« فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

98/09/10

بسم الله الرحمن الرحیم

وأمّا كلام المحقّق الاصفهاني في «نهاية الدراية» فما هو حاصله

الموضوع: وأمّا كلام المحقّق الاصفهاني في «نهاية الدراية» فما هو حاصله

 

وأمّا كلام المحقّق الاصفهاني في «نهاية الدراية» فما هو حاصله: بأنّ المراد من عدم العلم المأخوذ في موضوع أدلّة البراءة الشرعيّة إن كان عدم الحجّة القاطعة للعذر فحالها حال البراءة العقليّة لأنّ الحجّة الواقعيّة إذا كانت بحيث لو تفحّص لظفر كافٍ في تنجّز الواقع، فمع احتمالها قبل الفحص يشكّ في تحقّق موضوع البراءة فلا مجال لإطلاقها.

وأمّا إن كان المراد هو عدم العلم الوجداني فهو قابلٌ للإطلاق من حيث التمكّن من الاستعلام في غير مثل دليل ما حجب الله علمه عن العباد؛ لأنّ المردّد من الحجب هو الاُمور الطارئة لا مثل ترك الفحص من المكلّف فهو الحاجب للتكليف عن نفسه لا هو تعالى شأنه بواسطة الأسباب، فلازم ذلك هو الإطلاق في البراءة الشرعيّة تقبل الفحص وبعده في مطلق الشبهات حكميّة كانت أو موضوعيّة، فالحكم بوجوب الفحص وعدم جريانها قبل الفحص في الشبهة الحكميّة يحتاج إلى مقيّد، فبعد عدم وجود مقيّد عقلي لأنّ الأغراض متفاوتة، فلو كان بالأهميّة لأوصله الشارع ولو بجعل الاحتياط لئلاّ يفوت الغرض حيث لم يفعل يفهم أنّه ليس بالأهميّة في تلك المرتبة، فصرف الاحتمال لا يكون منجّزاً حتّى يوجب الفحص، فإذا عرفت عدم وجود مقيّد عقلي وعدم صلوح الإجماع للتقيّد وعدم العلم الإجمالي كما هو المفروض، فانحصر المقيّد في الأخبار الدّالة على وجوب التفقّه والتعلّم ونحوهما المختصّة بمعرفة الأحكام الكلّية بالفحص عن طرقها، وسيجيء إن شاء الله تعالى بيان مفاد هذه الأخبار، انتهى محصّل كلامه[1] .

ولا يخفى ما في كلامهما من الإشكال المشترك أوّلاً: بما قد عرفت من وجود ما يتنجّز التكليف هنا وهو العلم الإجمالي بوجود تكاليف للإنسان في تلك الوقائع، فمقتضى ذلك هو لزوم الفحص.

والعجب من المحقّق الأوّل مع تسليمه لمثل هذا العلم في ما تقدّم كيف ذهب إلى عدم وجوب الفحص حتّى في الشبهات الحكميّة، وكيف ينجو نفسه من هذا العلم، نعم من لا يسلّم ذلك فله ذلك من هذه الجهة كالمحقّق الأصفهاني والخميني.

وثانياً: لو سلّمنا عدم وجود مثل هذا العلم فلنا أن ندّعي وجوب الفحص أيضاً، لأنّ المراد من: رفع ما لا يعلمون، أو: كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أو تعلم منه الحرام. و أمثال ذلك ليس إلاّ الحجّة لا العلم الوجداني لوضوح أنّ قيام البيّنة هو أيضاً علم بمعنى الحجّة لأنّه يوجب رفع الشّك فيصير المعنى أنّه مع عدم الحجّة و وجودها تجري البراءة، فإذا كانت الحجّة موجودة ولم يتفحّص فإنّه عقلاً يصحّ عقوبته كما هو كذلك في مثل ما حجب الله علمه، مع أنّ المحقّق الثاني قد قبله فهو أيضاً يكون من أدلّة البراءة، فكيف يصحّ إجرائها من دون حجب على فرض كلامه.

مع أنّ العقل يحكم بأنّ التجويز بترك الفحص عن الأحكام وعدم الذهاب إلى تحصيله بجعل الأصابع في الأذان أو كونه في محلٍّ لا يسمع كلام المبلِّغين حتّى لا يتمّ عليه الحجّة ليس إلاّ معناه لغو إعزام الرسل و إنزال الكتب والإجازة و الإذن يكون الناس كالبهائم المجانين، وهذا ممّا لا يقبله الذوق السليم، فلو سلّمنا على الفرض من وجود الإطلاق للدليل فلابدّ من دعوى التقييد بحكم العقل المزبور، بل بواسطة بعض الأدلّة الدّالة على وجوب الفحص مثل قوله تعالى: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً»[2] ، والتبليغ على حسب المتعارف من ذهاب الناس لتحصيله في الأماكن المعدّة وعند الأشخاص المعهودة فترك الفحص حتّى يوجب ترك الواقع والحجّة يوجب صحّة التعذيب لتماميّة الحجّة بالإبلاغ. مضافاً إلى صحّة دعوى الانصراف في الأخبار الواردة في البراءة عن صورة قبل الفحص في الشبهات الحكميّة وترخيص الشارع في مثل الشُّبهة الموضوعيّة، مضافاً إلى الإجماع يمكن أن يكون بواسطة ورود بعض الأخبار فيها كحديث مسعدة بن صدقة ونظائره واستفادة ذلك منه تسهيلاً للعباد حتّى لا يستلزم عليهم العُسر والحَرج، ولعلّه لذلك قد ادّعى الإجماع على عدم وجوب الفحص فيها وهو لا يوجب عدم وجوبها في الشُّبهة الحكميّة، هذا مضافاً إلى وجود أحاديث التفقّه والتعلّم، فسنذكر إن شاء الله تعالى. هذا تمام الكلام في الجهة الاُولى وهو وجوب الفحص.


[1] نهاية الدراية: ج4 / 104.
[2] سورة الإسراء: الآية 15.
logo