46/08/02
بسم الله الرحمن الرحیم
تفصیل الحالات المتصورة في المقام/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/دوران الأمر بین النسخ والتخصیص /تفصیل الحالات المتصورة في المقام
أما الکلام في الصورة الثانية في مقامين: المقام الأول: في إمكان وامتناع عقلًا كون الدليل الخاص ناسخًا، والمقام الثاني: - على فرض إمكان النسخ - في ترجيح النسخ على التخصيص أو العكس.
أما البحث في المقام الأول وبيان الأقوال والأدلة ورأي المصنِّف(رحمه الله)، فسيأتي في بحثه عن حقيقة النسخ، تحت عبارة: «وحيث عرفتَ أن النسخ بحسب الحقيقة يكون دفعًا وإن كان بحسب الظاهر رفعًا...».
وأما البحث في المقام الثاني، أي ترجيح النسخ على التخصيص أو العكس، فبعد التسليم بإمكان كون الدليل الخاص ناسخًا في الفرض المذكور، يقول المصنِّف(رحمه الله) أولًا: «فلا محيص عن كونه مخصصًا وبيانًا له»، وهذه العبارة ظاهرة في أن الدليل الخاص في هذا الفرض لا يكون إلا مخصِّصًا للدليل العام، ولا مجال لاحتمال كونه ناسخًا. ولكنه بعد ذلك يقول: «ثم إن تعيُّن الخاصِّ للتخصيص إذا ورد قبل حضور وقت العمل بالعام أو ورد العام قبل حضور وقت العمل به إنما يكون مبنيًّا على عدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل، وإلا فلا يتعيَّن له، بل يدور بين كونه مخصصًا وناسخًا في الأول، ومخصصًا ومنسوخًا في الثاني». ثم يضيف: في الفرض المذكور، يكون التخصيص أرجح من النسخ، لأن التخصيص كثير شائع، بخلاف النسخ، فإنه نادر.
وخلاصة الكلام: إن الدلیل الخاصّ –بعد التسلیم بإمکانه ناسخاً- في حد ذاته لا ظهور له في التخصيص ولا في النسخ، فتعيين أحدهما يحتاج إلى قرينة خارجية. وفي محل النزاع، حيث شاع تخصيص العمومات في الأدلة الشرعية وندر وقوع النسخ، كان التخصيص هو المتعيّن، ولو كان ظهور العام في العموم الأفرادي أقوى من ظهور الخاص في الخصوص، كما لو كان ظهور العام في العموم بالوضع، وظهور الخاص في الدوام بالإطلاق.
فائدة
هذا الدليل على ترجيح كون الدليل الخاص مخصِّصاً على كونه ناسخًا في الفرض المذكور قد طُرح أيضًا في كتب العامة، وأما بین الإمامية، فيبدو أن صاحب الفصول(رحمه الله) هو أول من طرحه، وقد ذهب إلیه المصنِّف(رحمه الله). فقد قال في الفصول: «إن عُلم وروده قبله، تعيَّن كونه مخصِّصًا بناءً على عدم جواز النسخ حينئذٍ، واحتُمل الأمران بناءً على جوازه، والأظهر ترجيح التخصيص لغلبته وندرة النسخ، لا سيما ما كان منه قبل وقت العمل».[1]
تكملة
قد ذُكرت وجوه أخرى لترجيح كون الدليل الخاص مخصِّصًا على كونه ناسخًا في الفرض المذكور، ومنها:
١. عدم جريان أصالة العموم عند ورود الخاص، كما ذكره المحقق النائيني في أجود التقريرات[2] .
٢. تقديم أصالة الجهة (عدم صدور الدليل العام للتقية) على أصالة الظهور، كما ذكره المحقق العراقي في مقالات الأصول[3] .
٣. ترجيح كون كلام أهل البيت (عليهم السلام) بيانًا على كونه إنشاءً لحكم جديد، كما ذكره المحقق الإصفهاني في نهاية الدراية[4] .
إلا أن تفصيل كل من هذه الوجوه وشرحها ونقدها يخرج عن مجال بحثنا.