< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

99/10/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع مرتبطة بحكم الائتمام في حالات مختلفة

 

الفرع الثالث: وقد نقله صاحب «مصباح الفقيه» عن بعض العامّة ـ وهو أبو حنيفة ومالک ـ حيث قال :

(تنبيهٌ: حُكيَ عن بعض العامّة القول بأنّه لو أَمَّ الأُمّي بالقارئ، بطلت صلاتهما جميعاً :

أمّا القارئ: فلما عرفت ـ والمقصود هو عدم جواز الائتمام عليه، فتكون صلاته مع الائتمام باطلة ـ).

وأمّا الأُمّي: فلأنّه بدخوله في الصلاة بنيّة الإمامة، وجبت عليه القراءة؛ يعني من باب التحمّل، فتفسد صلاته من هذه الجهة.

وفيه ما لا يخفى أوّلاً: بأنّه متى تعذّر إيجابها عليه في صلاته، كيف يجب عليه أن يتحمّلها عن غيره، حتّى تفسد صلاته من حيث إخلاله بهذا الواجب؛ لوضوح أَنَّ ما يوجب إخلاله فساد الصلاة، إنّما يكون فيما يقدر الإتيان به شرعاً في الصلاة ولم يأتِ به، بخلاف ما لو قلنا بعدم شرعيّة التحمّل للإمام، فتركه لا يوجب البطلان، كما لا يخفى.

وثانياً: لو سلّمنا ذلک، ولكنّه غير مقتضٍ لفساد أصل الصلاة، بل فساد الإمامة كما لا يخفى.

الفرع الرابع: ظهر ممّا سبق بأنَّ ائتمام القارئ وحده لأمّي آخر يوجب بطلان صلاته، بل قيل إنّ صلاة الإمام والمأموم الأُمّي كلاهما باطل، إذا كان القارئ ممّن جمع شرائط الإمامة، لأنَّ الواجب عليه هو الائتمام، كما عليه المشهور بين الأصحاب، كما في «المدارک»، حيث قال: (إنّه قطع به الفاضل في تذكرته، من غير نقل خلافٍ من أحد)، ووجه البطلان لأجل تمكّنه حينئذٍ من الصلاة بقراءة صحيحة، فهي الواجبة عليه، وهذا هو المقبول عندنا بحسب القواعد المعمول بها عند الفقهاء. (فينا).

وإنْ أشكل عليه صاحب «الجواهر»: بعد قبول كون ما عليه المشهور، هو الأحوط، بقوله: (وإن كان في تعيّنه نظرٌ، مع فرض عجزه عن الإصلاح، لأصالة البراءة وإطلاق الأمر بالصلاة، ومعلوميّة اشتراط التكليف بالقدرة، وإطلاق أدلّة استحباب الجماعة، وغير ذلک، بل ليس هو أعظم من الأخرس المعلوم عدم وجوب الائتمام عليه نصّاً وفتوى.

ولقد أجاد في «المدارک» بقوله ـ بعد ذكره الحكم المزبور ـ: إنّ للتوقّف فيه مجالاً بل لعلّ الأقوى في النظر عدم الوجوب، بل قد يُدّعى القطع به، وبظهور الفتاوى في ذلک أيضاً). انتهى محلّ الحاجة[1] .

 

أقول: لا يخفى ما فيه من الإشكال، من جهة الغفلة عمّا ذكره، وفرضه المشهور، لما عرفت من مفاد كلامهم، بأنَّ حكمهم بالبطلان لم يكن مطلقاً، بل مع فرض كون القارئ ممّن جمع شرائط الإمامة، من كونه عادلاً وقارئاً ومحسناً في قرائته، فحينئذٍ يجب عليه الائتمام به، إن أراد الإتيان بالجماعة على هذا الفرض، وعلّة الوجوب في هذا الفرض تمكنه من قراءة صحيحة للصلاة، فجواز الاكتفاء بالملحون مع وجود القارئ في غاية الإشكال.

نعم، والذي يمكن أن يقال هنا: إنّ أصل الحضور في الجماعة بنفسه ليس بواجب، بل هو مستحبٌّ حتّى في المقام، غاية الأمر إن أراد الاكتفاء بهذه الجماعة، مع إمام لاحقٍ، ومع وجود القارئ المُتقن فغير جائز.

وعليه فالأَوْلى أن يقال بأنَّ وجوب صلاة الجماعة عليه مع القارئ، يكون على تقدير الإتيان بالجماعة، بحيث لو لم يفعل ذلک كانت صلاتهما باطلةً، لا وجوب الحضور مطلقاً بحيث لو لم يحضر كان آثماً، ولعلّ المشهور لم يريدوا وجوبه بصورة المطلق، وعليه، فقياس المقام بالأخرس قياسٌ مع الفارق؛ لوضوح أَنَّ المقيس عليه هناک عاجزٌ عن الإتيان بالصلاة التّامة، بخلاف المقام، حيث إنّ القارئ على الفرض قادرٌ على إتيان صلاةٍ جامعة للأجزاء والشرائط مع الجماعة، ولهذا تصحّ صلاة اللّاحق المأموم والامام القارئ معاً، فمع فرض إمكان الإتيان بجماعة واحدة جامعة لجميع الشرائط كيف يجوز الاكتفاء بجماعة فاقدة للقراءة الصحيحة؟!

وبالنتيجة: ظهر ممّا ذكرنا أنّ المراد من وجوب الجماعة مع القارئ، وجوبه على تقدير إرادة الاكتفاء به، ولعلّ هذا هو مراد المشهور من الوجوب لا مطلقاً، واللّه العالم.

 


[1] مصباح الفقاهة: ج16 / 30(ص).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo