46/04/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الشبهة المصداقیة/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /العامّ والخاصّ
الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال الخاصّ إلی العامّ /الشبهة المصداقیة
متن الکفایة:
«وأما إذا كان مجملاً بحسب المصداق ، بأن اشتبه فرد وتردد بين أن يكون فرداً له أو باقيا تحت العام ، فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لو كان متصلاً به ، ضرورة عدم انعقاد ظهور للكلام إلّا في الخصوص ، كما عرفت»[1] .
بيان الشبهة المصداقيّة
البحث هنا في أنّ الدليل العام، كقوله: "أكرم العلماء"، بيّنٌ من حيث المفهوم والمصداق، إلا أنّ الدليل الخاص، كقوله: "لا تكرم الفسّاق من العلماء"، مُجملٌ من حيث المصداق حیث أنه نشک في صدق مفهوم الخاصّ علی فرد من أفراد العام بالنسبة إلی وجود خصوصیة الخاص فیه، و لذا یبحث عن جواز التمسک بالعامّ بأنه هل یجوز التمسک بالعام بالنسبة إلی الفرد المشکوک أم لا؟ . و علی هذا في المثال المذكور، ثبوت حكم حرمة الإكرام لأفراد خاصّة – أي خصوص العلماء الفسّاق – واضح، كما أنّ مفهوم "الفاسق" واضح ومبیّن ويفترض أنّه يشمل مرتكب الكبيرة والصغيرة، إلا أنّه في شخصٍ مثل زيد، نشكّ بأنه هل یرتکب المعصیة حتی یکون مصداقا للخاص أي الفاسق، وبالتالي يخرج عن العام، أي وجوب إكرام العلماء، أم لا؟
وكما ذُكر سابقاً، إنّ الدليل الخاص إمّا أن يكون متّصلاً، بأن يُدرج ضمن الدليل العام مثل قوله: "أكرم العلماء إلا الفساق منهم"، أو منفصلاً في صيغة دليلٍ مستقلّ مثل قوله: "أكرم العلماء" و"لا تكرم الفساق من العلماء". ومن ناحيةٍ أخرى، فإنّ الدليل المنفصل إمّا أن يكون من النوع اللفظيّ، كالنصوص القرآنيّة والأحاديث، أو من النوع اللبيّ، كالإجماع وحكم العقل. لذا، في مسألتنا، تُطرح ثلاث قضايا للمتابعة والتحقيق:
1. الشبهة المصداقيّة للخاص حيث يكون المخصّص من النوع المتّصل.
2. الشبهة المصداقيّة للخاص حيث يكون المخصّص من النوع المنفصل اللفظيّ.
3. الشبهة المصداقيّة للخاص حيث يكون المخصّص من النوع المنفصل اللبيّ.
أمّا في المسألة الأولى، فقد اتفق العلماء على عدم جواز التمسّك بالعام. ودلیل ذلك هو أنّه في هذا الفرض لا ينعقد ظهورٌ للعام في العموم منذ البداية حتّى يُعارض ظهور الخاص، بل ينعقد ظهورٌ واحدٌ للكلام، وهو الظهور في الخاص. وعليه، في المثال المذكور، يكون ظهور الكلام: "أكرم عالماً غير فاسق"، فكلّ فردٍ يکون مصداقا "للعالم غير الفاسق" يكون وجوب إكرامه ثابتاً، وأيّ فردٍ لا يکون مصداقا له – سواء كان مصداقاً "للعالم الفاسق" أو مشكوكاً فيه – فلا وجوب لإكرامه، لأنّ موضوع الدليل العام، أي "العالم غير الفاسق"، غير محرز.