< قائمة الدروس

درس خارج اصول استاد محمدعلی ‌بهبهانی

44/10/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /بیان المحقق النائیني في أجود التقریرات

بیان المحقق النائیني في أجود التقریرات

إنّا نمنع بقاء مرتبة الحكم الظاهري في كلّ واحد من الأطراف.

أمّا بالنسبة إلى الأمارات: فإنّ الأمارات حیث أنّها حجّة في مدالیلها الالتزامیة أیضاً فكلّ من الأمارتین القائمتین على خلاف المعلوم بالإجمال كما أنّه ینفي المعلوم بالإجمال عن موردها یثبته في الطرف الآخر، فتكون معارضةً للأمارة الأخری النافیة للمعلوم بالإجمال بمدلولها المطابقي عن موردها، فتتساقطان بالمعارضة.

و أمّا بالنسبة إلى الأصول التنزیلیة:[1] فالحكم الظاهري في كل واحد من الأطراف مع قطع النظر عن الباقي و إن كان لا مانع عنه و مرتبة الحكم الظاهري بالقیاس إلیه محفوظة إلّا أنّه لایمكن إجراء الأصل في تمام الأطراف،‌ ضرورة أنّ الأصل التنزیلي مرجعه إلى إلغاء الشارع للشك و تعبّده بالبناء العملي على إحراز الواقع فمع العلم الإجمالي بالخلاف كیف یمكن إلغاء الشكّ و الجمع في التعبد بین تمام أطرافه مع مناقضته له كما هو ظاهر.

و أمّا بالنسبة إلى الأصول غیر التنزیلیة:[2] فیظهر الوجه في عدم جریانها في أطراف العلم الإجمالي ممّا تقدّم، فإنّك قد عرفت أنّ الضابط في سقوطها هو استلزام جریانها للترخیص في معصیة الخطاب الشرعي.

و من الضروري أنّ الترخیص في كلّ واحد من الأطراف في عرض الترخیص في بقیة الأطراف یستلزم الترخیص في المعصیة للخطاب المعلوم بالإجمال[3] ، فلا‌تكون مرتبة الحكم الظاهري بالإضافة إلى جمیع الأطراف محفوظة.

فتحصّل أنّ المحذور في جریان الأصول في تمام أطراف العلم أحد أمرین على سبیل منع الخلوّ: الأوّل: لزوم التناقض من جریانها، كما في موارد الأُصول التنزیلیة مطلقاً و الثاني: لزوم الترخیص في المعصیة، كما في موارد الأُصول النافیة للتكلیف مطلقاً.

و حیث أنّ هذین المحذورین عقلیّان فعدم جریان الأصول في أطراف العلم الإجمالي یكون مستنداً إلى مانع ثبوتي مع قطع النظر عن مقام الإثبات.[4] [5] [6]

ملاحظات أربع علی بیان المحقق النائیني

الملاحظة الأولی

إنّ ما أفاده في كلّ من الأمارات و الأصول و إن كان متیناً في الجملة، إلّا أنّ الوجه الأساسي لعدم بقاء مرتبة الحكم الظاهري في ما إذا قلنا بجعله بالنسبة إلى جمیع الأطراف هو وجود العلم التفصیلي بالحكم المجعول لعنوان ما لایخرج عن الطرفین فلا‌یبقی مع هذا العلم التفصیلي شك حتّی تبقی مرتبة الحكم الظاهري.

نعم مرتبة الحكم الظاهري بالنسبة إلى كلّ واحد من الطرفین مع قطع النظر عن الطرف الآخر محفوظة، لأنّ الحكم الظاهري حینئذ لیس مجعولاً لعنوان ما لایخرج عن الطرفین بل هو مجعول لطرف العلم فقط.

الملاحظة الثانیة

إنّ محذور لزوم الترخیص في المعصیة لایختصّ بموارد الأصول النافیة للتكلیف بل جعل الحكم الظاهري في جمیع أطراف العلم في ما إذا كان نافیاً للتكلیف المعلوم بالإجمال مستلزم لهذا المحذور سواء كان جعل الحكم الظاهري بالأمارة أم بالأصل التنزیلي أم بالأصل غیر التنزیلي.

نعم إنّ هذا المحذور مختصّ بما إذا كان العلم الإجمالي متعلّقاً بالتكلیف مع كون الحكم الظاهري المجعول نافیاً له.

الملاحظة الثالثة

إنّ ما أفاده في الأمارات -من أنّ المحذور هو سقوط الأمارات بتعارض بعضها مع بعض، فالأمارتان في طرفي العلم الإجمالي تتساقطان بالمعارضة- لایمكن المساعدة علیه، لأنّ مقتضى التحقیق هو أنّ الأمارتین إذا تعارضت الدلالة الالتزامیة في أحدهما مع الدلالة المطابقیة في الآخر لاتتساقطان إلّا في الدلالة الالتزامیة، و أمّا من حیث دلالتهما المطابقیة فلا تعارض بینهما فلا وجه لسقوط الأمارتین بدلالتهما المطابقیة.

الملاحظة الرابعة

إنّ ما أفاده من أنّ المعلوم تفصیلاً هو وجوب أحدهما على سبیل منع الخلوّ مردود بما أفاده المحقّق الإصفهاني من أنّ المردّد لا وجود له و لا ماهیة.([7] )

مناقشة المحقّق الخوئي في نظریة المحقّق النائیني

قال: إنّه لا مانع من جریان الأصول في الأطراف إذا لم‌یستلزم المخالفة العملیة، بلا فرق بین التنزیلیة و غیرها، إذ الأصل مطلقاً لایترتّب علیه إلّا ثبوت مؤدّاه و لایؤخذ بلوازمه فكلّ من الأصول الجاریة في الأطراف إنّما یثبت مؤدّاه بلا نظر إلى نفي غیره، و غایة ما یترتّب على ضمّ بعض الأصول إلى البعض هو العلم بمخالفة بعضها للواقع، و لا ضیر فیه بناء على ما هو التحقیق من عدم وجوب الموافقة الالتزامیة.

و نظیر ذلك ما التزم به المحقّق النائیني من أنّه إذا شك المصلّي المسبوق بالحدث في الطهارة بعد الفراغ من الصلاة، فتجري قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الصلاة الماضیة و یجري استصحاب الحدث بالنسبة إلى الصلاة الآتیة، مع أنّه یعلم إجمالاً بعدم مطابقة أحد الأصلین التنزیلیین للواقع.

و لیس ذلك إلّا من جهة أنّه لایترتّب على جریان الأصلین إلّا المخالفة الالتزامیة و هي غیر مانعة عن جریانهما. [8]

یلاحظ علیها

أوّلاً: أنّه قد مضی في مباحث القطع أنّ مقتضى التحقیق وجوب الموافقة الالتزامیة.

ثانیاً: أنّ موضوع البحث في وجوب الموافقة الالتزامیة هو الحكم الشرعي لا الأصل العملي فإنّ الأعلام اختلفوا في وجوب موافقة الحكم التزاماً، أمّا العلم الإجمالي بمخالفة أحد الأصلین العملیین للواقع فهو خارج عن موضوع بحث وجوب الموافقة الالتزامیة.

نتیجة البحث إلى هنا أنّه لایمكن ثبوتاً جریان الأصل العملي في جمیع الأطراف بحیث یؤدّي إلى مخالفة الحكم الواقعي.


[5] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج3، ص76. و قريب منه ما في فوائد الأصول: «ذهب بعض الأعاظم إلى انحفاظ رتبة الحكم الظاهري في أطراف العلم الإجمالي ... ».
[6] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص18. و قال بعد ذلك في فوائد الأصول: «أمّا بحسب مقام الإثبات فأدلّة الأصول العمليّة بقسميها من التنزيليّة و غيرها تشمل أطراف العلم الإجمالي، لما عرفت من أنّ الأصول إنّما تجري في الأطراف، و كلّ واحد من الأطراف مجهول الحكم، فيشمله قوله: «لا‌تنقض اليقين بالشكّ»، و قوله: «رفع‌ ما لا‌يعلمون»، و قوله: «كلّ شي‌ء لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه»، و قوله: «كلّ شي‌ء لك طاهر حتى تعلم أنّه قذر» و غير ذلك من أدلّة الأصول، فإنّ كلّ واحد من الأطراف ممّا يشك في بقاء الحالة السابقة فيه أو ممّا لا‌يعلم أو لا‌يعرف أنّه حرام أو طاهر فتشملها أدلّتها، فإذا لم‌يكن في مقام الثبوت مانع عن الجعل بأن كانت رتبتها محفوظة- بالتفصيل المتقدّم- لم‌يكن في مقام الإثبات مانع عن شمول الأدلّة لجميع الأطراف، لعموم أدلّة الأصول للشبهات البدويّة و المقرونة بالعلم الإجمالي».
[7] تقدم في ص40.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo