< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /التنبیه الحادی عشر؛ إشکالان علی الجمع بین الوضوء و التیمم

 

إشكالان علی الجمع بین الوضوء و التیمّم

الأوّل: هو أنّ تنجّز العلم الإجمالي بنجاسة الماء أو التراب یوجب تنجّز النجاسة المحتملة، فلو كان الماء نجساً في الواقع كانت نجاسته مانعة عن صحّة الصلاة.

و الثاني: هو أنّ الطهارة شرط في الماء الذي یُتوضّأ به، فلابدّ من إحراز هذا الشرط، مع أنّ العلم الإجمالي یمنع عن إحرازه و بعبارة أخری إحراز هذا الشرط لابدّ أن یكون إمّا بالعلم الوجداني و إمّا بالعلم التعبّدي و إمّا بأصالة الطهارة و كلّها مفقودة في المقام.

الجواب عن هذین الإشكالین

أمّا جواب التوهّم الأوّل فهو أنّ المحقّق الخوئي ذهب إلى طهارة ملاقي الشبهة المحصورة([1] ).

و أمّا جواب التوهّم الثاني فهو أنّ إحراز هذا الشرط حین الوضوء بخصوصه و حین التیمّم بخصوصه و إن كان غیر ممكن، إلّا أنّ العلم الإجمالي بوجود الشرط إمّا في الماء و إمّا في التراب یوجب إتیان كلیهما حتّی یحصل العلم بإتیان الطهارة الوضوئیة أو التیمّم مع الشرط و إتیان أحدهما مع الشرط الواقعي كافٍ في المقام.

فتحصل أنّ ما أفاده المحقّق الخوئي من تنجیز العلم الإجمالي في الصورة الأولى و لزوم الجمع بین الوضوء و التیمّم صحیح و لا إشكال علیه و التنجیز هنا و إن كان عندنا تنجیزاً ناقصاً إلّا أنّه لایمكن جریان الأصل النافي في بعض أطرافه، لأنّ طرفي العلم الإجمالي هنا من الوضعیات لا الشبهات التحریمیة.

الصورة الثانیة: للمعلوم بالإجمال أثر وضعي و أثر تكليفي

و هي أن یكون للمعلوم بالإجمال أثر تكلیفي، مضافاً إلى الأثر الوضعي، مثل العلم الإجمالي بغصبیة الماء أو التراب، فهنا علمان إجمالیان: العلم الإجمالي الأوّل هو حرمة التصرف في الماء أو التراب للغصبیة و العلم الإجمالي الثاني هو وجوب الوضوء أو التیمّم.

و الموافقة القطعیة لكلّ من العلمین الإجمالیین توجب المخالفة القطعیة للآخر و المحقّق الخوئي یری أنّ هذه الصورة من مصادیق دوران الأمر بین المحذورین، و قد تقدّم([2] ) حكم هذه الصورة في المقام الثالث من مبحث دوران الأمر بین المحذورین مع تعدّد الواقعة، في ما كان التعدّد عرضیاً، فقال المحقّق الخوئي([3] ) هناك: إنّه لا مانع من تنجیز كلّ من العلمین الإجمالیین بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعیة لكلّ منهما، ‌فلا‌بدّ من الاكتفاء بالموافقة الاحتمالیة لكلّ منهما، لعدم إمكان الموافقة القطعیة لكلا العلمین الإجمالیین.

فتحصّل أنّه لا مانع من تنجیز العلم الإجمالي سواء بنینا على رأي المحقّق الخوئي في تنجیز العلم الإجمالي أم على نظریة التنجیز الناقص الذي تقدّم بیانها([4] ).

نعم قال المحقّق الخوئي بأنّ المقام لیس من صغریات التزاحم لعدم وجود الملاك في الطرفین.

و ما أفاده و إن كان تامّاً بالنسبة إلى الوضوء و التیمّم حیث أنّه في الوضوء إمّا ملاك الوجوب فقط لأنّه شرط للصلاة و إمّا ملاك الحرمة فقط للغصبیة، فإنّه إذا كان الماء مغصوباً لكان الوضوء حراماً، فینتقل ملاك الوضوء إلى التیمّم، فیكون الوضوء واجداً لملاك الحرمة فقط و أیضاً في التیمّم إمّا ملاك الوجوب فقط لشرطیته للصلاة في ما إذا كان الماء مغصوباً و إمّا ملاك الحرمة فقط في ما إذا كان التراب مغصوباً فحینئذٍ ملاك الوجوب یختص بالوضوء، لكن لایستقیم ذلك بالنسبة إلى الأثر الآخر للتراب الذي كان في عرض الوضوء و هو جواز السجدة علیه، فإنّه لو كان التراب مغصوباً لاجتمع فیه ملاك الوجوب و الحرمة، فإنّ السجدة حینئذٍ واجدة لملاك الوجوب لأنّها من أجزاء الصلاة المأمور بها و واجدة لملاك الحرمة لأنّها غصب.

الصورة الثالثة: لأحد طرفي العلم الإجمالي أثر تكليفي و وضعي

و هي أن یكون لأحد طرفي العلم الإجمالي أثر تكلیفي و وضعي مثل العلم الإجمالي بنجاسة الماء أو غصبیة التراب و الكلام فیها عین ما تقدّم في الصورة الثانیة، فإنّ العلم الإجمالي منجّز و لكن دوران الأمر بین المحذورین یوجب الاكتفاء بالموافقة الاحتمالیة.

إلّا أنّ المحقّق الخوئي ذهب إلى وجوب الوضوء في المثال المذكور و عدم جواز التیمّم عقلاً، لأنّ إتیان الوضوء موافقة احتمالیة من دون احتمال الحرمة و العقاب، بخلاف التیمّم فإنّ إتیانه موافقة احتمالیة مع احتمال الحرمة و العقاب لاحتمال تحقّق الغصبیة.

و لو انعكس الأمر في المثال انعكس الحكم، كما لو علمنا إجمالاً بغصبیة الماء أو نجاسة التراب فحینئذٍ یتعیّن علیه التیمّم بحكم العقل.

التنبیه الثاني عشر:

مقدمة

إذا لاقی شيء بعض أطراف العلم الإجمالي بالنجاسة، فهل تقتضي القاعدة نجاسة الملاقي أو لا؟

فلابدّ قبل الورود في البحث من تقدیم أمرین:

الأمر الأوّل: محل النزاع

إنّ محلّ النزاع هو ما إذا تحقّقت الملاقاة بالنسبة إلى بعض أطراف العلم الإجمالي، أمّا لو تحقّقت بالنسبة إلى جمیع الأطراف فالملاقي نجس بالعلم التفصیلي و كذا لو تحقّقت ملاقاة شيء لبعض أطراف العلم الإجمالي و ملاقاة شيء آخر لسائر أطرافه، فیتولّد علم إجمالي آخر بنجاسة أحد الشیئین الملاقیین لتحقّق ملاقاتهما لجمیع أطراف العلم الإجمالي، فأحدهما نجس بالعلم الإجمالي.


[1] التنقيح في شرح العروة الوثقى، الغروي، الشيخ علي، ج2، ص414..: قال: لا يمكن الحكم بنجاسة كل واحد من الأطراف في موارد العلم بنجاسة أحد شيئين أو أشياء، لعدم إحراز نجاسته واقعاً لفرض الجهل به، و لا بحسب الظاهر لعدم ثبوتها بأمارة و لا أصل فالحكم بنجاسة كل واحد منهما تشريع محرم. نعم، إنما نحتمل نجاسته، لاحتمال انطباق المعلوم بالإجمال على كل واحد من الأطراف، إلّا أنه محض احتمال، فاذا كان هذا حال كل واحد من الأطراف فما ظنك بما يلاقي أحدها، فإن الحكم بنجاسته من التشريع المحرم
[2] تقدّم في المجلد الثامن، ص558.
[4] تقدّم في ص69.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo