< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد جواد أرسطا

43/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم

بسم الله الرحمن الرحیم

درس خارج الفقه الإجتماعي؛ الأستاذ محمد جواد أرسطا.

تقریر الجلسة الثامنة؛ 17 صفر 1443

عنوان البحث: ضرورة قراءة الحديث وتحمله.

1. واحدة من الامور التي كانت رائجة في الحوزة العلمية، لكنها اصبحت قليلة جدا في زماننا الحاضر هي سنة قراءة الحديث، ومن خلال قراءة الحديث والتدبر به فإنه يتولد فهم ومعرفة إضافية وأعمق للرواية.

2. كما أنه عند قراءة الحديث سينشأ فهم أشمل للدين، فعندما نريد تحليل مفهوم معين لا يكفي مراجعة بضعة روايات حوله بل لا بد من مراجعة مجموع الروايات التي تناولت هذا المفهوم، كون الروايات تفسر وتبين وتخصص بعضها.. كما أن بعض الروايات تنظر للموضوع من زاوية معينة في حين تنظر بقية الروايات إلى زوايا أخرى ما يؤدي إلى تشكيل ما يسمى طائفة من الأخبار الدالة على مفهوم معين من المفاهيم الشرعية، ما يؤدي للوصول إلى نظرة دقيقة وواسعة.

لا بد ألا يتم الاكتفاء بالروايات صحيحة السند إنما قراءة الروايات ضعيفة السند ايضا، كون سبب ضعفها لا يعني أنها بالضرورة لم تصدر عن المعصوم عليه السلام، حتى إذا احتوى السند على افراد غير موثقين او محكومين بالكذب او مجهولي الحال، فلا يقال أنه بدليل ضعف سندها فإنها غير صادرة عن المعصوم، فقد تكون صادرة لكن لم تصل بطريق معتبر، فمجهول الحال وحتى الكاذب في كتب الرجال لا يستلزم أنه دائما ينقل كذبا، أحيانا علو المضمون لبعض الروايات يدل أنها صادرة عن المعصوم حتى مع ضعف سندها (وهذا الأمر المتمثل بكيفية التعامل مع الروايات الضعيفة سيتم التعرض له بتفصيل في جلسات مقبلة، وهو يتعلق من جهة بعلم الرجال وبجهة أخرى بمنهجية علم الفقه).

٣. أضافة لما سبق فإن التباحث بالروايات يحيي أمر الأئمة عليهم السلام فالإمام الرضا عليه السلام يقول "رحم الله من أحيى أمرنا.. يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن علومنا لاتبعونا"[1] . بمعنى أن كلامهم عليهم السلام منطقي واستدلالي وموافق للعقل والفطرة الإنسانية إلى درجة أن من يسمعه يتبعه.

٤. الوصول إلى مقام التفقه في الدين؛ فعند قراءة الحديث بتدبر وتعمق نفهم معاريض كلامهم فعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال "لا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا". والمعاريض هو الكلام الذي يفهم ليس من ظاهر الكلام بل يكون كلامه الظاهر تورية أو تقية، أو كان الكلام قضية في واقعة لا يمكن استخراج قاعدة عامة منه. هذه الأمور يمكن فهمها بعد التعمق بالأحاديث والأنس بها، ويمكن من خلال ذلك تشخيص علو مضمون الرواية، ومعرفة إن كانت ضمن إطار الروايات التي تصدر عن المعصوم عليه السلام.

ينقل آية الله السيد علي السبزواري أن والده المرجع السيد عبد الأعلى السبزواري كان إذا قرئت أمامه رواية دون ذكر المعصوم الصادرة عنه، كان رحمة الله علیه يعرف هذه الرواية عن اي معصوم صدرت، وهذا دليل علي شدة الأنس والتأمل بالروايات إلى درجة يمكن معها تشخيص عن اي معصوم عليهم السلام صدرت.

علو المضمون وصحة المتن:

إن واحدة من طرق الإطمئنان بالصدور هي علو المضمون وهذا التشخيص ليس بالأمر السهل، وقد قال الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (تلميذ صاحب العروة، ومحشّي مجلة الأحكام العدلية على مبنى الفقهاء بإسم تحرير المجلة، والمجلة هي أول قانون مدني معاصر في الدولة العثمانية) في كتاب جنة المأوى ص ٢٠٢ "إنا كثيرا ما نصحح الأسناد بالمتون"، وهذا بمعنى أنه عند التدقيق بالمتن وعلو مضامينه نطمئن أنه صادر عن المعصوم ولو كان سنده ضعيفا فيتم تنزيله منزلة الصحيح.

وهذا ما نشهده في باب التعارض، كما يرشدنا أهل البيت إلى عرضها على القرآن والروايات قطعية الصدور، في حال كان التردد في كونها صادرة عن المعصوم او لا.

إن واحدة من طرق تحمل الحديث كانت قراءته على الشيخ، في أن يقوم الطالب بقراءة الرواية على استاذه فإذا سكت الاستاذ كان ذلك دليلا على التأييد (قرأت على فلان فأقر به واعترف، او حدثنا فلان قراءة عليه). في هذه الأيام لم يعد هناك من حاجة لقراءة الطالب على استاذه، كون الروايات موجودة في الكتب مع تصحيح الاساتذة، مع تحقيقها و.. إلا أن أهمية هذا الأمر تبقى قائمة كون الاساتذة ممكن أن يضيفوا شروحات على الروايات، كما يمكن أن تخطر أسئلة في ذهن الطلاب يجيبون عليها.

طريقة التقرير:

منذ مئة سنة كان التقرير يختلف عن زماننا الحاضر فقد كان الطالب لا يكتب أثناء الدرس، بل بعد أسبوع أو أكثر يقوم بتقرير ما تلقاه من الأستاذ بأسلوبه الخاص؛ فالعبارات تكون من المقرر، وترتيب المطالب أيضا فقد يرى الطالب أن الاستاذ قدم او أخر بعض المقدمات فيرتبها بطريقة أخرى (كتقريرات دروس الشيخ الانصاري وآية الله بروجردي و..).

أما في زماننا فيقوم الطالب بكتابة كل ما يقوله الاستاذ، وجل ما يقوم به هو تبديل العبارات من صيغة الخطاب إلى صيغة الكتابة؛ هذا العمل ليس تقرير إنما هو إملاء من الاستاذ وكتابة الطالب (كأمالي الصدوق و..).

ما كان يطلق عليه تقرير في السابق أصبح الان يقال له تحقيق وكتابة..

المطلوب:

حتى المقدور تدوين الدرس على طريقة التقرير القديمة، أي بأسلوب وتنظيم الطالب، وإذا لم يكن هذا الأمر متيسرا للطالب عندها يذهب الطالب للإملاء لكن مع مراعاة الدقة وتحويل المطالب الملقاة شفاهية إلى مطالب بأسلوب الكتابة، مع مراعاة عدم إغفال أي مطلب.


[1] عيون اخبار الرضا ج١ ص٣٠٧.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo