقه و بين الخاصّ كالإنسان و عامّه كالحيوان و أنه لا مجال هاهنا للبراءة عقلاً بل كان الأمر فيهما أظهر ...»
[5] تقدّم في ص351.
[7] لایخفی أنّ المحقّق العراقي في نهاية الافكار، العراقي، آقا ضياء الدين، ج2، ص396. ردّ تقریب المحقّق النائیني و أفاد بنفسه تقریباً آخر لأصالة الاحتیاط فقال:«و لكنّ الأقوى فيه وجوب الاحتياط (لا لما قيل) من أن الترديد بين الجنس و النوع و إن كان بالتحليل العقلي من الأقل و الأكثر، و لكنّه بنظر العرف خارجاً يكون من الترديد بين المتباينين ... (بل ذلك) من جهة عدم تحقّق ملاك الأقل و الأكثر فيه حتى بحسب التحليل العقلي (فإنّ) مناط كون الشبهة من الأقل و الأكثر كما عرفت غير مرة هو أن يكون الأقل على نحو يكون بذاته و حصّته الخاصة سوى حدّه الأقلية محفوظاً في ضمن الأكثر نظير الكليات المشكّكة المحفوظة ضعيفها بذاته لا بحدّ ضعفه في ضمن شديدها، (و من الواضح) عدم صدق المناط المزبور في مفروض البحث (فإنه بعد) تخصّص الطبيعي في المتواطئات بالضرورة إلى حصص متعددة و آباء كذلك بعدد الأفراد بحيث كان المتحقق في ضمن كلّ فرد حصّة و أب خاص من الطبيعي المطلق غير الحصّة و الأب المتحقق في ضمن فرد آخر كالحيوانية الموجودة في ضمن الإنسان بالقياس إلى الحيوانية الموجودة في ضمن نوع آخر كالبقر و الغنم، و كالإنسانية المتحققة في ضمن زيد بالقياس إلى الإنسانية المتحققة في ضمن بكر و خالد، فلا‌محالة في فرض الدوران بين وجوب إكرام مطلق الإنسان أو خصوص زيد لا‌يكاد يكون الطبيعي المطلق بما هو جامع الحصص و الآباء القابل للانطباق على حصّة أخرى محفوظاً في ضمن زيد كي يمكن دعوى العلم بوجوبه على أي حال، لأن ما هو محفوظ في ضمنه إنما هي الحصّة الخاصة من الطبيعي، و مع تغاير هذه الحصة مع الحصة الأخرى المحفوظة في ضمن فرد آخر كيف يمكن دعوى اندراج فرض البحث في الأقل و الأكثر و لو بحسب التحليل بل الأمر في أمثال هذه الموارد ينتهي إلى العلم الإجمالي بتعلق التكليف إما بخصوص حصّة خاصة أو بجامع الحصص و الطبيعي على الإطلاق بما هو قابل الانطباق على حصّة أخرى غيرها، و مرجعه إلى العلم الإجمالي إما بوجوب هذه الحصة الخاصة و حرمة ترك الإتيان بها مطلقاً، و إما بوجوب حصة أخرى غيرها المشمولة لإطلاق الطبيعي و حرمة تركها في ظرف ترك الحصة الخاصة، و في مثله بعد عدم انطباق أحد التركين على الآخر و عدم قدر متيقن في البين في مشموليته للوجوب النفسي الأعمّ من الاستقلالي و الضمني، يرجع الأمر إلى المتباينين فيجب فيه الاحتياط بإطعام خصوص زيد، لأنّ بإطعامه يقطع بالخروج عن عهدة التكليف المعلوم في البين، بخلاف صورة إطعام غير زيد، فإنّه لا‌يقطع بحصول الفراغ و لا‌يؤمن العقوبة على ترك إطعام زيد». و المحقّق النائینی أیضاً أفاد في فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص208. وجهاً آخر للقول بالاحتیاط في موارد دوران الأمر بین الأقل و الأكثر إذا كان التردید بینهما من قبیل التردید بین الجنس و النوع فقال:فإنّ الترديد بين الجنس و النوع و إن كان يرجع بالتحليل العقلي إلى الأقلّ و الأكثر، إلّا أنّه خارجاً بنظر العرف يكون من الترديد بين المتباينين، لأنّ الإنسان بما له من المعنى المرتكز في الذهن مباين للحيوان عرفاً، فلو علم إجمالاً بوجوب إطعام‌ الإنسان‌ أو الحيوان، فاللازم هو الاحتياط بإطعام خصوص الإنسان، لأنّ نسبة حديث الرفع إلى كلّ من وجوب إطعام‌ الإنسان‌ و الحيوان على حدّ سواء، و أصالة البراءة في كلّ منهما تجري و تسقط بالمعارضة مع الأخرى، فيبقى العلم الإجمالي على حاله و لا‌بدّ من العلم بالخروج عن عهدة التكليف، و لا‌يحصل ذلك إلّا بإطعام خصوص الإنسان، لأنّه جمع بين الأمرين، فإنّ إطعام‌ الإنسان‌ يستلزم إطعام الحيوان أيضاً.ولكن أورد علیه المحقّق العراقي بأنّ:لازم- ذلك هو التفصيل بين أن يكون الترديد في متعلق الخطاب بين الحيوان و الإنسان، و بين الحيوان و الحيوان الناطق بالمصير في الثاني إلى البراءة لاندراجه في الأقل و الأكثر حتى بنظر العرف بلحاظ اتحاد المفهوم من الحيوان في الحيوان الناطق مع المفهوم من الحيوان المطلق، مع أن الالتزام بذلك كما ترى‌. نهاية الافكار، العراقي، آقا ضياء الدين، ج2، ص396.و هكذا أورد علیه في تهذيب الاصول - ط جماعة المدرسين، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج2، ص347. إیرادین فقال:و فيه: أولاً: أن ما ذكره يرجع إلى المناقشة في المثال، فإن الإنسان و الحيوان و إن كان في نظر العرف من قبيل المتباينين إلّا أن الحيوان و الفرس ليسا كذلك فلو دار الأمر في الإطعام بينهما فلا مناص عن البراءة، كما لو دار الأمر بين مطلق اللون و اللون الأبيض، أو مطلق الرائحة أو رائحة المسك، فإن الجميع من قبيل الأقل و الأكثر، و ثانياً: لو كان الدوران بين الإنسان و الحيوان دوراناً بين المتباينين فطريق الاحتياط هو الجمع بينهما في الإطعام، لا إطعام خصوص الإنسان، و ما ذكره من أن إطعامه يستلزم إطعام الحيوان أشبه شي‌ء بالمناقضة في المقال فإن مغزی هذا التعليل إلى أنهما من الأقل و الأكثر كما لا‌يخفى‌.المراد بالخاص:قال السیّد الروحاني: إن المراد بالخاص ما كانت الخصوصية فيه متحدة في الوجود مع ذي الخصوصية بمعنى أن وجودها بعين وجوده واقعاً و لا تعدد في وجودهما، نظير الجنس و الفصل، فإن وجود الجنس و الفصل واحد، فالحيوان عام و الإنسان خاص.و بذلك يختلف عن المطلق و المقيد، إذ الخصوصية في المقيد ليست موجودة بنفس وجود ذي الخصوصية و إن كانت متقوّمة به تقوّم العارض بالمعروض، لكن وجودها مغاير لوجود ذي الخصوصية، فإن وجود الإيمان غير وجود الرقبة و وجود العدالة غير وجود العالم، كما أن الربط بينهما موجود بوجود انتزاعي غير وجود ذي الربط و إن تقوّم به.و إذا اتّضح المراد بالخاص يتّضح حكمه من حيث الانحلال و عدمه، مع الشك في اعتبار الخصوصية، فإنه لا مجال لدعوى الانحلال، إذ لا انبساط للتكليف على تقدير اعتبار الخصوصية بعد فرض وحدة الوجود دقة و عدم تعدده، فليس الدوران بين العام و الخاصّ من الدوران بين الأقل و الأكثر في متعلق التكليف، فلا وجه للانحلال فيه حتى إذا قيل بالانحلال في مورد الشك في القيد و دوران الأمر بين المطلق و المقيد.إذن، لا‌بدّ من الاحتياط لمن يذهب إلى البراءة من باب الانحلال الحقيقي في حكم الشرع.نعم، على مسلكنا في إجراء البراءة لا مانع من جريانها هاهنا، إذ التكليف من جهة الخصوصية الزائدة المشكوكة غير منجز، لعدم العلم، فيكون مجرى البراءة العقلية و الشرعية الراجعة إلى عدم وجوب الاحتياط- كما أشرنا إليه- منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج5، ص240.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo