< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /التنبیه السادس؛ المطلب الثاني؛ القسم الثاني؛ النظریة الأولی: عدم التنجیز

 

هنا نظریتان:

النظریة الأولی: عدم التنجیز

إنّ العلّامة الأنصاري و المحقّق الخراساني قالا بعدم تنجیز العلم الإجمالي في القسم الثاني.

استدلال الشیخ الأنصاري لهذه النظرية

استدل بعدم العلم بالتكلیف الفعلي و لا بملاكه التامّ الفعلي لأنّ العلم بالتكلیف الفعلي و ملاكه دائر مدار العلم بالحیض فعلاً و حیث أنّ الحیض مردّد زماناً بین جمیع الشهر لایحصل العلم في كلّ آنٍ من آنات الشهر بالتكلیف الفعلي و بوجود ملاكه التامّ، فلا‌یتنجّز العلم الإجمالي في المثال الأوّل الذي أفاده الشیخ الأنصاريو لذا قال في الرسائل: «و حیث قلنا بعدم وجوب الاحتیاط في الشبهة التدریجیة، فالظاهر جواز المخالفة القطعیة لأنّ المفروض عدم تنجّز التكلیف الواقعي بالنسبة إلیه، فالواجب الرجوع في كلّ مشتبه إلى الأصل الجاري في خصوص ذلك المشتبه إباحةً و تحریماً فیرجع في المثال الأوّل إلى استصحاب الطهر إلى أن یبقی مقدار الحیض، فیرجع فیه إلى أصالة الإباحة، لعدم جریان الاستصحاب».[1]

توضیح ذلك: إنّ تحقّق الطهر في أیام الشهر متیقّن و إنّما المشكوك هو حدوث الحیض و هذا الشك یستمرّ إلى ثلاثة أیام في آخر الشهر، فإنّه بعد تحقّق الآن الأوّل من ثلاثة أیام في آخر الشهر یحصل الیقین بحدوث الحیض في هذا الشهر و لو آناً ما، و حینئذٍ یقع التعارض بین استصحاب الطهر و استصحاب الحیض فیتساقطان فالمرجع أصالة الإباحة بالنسبة إلى التكالیف المشكوكة من حرمة الوطي و حرمة قراءة العزیمة و الدخول في المساجد بالمكث فیها.

و قد قرّروا بدل استصحاب الطهر، استصحاب عدم تحقّق الحیض إلى ثلاثة أیّام بقيت من الشهر و بعد الآن الأوّل منها تجري أصالة البراءة.

و الوجه في عدم جریان استصحاب الطهر في ثلاثة أیّام في آخر الشهر عند العلّامة الأنصاري هو المعارضة لاستصحاب الحیض و تساقطهما[2] [3] و الوجه في ذلك عند صاحب الكفایة هو عدم تمامیة أركان الاستصحاب لا تمامیّته و تعارضه[4] ، و ذلك لأنّ صاحب الكفایة یقول بأنّه لابدّ في جریان الاستصحاب من إحراز اتصال زمان الشك بزمان الیقین و هنا لایمكن إحراز اتصال زمان الشك بالیقین للعلم بتحقّق الطهر و الحیض و عدم العلم بالمتقدّم منهما و المتأخر.[5]

و الحقّ مع صاحب الكفایة حیث أنّه مع عدم إحراز اتصال زمان الشك بالیقین لا‌تتمّ أركان الاستصحاب فلا‌تصل النوبة إلى التعارض و التساقط. و بعبارة أخری: إنّ المقتضي لجریان الاستصحاب مفقود، و الوجه لعدم جریانه عدم وجود المقتضي لا وجود المانع.

استدلال صاحب الكفایة لهذه النظرية

استدل بعدم العلم بالتكلیف الفعلي فحیث لایحصل العلم في المثال الأوّل([6] ) بالتكلیف الفعلي لایتنجّز العلم الإجمالي و لذا قال صاحب الكفایة: «و منه ظهر أنّه لو لم‌یعلم فعلیة التكلیف مع العلم به إجمالاً إمّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معیناً أو مردّداً، أو من جهة تعلّقه بموضوع یقطع بتحقّقه إجمالاً في هذا الشهر «كأیّام حیض المستحاضة» لما وجب موافقته (أي موافقة العلم الإجمالي) بل جاز مخالفته».[7]

 


[1] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص249.بیان المحقق الإصفهاني لجریان البراءة في هذا المثال و جریان الاحتیاط في مثال الحلف و المعاملة الربویة عند الشیخ الأنصاري:في نهاية الدراية، ج‌4، ص251: «من ينكر الواجب المعلّق كشيخنا العلامة الأنصاري بملاحظة أن المصلحة الباعثة على إرادة الفعل إما قائمة به لا على تقدير، فالإرادة فعلية متعلقة بأمر لا على تقدير، فلها الباعثية على إيجاد الفعل فعلاً و إما قائمة به على تقدير، فالإرادة المنبعثة عنها إرادة فعلية متعلقة بأمر على تقدير، فلا باعثية لها إلّا مع فرض حصول ذلك التقدير، و لا ثالث للإرادتين حتى يسمى وجوباً معلّقاً، فعليه يكون مثال الحيض عنده من التكليف المشروط، بخلاف مثالي الحلف و المعاملة الربويّة، فإنّه ليس الزمان شرطاً لا للتكليف و لا للمكلف به، فالإرادة فيهما فعلية لا على تقدير فيصح على هذا المبنى دعوى الشيخ الأجل جريان البراءة في مثال الحيض، لدوران الأمر بين المطلق و المشروط الذي لا باعثية له بالفعل و جريان الاحتياط في مثالي الحلف و المعاملة الربويّة؛ لأنّ التكليف في كلّ من الطرفين لا قيد له وجوباً و واجباً، فالحكم فعلي لا على تقدير، و له الباعثية بالفعل».و أما نظریة المحقق الإصفهاني.:فإنّه قال بعد الكلام السابق: «بناء على ما ذكرناه في مبحث الواجب المعلق من أنّ البعث و الانبعاث متلازمان متضايفان، و هما متكافئان في الضرورة و الامتناع و الإمكان و في القوة و الفعلية، و من الواضح أنّ البعث الفعلي فعليّته بمعنى أنّه يمكن أنّه يكون داعياً بالفعل، و لا‌يعقل ذلك إلا مع إمكان الانبعاث بالفعل، و يستحيل الانبعاث نحو الفعل المتأخر، فعليه لا فرق بين الأمثلة في عدم فعلية التكليف. غاية الأمر أنّ عدم الفعلية تارة- بعدم فعلية الشرط الشرعي، سواء كان زماناً أو غيره، و أخرى: بعدم إمكان الانبعاث، لتقيّده بالزمان المتأخر من باب الاتفاق، فلا‌يمكن البعث بالفعل عقلاً، لتضايفه، مع إمكان الانبعاث»
[3] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص254.. و قال في ص429: «أنّ ظاهر كلام الأصحاب التسوية بين كون الأصل في كلّ واحد من المشتبهين في نفسه هو الحلّ أو الحرمة؛ لأنّ المفروض عدم جريان الأصل فيهما- لأجل معارضته بالمثل-، فوجوده كعدمه»‌
[4] درر الفوائد في الحاشية على الفرائد، الآخوند الخراساني، ج1، ص246. «قوله.: (لعدم جريان الاستصحاب ...): للعلم بارتفاع الحالة السّابقة في الحال و في السّابق، و الشّكّ في ارتفاعها مأخوذ في قوام الاستصحاب‌»
[6] و هو تحقّق الحیض في جمیع الشهر للمضطربة.
[7] كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص359.بیان المحقق الإصفهاني. لأقسام عدم فعلیة التكلیف: في نهایة الدرایة، ج4، ص250: «إنّ عدم فعلية التكليف تارة- لعدم فعلية موضوعه، كعدم فعلية حرمة الواطئ بعدم فعليّة كون المرأة حائضاً.و أخرى- لعدم حصول قيد الواجب أو الوجوب مثلاً، كالأوقات الخاصة في الصلوات اليومية، و كالأيام المخصوصة لمناسك الحج، و كشهر رمضان للصيام.و ثالثة- لعدم حصول ظرف الواجب، كعدم الليلة المستقبلة في الوطء المحلوف على تركه في الليلة المستقبلة، فإنّ الليلة المستقبلة ليست دخيلة في مصلحة وجوب الوفاء بالحلف و لا دخيلة في مصلحة الوفاء، بل حيث أنّ الحلف تعلّق بتركه في الليلة المستقبلة، فلذا لاينطبق الوفاء الواجب إلا على ترك الوطء في الليلة المستقبلة و كذا في المعاملة الربويّة الواقعة غداً، فإنّ وقوعها غداً ليس دخيلاً في مصلحة تحريمها و لا في مفسدة فعلها، بل ظرف محض للمعاملة الربويّة.فنقول: أما وطء الحائض، فعدم فعلية حرمته ليس من ناحية تأخر زمان الحيض، بل من ناحية عدم فعلية الموضوع، فهو حرام مشروط بتحقق موضوعه.و أما عدم فعلية وجوب الصلاة مع عدم دخول الوقت، فبملاحظة عدم تحقق شرط الوجوب أو الواجب.و أما عدم فعلية حرمة وطء المرأة المحلوفة مع تحقق الحلف الذي هو موضوع لوجوب الوفاء، فبملاحظة أنّ التكليف متعلق بأمر استقبالي من باب الاتفاق، و كذا الأمر في المعاملة الربويّة في المستقبل»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo