< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

97/09/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: موضع صلاة الإمام

 

قال صاحب «الجواهر» بعد نقل الخبر: (وهو مع ضعفه أوّلاً، خصوصاً مع موافقته لظاهر المحكي عن الشافعي، بل وأبي حنيفة، وقصوره عن معارضة ما تقدّم من وجوهٍ. ثانياً محتمل بكون العلوّ بما لا يعتدّ به كالمرقاة السّفلى، وكونه من خواصّه، أو لإرادة مجرّد تعليم الصلاة المحتاج إلى الصعود على مرتفعٍ كي يشاهد، لا أنّها صلاة حقيقيّة وغير ذلک .

وزاد العَلّامَة، فقال: ولأنّه لم يتمّ الصلاة على المنبر، فإنَّ سجوده وجلوسه إنّما كان على الأرض، بخلاف ما وقع فيه الخلاف، أو لأنّه (ص) علّمهم الصلاة ولم يعتدّوا بها)، انتهى.

أقول: ولا يخفى أَنَّ إثبات الجواز من هذه الرواية على المُدّعى لا يخلو عن تأمّل، لما عرفت من احتمال وجود التقيّة، فضلاً عمّا عرفت من وجود الإشكال في أصل دلالتها.

ومن ذلک يظهر عدم الوجه في التردّد الصادر عن المصنّف؛ في الحكم بلزوم رعاية هذا الشرط، لقوّة دلالة الأخبار على الحكم المذكور، كما لا يخفى.

كما يظهر ممّا تقدّم، عدم تماميّة التفصيل الَّذي نُقل عن أبي علي، وهو ابن الجنيد؛، أنّه قال: لا يكون الإمام أعلى في مقامه بحيث لا يرى المأموم فعله، إِلاَّ إذا كان المأمومين فاقدى البصر، فإنَّ فرض الأعمى الاقتداء بالبصير، وفرض الأضرّاء الاقتداء بالسماع إذا صحَّ لهم التوجّه؛ لما قد عرفت من الضعف في مختاره، بعد ملاحظة إطلاق الأدلّة الدالّة على لزوم رعاية هذا الشرط، فلا يبقى حينئذٍ محلّ شکّ وترديد للمسألة، كما لا يخفى على المتأمِّل.

تتميمٌ مفيدٌ :

ثبت ممّا مضى لزوم أن يكون موضع وقوف الإمام أعلى من موقف المأموم، وكونه أرفع من موضع المأموم ممنوع، بقى الكلام في بيان تحديد مقدار العلوّ المانع؛ وقد اختلفت كلمات الأعلام فيه :

القول الأوّل: وهو منقول عن الأكثر ـ كما في «الحدائق» ـ من أنّه لا تقدير معيّن له إِلاَّ بالعرف، وهو أحد الأقوال في المسألة.

القول الثاني : تحديده بما لا يتخطّى، مستنداً في ذلک إلى صحيحة زرارة، وهو كما عن العَلّامَة في «التذكرة» و«نهاية الأحكام»، والشهيد الأوّل في «البيان» و«الدروس»، والشهيد الثاني في «المسالک»، وابن فهد في «الموجز».

ونوقش فيه بكونه للبُعد لا للارتفاع الدفعي، كما عن السيّد الحكيم في «المستمسک».

القول الثالث: تحديده بقيد الشّبر، وهو الَّذي صرّح به في العلوّ السيّد الخوئي في «المستند»، بقوله: (فتحصّل أَنَّ الأظهر جواز العلوّ بمقدار الشّبر، سواء كان المرجع الإطلاق اللفظي أم الأصل العملي، بعدما عرفت من إجمال الرواية وعدم دلالتها على المنع في هذا المقدار، فتدبّر جيّداً). انتهى محلّ الحاجة[1] .

 

بل قد يظهر ذلک عن صاحب «مصباح الفقيه» من المَيْل إلى كون آخر التحديد إلى الشبر، حيث يقول: (فالقول بالمنع عمّا زاد على الشبر، بل عن الشبر أيضاً، مع أنّه أحوط لا يخلو من قوّة). انتهى كلامه[2]

 

بل هو مختار العَلّامَة البروجردي، حيث قال: (لا بأس بغير المعتدّ به ممّا دون الشبر ولعلّ وجهه أنَّ التقدير بالشبر لا دليل عليه، بعد اختلاف النّسخ في الحديث، نعم لا بأس بالعلوّ اليسير الَّذي لا يعتدّ به)، انتهى كلامه في تعليقته على «العروة»[3] .

 

قلنا: لعلّ تفسير اليسير بغير المعتدّ به، هو الَّذي ورد في الحديث المرويّ عن عمّار، بقوله: (وإنْ كان أرفع بقدر اِصبع أو أكثر أو أقلّ... الى آخره). ولم نقل باختصاصه بخصوص صورة الانحدار، بل كان بياناً بالجواز حتّى للدفعي ما لم يبلغ إلى الشبر، وأمّا إذا بلغ إلى الشبر، فيدخل في المنع، بأن جعلت الغاية خارجاً عن المغيّى في رواية عمّار، بناءً على نسخة كون العبارة، هكذا: (ولو كان أرفع منهم بقدر اِصبع إلى شبر).

فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أَنَّ القول باليسير الَّذي لا يعتدّ به عُرفاً، ما لم يبلغ إلى الشبر هو الأقوى، ولعلّ مراد القائلين بالرجوع إلى العرف ما ذكرناه، فيكون هذا القول هو المقبول عندهم.

وممّا ذكرنا يظهر أَنَّ الاختلاف في التقدير يكون في خصوص الدفعي من العلوّ، لا مع الانحداري؛ لما ظهر من معقد نفي الخلاف تارةً والإجماع أُخرى على الاغتفار في العلوّ الانحداري، إذا كان علوّه بالمقدار المعتدّ، وقال صاحب «الجواهر» فى توجيه ذلک :

(نعم، قيّده المحقّق الثاني والشهيد الثاني ـ على ما حُكي عن أوّلهما ـ بما إذا لم يحصل البُعد المفرط، وكأنّه قوّيٌّ، لإطلاق دليل المنع في العلوّ من غير معارضٍ، إذ ليس هو إِلاَّ هذا الموثّق، ولا إطلاق فيه بحيث يشمل ذلک، بل قد يُدّعى ظهوره في اغتفار خصوص الانحداري الَّذي يُترائى بحسب النّظر مبسوطاً، ككثيرٍ من الأراضي، لا ما يكون علوّه ظاهراً، وإن كان بالتدريج كبعض الجبال ونحوها)[4] .

 

هذا تمام الكلام فيما إذا كان العلوّ دفعيّاً، في قِبال ما لو كان العلوّ انحداريّاً، كما يشير إليه المصنّف من الجواز ولو كان أكثر من الشبر وغيره.

قوله 1: ويجوز أن يقف على علوّ من أرض منحدرة (1).

(1) بلا خلاف فيه على الظاهر، بل عن بعضٍ دعوى الإجماع عليه، نعم، لابدَّ أن يقيّد بأن لا يكون انحداره شبيهاً بالتسنيم، بل لابدَّ أن يقال في تقييده بأن كان على نحوٍ لم تخرج الأرض به عن صدق كونها أرضاً مبسوطة عرفاً، إذ لا دليل لنا على الجواز إِلاَّ ما ورد في ذيل موثّقة عمّار، من قوله :

«فإنْ كان أرضاً مبسوطة، أو كان في موضع منها ارتفاعٌ، فقام الإمام في الموضع المرتفع، وقام مَن خلفه أسفل منه، والأرض مبسوطة، إِلاَّ أَنَّهُم في موضع منحدرٍ، فلا بأس» .

 

حيث يدلّ على نفي البأس عن قيام الإمام في الموضع المرتفع، ومن خلفه أسفل منه، مع كونهما في أرض مبسوطة، ولو كان بين موقفهما انحداراً، وكان موقف الإمام على ناحية المرتفع، وهو يكفي في إثبات الجواز في صورة الانحدار، كما لا يخفى.

 


[1] الجواهر، ج13 / 168.
[2] الوسائل، الباب63 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
[3] الوسائل، الباب63 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 1.
[4] ـ (3) الوسائل، الباب63 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 2 و 4 و 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo