< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /خاتمة في شرائط جریان أصالة البرائة

 

خاتمة في شرائط جریان أصالة البراءة

و هي شروط ثلاثة

الشرط الأول: الفحص و الیأس عن الظفر بالدلیل

الشرط الثاني: أن لا يثبت بجريان الأصل حكم شرعي من جهة أخرى

الشرط الثالث: أن لا يوجب جريان الأصل ضررا على مسلم

 

الشرط الأول: الفحص و الیأس عن الظفر بالدلیل

یقع البحث فیه تارة عن البراءة العقلیة و أُخری عن البراءة الشرعیة:

البراءة العقلیة

قال الأعلام من الأُصولیین بأنّه لایجوز إجراء البراءة العقلیة إلا بعد الفحص و الیأس عن الظفر بالدلیل، و الدلیل علیه هو أنّ موضوع حكم العقل بـ «قبح العقاب بلا بیان» هو عدم البیان من الشارع، فلابدّ من الفحص حتّی یحرز موضوع حكم العقل و إلّا لایستقلّ العقل بقبح العقاب بل العقل یستقل بحسن العقاب في ما إذا كان المكلّف تاركاً للفحص و ذلك یستفاد من خلال كلمات المحقّق النائیني في البحث عن البراءة الشرعیة في الشبهات الحكمیة[1] حیث إنّ العقاب كما أنّه قبیح و ظلم على العبد بعد الفحص و عدم الظفر بالدلیل كذلك یكون عدمُ فحص العبد عن الأحكام الشرعیة بعد التفاته إلى العبودیة و المولویة ظلماً منه على مولاه.


البراءة الشرعیة

البحث فيها یقع تارة في الشبهات الموضوعیة و أُخری في الشبهات الحكمیة:

أمّا الشبهات الموضوعیة

ففیها قولان:

القول الأوّل

إنّ المشهور بین الأعلام هو عدم اعتبار الفحص في جریان البراءة في الشبهات الموضوعیة و قد استدلّ علیه بوجهین:

الأوّل: إطلاق أدلّة البراءة الشرعیة، مثل قوله: «كلّ شيء فیه حلال و حرام فهو لك حلال حتی تعرف الحرام منه بعینه».[2]

الثاني: الإجماع فهو قائم على عدم اعتبار الفحص في الشبهات الموضوعیة.

القول الثاني: تفصیل المحقّق النائیني

إنّ هنا ثلاث صور:

الأُولى: أن یكون العلم بموضوع التكلیف و انكشافه للمكلّف في العادة غیر متوقّف على النظر، كما في غالب الموضوعات و لا ریب حینئذٍ في جواز الرجوع إلى البراءة من دون اعتبار شيء آخر.

الثانیة: أن یكون العلم بموضوع التكلیف و انكشافه للمكلّف بحسب العادة بمجرد النظر و عدم إیجاد المانع عن فعلیة الانكشاف مع حصول بقیّة مقدماته، كما في موارد احتمال طلوع الفجر لمن كان على السطح بحیث لاتكون هناك مؤونة أُخری في فعلیة حصول الانكشاف إلّا مجرد النظر إلى الأُفق.

الثالثة: أن یكون العلم بموضوع التكلیف و انكشافه للمكلّف بحسب العادة بإعمال النظر و مراجعة الدفتر و الحساب و هذا كما في موارد الشكّ في حصول الاستطاعة أو البلوغ إلى النصاب، فإنّ العلم بهما غالباً لایكون إلّا بالمراجعة و حساب ما عنده.

ففي مثل هذه الموارد (الصورة الثانیة و الثالثة) لایمكن الرجوع إلى البراءة إلّا بعد النظر، لقصور الأدلّة عن الشمول لها، إذ نفس أدلّة التكلیف في تلك الموارد بعد الفراغ عن توقّف فعلیة انكشاف موضوعاتها على النظر في العادة تدلّ بالدلالة الالتزامیة على وجوب النظر و تنجّز التكلیف على تقدیر وجوده مع المسامحة بعدم النظر.

نعم الفحص عن تلك الموضوعات بأزید من ذلك ممّا لایكون توقّف فعلیة الانكشاف علیه عادیاً، لایكون بواجب، و یجوز الرجوع مع تركه إلى البراءة. [3]

یلاحظ علیه

إنّ ما أفاده المحقّق النائیني لم‌یصحّ بإطلاقه بل في موارد الطهارة لایجب الفحص عن موضوع التكلیف و إن كان العلم حاصلاً بمجرد النظر.

أمّا الشبهات الحكمیة

فقد اعتبر في جریان البراءة فیها الفحص و الیأس عن الظفر بالدلیل، و استدلّ على ذلك بخمسة أوجه:

الوجه الأوّل: الإجماع

المناقشة فیه

إنّه لایكون إجماعاً تعبّدیاً كاشفاً عن رأي المعصوم، لأنّه معلوم المدرك.[4]

الوجه الثاني: حكم العقل

قال المحقّق النائیني:

إنّ العقل یستقلّ بأنّ وظیفة الربوبیة إنّما تقتضي تشریع الأحكام و بیانها بحیث لو تفحّص العبد عنها لوصل إلیها و لایجوز له المطالبة بأزید من ذلك، كما أنّ وظیفة العبودیة تقتضي الفحص عن أحكام مولاه، التي یمكن الوصول إلیها، فكما أنّ عقاب المولى بعد فحص العبد و عدم الظفر بحكم المولى على مخالفة تكالیفه الواقعیة ظلم منه على عبده یكون عدم فحص العبد عن أحكام مولاه بعد التفاته إلى العبودیة و المولویة ظلم منه على مولاه.[5]

و هذا الوجه ممّا ارتضاه المحقّق الخوئي أیضاً[6] و الظاهر تمامیته.

الوجه الثالث: حكم العقل من باب العلم الإجمالي

قال المحقّق النائیني في تقریب هذا الوجه:[7] [8] إنّا نعلم إجمالاً بوجود واجبات و محرّمات كثیرة بحیث لو تفحّص عنها لظفر بها و لازم ذلك وجوب الاحتیاط أو الفحص عن تلك الأحكام حتی یظفر بها.

مناقشتان في الوجه الثالث

المناقشة الأُولی: إنّ هذا التقریب أعمّ من المدّعی من وجه [9] [10]

بیان ذلك: «إنّ المدّعی إنّما هو وجوب الفحص عمّا في أیدینا من الكتب المعتبرة المعتمد علیها في مقام الفتوی، و من الواضح أنّ العلم الإجمالي إنّما تعلّق بوجود أحكام إلزامیة في الشریعة لا بخصوص ما في هذه الكتب، فأثر العلم الإجمالي لایرتفع بالفحص [في ما بأیدینا من الكتب] كما هو المدّعی [بل العلم الإجمالي باقٍ على حاله و لو بعد الفحص التامّ في ما بأیدینا]»

جواب المحقّق النائیني عن المناقشة الأُولى

«إنّ توهّم بقاء أثر العلم الإجمالي بعد الفحص عمّا في الكتب المعتبرة إنّما یصحّ إذا لم‌ینحلّ المعلوم بالإجمال بالعلم بوجود أحكام كثیرة في هذه الكتب بمقدار المعلوم بالإجمال أو أزید و أمّا مع انحلاله بذلك فلامحالة یرتفع أثر العلم الإجمالي بعد الفحص عمّا في الكتب و یرجع إلى البراءة مع عدم وجدان الدلیل فیها».[11]

«إنّه یعلم إجمالاً أیضاً بأنّ في ما بأیدینا من الكتب أدلّة مثبتة للأحكام مصادفة للواقع بمقدار یحتمل انطباق ما في الشریعة علیها فینحلّ العلم الإجمالي العامّ بالعلم الإجمالي الخاص و یرتفع الإشكال».[12]

المناقشة الثانیة: إنّ هذا التقریب أخصّ من المدّعی من وجه

بیان ذلك: «أنّ لازم هذا التقریب أنّه متی تفحّص المكلّف و ظفر بالأحكام بمقدار المعلوم بالإجمال أو أزید أن لایجب الفحص بعد ذلك و یرجع إلى البراءة من دون فحص مع أنّ المدّعی و المسلّم بین العلماء هو وجوب الفحص حتّی بعد الظفر بمقدار المعلوم بالإجمال».[13]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo