< قائمة الدروس

درس خارج اصول استاد محمدعلی ‌بهبهانی

45/03/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة التخيير /الفصل الأول؛ التنبیه الثامن؛ الموضع الثاني؛ البیان الثالث: من المحقق الخوئي

 

البیان الثالث: من المحقّق الخوئي ([1] )

إنّ المحقّق الخوئي أیضاً التزم بنظریة الشیخ الأنصاري و المحقّق النائیني و قد عبّر عن هذا التكلیف بالتكلیف الفعلي الواقع في رتبة التوسط من التنجّز و مثّل لذلك بموردین: ([2] )

المورد الأوّل: هو دوران الأمر بین الأقل و الأكثر، فإنّ التكلیف بالنسبة إلى الأقل منجّز للعلم بوجوبه على كلّ تقدیر و بالنسبة إلى الأكثر غیر منجّز للشك فیه فیكون مجری البراءة.

فصحّ أن نقول: إنّ للتكلیف على تقدیر تعلّقه بالأكثر توسّطاً في التنجّز، بمعنی أنّه لو أتی بالأقل فهو غیر منجّز، أي لیس على ترك الأكثر حینئذٍ عقاب، لعدم العلم بوجوبه، و على تقدیر ترك الأقل أیضاً فهو (أي التكلیف المتعلّق بالأكثر) منجّز و یعاقب على تركه، حیث لاینفك عن ترك الأقلّ.

المورد الثاني: هو دوران الأمر بین الوجوب النفسي و الغیري بعد العلم بأصل الوجوب، كما إذا علمنا بوجوب غسل الجنابة مثلاً و شككنا في أنّه واجب نفسي أو واجب غیري و مقدّمة لواجب آخر كالصلاة مثلاً فالتكلیف بالصلاة على تقدیر ثبوته واقعاً منجّز على تقدیر ترك الوضوء، فإنّ تركها لاینفك عن تركه فیعاقب على ترك الصلاة لا على ترك الوضوء، لكونه غیریاً في الواقع على الفرض و غیر منجّز على تقدیر الإتیان بالوضوء للشك في وجوبها، فیكون مجری للبراءة فالتكلیف المتعلّق بالصلاة واقعاً منجّز على تقدیر ترك الوضوء و غیر منجّز على تقدیر الإتیان به و هذا هو التوسّط في التنجّز.

بحث استطرادي: المراد من التوسّط في التكلیف

إنّ التوسّط في التكلیف في هذا البحث هل یكون بمعنی التوسّط في نفس التكلیف أو في تنجّزه؟

إنّ الشیخ الأنصاري ذهب إلى التوسّط في نفس التكلیف و المحقّق النائیني([3] ) ناقش فیه و اختار القول بالتوسّط في التنجیز و لكن عدل([4] ) عن ذلك فقال بأنّ التوسّط في نفس التكلیف، و المحقّق الخوئي قد ذهب إلى أنّ التوسّط في التنجیز.

قال المحقّق النائیني:([5] ) إنّ معنی التوسّط في نفس التكلیف هو كون نفس التكلیف الواقعي بحیث یكون باقیاً على تقدیر و ساقطاً على تقدیر آخر، كما في موارد الاضطرار إلى المعیّن بعد العلم الإجمالي، فإنّ موضوع التكلیف على تقدیر انطباقه على المضطرّ إلیه یكون ساقطاً لا‌ محالة و على تقدیر انطباقه على غیره یكون باقیاً كذلك.

و معنی التوسط في التنجیز هو كون الحكم الواقعي باقیاً على حاله مطلقاً إلّا أنّه كان بحیث یصحّ العقاب على مخالفته على تقدیر دون تقدیر.

هذا ما أفاده في مقام بیان معنی التوسّط في نفس التكلیف و التوسّط في التنجیز.

الدليل على أن المراد من التوسط هو التوسط في التنجيز

بیان المحقق النائیني في فوائد الأصول ([6] )

إنّ الترخیص في موارد الاضطرار إلى غیر المعیّن إذا كان مستنداً إلى نفس الاضطرار (كما في الاضطرار إلى المعیّن) فلا ‌محالة یكون التكلیف ساقطاً في مورده من أصله، لما عرفت من أنّ الاضطرار من حدود التكلیف و قیوده و أمّا إذا لم‌یكن مستنداً إلیه فقط، بل كان هو المقتضي للترخیص و الجزء الأخیر للعلّة التامّة له هو الجهل بوجود الحرام، ضرورة أنّه لو كان معلوماً للزم دفع الاضطرار بغیره فالترخیص في ارتكاب أيّ من الأطراف اختاره المكلّف مستند إلى الجهل في مورد الاضطرار لا‌محالة، و علیه فلا‌یصادم الترخیص بقاء الحكم الواقعي على فعلیته على كل تقدیر. غایة الأمر أنّه یكون معذوراً في مخالفته على تقدیر انطباقه على ما اختاره فیكون التوسّط في التنجیز لا في التكلیف نفسه.([7] )

الدليل على أن المراد من التوسط هو التوسط في نفس التكلیف

بیان المحقق النائیني في أجود التقریرات: ([8] )

إنّ المحقّق النائیني في ابتداء الأمر كان موافقاً للشیخ الأنصاري في هذا القول و لكن في فذلكة البحث خالفه و قال بالتوسّط في التنجیز ثم عدل عن ذلك و رجع إلى مبنی الشیخ الأنصاري و بیانه في إثبات التوسّط في نفس التكلیف هو أنّ الحكم الثابت حال الجهل تارةً یكون حكماً ظاهریاً مترتّباً على ثبوت الحكم الواقعي و في طوله كما في موارد الأصول و الأمارات و أخری حكماً واقعیاً في عرض الحكم الواقعي الأولي و مقیّداً له في مرتبته، فإنّا قد ذكرنا غیر مرّة أنّ الأحكام الواقعیة بالقیاس إلى حالتي العلم و الجهل بموضوعاتها و إن كانت قابلةً للإطلاق و التقیید اللحاظیین إلّا أنّها غیر قابلة لهما بالقیاس إلى حالتي العلم و الجهل بأنفسها، فإنّ تقسیم المكلّف إلى العالم و الجاهل بالحكم من التقسیمات الثانویة المترتّبة على الجعل و قبل جعل الحكم على موضوعه لا معنی للعلم و الجهل به و لكنّه مع ذلك لا مناص من الإطلاق أو التقیید بحسب النتیجة بلحاظ الدلیل الآخر، فإن كان هناك دلیل على عدم اختصاص الأحكام بخصوص العالمین، فلا‌ محالة تثبت نتیجة الإطلاق و إذا فرض وجود الدلیل على الاختصاص في موردٍ، فلا مناص من ثبوت نتیجة التقیید.

و لما كان المفروض في المقام ثبوت الترخیص الواقعي في ما یختاره المكلّف خارجاً، لأنّه مصداق المضطرّ إلیه و یحمل علیه هذا العنوان بالحمل الشائع فإذا كان موضوع الحرمة الواقعیة منطبقاً علیه، فلا‌بدّ من سقوط حرمته في الواقع و نتیجة ذلك تقیید الحكم الواقعي بما إذا لم‌یكن مصادفاً لمورد الاضطرار، فیكون التوسّط في نفس التكلیف دون تنجّزه.


[1] هنا بیان رابع ذكره المحقق الإصفهاني:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص255..: «إنّ الاضطرار إذا كان إلى أحد الأمرين بلا تعيين، فالوجه في عدم منعه عن تنجيز العلم الاجمالي أنّ الاضطرار ليس إلى شرب النجس و لو على سبيل الاحتمال، إذ احتمال الانطباق عند فعلية الارتكاب لا عند فعلية الاضطرار، فهو غير مضطر إلى الحرام قطعاً و متعلق التكليف بما هو مقدور فعلاً و تركاً، لا أنّ أحدهما المردد حرام و أحدهما المردد مضطر إليه، ليقال: بأنّ نسبة الاضطرار إلى الحرام و غيره على حدّ سواء، بل معنى الاضطرار إلى أحدهما أنّه لايقدر على تركهما معاً، مع القدرة على فعل كل منهما و تركه في نفسه و عليه فشرائط تنجّز الخطاب الواقعي من العلم به و القدرة على متعلقه موجودة، فيؤثر العلم أثره، و إنّما المكلف يعجز عن الموافقة القطعية دون الامتثال بالكلية، فيكون معذوراً عقلاً فيما هو عاجز عنه، لا في غيره مع ثبوت مقتضيه»
[7] . إیراد المحقق الإصفهاني على هذا القول:في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص257..: «لا وجه للالتزام بالتوسط في التكليف، بحيث يكون باقياً على تقدير ارتكاب غير الحرام و ساقطاً على تقدير ارتكاب الحرام، فإنّ لزوم الالتزام به فيما إذا قام الدليل على ارتفاع الحرمة بارتكاب متعلقها، فحينئذٍ يعلم منه بانضمامه إلى دليل الحرمة اختصاصها بمن لم‌يرتكب متعلقها مع أنّه ليس كذلك، بل الترخيص شرعاً أو عقلاً يدور مدار الاضطرار المشفوع بالجهل بالحرام تطبيقاً، فمن أول الأمر يجوز له ارتكاب أي واحد كان، سواء ارتكب أم لم‌يرتكب، و نفس جواز الارتكاب و إن صادف الواقع مناف عقلاً لفعلية الحرمة و استحقاق العقاب على المخالفة عند المصادفة، فتدبر جيداً»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo