« قائمة الدروس
بحث الکفاية الأصول الأستاذ حمیدرضا آلوستاني

46/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

بیان النظریّات/حجّیة العامّ المخصّص في الباقي /العام و الخاص

 

الموضوع: العام و الخاص/حجّیة العامّ المخصّص في الباقي / بیان النظریّات

 

متن الکفایة:

«فصل

لا شبهة في أن العام المخصص بالمتصل أو المنفصل حجة فيما بقى فيما علم عدم دخوله في المخصص مطلقاً ولو كان متصلاً ، وما احتمل دخوله فيه أيضاً إذا كان منفصلاً ، كما هو المشهور بین الأصحاب ، بل لا ينسب الخلاف إلّا إلى بعضٍ أهل الخلاف. وربما فصل بين المخصص المتصل فقيل بحجيته فيه ، وبين المنفصل فقيل بعدم حجيته.

واحتج النافي بالإِجمال ، لتعدد المجازات حسب مراتب الخصوصيات ، وتعيين الباقي من بينها بلا معيّن ترجيح بلا مرجح.»[1]

 

بیان النظریات في هذه المسألة

هناك ثلاث نظريات بين علماء العامة والخاصة:

الأولی: المشهور بين علماء العامة والإمامية هو القول بجواز التمسك بالعام، سواء كان المخصص متصلاً أو منفصلاً.

الثانیة: بعض علماء العامة قالوا بعدم جواز التمسك بالعام، سواء كان المخصص متصلاً أو منفصلاً. وقد قال الآمدي في هذا الصدد: «ومنهم من قال: إنه يبقى مجازاً كيف ما كان المخصص، وهو مذهب كثير من أصحابنا، وإليه ميل الغزالي وكثير من المعتزلة وأصحاب أبي حنيفة كعيسى بن أبان وغيره[2]

الثالثة: بعض علماء العامة فصّلوا بين المخصص المتصل والمنفصل، فقالوا: إن في المخصص المتصل -مثل الاستثناء، أو الغاية، أو الصفة- يُحتج بالعام، بينما في المخصص المنفصل لا يكون حجة. ودليلهم على ذلك أن المتكلم في المخصص المتصل كان بصدد بيان تمام المراد، فلا احتمال للتخصيص في مواضع أخرى، بينما في المخصص المنفصل، لم يكن المتكلم بصدد بيان تمام المراد بالعام، ولذلك لا يُنتفى احتمال التخصيص في مواضع أخرى.

وقد قال الآمدي في هذا المقام: «ومنهم من قال: إن خص بدليل متصل من شرط كقوله: من دخل داري وأكرمني أكرمته، أو استثناء كقوله: من دخل داري أكرمته سوى بني تميم، فحقيقة، وإلا فمجاز، وهو اختيار القاضي أبي بكر[3]

 

فوائد:

 

الفائدة الأولی: المصنِّف (رحمه الله) في ما نحن فيه استخدم تعبير "حجة"، فقال: "لا شبهة في أن العام المخصص بالمتصل أو المنفصل حجة..."، وهذا التعبير الذي استُخدم في معالم الدين هو أفضل من تعبير "حقيقة" المستخدم في قوانين الأصول والفصول حيث قالوا: "إذا خصص العام ففي كونه حقيقة في الباقي أو مجازاً أقوال." لأن المناسب في علم الأصول هو طرح مسألة الحجية وعدم الحجية، لا مسألة الحقيقة والمجاز.

الفائدة الثانیة: كما نبّه بعض الشارحین على متن المصنِّف، إن المقصود من الاتصال والانفصال في ما نحن فيه هو استقلال الجملة أو عدم استقلالها، وليس المقصود الاتصال والانفصال الحسي. ولذلك في الجملة "أكرم العلماء ولا تكرم الفساق"، يكون المخصص منفصلاً لتعدد الجملتين وإن كانت الثانية متصلة بالأولى حساً.

الفائدة الثالثة: وأما عبارة "وما احتمل دخوله فيه أيضاً إذا كان منفصلاً" فليس لها علاقة بما نحن فيه من الشبهة الحكمية، وسنبحث إن شاء الله لاحقاً في الشبهة المفهومية والشبهة المصداقية.

 

قوله: «واحتجّ النافي بالإجمال...»

دليل النظرية الثانية:

بعد تخصيص العام، يصبح استعماله في ما عدا الخاص استعمالاً مجازياً، وفي هذا الاستعمال المجازي توجد احتمالات متعددة؛ فقد يكون جميع ما عدا الخاص باقياً تحت العام، ويكون لفظ "العام" مستعملاً في كل الباقي، وقد يكون بعض ما عدا الخاص باقياً تحت العام، ويكون لفظ "العام" مستعملاً في بعض الأفراد. ولما كان لا مرجح لأحد الاحتمالين، يصبح دليل العام مجملاً في الباقي، ولا يكون حجة إلا في القدر المتيقن منه. لذا، في مثال: "أكرم كل عالم ولا تكرم مرتكب الكبائر وهو مبغوض عند الله"، كما لا يشمل مرتكب الكبائر، لا يشمل مرتكب الصغائر أيضاً، ويقتصر على العلماء الذين لا يرتكبون المعاصي.

 


logo