« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الشبهة المفهومیّة/سرایة إجمال المخصّص إلی العامّ /العامّ والخاصّ

 

الموضوع: العامّ والخاصّ/سرایة إجمال المخصّص إلی العامّ /الشبهة المفهومیّة

 

متن الکفایة:

«فصل

إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملاً ، بأن كان دائراً بين الأقلّ والأكثر وكان منفصلاً ، فلا يسري إجماله إلى العام ، لا حقيقة ولا حكماً ، بل كان العام متّبعاً فيما لا يتبع فيه الخاص ، لوضوح أنّه حجة فيه بلا مزاحم أصلاً ، ضرورة أن الخاص إنّما يزاحمه فيما هو حجة على خلافه ، تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر ، لا فيما لا يكون كذلك ، كما لا يخفى[1]

 

الفصل الخامس: مسألة سرایة الإجمال الخاص إلى العام وعدمها

 

إن الشك والشبهة –کما تبیّن- من حيث منشؤهما لا يخرجان عن ثلاث حالات: إمّا أن تكون الشبهة حكميّة، أو شبهة مفهوميّة، أو شبهة مصداقيّة. وقد تمّ بحث الشبهة الحكميّة في الفصل الرابع. وفي هذا الفصل الخامس سنواصل البحث في الشبهة المفهوميّة والشبهة المصداقيّة.

 

بيان الشبهة المفهوميّة:

یکونُ تصویر البحث بأنّ الدليل العام مثل "أكرم كلّ عالم" واضحٌ من حيث المفهوم والمصداق، لكنّ الدليل الخاص مثل "لا تكرم الفساق من العلماء" مجملٌ من حيث المفهوم، إذ يدور أمره بين شمول جميع العاصين، ولو كانوا مرتكبي الصغائر، أو اختصاصه بمرتكبي الكبائر دون غيرهم. لذلك، عنوان الخاصّ أي "الفاسق" في المثال المذكور مجمل بالنسبة إلی من يرتكب الصغيرة، فلا يُعلم هل یشمله الخاصّ حتی يخرج من عموم العام فلا يجب إكرامه بل يحرُم، أو لا يشمله فيبقى تحت عموم العام، وبالتالي يكون إكرامه واجبًا.

ومن ثمّ، يُطرح السؤال: هل يجوز التمسّك بالعام في مثل هذه الحالات أم لا؟ بعبارة أخرى، هل يبقى عموم العام حجّة يُستند إليه في مثل هذه الحالات، أم أنّه لا يكون حجّةً ولا يُستند إليه؟

 

إنّ الدليل الخاص –کما تبیّن سابقا- إمّا أن يكون منفصلًا ويُورد كدليل مستقلّ، ولو ذُكر إلى جانب الدليل العام، مثل: "أكرم العلماء ولا تكرم الفساق منهم"، أو أن يكون متّصلًا ويأتي ضمن الدليل العام، مثل: "أكرم العلماء إلّا الفساق منهم". ومن جهة أخرى، الدليل الخاص الذي يتضمن شبهة مفهوميّة إمّا أن تكون الشبهة من نوع الأقلّ والأكثر، بحيث يكون مفهوم العنوان الخاص مردّدًا بين معنيين، أحدهما أوسع من الآخر، كما في المثال المذكور، أو أن تكون الشبهة من نوع المتباينين، بحيث يكون مفهوم العنوان الخاص مردّدًا بين معنيين متباينين، كما لو قال المولى: "أكرم العلماء إلّا زيدًا" وكان عنوان زيد مردّدًا بين فردين.

بناءً على ذلك، توجد في المقام أربع مسائل:

الشبهة المفهوميّة للخاص من نوع الأقلّ والأكثر، والدليل الخاص وارد بصورة منفصلة.

الشبهة المفهوميّة للخاص من نوع الأقلّ والأكثر، والدليل الخاص وارد بصورة متّصلة.

الشبهة المفهوميّة للخاص من نوع المتباينين، والدليل الخاص وارد بصورة منفصلة.

الشبهة المفهوميّة للخاص من نوع المتباينين، والدليل الخاص وارد بصورة متّصلة.

 

فيما یتعلّق بالمسئلة الأولی (أي مثل أن يقول المولى: "أكرم العلماء" ثم يقول: "لا تكرم الفساق منهم"، ويكون المفهوم مجملًا ودائرًا بين شمول جميع العاصين أو اختصاصه بمرتكبي الكبائر) یقول المصنّف(رحمه الله) : إنّ إجمال الخاص لا يسري إلى العام، وينعقد الظهور للعام ویکون حجّة، ولذلك يكون الفرد المشكوك، وهو مرتكب الصغيرة، محكومًا بحكم العام.

دليله: أنّ الدليل الخاص في المقدار الذي يكون حجّة فيه يكون أظهر وأقوى من العام، وفي هذا المقدار يتزاحم مع العام، ولذا يرفع اليد عن عموم العام في هذا المقدار. أمّا في المقام، حيث إنّ الخاص مجمل، يُؤخذ بالمقدار المتيقّن منه، أي مرتكب الكبيرة، وبالنسبة لمرتكب الصغيرة لا يكون الخاص حجّة، فيبقى عموم العام وحجّيّته بالنسبة إلی مرتكب الصغيرة على حاله.


logo