46/06/22
بسم الله الرحمن الرحیم
بیان الأقوال/تعقب العامّ بضمیر راجع إلی بعض أفراده /العامّ و الخاصّ
الموضوع: العامّ و الخاصّ/تعقب العامّ بضمیر راجع إلی بعض أفراده /بیان الأقوال
متن الکفایة:
«والتحقيق أن يقال : إنّه حيث دار الأمر بين التصرف في العام ، بإرادة خصوص ما أُريد من الضمير الراجع إليه ، أو التصرف في ناحية الضمير : امّا بإرجاعه إلى بعضٍ ما هو المراد من مرجعه ، أو إلى تمامه مع التوسع في الإِسناد ، بإسناد الحكم المسند إلى البعض حقيقة إلى الكلّ توسعاً وتجوزاً ؛ كانت أصالة الظهور في طرف العام سالمة عنها في جانب الضمير ، وذلك لأن المتيقن من بناء العقلاء هو اتباع الظهور في تعيين المراد ، لا في تعيين كيفية الاستعمال ، وأنه على نحو الحقيقة أو المجاز في الكلمة أو الإِسناد مع القطع بما يراد ، كما هو الحال في ناحية الضمير.»[1]
بيان رأي المصنف
قبل الدخول في أصل البحث وبيان رأي المصنف(رحمه الله)، ینبغی طرح الأقوال في المسألة.
توجد فيما نحن فيه أربعة آراء رئيسیة:
القول بعدم التخصيص:
بعض العلماء، كالآمدي في الإحكام والمحقق النائيني(رحمه الله) في أجود التقریرات، ذهبوا إلى القول بعدم التخصيص، بأن يبقى عموم العام على حاله، ویقع الاستخدام أو المجاز في الضمير. وعليه، في الآية المذكورة، يثبت العدة لجميع أقسام الطلاق، وبمقتضى ذيل الآية يثبت الرجوع في الطلاق الرجعي.
وقد ذكر المحقق النائيني(رحمه الله) بعد البیان الإجمالي لمحل النزاع والإشارة إلى الأقوال في المسألة: «والتحقيق أن يقال بجريان أصالة العموم وعدم جريان أصالة عدم الاستخدام...»[2]
والمقصود من کلامه أنا نشکّ في الإرادة الجدية للمتكلم في صدر الكلام، ولذا نرجع إلى الأصول اللفظية، كأصالة العموم، لإثبات الإرادة الجدية. أما بالنسبة إلی ذيل الكلام، فلا يوجد شك في الإرادة الجدية، حيث نعلم أن مراد المتكلم هو الطلاق الرجعي، وبالتالي لا مجال لإجراء الأصول اللفظية مثل أصل عدم الاستخدام، الذي يُعد من مصاديق أصالة الحقيقة. وبعبارة أخرى، إن أصالة العموم جارية في صدر الكلام ولا معارض لها.
وذكر المحقق الآمدي بعد بیان محل النزاع والأقوال: «والمختار بقاء اللفظ الأول على عمومه وامتناع تخصيصه بما تعقبه، وذلك لأن مقتضى اللفظ إجراءه على ظاهره من العموم، ومقتضى اللفظ الثاني عود الضمير إلى جميع ما دل عليه اللفظ المتقدم... فإذا قام الدليل على تخصيص الضمير ببعض المذكور السابق وخولف ظاهره، لم يلزم منه مخالفة الظاهر الأخير بل يجب إجراؤه على ظاهره إلى أن يقوم الدليل على تخصيصه.»[3]
وخلاصة رأيه: أنه فيما نحن فيه توجد جملتان مستقلتان، يجب وفق القاعدة الأولية العمل بظهور كل واحدة منهما. فالجملة الأولى تتضمن لفظاً عاماً له ظهور في العموم، والجملة الثانية تتضمن ضميراً له ظهور في العموم تبعاً لقاعدة المطابقة بين الضمير ومرجعه، وبالتالي تظهر الجملة الثانیة في العموم أیضاً. وعليه، في الآية المذكورة، كل أنواع الطلاق تقتضي العدة، وفي كل أنواع الطلاق تجوز رجوع الزوج إلی الزوجة، ولو كانت الطلاق بائناً. ولكن یرفع الید عن ظهور الجملة الثانیة بدليل خاص يدل على جواز الرجوع في الطلاق الرجعي وعدم جوازه في الأنواع الأخرى، دون أن يؤثر ذلك على ظهور الجملة الأولى. وعليه يبقى عموم الجملة الأولى على حاله، ومعنى الآية يصبح أن كل طلاق يتطلب العدة، والرجوع بلا عقد جديد يقتصر على الطلاق الرجعي.
القول بالتخصيص:
بعض العلماء، كالسيد الخوئي(رحمه الله) في محاضرات ، ذهبوا إلى القول بالتخصيص، أي بإجراء أصالة عدم الاستخدام وأصالة المطابقة بين الضمير ومرجعه. وقد قال: «إن أصالة عدم الاستخدام تتقدم بنظر العرف على أصالة العموم فيما إذا دار الأمر بينهما.»[4]
القول بالتوقف:
بعض العلماء، كأبي الحسين البصري بحسب تصريح المحقق الآمدي، ذهب إلى القول بالتوقف، وفي مثل هذه الحالات يرجعون إلى الأصول العملية.
القول بالتفصيل:
بعض العلماء، كالمصنف(رحمه الله) في هذه المسألة، ذهبوا إلى التفصيل، حيث يقولون بعدم التخصيص وبقاء عموم دليل العام في بعض الحالات، وفي حالات أخرى يقولون بالإجمال والرجوع إلى الأصول العملية.