< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /مقتضی التحقیق عند بعض الأساطین

 

مقتضی التحقیق عند بعض الأساطين

فتحصّل أنّ مقتضى التحقيق في الجواب عن الاستدلال بالأخبار الدالة على الاحتياط:

عدم تماميّة دلالتها من حيث الاقتضاء، إمّا لورودها في الشبهة الحكمية قبل الفحص كما في الصحيحة، أو لإجمالها و ترددها بين الشبهة الحكمیة و الموضوعية كما في الموثقة، أو لكونها أجنبية عن مورد البحث كما في رواية الأمالي و مرسلة عنوان البصري، أو لعدم تمامية السند من جهة الإرسال، و مع غمض العين عن عدم تماميّة المقتضي فالجواب عنها من جهة وجود المانع لها تخصيصها بأدلّة البراءة لكون النسبة بينهما هو العموم و الخصوص المطلق. ([1] )


وجه عدم التعارض بین أخبار البراءة و أخبار التوقّف عند المحقّق الخوئي

المحقّق الخوئي مستغنٍ عن البحث حول التعارض بین نصوص أخبار البراءة و نصوص أخبار التوقّف، لقصور أخبار التوقّف عنده عن الدلالة على الحكم المولوي و لذا حملها على الأوامر الإرشادیة.[2]

یلاحظ علیه من جهتین

الجهة الأولى: إنّ ما أفاده من حملها على الإرشادیة ممنوع لما تقدّم في المباحث السابقة من أنّ استقلال العقل بحسن شيء أو قبحه و داعویته إلى فعل شيء أو تركه لاینافي داعویة الشارع أیضاً إلى فعله أو تركه، فإنّهما نوعان من الداعویة و الداعي في أحدهما هو العقل و في الآخر هو الشارع.

الجهة الثانیة: إنّ كون أخبار التوقّف نصّاً ممنوع، لأنّ العلة المذكورة فیها قاصرة عن إفادة الصراحة لما تقدّم عن المحقّق النائیني في الجواب الثاني عن أخبار التوقف و لذا یكون الأمر بالتوقّف في هذه الأخبار ظاهراً في الوجوب و الجمع العرفي بین نصوص أخبار البراءة و أخبار التوقّف الظاهرة في الوجوب یقتضي رفع الید عن الظهور بالنص.


وجه تقدیم أخبار الاحتیاط على أخبار البراءة عند الأخباریین

إنّ المرفوع بحدیث الرفع و نحوه هو ما لایُعلَم من الأحكام و وجوب الاحتیاط بناءً على استفادته من الأخبار معلوم، فهو لیس ممّا لایعلم فیخرج عن أدلّة البراءة موضوعاً.

جواب المحقّق الخوئي عن هذا الوجه

إنّما یتمّ ذلك لو كان وجوب الاحتیاط نفسیاً و أمّا لو كان وجوبه طریقیاً كما هو المفروض فالمترتّب علیه هو لزوم امتثال الحكم الواقعي المجهول و حدیث الرفع یرفعه فتقع المعارضة بین الدلیلین لامحالة و قد عرفت تقدّم حدیث الرفع و أمثاله على أدلة التوقف و الاحتياط.[3]

الدلیل الثامن: الدلیل العقلي

و تقریره بوجهین:

الوجه الأوّل

و له بیانان:

البیان الأوّل: من الشيخ الأنصاري[4] و المحقّق النائیني[5]

إنّا نعلم إجمالاً قبل مراجعة الأدلّة الشرعیة بوجود محرّمات كثیرة، و هذا العلم الإجمالي منجّز لهذه التكالیف التحریمیة الواقعیة و العقل مستقلّ بأنّ الاشتغال الیقیني یستدعي البراءة الیقینیة، فلابدّ من ترك كلّ ما یحتمل الحرمة لیحصل الیقین بالفراغ و بعد مراجعة الأدلّة و العمل بها لا‌یحصل القطع بالخروج عن تلك المحرّمات الواقعیة فلابدّ حینئذٍ من اجتناب كلّ ما احتمل أن یكون من المحرّمات إذا لم‌یكن هناك دلیل شرعي یدلّ على حلّیته، إذ مع هذا الدلیل یقطع بعدم العقاب على الفعل على تقدیر الحرمة واقعاً.

البیان الثاني: ما أفاده المحقّق الخوئي

المحقّق الخوئي قرّره[6] بأن یكون العلم الإجمالي متعلّقاً بالتكالیف الإلزامیة لا التكالیف التحریمیة و لذا أورد النقض على هذا الاستدلال بالشبهات الوجوبیة و الموضوعیة و قال: إنّ العلم الإجمالي لو كان مانعاً عن الرجوع إلى البراءة في الشبهات الحكمیة التحریمیة، كان مانعاً عن الرجوع إلى البراءة في الشبهات الحكمیة الوجوبیة و الشبهات الموضوعیة أیضاً مع أنّ الأخباریین لایقولون بوجوب الاحتیاط فیهما.

و المحقّق النائیني و إن قرّر بیان الأخباریین بكون متعلّق العلم الإجمالي هو خصوص الشبهات التحریمیة و لكنه أیضاً استشكل على استدلال الأخباریین بأنّ متعلّق العلم الإجمالي أعمّ من الشبهات الوجوبیة و التحریمیة فلا وجه لجعل ذلك وجهاً لوجوب الاحتیاط في خصوص الشبهات التحریمیة.

أجوبة ثلاثة عن الوجه الأوّل

الجواب الأوّل: ما أفاده الشيخ الأنصاري و المحقّق النائيني

إنّ العلم الإجمالي بتكالیف واقعیة ینحلّ بقیام الأمارات [المعتبرة] على تكالیف إلزامیة ...

توضیحه: إنّ لنا هنا ثلاثة علوم إجمالیة:

الأوّل: العلم [الإجمالي] الكبیر و أطرافه جمیع الشبهات ممّا یحتمل التكلیف...

الثاني: العلم الإجمالي المتوسط و أطرافه موارد قیام الأمارات المعتبرة و غیر المعتبرة ...

الثالث: العلم الإجمالي الصغیر و أطرافه موارد قیام الأمارات المعتبرة ...

إنّ العلم الإجمالي الأوّل ینحلّ بالعلم الإجمالي الثاني و [العلم الإجمالي] الثاني ینحلّ بـ [العلم الإجمالي] الثالث [كما تقدّم في المباحث السابقة] ...

و المیزان في الانحلال أن لایكون المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغیر أقلّ عدداً من المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبیر، بحیث لو أفرزنا من أطراف العلم الإجمالي الكبیر مقدار المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغیر، لم‌یبق لنا علم إجمالي في بقیة الأطراف ...

ثمّ إنّ ما ذكرناه مبني على العلم الوجداني بمطابقة الأمارات المعتبرة للواقع بمقدار ما عُلِم إجمالاً ثبوته.[7] [8] [9]

 


[1] تحف العقول، ج1، ص231.
[2] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص303. «... إلّا أنّه قد ذكرنا قصورها [أي أخبار التوقّف] عن الدلالة على الحكم المولوي في نفسها».
[4] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص87. «و أمّا العقل فتقریره بوجهین: أحدهما: أنّا نعلم إجمالاً قبل مراجعة الأدلة الشرعية بمحرمات كثيرة يجب بمقتضى قوله تعالى:‌ (وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) و نحوه الخروج عن عهدة تركها على وجه اليقين بالاجتناب أو اليقين بعدم العقاب...».
[5] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج3، ص378. « الدليل الثالث: الذي استدل به الأخباري على وجوب الاحتياط في الشبهات التحريمية هو حكم العقل، و تقريره من وجهين: أحدهما: العلم الإجمالي بثبوت محرمات في الشريعة و هذا العلم الإجمالي حاصل لدى كل أحد قبل مراجعة أدلة الأحكام...».
[6] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص303. «الثالث‌ مما استدل به على وجوب الاحتياط: حكم العقل، و تقريبه بوجوه: الأول: أن كل مسلم يعلم إجمالاً في أول بلوغه بتكاليف إلزامية، و هذا العلم الإجمالي ينجز التكاليف الواقعية على تقدير ثبوتها...».
[7] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص89. «و ثانياً: سلّمنا التكليف الفعلي بالمحرمات الواقعية إلا أن من المقرر في الشبهة المحصورة كما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى أنه إذا ثبت في المشتبهات المحصورة وجوب الاجتناب عن جملة منها لدليل آخر غير التكليف المعلق بالمعلوم الإجمالي اقتصر في الاجتناب على ذلك القدر».
[8] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص192. و المحقّق النائینی في أجود التقریرات: «و قد أجاب عنه العلامة الأنصاري بجوابین: ... الثاني منهما یرجع إلى دعوی انحلال العلم الإجمالي بالعلم بثبوت أحكام كثیرة في موارد الأمارات بمقدار المعلوم بالإجمال أو أكثر و توضیح ذلك...».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo