< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/05/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /التنبیهات البرائة؛ التنبیه الثالث: أخبار من بلغ

 

التنبیه الثالث: أخبار «من بلغ»

إنّه قد ورد في بعض الروایات أنّ من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل، فعمل ذلك العمل كان أجر ذلك له و إن كان النبي لم‌یقله.

و هذه الروایات مستفیضة([1] ) و بعضها صحیحة سنداً بلا إشكال، بل ادّعی المحقّق النائیني عدم الاستبعاد في تواترها معنی.([2] )

منها صحیحة هشام بن سالم:

أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ قَالَ: «مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ شَيْ‌ءٌ مِنَ‌ الثَّوَابِ‌ فَعَمِلَهُ‌ كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ، وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ الله لَمْ يَقُلْهُ».([3] [4] )

منها صحیحة هشام بن سالم أیضاً: ([5] )

محمّد بن یعقوب عَن عَلِيّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله قَالَ: «مَنْ سَمِعَ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْ‌ءٍ فَصَنَعَهُ كَانَ لَهُ وَ إِنْ‌ لَمْ‌ يَكُنْ‌ عَلَى‌ مَا بَلَغَهُ».([6] [7] [8] )

و الروایة صحیحة سنداً بلا إشكال. ([9] )

منها خبر محمّد بن مروان:

أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن عن أبیه (محمّد بن خالد البرقي) عن أحمد بن النَّضْر (الخزار) عن محمّد بن مروان عَنْ أَبِي عَبْدِ الله قَالَ: «مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ شَيْ‌ءٌ مِنَ‌ الثَّوَابِ فَفَعَلَ ذَلِكَ طَلَبَ قَوْلِ النَّبِيِّ كَانَ‌ لَهُ‌ ذَلِكَ‌ الثَّوَابُ‌ وَ إِنْ‌ كَانَ‌ النَّبِيُّ لَمْ‌يَقُلْهُ».([10] [11] )

محمّد بن خالد البرقي و هو ثقة جلیل و إن ضعّفه النجاشي عن أحمد بن النَّضْر الخزار ثقة و محمّد بن مروان لم‌یوثق صریحاً و لكنّه من رجال مشایخ الثقات و أیضاً من رجال تفسیر القمي إلّا أنّه من القسم الثاني المختلف فیه من هذا التفسیر، و على أي حال هو محكوم بالوثاقة.

و هنا روایات أخر لانطیل الكلام بذكرها. (2)

فلابدّ من البحث حول أخبار «من بلغ» من جهات[12] :


الكلام في مفاد هذه الأخبار

إنّ المحققین من الأُصولیین احتملوا فیها أوجهاً أربعة:

الوجه الأوّل: الجهة الأصولیة

و هو أن تكون هذه الروایات ناظرة إلى جهة أُصولیة.

بیانه: أنّ الشرائط المعتبرة في حجّیة الخبر إنّما يختصّ اعتبارها بما إذا كان مدلول الخبر حكماً إلزامیاً، و أمّا إذا كان حكماً غیر إلزامي فیكفي في ثبوته مجرّد مجيء الخبر به، و على ذلك یكون مطلق الخبر حجّةً لإثبات متعلّقه، فتكون هذه الأدلّة مخصّصة لأدلّة اعتبار الشروط في حجّیة الخبر مطلقاً.([13] )

الإیراد على الوجه الأوّل

هو بعید عن لسان الروایات المذكورة، لأنّ لسان الحجیة إمّا الطریقیة و تتمیم الكشف، و إمّا جعل المؤدّی منزلة الواقع، و إمّا جعل الحكم المماثل و إمّا جعل المنجزیة أو المعذّریة، و لسان أخبار من بلغ قاصر عن إفادة هذه الأمور، فإنّ مفاد أخبار من بلغ لایفید الطریقیة و لایدلّ على جعل المؤدّی منزلة الواقع بل لسانها عدم ثبوت المؤدّی في الواقع، كما أنّها لاتدلّ على جعل الحكم المماثل و لا على المنجّزیة و المعذّریة فالوجه الأوّل ساقط قطعاً.

الوجه الثاني: الجهة الفقهیة

و هو أن تكون هذه الروایات ناظرة إلى جهة فقهیة. ([14] [15] )

بیانه: إنّ فعل المكلّف بعد طروّ عنوان ثانوي علیه و هو الإخبار عن ترتّب الثواب علیه یكون ذا مصلحة غیر إلزامیة موجبة للحكم باستحبابه شرعاً و إن لم‌یكن مطابقاً للواقع.

الإیراد على الوجه الثاني

أوّلاً: إنّ أخبار من بلغ لاتدلّ على حدوث مصلحة غیر إلزامیة في العمل حتّی یكون العمل مستحبّاً بمناط المصلحة المذكورة، بل یمكن إعطاء الثواب بدون حدوث مصلحة في المتعلّق أو في شيء آخر (مثل التعبّد بالخبر).

ثانیاً: إن قلنا بحدوث المصلحة المذكورة فلا دلالة لهذه الأخبار على جعل الحكم بمناطها، كما أنّ وجود هذه المصلحة غیر مستلزم لجعل الحكم الشرعي على طبقها.

بیان آخر للوجه الثاني من جهة الدلالة السیاقیة

و هذا البیان من جهة الظهور الثانوي لهذه الأخبار في الأمر المولوي الاستحبابي.

نظریة المحقّق النائیني

لا ریب في أنّ ظاهر الروایات في حدّ ذاتها و بمدلولها المطابقي و إن كان ثبوت الثواب فقط من دون تعرّض فیها لإثبات الحجّیة أو الاستحباب، إلّا أنّها بمدلولها السیاقي بما أنّها بصدد بیان جعل الداعي إلى العمل -نظیر ما ورد من الثواب على أعمال أُخر مثل قولهم(: «مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ فَلَهُ كذا و كذا»- ینعقد لها ظهور ثانوي في إحدی الجهتین الأولیین و یتقدّم الظهور الثانوي على الظهور الأوّلي المطابقي و یكون صارفاً عنه ... .

إلّا أنّ التحقیق أنّ استفادة الجهة الأُصولیة منها [أي من أخبار من بلغ] في غایة الإشكال، بل لایمكن أصلاً، و ذلك فإنّ ظاهر الروایات هو ترتّب الثواب مع احتمال عدم المصادفة للواقع، كما هو صریح قوله: «وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ الله لَمْ يَقُلْهُ» مع أنّ الحجّیة -سواء كانت بمعنی جعل الوسطیة في مقام الإثبات كما هو المختار عندنا أو بمعنی جعل الهوهویة- لابدّ و أن تكون متكفلّة لإلغاء احتمال الخلاف و إثبات الواقع بعد قیام الحجّة علیه، فكیف یجتمع مع فرض بقاء احتمال عدم المصادفة على حاله ... .

و حینئذٍ فتكون الروایات أجنبیة عن المسألة الأُصولیة أیضاً و تكون متمحّضةً في الحكم بالاستحباب لأجل طروّ عنوان ثانوي.([16] )

نظرية المحقّق العراقي ([17] )

قال المحقّق العراقي في مقام تقریر دلالة هذه الأخبار على الاستحباب:

المستفاد من قوله "فعمله" أو "ففعله" هو الأمر بالفعل إمّا لكون الجملة الخبریة بمعنی الإنشاء و الطلب كما قیل أو لدلالتها علیه بالملازمة أو غیر ذلك من الوجوه المذكورة في وجه استفادة الطلب من أمثال هذه الجمل الواردة في مقام تشریع الأحكام كقوله: "مَنْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ فله كذا" و قوله: "تسجد سجدتي السهو و تعید الصلاة".

 


[1] . قد حكم كثیر من الأعلام باستفاضة هذه الأخبار:ففي مفتاح الأحكام، لملّا أحمد النراقي، ص53: «مضافاً إلى المستفيضة من الصحاح و غيرها».و في هداية المسترشدين (ط.ج): ج‌3، ص464: «أحدهما الأخبار المستفيضة الواردة في ذلك و هي مرويّة من طرق الخاصّة و العامّة» و في موضع آخر: «هي مع استفاضتها و اعتضاد بعضها بالبعض و ذكرها في الكتب المعتمدة لا مجال للتأمّل في أسنادها».و راجع معدن الفوائد و مخزن الفرائد، المقالات‌ اللطيفة لمیرزا محمد هاشم الخوانساري(1318)، ص276، و ص280، و تشريح الأصول للشیخ علي النهاوندي (1322)، ص278، و في تراث الشيعة الفقهي و الأصولي (المختص بأصول الفقه)، رسالة التسامح في أدلة السنن للشیخ محمد باقر البهاري (1333)، ص591، و في منتهى الأصول (ط.ج): ج‌2، ص286، و في منتهى الدراية في توضيح الكفاية، ج‌5، ص521.
[2] و في أجود التقريرات، ج‌2، ص207: «هذه الأخبار مستفيضة بل لايبعد دعوى تواترها معنى و إن كان بينها اختلاف في الجملة و كيف كان فلا إشكال في اعتبار الروايات من حيث السند مع أنّها متلقاة بالقبول عند الأصحاب».و كذا في هداية المسترشدين: «و نفى بعض المتأخّرين البعد عن عدّها من المتواترات».و في رسائل فقهية للشیخ الأنصاري، ص142: «الثالث: الأخبار المستفيضة الّتي لايبعد دعوى تواترها معنى... و هذه الأخبار مع صحّة بعضها غنيّة عن ملاحظة سندها، لتعاضدها و تلقّيها بالقبول بين الفحول»، و كفاية الأصول مع حواشي المشكيني (1358) ج‌4، ص124، و وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول، ج‌1، ص614، و نتائج الأفكار في الأصول، ج‌4، ص196، و القواعد الفقهية، ج‌3، ص330، و منتهى الدراية في توضيح الكفاية، ج‌5، ص508.و في نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‌4، ص172: «ربما يورد عليه بأنّها أخبار آحاد و لايجوز التمسك بها في المسائل الأصولية؛ و أجيب تارةً بأنّها إما متواترة معنى أو محفوفة بالقرينة».و في زبدة الأصول، ج‌4، ص443: «إنّ صاحب الحدائق) ادعى تواتر هذه النصوص».الإیراد على هذه الدعوی:و في منتهى الدراية في توضيح الكفاية، ج‌5، ص521: «في رسالة شيخنا الأعظم المشار إليها: لايبعد دعوى تواترها معنى و إن كان إثبات هذه الدعوى لايخلو من تكلف... و دعوى تواترها المعنوي كما ترى لو سلم أن الصادر منهم(. بالغ إلى هذا العدد و لكن دعوى اتحاد روايتي الإقبال و عدة الداعي مع ما رواه هشام قريبة جداً»
[5] دروس في مسائل علم الأصول، التبريزي، الميرزا جواد، ج4، ص334.. «صحيحة هشام بن سالم‌ المروية في الكافي فإنّها مع ما في المحاسن رواية واحدة قد وصلت بطريقين»
[9] حكم كثیر بصحة روایة الكافي و المحاسن عن هشام بن سالم:ففي رسائل فقهية للشیخ الأنصاري، ص142: «منها: مصحّحة هشام بن سالم... و منها: حسنة أخرى- كالصحيحة- له»و في دروس في مسائل علم الأصول، ج‌4، ص331: «قد جعل في الوسائل من مقدمات العبادات باباً و روى فيه تسع روايات على اختلاف مضامينها، و التام سنداً منها روايتان: إحداهما: ما عن المحاسن، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم... و الأخرى: ما عن الكليني... عن هشام بن سالم...». و راجع تحريرات في الأصول، ج‌7، ص232، و في منتهى الدراية في توضيح الكفاية، ج‌5، ص521.و في معدن الفوائد و مخزن الفرائد، ص276: «منها صحيحة هشام بن سالم المرويّ في الكافي عن أبي‌عبد الله. ... و ذاك الخبر الشريف من الأخبار المعتبرة و الآثار المعتمدة التي يصحّ الاعتماد عليها و ينبغى الركون إليها بل لو نظمناه في سلك الصحاح الاصطلاحية أيضاً لم‌يكن بعيداً عن سبيل الاستقامة بل الصواب أن الأمر كذلك و أن ما صدر عن بعضهم من عدّه من الحسان المطلقة و ما عن بعض آخر من أنّه حسن كالصحيح غفلة عن حقيقة حاله و تفريط في حقّه فإنّ غاية ما يوهم هذين اشتماله على إبراهيم بن هاشم و هشام بن سالم و التحقيق أنّهما من الثقات المعتمدين و المشايخ المعظمين»
[12] الأولى: في ثواب الأعمال، ص132: أبي) قال حدثني علي بن موسى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هاشم بن صفوان [كذا و الصواب: عن هشام عن صفوان كما في الوسائل] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْ‌ءٍ مِنْ خَيْرٍ فَعَمِلَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَقُلْهُ»..و في هداية المسترشدين (ط.ج): ج‌3، ص465: «و ليس في الإسناد من يتأمّل في شأنه سوى عليّ بن موسى، و الظاهر أنّه الكمنداني الّذي هو أحد رجال عدّة ابن عيسى المذكور في الكافي و لم‌يصرّحوا بتوثيقه، إلّا أنّ الظاهر أنّه من المشايخ المعروفين و في رواية الأجلّاء كالكليني و عليّ بن بابويه رحمهما الله عنه إشارة إلى جلالته فالظاهر عدّ خبره قويّاً، بل الظاهر أنّه لا مانع من قبول الرواية من جهته»‌و في معدن الفوائد و مخزن الفرائد، ص280: «الظاهر أنّ مراده بأحمد بن محمد هو البرقي بقرينة عليّ بن الحكم الذي قد روي عنه في المحاسن و أن توسّط هنا صفوان».الثانیة: في الكافي، ج2، ص87، باب من بلغه ثواب من الله على عمل، ح2: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان قال: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: «مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَمَلٍ فَعَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْتِمَاسَ ذَلِكَ الثَّوَابِ أُوتِيَهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ كَمَا بَلَغَهُ.»الثالثة: في عدة الداعي، ص9 – 10: رَوَى الصَّدُوقُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بِطُرُقِهِ إِلَى الْأَئِمَّةِ( أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا بَلَغَهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا نُقِلَ إِلَيْهِ.الرابعة: في إقبال الأعمال، ج3، ص47: ما رويناه عن الصادق. أنّه: «مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا بَلَغَهُ‌»و نقل في بحار الأنوار، ج2، ص256، باب من بلغه ثواب من الله على عمل فأتى به (الباب30) هذه الأحادیث إلا الأخیرین
[13] ادّعی الشهرة بل الإجماع على هذا الوجه جماعة:ففي مفتاح الأحكام، ص53: «و كذا يكون حجّة في ثبوت السنن و المكروهات، كما هو المعروف منهم من التسامح‌ في‌ أدلّة السنن، و ادّعى الشهرة عليه جماعة، منهم: الشهيد الثاني في الروضة و شرح الدراية و شيخنا البهائي في أربعينه‌ و صريح عدّة الداعي‌ كظاهر الذكرى‌ الإجماع عليه، فهو الحجّة فيه».و في هداية المسترشدين (ط.ج): ج‌3، ص464: «أصل: قد وقع الخلاف في جواز الاكتفاء بالخبر الضعيف مع عدم انجباره بالعمل و نحوه ممّا يفيد حجّيته في السنن و الآداب فالمعروف بين المتأخّرين التسامح في أدلّتها و الاكتفاء بثبوتها بما يدلّ عليها و لو من طريق ضعيف، و الظاهر أنّ ذلك هو الطريقة الجارية بين القدماء أيضاً حيث يكتفون في الدعوات الواردة و الزيارات و الصلوات المندوبات و غيرها من المستحبّات بما دلّ عليها من الروايات، و الغالب ضعف الأخبار الواردة في تلك المقامات، و يومئ إليه ما يظهر من جماعة من اتّفاق الأصحاب عليه كما سنشير إليه. و قد جرى عليه الطريقة بين المتأخّرين في العمل و خالف فيه جماعة منهم: السيّد في المدارك و الفاضل الجزائري و صاحب الحدائق فقالوا بعدم الفرق في ذلك بين الأحكام و أنّه لابدّ في جميعها من قيام الحجّة المعتبرة على ثبوتها حتّى يجوز الحكم بها».و في موضع آخر: «بل يظهر من جماعة اتّفاق الأصحاب على ذلك و انعقاد الإجماع عليه فقال الشهيد) في الذكرى: أنّ أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم، و في عدّة الداعي بعد ذكر عدّة من الأخبار المذكورة: فصار هذا المعنى مجمعاً عليه بين الفريقين.‌ و قال شيخنا البهائي) بعد الإشارة إلى بعض ما مرّ من الأخبار: و هذا هو سبب تساهل فقهائنا في البحث عن دلائل السنن. و قال أيضاً في موضع آخر: قد شاع العمل بالضعاف في أدلّة السنن و إن اشتدّ ضعفها و لم‌ينجبر... و قال الشيخ الحرّ بعد ذكر جملة من الأخبار: هذه الأحاديث سبب تسامح الأصحاب و غيرهم في الاستدلال على الاستحباب و الكراهة بعد ثبوت أصل المشروعيّة.و قد نصّ جماعة من المحقّقين إلى اشتهار ذلك بين الأصحاب قال الشهيد الثاني: جوّز الأكثر العمل بالخبر الضعيف في نحو القصص و المواعظ و فضائل الأعمال إلّا في صفات الله و أحكام الحلال و الحرام، و هو حسن حيث لايبلغ الضعيف حدّ الوضع و الاختلاق، لما اشتهر بين العلماء المحقّقين عن التساهل في أدلّة السنن، و ليس في المواعظ و القصص غير محض الخبر. و قال المحقّق الخوانساري: قد اشتهر بين العلماء أنّ الاستحباب إنّما يكتفى فيه بالأدلّة الضعيفة و... اشتهار العمل بهذه الطريقة بين الأصحاب من غير نكير ظاهر».و راجع ضوابط الأصول، ص317، و وسيلة الوسائل في شرح الرسائل، ص207، و في معدن الفوائد و مخزن الفرائد، ص276، و في مصادر الحكم الشرعى، ج‌1، ص63: «ظاهر أكثر الفقهاء إن لم‌يكن كلهم على اعتبار الأخبار الضعاف في إثبات المندوبات و المكروهات فقد حكى غير واحد بأنّها تثبت بالروايات الضعيفة الغير المنجبرة لا بالقرائن و لا بالشهرة بل حمل الأخبار الدالة على الوجوب و الحرمة على الاستحباب و الكراهة عند ضعف سندها و عدم الجابر لها و قد استظهر المنع من التمسك بأدلة التسامح من الصدوق). و شيخه في باب صلاة يوم غدير خم و الثواب المذكور لصومه و عن المنتهى المنع أيضاً في موضعين و عن المدارك في باب الوضوء إن ما يقال من أنّ أدلته يتسامح فيها منظور فيه لأنّ الاستحباب حكم شرعي يتوقف على دليل شرعي و إن حكي عن صاحب المدارك أنّه رجع عن ذلك في باب الصلاة بل عن ظاهر العلامة أيضاً الرجوع عن ذلك‌»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo