< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

ال
موضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الأول؛ التنبیه الثامن؛ إیرادان من المحقق الخوئی علی التوسط في نفس التکلیف

 

إیرادان من المحقّق الخوئي
علی التوسّط في نفس التكلیف ([1]
)

الإیراد الأوّل

إنّ اختیار المكلّف الحرام الواقعي لرفع اضطراره لایوجب ارتفاع حرمته واقعاً و دعوی أنّه بالاختیار یصیر مصداقاً للمضطرّ إلیه من باب الاتفاق غیر مسموعة، لأنّ الاضطرار إلى الجامع لاینقلب إلى الاضطرار إلى المعیّن بإرادة المكلّف و اختیاره (حیث أنّ الاضطرار لم‌یتعلّق بخصوص الحرام حتّی ترتفع حرمته بالاضطرار بل الاضطرار تعلّق بعنوان جامع بین الحرام الواقعي و الحلال الواقعي، فإنّ الاضطرار تعلّق بعنوان الواحد لا بعینه) .

الإیراد الثاني

إنّه على تقدیر تسلیم ارتفاع الحرمة واقعاً عمّا یختاره المكلّف كیف یعقل الحكم بحرمته إلى زمان اختیار المكلّف له لرفع اضطراره، فإنّ تحریم الشيء إنّما هو لأن یكون رادعاً للمكلّف عن اختیاره و سادّاً لطریقه، فكیف یعقل أن یكون مغیّی به و مرتفعاً عند حصوله، فإنّ جعل الحرمة المرتفعة باختیار المكلّف فعله لغو محض.

فلا مناص من الالتزام بكون ما یختاره المكلّف لرفع اضطراره محكوماً بالحلّیة من أوّل الأمر و معه لایبقی مجال لدعوی العلم الإجمالي بالتكلیف على كلّ تقدیر، فلا مانع من الرجوع على البراءة في الطرف الآخر في ما كان الاضطرار إلى غیر المعیّن سابقاً على العلم الإجمالي بالتكلیف، كما هو الحال في الاضطرار إلى المعیّن.

و بالجملة إنّ الالتزام بسقوط التكلیف واقعاً عمّا یختاره المكلّف لرفع اضطراره لایجتمع مع القول بالتنجّز في الطرف الآخر، فلا‌بدّ من الالتزام بعدم السقوط واقعاً كما اخترناه أو بعدم التنجّز في الطرف الآخر كما اختاره صاحب الكفایة.

ملاحظة علی الإیراد الثاني

إنّ ما أفاده -من أنّ جعل الحرمة المرتفعة باختیار المكلّف فعله لغو محض- لایمكن المساعدة علیه، فإنّ جعل الحرمة لوجود المفسدة الملزمة حكم أوّلي و رافعه هو الاضطرار لا اختیار المكلّف بل الاختیار هو الموجب لانطباق الاضطرار على هذا الفعل، فما أفاده خلط بین الرافع (و هو الاضطرار) و بین ما یوجب انطباق الرافع على بعض أطراف العلم الإجمالي (و هو اختیار المكلّف) و لكلّ من الرافع و المرفوع ملاك یخصّه، فإنّ ملاك المرفوع و هو الحكم بالحرمة مفسدة ملزمة و ملاك الرافع و هو الاضطرار مصلحة ملزمة غالبة على المفسدة المترتّبة على الحكم المرفوع و لذا یكون الاضطرار حكماً ثانویاً و مع وجود الملاك لكلّ من الرافع و المرفوع لا لغویة في البین.

نتیجة البحث:

إنّ الاضطرار في الموضع الأوّل (و هو الاضطرار إلى بعض الأطراف معیّناً) في الصور الثلاث الأُوَل لایوجب انحلال العلم الإجمالي، فالعلم الإجمالي في هذه الصور باقٍ على تنجّزه و لكن لمّا كان تنجّزه ناقصاً فلا‌یجب الاجتناب عن الطرف غیر المضطرّ إلیه في الشبهات التحریمیة، و أمّا الصورة الرابعة فالحقّ عدم تنجیز العلم الإجمالي فیها.

أمّا الاضطرار في الموضع الثاني (و هو الاضطرار إلى بعض الأطراف لا بعینه) فلا‌یوجب انحلال العلم الإجمالي فهو باقٍ على تنجّزه، إلّا أنّ التنجّز في العلم الإجمالي تنجّز ناقص و قد ورد في الشبهات التحریمیة الترخیص من الشارع في بعض الأطراف فیمكن ارتكاب جمیع الأطراف بجریان الأصل النافي فیها إلّا طرفاً واحداً لئلّا تلزم المخالفة القطعیة للعلم الإجمالي.

أمّا التوسّط هنا بمعنی التوسّط في التنجّز كما أفاده المحقّق الخوئي لا التوسط في التكلیف الذي اختاره الشیخ الأنصاري لما أفاده المحقّق الخوئي في إیراده الأوّل.

التنبیه التاسع:
في اعتبار دخول جمیع الأطراف في محلّ الابتلاء

إنّ الشیخ الأنصاري قال في التنبیه الثالث في مبحث الاحتیاط:

«إنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهین، إنّما هو مع تنجّز التكلیف بالحرام الواقعي على كلّ تقدیرٍ، بأن یكون كلّ منهما بحیث لو فرض القطع بكونه الحرام كان التكلیف بالاجتناب منجّزاً»([2] ).

ثم فرّع على ذلك أموراً ثلاثة:

الأوّل: إنّه لو لم‌یكن التكلیف منجّزاً بأن لم‌یكلّف به أصلاً، كما لو علم بوقوع قطرة من البول في أحد الإناءین أحدهما بول أو متنجّس بالبول أو كثیر لاینفعل بالنجاسة أو أحد ثوبین أحدهما نجس بتمامه، لم‌یجب الاجتناب عن الآخر، لعدم العلم بحدوث التكلیف بالاجتناب عن ملاقي هذه القطرة، إذ لو كان ملاقیها هو الإناء النجس لم‌یحدث بسببه تكلیف بالاجتناب أصلاً، فالشك في التكلیف بالاجتناب عن الآخر شك في أصل التكلیف، لا المكلّف به.

الثاني: لو كان التكلیف في أحد طرفي العلم الإجمالي معلوماً و لكن كان التكلیف معلّقاً على تمكّن المكلّف منه، فإنّ ما لایتمكن المكلّف من ارتكابه لایكلّف منجّزاً بالاجتناب عنه، كما لو علم وقوع النجاسة في أحد شیئین لایتمكن المكلّف من ارتكاب واحد معیّن منهما، فلا‌یجب الاجتناب عن الآخر، لأنّ الشك في أصل تنجّز التكلیف، لا في المكلّف به تكلیفاً منجّزاً.

الثالث: و هو المبحوث عنه في المقام و محل الخلاف بین الأعلام حیث قال الشیخ الأنصاري باعتباره في الشبهات التحریمیة و صاحب الكفایة باعتباره في جمیع الشبهات التحریمیة و الوجوبیة و بعض الأعلام مثل المحقّق الخوئي و من تبعه([3] ) بعدم اعتباره و هذا التفریع الثالث هو اعتبار أن یكون جمیع أطراف العلم الإجمالي محلّ الابتلاء([4] ) و الفرق بین التفریعين الثاني و الثالث هو أنّ التفریع الثاني مختصّ بما إذا لم‌یتمكن المكلّف من ارتكاب بعض الأطراف.

فهنا نظریات ثلاث:


[4] تحقیق من المحقق الإصفهاني في أنّ مراد الشیخ من الدخول في محل الابتلاء أمر غیر القدرة العقلیة:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص262.في التعلیقة على قوله: «الثاني: أنّه لما كان النهي عن الشي‌ء»: «إنّ الخروج عن محلّ الابتلاء إذا كان بحيث يمتنع عادة فعله و تركه، فليس هناك شرط زائد على القدرة المعتبرة في التكاليف البعثية و الزجرية عقلاً و إذا كان بحيث لايمتنع عادة بل يمكن تحصيله بأسبابه، فيمكن توجه الداعي إليه، فهو محلّ الكلام، إذ لو اعتبر الابتلاء به فعلاً كان ذلك شرطاً زائداً على القدرة و صريح كلام الشيخ الاعظم في رسائله أنّ ميزان الابتلاء و عدمه تعارف مساس المكلف به في قبال اتفاق المساس به، مع عدم استحالة الابتلاء عقلاً و عادةً.و أما توهّم الفرق بين القدرة العقلية و القدرة العادية، و أنّ ما هو المعتبر في أصل التكليف هي القدرة العقلية المجامعة مع الخروج عن الابتلاء، و أنّ القدرة العادية هي المساوقة للدخول في محل الابتلاء فمندفعٌ بأنّ القدرة العقلية و العادية ليست إلا في قبال الممتنع عقلاً و الممتنع عادةً، و الامتناع بكلا قسميه منافية للقدرة المعتبرة عقلاً في التكليف الإيجابي و التحريمي مع أنّ صريح كلام الشيخ. خروج المستحيل عادة كالمستحيل عقلاً عن محل البحث، و أنّه بعد الإمكان عقلاً و عادةً يعتبر الابتلاء به عادةً في قبال اتفاق الابتلاء به»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo